نشر قوات حفظ السلام بالأراضي الفلسطينية من وجهة نظر القانون الدولي
د. محمد أشلواح
أستاذ الدراسات السياسية والدولية بكلية الحقوق أكدال-الرباط.
ملخص:
تعالج هذه الدراسة موضوعًا غاية في الأهمية والتعقيد، والمتعلق بمدى إمكانية نشر قوات حفظ سلامٍ تابعة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، للمساهمة في توفير الأجواء المناسبة قصد وضع حد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإنهاء الاحتلال، خاصة بعد فشل كل المبادرات الدولية الرامية لحله، مما استدعى اقتراح بعثةٍ قوات أممية كخيار للعمل على توفير الأرضية المناسبة لمعالجة النزاع.
غير أن هذه المبادرة الأممية، في ظل الوضع القائم (حتى تاريخ تقديم هذه الدراسة للنشر)، تشوبها العديد من المعوقات القانونية والواقعية، الأمر الذي يتطلب تكثيف المزيد من الجهود الدولية لإمكانية موافقة الأطراف على الشروط والمقترحات ومراعاة مبادئ القانون الدولي قصد إرسال البعثة الأممية، المفترضة، إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة والنجاح في مهامها.
الكلمات المفتاحية: فلسطين، إسرائيل، قوات حفظ السلام الأممية، مبادئ القانون الدولي.
مقدمة:
يعتبر مطلب نشر قوات حفظ السلام في الأراضي الفلسطينية المحتلة من المطالب التي تتجدد باستمرار[1]، فهذا الأمر ليس وليد اليوم ولا مرتبط فقط، بالسياق الراهن في قطاع غزة، وبقية المناطق الأخرى بفلسطين، وإنما كان محور مقترحات عدة[2]، ومنذ عقود، ويتجدد بين الفينة والأخرى، قبل أن تُعيد طرحه جامعة الدول العربية في ختام القمّة العربية الـ 33 التي انعقدت بالمنامة في 16 مايو2024، والتي دَعَت إلى نشر قوّات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتّحدة في الأراضي الفلسطينية المُحتلّة إلى حين تنفيذ حلّ الدولتين.
وتجدر الإشارة إلى أن قوات حفظ السلام تُعدُّ من بين أهم الآليات التي اعتمدتها الأمم المتحدة للمساهمة في تدبير النزاعات الدولية، بعدما فشل مجلس الأمن[3] في تفعيل الترتيبات القانونية التي جاء بها ميثاق الأمم المتحدة، بغرض الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وذلك بسبب إفلاس نظام الأمن الجماعي نتيجة تداعيات الحرب الباردة[4].
لقد بدأ تشكيل عمليات حفظ السلام منذ الخمسينيات من القرن العشرين، واليوم أضحت قوات حفظ السلام الأممية من أبرز الأدوات التي تَلجأ إليها الأمم المتحدة، خاصة حينما يستعصي على الأطراف المعنية التوصل وبشكل مباشر إلى حَلٍّ للنزاعات التي تقوم بينها، أو عندما يجد المجتمع الدولي صعوبة بالغة في إيجاد مخرج لها، حيث يُصبح نشر قواتٍ أممية لحفظ السلام من بين أهمِّ الخيارات التي يُمكن اعتمادها لإيجاد الشروط والأرضية المناسبة لحل النزاعات.
ويعتبر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من أعقد الصراعات، في منطقة الشرق الأوسط، التي عجز الجميع عن تدبيرها وحلها، فالإضافة إلى عنصر الاحتلال الذي عقَّد المأمورية، فإن تعدد الفاعلين والمتدخلين، في ذات الصراع، وما تُنتجه موازين القوى من تناقضات ومن عراقيل يزيد القضية الفلسطينية تعقيدا وتشابكا رغم ما يتحقق من مكتسبات.
إن البحث عن صيغٍ لتدبيرِ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومعالجته دَفعَ بالجامعة العربية إلى توجيه دعوة للأمم المتحدة تدعو فيها الهيئة الأممية “نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حلّ الدولتين”.
إن دراسة مقترح الجامعة العربية يتطلب طرح الإشكالية المركزية التالية: مدى إمكانية تفعيل مقترح الجامعة العربية الداعي إلى نشر قواتٍ لحفظ السلام، بالأراضي الفلسطينية المحتلة، في ظل تباين مواقف الأطراف، وكذا الفاعلين، في الصراع، وكذلك أيضا في إطار ما يفرضه القانون الدولي، من شروط إجبارية، لإنشاء العمليات الأممية لحفظ السلام؟.
وتطرح هذه الإشكالية عددًا من التساؤلات الأساسية، في مقدمتها: ما المقصود بقوات حفظ السلام الأممية؟، وما هي المبادئ المؤطرة لإنشاء عملياتٍ لحفظ السلام؟، ما هي الشروط القانونية اللازمة لنشر قوات لحفظ السلام في فلسطين؟، وما هي التحديات والصعوبات التي يمكن أن يصطدم معها تشكيل وكذا نشر قواتٍ من قبيل ما دَعَت إليه جامعة الدول العربية؟
المحور الأول: عمليات حفظ السلام: التعريف والخصائص
أولا: تعريف قوات حفظ السلام
قوات حفظ السلام الأممية هي تلك القوات التي تُنشَر في إطار “عمليات لحفظ السلام” تنشئها الأمم المتحدة في مناطق النزاع، ويمكن أن نميز بين نوعين من الأجيال:
الجيل الأول: يمكن تعريفه بـ”الحضور المادي المؤقت للأمم المتحدة في الأماكن المضطربة، وهي بمثابة شاهد محايد، يمثل المجموعة الدولية عن طريق وحدات أممية تسعى إلى عدم عودة الأطراف إلى الأعمال القتالية، وعُرِفت هذه الوحدات لدى الرأي العام، بالتسمية الصحفية: القبعات الزرق Les casques bleus”[5].
وهي تقوم بتسهيل وقف المعارك وتساهم في الحفاظ على وقف إطلاق النار دون أن تتدخل في النزاع، أو تستعمل وسائل الإكراه ضد أي طرف من أطراف الصراع، وتسعى إلى خلق مناخ ملائم بما يكفي لحل سلمي للخلاف[6]. ففي أول تقرير له حول أنشطة المنظمة الأممية أعطى الأمين العام الأممي “داك هامرشولد” التعريف التالي: إن تعبير “حفظ السلام، Maintien de la paix” يعني: “استعمال وحدات موضوعة تحت قيادة الأمم المتحدة في إطار عمليات غير عنيفة وذلك بهدف الحفاظ على استقرار العديد من المناطق التي تشهد التوتر في العالم”[7].
وإذا كانت التعريفات السابقة تنسجم وطبيعة العمليات التقليدية التي تم إجراؤها خلال فترة الحرب الباردة، فإن التطورات التي شهدتها هذه العمليات في فترة ما بعد الحرب كان من الطبيعي أن تتطور معها التعريفات التي تعطى لهذه الآليات وتوافقها[8].
الجيل الثاني: مع تطور طبيعة النزاعات التي أصبحت تواجهها الأمم المتحدة تطورت معها عمليات حفظ السلام فأنتجت جيلاً جديداً يدعى بالعمليات المتعددة الأبعاد، وهي عمليات تنشئها الأمم المتحدة في مناطق الصراع وغالبًا ما تستهدف الدول التي تعيش أوضاعًا داخلية صعبة بسبب الحروب الأهلية والانفلات الأمني وعدم الاستقرار الذي يصل إلى مستويات تهديد السلم والأمن الدوليين، وغالبًا ما تتكون من عسكريين وأفراد الشرطة ومدنيين، بحكم حاجات البعثة الأممية إليهم، للمساهمة في إعادة”بناء السلام”[9]،الذي تشرف عليه الأمم المتحدة، في الدول التي تكون قد خرجت لتوها من النزاع”.
وتقوم البعثة الأممية بمهام متعددة ومتنوعة؛ أمنية، عسكرية، إدارية، ذات طابع اقتصادي.. وهذا ما يجعل هذا النوع من عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام يسمى بــــ:”المتعددة الأبعاد”، وتُغطي ولاية العمليات المتعددة الأبعاد العديد من المهام، بحيث يمكن لعناصر الأمم المتحدة تفعيل ما تأتي به اتفاقات السلام، أو العمل على تطبيق ما تصيغه خطط سلام تكون من صنع الأمم المتحدة. وعليه، فإلى جانب المهام التقليدية (الأمنية والعسكرية) فالبعثات الأممية في إطار العمليات المتعددة الأبعاد يمكنها أن تضطلع بمهام ذات طابع ديمقراطي وإنساني وإنمائي.
ثانيا: خصائص عمليات حفظ السلام
يمكن أن نميز في هذا السياق بين خصائص الجيل الأول من عمليات حفظ السلام وتلك التي تسِمُ العمليات المتعددة الأبعاد.
(1) خصائص الجيل الأول من عمليات حفظ السلام
تميزت العمليات الأممية لحفظ السلام ذات الشكل التقليدي (الجيل الأول)، والتي ظهرت إبان الحرب الباردة، بطابعها الفني والتقني، فلم تكن تتسم بطابع سياسي أو دبلوماسي، فدورها كان محدودا للغاية، ومن هنا لم تتَّسع هذه العمليات إلى صنع السلام وابتداع صيغ جديدة للتوصل إليه، بل الذي كان متاحا للأمم المتحدة- عبر هذا النمط من عمليات حفظ السلام- هو، فقط، النهوض بدور فني ليس فيه أي ابتكار سياسي، كمراقبة وقف إطلاق النار حتى يكون قد تقرر”[10].
وتبعا لذلك فعمليات حفظ السلام التقليدية كانت تنطوي على استخدام وحدات تتمركز بين دولتين أو أكثر بغرض تهدئـة الصراعات، فهي بذلك تمـثل تواجداً مادياً يعبر عن السلطة المعنوية للأمم المتحدة فـي تلك المنطقة التي تشهد توترا[11].
وإذا كانت عمليات حفظ السلام التقليدية لا تتدخل في أسباب النزاع ولا في محاولة حله، ومع ذلك فوجودها يساهم في عودة المفاوضات الدبلوماسية بين الدول المتحاربة، من جهة، ويبعدها عن التردد في العودة إلى إطلاق النار من جهة أخرى[12].
فالعمليات التقليدية لحفظ السلام يقتصر مهامها، في الواقع، بشكل رئيسي على البعدين الأمني والعسكري[13] غير أن البعض منها باشَرت مهامّا شديدة التنوع كتقديم المساعدات الإنسانية (قبرص 1964)، الإشراف على الاستفتاءات (أريان الغربية 1962)، والمشاركة في الأعمال القتالية (الكونغو 1960)[14].
وعليه فمهام القوات الأممية التي تنشر في إطار الجيل الأول تنحصر بالخصوص في؛ الإشراف على انسحاب أو إعادة تمركز القوات المتنازعة والفصل بينهما، من خلال التموقع في مناطق عازلة[15]. وكذلك مساعدة المتحاربين على وضع اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ واحترامه[16]، وأيضا مراقبة من يخرقه[17]، وتستمر هذه المراقبة بشكل روتيني، دون إمكانية التدخل لتوجيه مسار النزاع أو التأثير على أطرافه للركون إلى السلام[18].
فالجيل الأول برز إذن خلال فترة الحرب الباردة، وهذا لا يعني أنه انتهى ولم يَعُد قائماً، بل لا يزال إنشاء مثل هذا النوع، من عمليات حفظ السلام، مستمراً مثل اليونيفيل في جنوب لبنان، ولا شأن لمثل هذه القوات بحل النزاع ولا تبحث في جذوره ولا في أسبابه. فكل ما تقوم به هو رفع تقارير، عبر رئيس البعثة، إلى الأمين العام، وبدوره، هذا الأخير، يحيل التقرير إلى مجلس الأمن ليقرر بدوره مصير البعثة، وكذا مدى تدخلها في النزاع المعني. ونشير هنا إلى أن هذا الجيل من عمليات حفظ السلام كان يُقام أساسا بين الدول، كأطراف في النزاع، كما هو الشأن للعملية الموجودة بين الهند وباكستان، منذ 1949(فريق مراقبي الأمم المتحدة العسكريين في الهند وباكستان).
(2) خصائص عمليات حفظ السلام المتعددة الأبعاد
أفضى انتهاء الحرب الباردة إلى حدوث تطورات مهمة في كيفية تعاطي الأمم المتحدة مع النزاعات الدولية، حيث قامت المنظمة الدولية من توسيع المهام التي تضطلع بها البعثات الأممية لحفظ السلام، مرتكزة في ذلك على منظور جديد استحدثته الأمم المتحدة يقوم على ضرورة الأخذ في الاعتبار مسألة الديمقراطية وحقوق الإنسان داخل الدول، التي تعرف نزاعات وحروب أهلية طاحنة وتسعى إلى الخروج منها.
وبالإضافة إلى تطوير مفهوم السلم والأمن الدولية[19] الذي أصبح يلعب دورا مُهِمّا في صياغة مهام القوات الأممية ويحدد كيفية تصرفها، فإن البعثات الأممية أصبح ترتكز في ولايتها على الدبلوماسية الوقائية، وصنع السلام، وحفظ السلام وبناء السلام[20].
وهذه الخصائص جعلت عمليات حفظ السلام المتعددة الأبعاد تتميز بمرونتها، وقدرتها على التَّكَيف مع ظروف كل نزاع، الأمر الذي دفع بطرس غالي إلى القول بأن “ليس من قبيل المبالغة أن يقال أنه يوجد عدد من أنواع عمليات حفظ السلام بقدر عدد أنواع النزاعات”[21].
إن التعدد والتنوع الذي تتميز به مهام البعثات الأممية لحفظ السلام المتعددة الأبعاد جعل هذه الأخيرة تحظى بخصائص متنوعة؛ فأغلبها تم إحداثها في نزاعات ذات طابع داخلي[22]، كما أنه وعكس الجيل الأول، فالعمليات المتعددة الأبعاد تميزت بكونها تلعب دوراً سياسياً ودبلوماسياً يهدف إلى البحث عن جذور النزاع وحله بشكل نهائي[23]، وهذا ما جعلها تزاول أنشطة ومسؤوليات في مجالات واسعة؛ كالمسلسل الانتخابي، حقوق الإنسان، المصالحة الوطنية، البناء الاقتصادي[24]، وتقديم أعمال المساعدة الإنسانية، و المثير أن بعضٌ من هذه العمليات أصبَحَ يُتَصَرَّفُ في إطارها وفقا لمقتضيات الفصل السابع من الميثاق، حيث يتم الخلط بين حفظ السلام وفرضه[25].
ومن خصائص العمليات المتعددة الأبعاد أنها ليست مرتبطة بمنطقة معينة، بل شملت العديد من دول العالم في إفريقيا وآسيا وأوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية، وازدادت العناصر التي تعمل في إطارها وتنوعت صفتهم[26]، كما نشير إلى إنشاء العديد منها لم يعد مرهونا بشرط إرادة الدولة التي يتم التدخل فيها، وبالخصوص عندما يتعلق الأمر بانهيار كامل لمؤسسات الدولة، كما حدث في الصومال[27].
هكذا غدت تركيبة عمليات حفظ السلام تتنوع بفعل تنوع المهمَّات الملقاة على عاتق البعثة الأممية التي تشتغل في إطار هذا النوع من العمليات، فإلى جانب الجنود والضباط العسكريين نجد قوات الشرطة وخبراء في شتى المجالات؛ حقوق الإنسان، الإدارة، الانتخابات، وضع القوانين، الاقتصاد، الهندسة.. .إلخ.
وعلى عكس الجيل الأول من عمليات حفظ السلام، فإن الجيل الثاني يتدخل في طبيعة الصراع ويحاول أن يجد حلا له، لذلك أُقيمت عمليات لحفظ السلام فأدَارَت دولا وحلَّت محلَّ مؤسسات الدولة، حتى تم تشكيل الحكومة والبرلمان وبقية المؤسسات (كما حدث في النموذج الكمبودي)، كما أن هناك من هذه العمليات من انتقلت من عمليات لــــ”حفظ السلام” إلى عمليات لفرض السلام، واستعملت القوة لفرض واقع معين بدعوى أن الوضع الذي تَجرِي فيه أصبح يرتقي إلى مستوى ” تهديد السلم والأمن الدوليين” كما حدث في “ساحل العاج” وفي هايتي.
المحور الثاني: الشروط القانونية المطلوبة لنشر قوات حفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة
تجدر الإشارة إلى أن تعبير “عمليات حفظ السلام” أو “قوات حفظ سلام”، غير موجود في ميثاق الأمم المتحدة، لذلك تضاربت الآراء حوله، وصاحب جدل كبير تشكل هذا النوع من العمليات في بداية الأمر[28]، لكن النقاش حول الأساس القانوني، لقوات حفظ السلام، خفت بشكل كبير بعد ذلك، خاصة بعدما أصبحت عمليات حفظ السلام تشكل جزاءاً كبيراً من الأنشطة والأعمال التي تعتمدها الأمم المتحدة لتدبير مختلف النزاعات والمساهمة في مسألة الحفاظ على السلم والأمن الدوليين في مختلف مناطق العالم.
ومع مرور الوقت تشكلت جملة من المبادئ القانونية التي يتأسس عليها إنشاء عمليات حفظ السلام ونشر قوات أممية في إطارها.
أولاً: مبدأ موافقة الأطراف المعنية بالصراع
يعتبر مبدأ الرضى، أو مبدأ موافقة الأطراف المعنية بالصراع، من أهم المبادئ التي تحكم تشكيل عمليات حفظ السلام، فلا بد أن توافق جميع الأطراف على قيام العملية الأممية (حفظ السلام) قبل إنشائها، وهذا المبدأ يقوم في الواقع على ثلاثة توافقات:
1- توافق بين الأطراف المتصارعة على قيام عملية أممية لحفظ السلام.
2- توافق بين الأمم المتحدة والأطراف المعنية على إنشاء العملية الأممية، وبالتالي نشر قوات حفظ السلام.
3- توافق بين الأمم المتحدة والجهة التي ستنتشِر على أراضيها قوات حفظ السلام.
وبناء عليه فنشر قوات حفظ السلام في الأراضي الفلسطينية يفترض، بشكل إجباري، حصول توافق بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على نشر قوات حفظ السلام. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا من هو الطرف الفلسطيني المطلوب أن يحصل معه الاتفاق؟ هل هو حركة حماس أم السلطة الفلسطينية.. أو هما معاً، أو من بالتحديد؟.
من الناحية القانونية من هو الطرف الذي يمثل الفلسطينيين؟، ومن هي الجهة التي يجب أن تحصل الأمم المتحدة على موافقتها لإنشاء عملية لحفظ السلام ونشر قوات أممية في الأراضي الفلسطينية؟.
يجدر التذكير في هذا الإطار أن الأمم المتحدة تعترف بالسلطة الوطنية الفلسطينية ولا تعترف بحركة حماس ككيان مستقل يمثل الشعب الفلسطيني، وعليه كيف يمكن أن تتعامل الأمم المتحدة مع هذا الإشكال القانوني؟.
من جانب آخر حركة حماس، وفق استحقاقات انتخابية سابقة، تدعي تمثيل جانب كبير من الشعب الفلسطيني، في حين تعتبرها إسرائيل كحركة “إرهابية”. وبالتالي لا يمكن التفاوض معها[29]. فكيف يمكن التعاطي مع هذه الإشكالات ذات الطابع القانوني والسياسي؟.
أما من الناحية الواقعية فحركة حماس، من جهة هي التي تقود “المقاومة” المسلحة في قطاع غزة[30]، وهي التي “تحكم” وتسيطر ميدانيا في جزء مهم من الأراضي الفلسطينية؛ أساسا قطاع غزة (وليس السلطة الفلسطينية)، ومن ثم عملياً لا يمكن نشر أي قوات دولية لحفظ السلام دون الحصول على رضا أقوى طرف في الفصائل الفلسطينية (حركة حماس[31]) وهي التي اكتسبت نوعاً من “الشرعية” التاريخية والمقاوماتية.. للاحتلال الإسرائيلي.
إن الظروف الراهنة التي يمر منها الصراع بين إسرائيل وحركة حماس من الصعب جداً أن يحصل في إطارها توافق حول نشر قوات لحفظ السلام بالمنطقة، لذلك فقبول السلطة الفلسطينية بإنشاء عملية حفظ السلام، بل أخذِها لزمام مبادرة طرحها على المجتمع الدولي، عبر جامعة الدول العربية، بغض النظر عمن هي الجهة أو الجهات التي وراء هذا الطرح يُعتبر قبولا غير كافٍ، لإنشاء عملية لحفظ السلام في فلسطين، في غياب موافقة الأطراف الفلسطينية الأخرى.
إن عملية الموافقة على نشر قوات حفظ السلام تستدعي نوعاً من التوافق بين كل الأطراف الفلسطينية، وهذا أمر صعب التحقُّق في ظل الانقسام القائم بين مختلف الفصائل الفلسطينية، وشبه التناقض القائم في التصورات بين “حماس” و”فتح”![32]، ففي غياب مثل هذا التوافق ستجد الأمم المتحدة نفسها أمام إشكال الشرعية ومن هو بالضبط الذي يجب الأخذ بموقفه، فاعتراف “القانون الدولي” بالسلطة الفلسطينية غير كاف لترجيح كفة هذه الأخير في كل مفاوضات/ مؤتمرٍ للسلام يعني القضية الفلسطينية، لكون موازين القوى بين الأطراف الفلسطينية تمنح موقعا مهما لحركة حماس.
إن أي خطأ في “التقدير” حول من هي الجهة التي يمكن الحصول على رضاها لنشر قوات لحفظ سلام في إطار عملية حفظ سلام، مفترضَةٍ، في الأراضي الفلسطينية سوف تكون له تداعيات على العملية برمتها، وستكون احتمالات فشلها مؤكدة بشكل كبير، كما وقع في نماذج سابقة. كتجربة الصومال؛ حينما لم تتأكد الأمم المتحدة من موقف الجنرال “فرح عيديد”، الذي كان الطرف الأقوى في الصومال، في حين ركزت على موقف الطرف الضعيف الذي كان مسيطرا فقط على”مقديشيو”(علي مهدي)، مما جعل الأمم المتحدة في موقف سخيف، حيث تعرضت قواتها لمهانة وتكبدت خسائر فادحة في صفوف القبعات الزرق[33]. وهذا الأمر أثَّر من جانبه بشكل كبير على عملية حفظ السلام وساهم في فشلها.
كذلك، من بين الإشكالات التي سوف تجدها الأمم المتحدة، إذا ما فكرت في إنشاء عملية لحفظ السلام، هي مكان تمركز هذه القوات، هل ستتمركز في الجانب الذي تسيطر عليه إسرائيل أم في قطاع غزة، أم أين بالضبط؟
إن تحديد المنطقة التي ستنتشِر عليها القوات الأممية، المفترضة، ستثير إشكالات جمة بخصوص من يملك السيادة وعلى ماذا؟، كما ستثير من هي الجهة التي يجب أن تحصل الأمم المتحدة، فعلا، وبالضرورة على رضاها وموافقتها لتنشر قوات حفظ السلام، لأن هذا الأمر لا يُطرح فقط عند بداية تشكيل البعثة الأممية ونشرها، بل استمرار قوات حفظ السلام في التواجد والاشتغال يتطلب استمرار في الموافقة من الجهة التي ينشر فوق إقليمها وسيادتها الفعلية قوات حفظ السلام.
إن مقترح الجامعة العربية يشير إلى عبارة “الأراضي الفلسطينية المحتلة”، وهي عبارة تتضمن كلمة “المحتلة[34]” وهي كلمة ستثير جدلًا كبيرًا بين الأطراف المعنية، فتحديد ماهية المناطق المحتلة تعدُّ من أبرز الإشكالات التي ستصطدم معها أي مبادرة للأمم المتحدة، قد تتبنى ما طرحته الجامعة العربية التي تتحدث بالضبط على أن نشر قوات حفظ السلام سيكون في الأراضي الفلسطينية “المحتلة”. وعليه، ما هي الأراضي الفلسطينية التي يشملها هذا الوصف؟ وهل هناك أراضي في فلسطين يمكن ألا يسري عليها وصف المحتلة؟، وهل ستلجأ الأمم المتحدة إلى الطريقة التقليدية بخلق منطقة عازلة[35] بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية، أم سيتم نشرها فقط على الأراضي الفلسطينية دون الأراضي الإسرائيلية؟.
ثانياً: مبدأ “الشرعية” الدولية
في البدايات الأولى لعمليات حفظ السلام كان إنشاؤها يتم على أساس توصيةٍ للجمعية العامة (شأن قوات الطوارئ في مصر سنة 1956[36]،..)، لكن مع مرور الوقت تكرس إنشاء عمليات حفظ السلام بناء على قرارات مجلس الأمن، بحيث أضحت شرعية هذه العمليات تقوم على ضرورة صدور قرار من مجلس الأمن وحده، فلا بد لقيام عملية لحفظ السلام من صدور قرار من مجلس الأمن يُبيح أولًا إنشاء عملية لحفظ السلام ويقرر تشكيلها[37]، وثانيا يحدد ولايتها وزمنها.
يتدخل مجلس الأمن في مسألة الولاية حسب ثلاثة فرضيات:
الفرضية الأولى: وجود اتفاقية (اتفاقات التسوية) بين أطراف الصراع[38]، هنا مجلس الأمن، وفي غالب الأحيان، يَتبنى ما هو موجود في ذات الاتفاقية التي تكون افتراضاً قد وقّعت بين أطراف النزاع، وفي هذا الإطار يطرح السؤال التالي: هل سيتم، مثلا، تفعيل اتفاقيات “أوسلو” للسلام[39] أم سيتم عقد مؤتمر آخر (جديد) للسلام، وبعده يتم تشكيل قوات لحفظ السلام للإشراف على تنفيذ ما سيخلص إليه في ذات المؤتمر وما سيترتب عنه من اتفاق؟.
الفرضية الثانية: عقد مؤتمر تحت إشراف الأمم المتحدة والتي سوف تشارك عبره في وضع الخطوط العريضة لـــحل”القضية الفلسطينية”، وبعد اتفاق جميع الأطراف على الحل (إسرائيل، الفلسطينيون، الأمم المتحدة..) تنشر قوات حفظ السلام لتنفيذ بنود ما تم التوصل إليه.
الفرضية الثالثة: حينما يستعصى إيجاد حل لنزاع ما فإن مجلس الأمن قد يتخذ ما يراه مناسباً لحل النزاع، وهنا يمكنه(المجلس) أن يسلك مسلكين أساسيين:
المسلك الأول؛ أن يضع خطة من هندسته هو، دون أي مشاركة لأطراف الصراع، ويأخذ المبادرة لتفعيلها بعد إصدار قرار في الموضوع، يتضمن تفاصيل الخطة السياسية وكذلك تشكيل قوات حفظ السلام، وما تحتاجه من لوجستيك مادي وموارد بشرية ومالية…إلخ، وقد سبق لمجلس الأمن أن اتخذ مبادرة من هذا القبيل في الحالة “الناميبية”[40]، لكن هذا الطرح، يمكن الجزم بأنه مستبعد الحدوث في القضية الفلسطينية، بالنظر لطبيعة النزاع المعقدة، وكذلك نظراً للتحالفات التي تتمتع بها إسرائيل داخل مجلس الأمن. فإسرائيل لن تقبل بأي حل يتناقض مع مصالحها وبالتالي لن يذهب مجلس الأمن في أي مبادرة من هذا القبيل.
المسلك الثاني؛ أن يعتبر مجلس الأمن أن الوضع فيه تهديد للسلم والأمن الدوليين وحالات من العدوان، ويتصرف وفقا للفصل السابع وينشر قوات لحفظ السلام لفرض السلام بالأراضي الفلسطينية، وهذا السيناريو سبق أن حدث في تجارب سابقة، حيث تحولت عمليات لحفظ السلام لعمليات فرض السلام[41] (ليس المقصود هنا تنفيذ إجراءات الأمن الجماعي[42] حسب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة)، لكنه أيضا سيناريو مستبعد لأن حلفاء إسرائيل داخل مجلس الأمن دأبوا على استخدام الفيتو ضد أي قرار قد يمس بالمصالح الإستراتيجية لإسرائيل[43]، وهذا الفيتو ليس وليد اليوم[44]، وإنما اعتادت توظيفه منذ قيام الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، مما أثر بشكل كبير على إدارة الأمم المتحدة للقضية الفلسطينية[45].
من ناحية أخرى لابد من التأكيد على أن التفكير في بناء عمليات لحفظ السلام في ظل استمرار العمليات العسكرية في الأراضي الفلسطينية هو في الواقع سيكون مغامرة حقيقية لأن معظم عمليات حفظ السلام التي أُقيمت في ظروف الحرب كان مآلها الفشل (اليونوسوم في الصومال، قوة الحماية[46] التابعةللأمم المتحدة في يوغسلافيا..).
وأكثر من ذلك تعرضت الأمم المتحدة للمهانة في مرات عديدة جراء الاعتداء على قوات حفظ السلام، واتهمت أحياناً بالتواطؤ بسبب عدم قدرتها على مواجهة أوضاع صعبة كما طرأ أثناء عجزها عن حماية “المناطق الآمنة” في البوسنة والهرسك من هجمات ميلشيات الصرب التي ارتكبت مجازر وقتلت الآلاف من المسلمين والكروات[47].
كذلك وقع نفس الأمر، أيضاً، في رواندا والكونغو الديمقراطية، حيث حدثت الإبادة الجماعية تحت أنظار قوات حفظ السلام، إلى درجة أن بعض الفرقاء في حرب البحيرات الكبرى اتهموا القوات الأممية بكونها سمحت بالإبادة، أو على الأقل وقفت مكتوفة الأيدي وعاجزة تماماً عن التدخل لوقف المأساة.
إن تحديد مهام قوات حفظ السلام التي اقترحتها الجامعة العربية يعتبر من بين التحديات التي سوف يواجهها أي تشكيل، مفترض، لهذه القوات، بل قد يكون السبب الرئيسي في استحالة تشكيلها؛ فهل ستكتفي، مثلا، بمراقبة وقف إطلاق النار فقط بين الجانبين؟، أم ستشرف على إعادة انتشار أو انسحاب قوات الأطراف المعنية؟، وماهي المناطق الممكن الانسحاب منها، وماهي احتمالات القبول بذلك؟، هل ستكون لبعثة قوات حفظ السلام مهمات ذات طبيعة سياسية أم ذات طبيعة أمنية وعسكرية، وأين يمكن أن تبدأ هذه الأخيرة وأين يمكن أن تنتهي؟، وهل يمكن أن تنحصر(المهام) في تقديم المساعدات الإنسانية؟، وهل يمكن استعمال القوة من طرف القبعات الزرق، إذا ما تم اعتراض هذه المساعدات، على شاكلة ما قامت به الأمم المتحدة في الصومال؟ و”حماية” المدنيين في ساحل العاج؟ فماذا تعنيه الجامعة العربية بقوات”حماية”؟ هل تقصد حماية الدعم الإنساني أم الشعب الفلسطيني أم المدنيين في غزة أم في إسرائيل…؟.
إن حل وتدبير القضية الفلسطينية وفق آليات حفظ السلام، رغم صعوبات تطبيقه، يُعَدُّ من بين الخيارات الممكنة، في ظل استحالة تطبيق نظام الأمن الجماعي الموجود في ميثاق الأمم المتحدة. ففي الواقع، يبدو أن وضعية العدوان[48] تحققت فيما يقع بالأراضي الفلسطينية، ويستدعي الأمر من الناحية القانونية تدخل مجلس الأمن، باعتباره المسؤول الرئيسي على ردع العدوان واستتباب السلم والأمن بمنطقة الشرق الأوسط. ومع ذلك فقد فشل فشلاً ذريعاً في تفعيل مقتضيات الميثاق الأممي لمعالجة القضية الفلسطينية وردع العدوان الاسرائيلي.
إن عجز مجلس الأمن عن القيام بمسؤولياته التي خولها له الميثاق، خاصة وأن المادة( 24)منه قد أوكلت له أن يكون نائباً عن الدول في التبعات المتعلقة بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين، تتحول بسببه (إذا تحقق هذا العجز) سلطات هذا المجلس للجمعية العامة لتحل محله في معالجة أوضاع العدوان وتهديد السلم والأمن الدوليين، كما تؤكد ذلك توصية “دين أتشيسون” الاتحاد من أجل السلام، كما أن نفس التوصية(أتشيسون) كانت من بين الأسس القانونية التي ارتكزت عليها الجمعية العامة لخلق قوات الطوارئ سنة 1956 في مصر وقد يمكن الاهتداء إليها، اليوم، لخلق قوات الحماية أو حفظ السلام في فلسطين.
ثالثاً: مبدأ الامتناع عن استعمال القوة إلا في حالة الدفاع الشرعي عن النفس
يرتبط هذا المبدأ بطبيعة مهام قوات حفظ السلام، فإذا كانت عمليات الجيل الأول مهامها تكون محدودة، وذات طابع أمني وعسكري، وغالباً ما تتمثل في مراقبة وقف إطلاق النار (نشير هنا أن وقف إطلاق النار عملية غير مضمونة بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي، وهي عملية غالباً ما تكون هشة وتنهار بسرعة بصرف النظر عمن يكون مبادرا للهجوم).
إنه من الثابت في العمليات السابقة لحفظ السلام، والتي تدخل في نطاق العمليات التقليدية، كان استعمال القوة غير مسموح به إلا في حالة الدفاع الشرعي عن النفس، لذلك عندما يكون إنشاء عمليات حفظ سلام لا يحظى بقبول جميع الأطراف (وهنا تطرح مسألة موافقة جميع الفصائل الفلسطينية خاصة منها المسلحة)، فسوف تكون تلك القوات محل هجمات، مفترضة، سواء من طرف القوى الفلسطينية- المعارضة لطرح نشر قوات حفظ السلام- أو من طرف الجانب الإسرائيلي.
أما إذا كانت قوات حفظ السلام تدخل في إطار العمليات المتعددةالأبعاد، فمبدأ عدم استعمال القوة غالباً ما أصبح يُتجاوز لكون هذا النمط من العمليات أصبح للقوات الأممية إمكانية استعمال القوة في إطاره، خاصة حينما تكون مهمة هذه القوات من قبيل؛ تأمين المساعدات الإنسانية، أو”حماية” المدنيين..، أو بشكل عام حينما تكون ولاية mandat القبعات الزرق تتيح إمكانية استخدام القوة لفرض “السلام”.
إن انتهاء الحرب في غزة من عدمه، في الواقع، أصبح أمراً في غاية الأهمية في أي تعامل للأمم المتحدة مع الملف الفلسطيني الإسرائيلي، فتوقيت تفعيل أي مقترح يسعى إلى نشر قوات لحفظ السلام، هو في الحقيقة مسألة حاسمة، في اتخاذ قرار من هذا القبيل، ويظهر ذلك على مستويين:
المستوى الأول: يحيل إلى مسألة غاية في الأهمية تتمثل في؛ من يسيطر على الأرض؟، هل نشر قوات حفظ السلام سوف يتم وفق منطق الفلسطينيين وإقامة دولة فلسطينية في إطار حدود1967؟، هل هذه القوات معنية بالضفة الغربية وقطاع غزة أم ماذا؟، ما هي حدود المستوطنات التي تعتبر خطا أحمر ولا يمكن أن تكون معنية بقوات الحماية، المفترضة، لحفظ السلام؟.
المستوى الثاني: يرتبط بالأول، لكنه أكثر إثارة للنقاش والجدل، باعتباره يرتبط بالأوضاع التي تمر منها الأراضي الفلسطينية والتوازنات التي صنعتها الحرب الدائرة بعد طوفان الأقصى، خاصة في غزة، فهل ستقوم عملية لحفظ السلام بعد خروج إسرائيل من غزة وعودة السكان إليها تحت حكم وإدارة حكومة حماس وشروطها وحسب تصورها للموضوع ككل؟، أم سوف تنشر قوات حفظ السلام بعد “القضاء” على حركة حماس في قطاع غزة وسيادة المنطق الإسرائيلي فيها؟.
إن سيطرة إسرائيل على قطاع غزة واستدراج الأمم المتحدة من طرف إسرائيل لنشر قوات للحماية/حفظ “السلام”، وحفظ الوضع الذي ستصنعه إسرائيل هناك في قطاع غزة، يبدو هو الخيار الذي ترومه إسرائيل (ليس كل إسرائيل بل أحزاب وتيارات بعينها، بينما “نتنياهو” يفيده في الوقت الراهن استمرار الحرب أكثر من أي أمر آخر) ومن ورائه الحلفاء داخل مجلس الأمن وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا الخيار من الممكن أن يقبل به “محمود عباس” رغم خطابه السياسي الذي قد يبدو معارضا لمثل هذا الطرح؛ الذي في الواقع يروم تصفية “حكومة حماس” وبشكل نهائي، متوقعا إمكانية “امتداد” السلطة الفلسطينية إلى القطاع، وهو خيار سترفضه حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى (الجبهة الشعبية..) وستعدّه شَرعَنَة وتكريسا للاحتلال وإجهازا من طرف “قوات حفظ السلام الأممية” على المقاومة.
إن الشروع في تفعيل مقترح نشر قوات حفظ السلام إذا ما حظي بقبول الفاعلين في منطقة الشرق الأوسط وكذا في مجلس الأمن، رغم أنه سيناريو مستبعد لكنه ممكن الوقوع، خاصة مع قبوله من طرف السلطة الفلسطينية (كجهة معترف بها دوليا). فهذا المسلك سبق للأمم المتحدة أن نهجته في تجارب سابقة )الصومال اليونوسوم، هايتي، ساحل العاج..)حيث تَصنَع (الأمم المتحدة) وضعاً معيناً على مقاس الدول المتحكمة في مجلس الأمن، وبعد حصول نوع من التوافق بينها. ثم بعد ذلك تقوم بإنشاء عملية لحفظ”السلام”(في الواقع حفظ الوضع الذي ينسجم ومصالحها ومصالح حلفائها).
وإتباع مسلك كهذا سوف تكون فيه مغامرة كبيرة من الأمم المتحدة، فهو لن يخلق إلا مزيدا من التعقيد للصراع في منطقة الشرق الأوسط، لذلك فالتفكير في نشر قوات لحفظ السلام، في الأراضي الفلسطينية، لابد أن يأخذ في الاعتبار مجموعة من الشروط، نذكر منها بالخصوص ما يلي:
– وقف الأعمال العسكرية القائمة والمستمرة كيفما كان توصيفها القانوني.
– عقد مؤتمر دولي تحضره إسرائيل وجميع الفصائل الفلسطينية، بعد إيمانها جميعا بحل الدولتين وبعد حصول توافق بينها (وحدة الصف الفلسطيني!).
– التحديد بدقة المستوى الممكن في التنازلات، بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، خلال المفاوضات وماهية الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها.
– حدود تدخل الأمم المتحدة خلال فترة المفاوضات، وما إذا كان بإمكانها أن تقترح أو تضع منظورها للحل وآليات التنفيذ، أم تكتفي فقط بالأمور التقنية والإشراف على عملية التنفيذ؟
– تحديد بشكل واضح مهام قوات حفظ السلام وتاريخ ومكان نشرها.
– قبول جميع الفصائل الفلسطينية بنشر قوات حفظ السلام.
[1]– يمكن أن نشير هنا إلى أنه في سياق الانتفاضة الثانية، طالبت فلسطين، عبر المراقب الدائم عن فلسطين في الأمم المتّحدة (ناصر القدوة) في 25 أكتوبر 2000، بتشكيل قوّة مراقبين خاضعة لقيادة الأمم المتّحدة، ثم زار الرئيس الراحل ياسر عرفات مقرّ المُنظّمة في نيويورك، وطالب بقوّة قوامها ألفا مراقب عسكري لتوفير الأمن للمدنيين الفلسطينيين. اعترضت إسرائيل على الطلب.. فيما قال الجانب الفلسطيني إنّ موافقة إسرائيل ليست شرطاً مسبقاً لأنها دولة احتلال. أنظر: عائشة البصري: “نشر خوذ زرقاء في غزّة ليس حلّاً”، موجود على الرابط التالي:
[2]– كان موضوع طلب نشر قوات حفظ السلام قد عُرِض مباشرة على الأمم المتحدة وقد تمثل ذلك، مثلا، في مشروع القرار رقم S /2001/270 ، الذي يسمح بإنشاء قوة مراقبين دوليين لحماية الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، وقد تم تقديمه للتصويت بتاريخ27 مارس 2001. لكن مشروع القرار، هذا، فشل في الحصول على تسعة أصوات مُؤيّدة، وبالتالي لم يخرج كقرار إلى حيز الوجود. أنظر: “أهم مشاريع القرارات التي تم عرضها على مجلس الأمن الدولي والتي جُوبِهت بالفيتو الأمريكي”. موجود عند:ناجي البشير عمر القحواش: “تأثير الفيتو على قرارات مجلس الأمن الدولي: قضية فلسطين أنموذجا”، رسالة لنيل الماجستير في العلوم السياسية، جامعة الشرق الأوسط، سنة 2015 موجودة على الرابط التالي: https://meu.edu.jo/libraryTheses/586b4538363f9_1.pdf
أنظر أيضا: عائشة البصري: “نشر خوذ زرقاء في غزّة ليس حلّاً” ، المرجع السابق، وكذلك موقع مجلس الأمن: http://www.un.org/ar/sc/documents/resolutions/1983.shtml
[3]– للمزيد حول مجلس الأمن يمكن العودة إلى “محمد أشلواح:” إصلاح مجلس الأمن ضرورة لإنقاذ الأمم المتحدة من الانهيار”، مقال موجود على الرابط التالي:
https://academia-arabia.com/ar/reader/2/84726
[4]– في ظل سياقٍ دولي مشحون كاد يعصف بنظام الأمم المتحدة، حاولت الأمم المتحدة أن تحافظ على موقع لها، فقامت بإصدار “قانون” أو توصية أتشسون، وكذلك ابتكار آلية “عمليات حفظ السلام” التي تعمل في إطارها “القبعات الزرق”، وهاتين التقنيتين (توصية اتشسون وعمليات حفظ السلام) شكلتا، في الواقع، سبيلا لتفادي الأمم المتحدة الإفلاس خاصة في ظل نظام واقعي أنتجته موازين القوى خلال الحرب الباردة. أنظر: محمد أشلواح” شلل مجلس الأمن وإمكانية تدبير الأزمة السورية وفق توصية Atchison موجود على الرابط:
[5]– Michel VIRALLY : « L’organisation mondiale », Acolin, Paris, 1972, p: 486.
[6]– أوليفيه باي: “عمليات حفظ السلام والاضطرابات المحلية الجديدة”، موجود في “النظام العالمي الجديد: الأمم المتحدة: الشرعية الجائرة”، مؤلف مشترك، تعريب فؤاد شاهين، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان (ليبيا)، 1995، ص: 141 -142.
[7]– Voir : Mohammed ALLAOUI : « Les opérations de maintien de la paix des Nations Unies entre la systématisation théorique et l’élaboration pratique, cas de la MINURSO», thèse de Doctorat en Droit International, F.S.J.E.S, Rabat Agdal, 2001-2002, p : 2.
[8]– للمزيد من التفاصيل حول تعريف عمليات حفظ السلام، أنظر: محمد أشلواح: “الممارسة المغربية في مجال دبلوماسية حفظ السلام”، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس – السويسي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سلا، سنة 2006-2007، ص: 17-23.
[9]– للمزيد حول مفهوم “بناء السلام” يرجى العودة إلى وثيقة الأمم المتحدة التالية:
-« ITEMS RELATING TO AN AGENDA FOR PEAC: PREVENTIVE DIPLOMACY, PEACEMAKING AND PEACE-KEEPING »,voir le lien suivant: https://urlr.me/wP7VX
[10]– بطرس بطرس غالي: “الأمم المتحدة والمنازعات الدولية الجديدة”، مجلة المستقبل العربي، العدد 201، سنة 1995، ص: 4-5.
[11]– محمد حنين: “المهمات الجديدة لقوات حفظ السلام الأممية: مساهمة لتقييم عمليات الجيل الثاني”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، 1996، ص: 76.
[12]– Michel LIEGEOIS : « Maintien de la paix et diplomatie coercitive, l’ONU à l’épreuve des conflits et de l’après-guerre froide », Bruylant, Bruxelles, 2003, P 92.
[13]– تميم خلاف: “تطور مفهوم عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام”، مجلة السياسة الدولية، العدد 157، يوليوز 2004، ص 172.
[14]– رغم أن هذه المهام تتجاوز مراقبة وقف إطلاق النار فإنها مع ذلك تبقى محددة، لذلك يمكن وصفها بأنها “عمليات تقليدية ذات أهداف محددة وذلك تمييزا لها عن العمليات ذات الولاية المتعددة الأبعاد أو المستحدثة”. انظر ذلك في: محمد حنين، “المهمات الجديدة لقوات حفظ السلام”، مرجع سابق، ص 111.
[15]– Pierre-Marie DUPUY , « Droit international public », 3ème édition, Dalloz, Paris, 1995, p 444.
[16]– Nguen Quoc DINH et autres , « Droit international public », Librairie Générale de Droit et Jurisprudence, Paris, 1999, p 964.
[17]– Michel LIEGEOIS , « Maintien de la paix et diplomatie coercitive », op.cit., p 58.
[18]– محمد حنين: “المهمات الجديدة لقوات حفظ السلام الأممية: مساهمة لتقييم عمليات الجيل الثاني”، مرجع سابق، ص467.
[19]– لم يعد تهديد السلم والأمن يقتصر على الحروب العسكرية، بل أضحت هناك مصادر أخرى تهدد السلم والأمن الدولي كالمشاكل الاقتصادية والبيئية والإرهاب…
[20]– عبد الله الأشعل، “عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة”، مجلة السياسة الدولية، العدد 117، يوليوز 1994، ص 153.
[21]– انظر نص التقرير الذي قدمه الأمين العام السابق “بطرس غالي” إلى الجمعية العامة في دورتها 48 الفقرة 293، موجود في ملحق مجلة السياسة الدولية، العدد 114، سنة 1993.
[22]– أوليفيه باي، “عمليات حفظ السلام والاضطرابات المحلية الجديدة”، موجود في “النظام العالمي الجديد: الأمم المتحدة: الشرعية الجائرة”، مؤلف مشترك، تعريب فؤاد شاهين، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان (ليبيا)، 1995ص145.
[23]– Michel LIEGEOIS, « Maintien de la paix et diplomatie coercitive », op.cit., pp : 99, 100.
[24]– Michel LIEGEOIS , « Maintien de la paix et diplomatie coercitive », op.cit., p : 97.
[25]– Imposition de la paix.
[26]– ادريس الكريني: “مجلس الأمن بين واقع الخلل وآفاق الإصلاح”، مجلة الدولية، المطبعة الوراقة الوطنية، مراكش، العدد1، 2005، ص 115.
[27]– المرجع نفسه، ص 114.
[28]– للمزيد حول هذا الموضوع يمكن الاطلاع على سعد الركراكي: “العلاقات الدولية: الميراث والرهان”، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، 1997، ص 195.
[29]– بدورها حركة حماس أعلنت منذ فوزها في الانتخابات سنة 2006، على لسان قيادتها، أن “التفاوض مع العدو إسرائيل غير مطروح على أجندة حماس”، أنظر: “نشرة فلسطين اليوم”، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، العدد 262، سنة 2006، ص:9 موجود على الرابط التالي: https://urlr.me/Fhm9Q
كذلك حركة حماس ترتكز في تعاملها مع النظام الدولي على سياسات واضحة ومحددة من بينها: الاتصال بجميع الدول عدا دولة الاحتلال..، للمزيد يرجى الاطلاع على: إسماعيل محمد محمود عامر: “دور حركة حماس في توظيف العلاقات الدولية للحفاظ على الثوابت الفلسطينية”: المجلة العربية للنشر العلمي، العدد 32، سنة 2021، ص: 628 موجود على:
[30]– للمزيد أنظر: إسماعيل محمد محمود عامر،”دور حركة حماس في توظيف العلاقات الدولية للحفاظ على الثوابت الفلسطينية”، المرجع السابق الذكر.
[31]– للمزيد حول نشأة وأهداف حركة حماس يمكن العودة إلى: معتز سمير الدبس:”التطورات الداخلية وأثرها على حركة المقاومة الإسلامية حماس2000-2009 “، رسالة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية، غزة فلسطين، 2010، ص 24.
[32]– خلال 2007 وصل النظام السياسي الفلسطيني إلى طريق مسدود، ولم يعد قادرا على توفير إطار عام لإدارة الخلافات السياسية بين شركاء الحكم، وتحديدا بين حركة فتح التي بيدها السلطة الفلسطينية، وحركة حماس التي كانت تشكل الحكومة وتملك الأغلبية البرلمانية. فبعد فترة من المناكفات السياسية والقانونية لجأ الطرفان إلى استخدام العنف لحل خلافاتهما السياسية.. للمزيد حول هذا الموضوع أنظر: جورج جقمان وآخرون:”تجربة النظام السياسي الفلسطيني في ظل السلطة الفلسطينية”، موجود في: أوراق في النظام السياسي الفلسطيني وانتقال السلطة، مؤسسة ناديا للطباعة والنشر والإعلان والتوزيع، رام الله، 2013 .
[33]– في3 مارس1993 أكد مجلس الأمن على ضرورة تحويلUNITAF إلى عملية الأمم المتحدة الثانية في الصومالONUSOM II، وفعلا أصدر مجلس الأمن القرار814 سنة 1993 الذي بموجبه أنشئت ONUSOM II، حيث سمح لها باستعمال القوة إثر تعرض القوات الأممية لهجمات متكررة من طرف الفصائل الصومالية أنظر:
Brahim BENBRAHIM “les dimensions stratégiques et humanitaires dans les relations Maroc-Africaines”: l’action du Maroc en Somalie, in : le Maroc et l’Afrique après l’indépendance, publication de l’institut des études africaines, série colloque et séminaire, n: 4,1999, p:128.
[34]– للإطلاع على تحديد ماهية الاحتلال يمكن الرجوع إلى: “الوضع القانوني لدولة الاحتلال الحربي ومسؤوليتها في الأراضي المحتلة”، موجود على الرابط: https://urlr.me/3MHWz
[35]– هناك فرق في القانون الدولي بين وظيفة المناطق الآمنة والمناطق العازلة الّا أّن الاثنتين تتطلبان قراراً من مجلس الأمن وتتطلبان فرض حظر جوي ووجود قوات على الأرض، إنّ المنطقة العازلة يتم فرضها أثناء النزاعات المسلحة، بالاتفاق بين الدول المتحاربة، أثناء الهدنة. وتُعرّف المنطقة العازلة بأنّها مساحة من الأرض معزولة عن جوارها عسكرياً من البر والبحر والجو، أمّا قانونياً فهي تكون عادةً على الحدود حيث يكون جزء منها في أراضي دولة والجزء الآخر في أراضي دولة أخرى.
وبالتالي يحصل الاتفاق على حدود المنطقة العازلة من أجل حفظ الأمن. والمنطقة العازلة تعني أن تنسحب الجيوش بطريقة متزامنة، على أن تكون بينهما منطقة لا توجد بها دبابات أو أسلحة أو يصدر مجلس الأمن قراراً باعتبار المنطقة عازلة، لتبتعد الدول المتحاربة عن بعضها بمسافة عدة كيلومترات، وقد تُفرض من مجلس الأمن. أمّا المنطقة الآمنة فتُفرض لحماية مجموعة لا تستطيع حماية نفسها، ويتم فرضها بمقتضى قرار من مجلس الأمن، ويمنع تحليق أي طائرات عسكرية حول هذا المكان. تهدف عملية إنشاء مناطق آمنة إلى توفير التدخل الإنساني من خلال ممرات آمنة لحماية مدنيين حقوقهم مهدورة ويتعرضون للتعذيب والخطر أو لحماية الأقليات وتقديم المساعدة الإنسانية. لا يمكن إقامة مناطق عازلة أو آمنة بدون عملية حظر للطيران. أنظر: عبد الكريم عنيكر: “في الفرق بين المنطقة العازلة والمنطقة الآمنة.. وبأيهما تركيا تطالب؟” مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث،أكتوبر 2014 ، موجود على الرابط التالي: https://short-link.me/Irms
للمزيد أيضا حول ماهية المناطق العازلة، وكذلك التصور الذي حاولت إسرائيل أن تفرضه لهذه المناطق شمال قطاع غزة منذ سنة 2005 يمكن العودة إلى: “تقييم الآثار المتوقعة لإقامة المنطقة العازلة شمال قطاع غزة” تقرير مقدم إلى “مركز العمل التنموي معا” يونيو 2006، موجود على الرابط التالي : https://www.maan-ctr.org/old/others/Buffer.pdf
[36]– إن الجمعية العامة، إذ تضع نصب عينيها الضرورة الملحة لتيسير الاستجابة لقرارها رقم (الدورة الاستثنائية الطارئة-1) الصادرة في 2 نونبر1956 . تطلب من الأمين العام أن يقدم إليها، وفي غضون ثمان وأربعين ساعة، خطة لإنشاء قوات طوارئ دولية تابعة للأمم المتحدة، بموافقة الدول المعنية، لتأمين ومراقبة وقف القتال وفقا لجميع أحكام القرار. أنظر قرار الجمعية العامة998 بتاريخ 04 نونبر1956.
[37]– وهذا ما دفع الأمم المم المتحدة إلى الإسراع بالقول، تعليقا على مقترح الجامعة العربية، بأن إنشاء عمليات من هذا القبيل يحتاج إلى تدخل مجلس الأمن .. ، حيث جاء على لسان نائب المتحدث باسم المنظمة الدولية “فرحان حق” الذي ربط نشر أي قوات لحفظ السلام بـ”موافقة مجلس الأمن” الدولي. وقال “في نهاية المطاف، يعتمد تشكيل بعثات حفظ السلام على أمور عدة. إحداها (…) تفويض من مجلس الأمن؛ وبطبيعة الحال، سيتعين على المجلس أن يوافق على ذلك”.وتابع (فرحان حق) “يجب أن تكون هناك شروط على الأرض، بما في ذلك قبول الأطراف لوجود (قوات) الأمم المتحدة، وهذا أيضا أمر يجب ترسيخه وهذه ليست أشياء نعتبرها أمرا مفروغا منه”. أنظر جريدة القدس العربي على الرابط التالي: https://short-link.me/GmAT
[38]– عبد الواحد الناصر: المشكلات الدولية الكبرى”، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط،1998 ، ص 149.
[39]– أنظر نص “اتفاق أوسلو” على الرابط التالي https://urlr.me/VQ8pw
[40] – Thiery TARDY : «Le bilan de dix années d’opérations de maintien de la paix », la paix », Revue ‘’Politique Étrangère’’, Vol. 65, 2000,P: 392
وكذلك أنظر: عبد الواحد الناصر “المشكلات الدولية الكبرى” مرجع سابق ص 155.
[41] -يجب على الأمم المتحدة أن تعمل على توضيح المرجعية القانونية التي يتأسس عليها قيام عمليات حفظ السلام، فهذا الأمر، في الواقع، يستلزم تضمينها في الميثاق لتفادي الخلط بين فرض السلام الذي يجب أن يتم حسب تدابير الفصل السابع وعمليات حفظ السلام التي تعني، مبدئيا، المساهمة في معالجات النزاعات بالطرق السلمية. للمزيد يمكن العودة إلى: محمد حنين: المهمات الجديدة لقوات حفظ السلام مساهمة في تقييم عمليات الجيل الثاني، دكتوراه في القانون العام، كلية ع.ق.ق.ج، محمد الخامس أكدال، الرباط، 1996، ص492 . و كذلك:
-Weal BADAWI : « Les opérations de maintien de la paix en Europe : Essai d’évaluation et de prospective à la lumière du cas de la Bosnie-Herzégovine », thèse de doctorat en science politique, FSES et politique, université de Louvain, Belgique, publiée par UCL Press universitaires, Louvain, 2003.
[42]– إجراءات الأمن الجماعي هي تلك الإجراءات التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة لمعالجة الأوضاع التي تشكل عدوانا أو تهديدا للسلم والأمن الدوليين أو إخلالا لهما وهذه الإجراءات يتضمنها الميثاق من المادة39 إلى المادة 51منه.
[43]– على سبيل المثال، تستخدم الولايات المتحدة بشكل روتيني حق النقض (الفيتو) المنفرد ضد القرارات التي تنتقد إسرائيل. للمزيد يمكن العودة إلى:
By John J. Mearsheimer and Stephen Walt : « The Israel Lobby and U.S. Foreign Policy »voir le lien suivant: https://urlr.me/vh1Wt
[44]– وفقا لأرقام رسمية(وإلى غاية دجنبر 2023) فقد تم استخدام قرار حق النقض”الفيتو”260 منذ تأسيس مجلس الأمن الدولي، حيث كان نصيب الولايات المتحدة الأمريكية منها حوالي 114مرة، من بينها80 مرة استخدمت هذا الحق لمنع إدانة حليفتها إسرائيل،و34 مرة ضد قوانين تساند حق الشعب الفلسطيني. موجود على الرابط:
[45] – للمزيد أنظر: ناجي البشير عمر القحواش: “تأثير الفيتو على قرارات مجلس الأمن الدولي: قضية فلسطين أنموذجا”، رسالة لنيل الماجستير في العلوم السياسية، جامعة الشرق الأوسط، سنة 2015 موجودة على الرابط التالي:
[46]– أنظر القرار 743 الصادر عن مجلس الأمن الدولي والذي على أساسه تم إنشاء “قوة الحماية التابعة للأمم المتحدة في يوغوسلافيا” S /RES/743(1992)
[47] – للمزيد أنظر، محمد المصالحة: “مدى فعالية عمليات حفظ السلام للأمم المتحدة فس يوغوسلافيا وأفريقيا 1990 -1996″، مجلة الدفاع الوطني اللبناني، العدد 32سنة 2000 . موجود على الرابط التالي:
[48]– أنظر تعريف العدوان في توصية الجمعية العامة 3314 لسنة 1974. وكذلك للمزيد حول مسألة العدوان يمكن العودة إلى: شمامة خير الدين”دور المحكمة الجنائية الدولية في العقاب على جريمة العدوان في ضوء تعديلات كامبالا”، مجلة”سياسات عربية”، العدد السادس، سنة 2013، ص 118-119.