Uncategorized

طرق الهجرة غير النظامية نحو أوروبا

في السنوات الأخيرة، تبنّى الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد صعود أحزاب اليمين المتطرف وزيادة نفوذها في الانتخابات، سياسات أكثر صرامة تجاه الهجرة، مما زاد من تعقيد أوضاع المهاجرين وطالبي اللجوء، وقيّد سبل الهجرة واللجوء إلى أوروبا بطرق قانونية. بالإضافة إلى ذلك، تروّج وسائل الإعلام الأوروبية لمخاطر تدفق المهاجرين واللاجئين واندماجهم في المجتمع الأوروبي، وما يترتب على ذلك من تأثيرات على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، مثل انتشار الإرهاب، وتفاقم الإسلاموفوبيا، وتغير التوازن الديموغرافي داخل المجتمعات الأوروبية، وتهديد نمط الحياة الأوروبي، وزيادة معدلات الجريمة، وغيرها.

وقد أدّت السياسات الأوروبية المتزايدة في تقييد الهجرة والإجراءات الصارمة المتبعة إلى اعتماد المهاجرين على الطرق البرية والبحرية غير القانونية والخطرة، التي تتطور باستمرار وتتم على مراحل متعددة، وقد تستغرق رحلتهم للوصول إلى وجهاتهم المنشودة شهورًا أو سنوات.

في هذا السياق، تُظهِر البيانات الأخيرة التي نشرتها وكالة حماية الحدود والسواحل الأوروبية “فرونتكس” أن عام 2022 شهد اكتشاف 330,000 حالة عبور غير نظامية على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وهو العدد الأكبر منذ عام 2016، مما يمثل زيادة بنسبة 64%. وقد ارتفع عدد اكتشافات العبور غير القانوني في وسط البحر الأبيض المتوسط بنسبة تجاوزت النصف خلال عام 2022، حيث بلغ عددها 100,000 حالة. ووفقًا للإحصاءات، تم تسجيل وصول 102,529 وافدًا غير نظامي في نفس العام، حيث يستخدم هذا الطريق مهاجرون من مصر وتونس، وكذلك من بنغلاديش، سوريا، أفغانستان وغيرها، في المقابل، شهد طريق غرب البحر الأبيض المتوسط انخفاضًا في ضغط الهجرة عام 2022، حيث تراجعت اكتشافات حالات العبور غير النظامية إلى خمس مرات أقل مقارنة بعام 2020.

بلغ عدد الوافدين غير النظاميين إلى أوروبا 53,270 حالة حتى شهر أفريل عام 2024، وتوزعت جنسياتهم عبر الطرق الرئيسية للهجرة في البحر الأبيض المتوسط كما يلي:

– بالنسبة لطريق وسط البحر الأبيض المتوسط: بلغ عدد الوافدين 20.927، وكانت بنغلاديش هي الجنسية الأكثر تمثيلاً بين هؤلاء الوافدين.

– بالنسبة لطريق شرق البحر الأبيض المتوسط: بلغ عدد الوافدين 23.313، وكانت سوريا هي الجنسية التي سجلت أكبر عدد من الوافدين.

– بالنسبة لطريق غرب البحر الأبيض المتوسط: بلغ عدد الوافدين 7.097، وكانت الجزائر هي الجنسية الأكثر تمثيلاً بين هؤلاء الوافدين.

كما أعلنت وكالة اللجوء الأوروبية أن نحو 962,160 شخصاً تقدموا بطلبات لجوء في دول الاتحاد الأوروبي خلال عام 2022، من بينهم 884,630 شخصاً قدموا طلبات لجوء لأول مرة. بلغت طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي ذروتها في عامي 2015 و2016، ثم انخفضت، لكنها ارتفعت بنسبة 52% بين عامي 2021 و2022. ينحدر معظم طالبي اللجوء في أوروبا من سوريا وأفغانستان وتركيا وفنزويلا وكولومبيا، ويمثلون معاً ما يقرب من 40% من الطلبات المقدمة في دول الاتحاد الأوروبي. تعتبر سوريا منذ عام 2013 بلد الجنسية الأكبر لعدد طالبي اللجوء في الاتحاد الأوروبي، حيث سجلت 135,465 طلباً في عام 2022.

من بين 962,160 طلب لجوء تم تقديمها في عام 2022، كان 884,630 منها طلبات أولية في دول الاتحاد الأوروبي. سجلت ألمانيا ربع (25%) الطلبات في الاتحاد الأوروبي، تلتها:

– فرنسا (16%)

– إسبانيا (12%)

– النمسا (11%)

-إيطاليا (9%).
وقد تلقت هذه الدول الخمس الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ( ألمانيا، فرنسا، اسبانيا، النمسا،إيطاليا) مجتمعة ما يقرب من ثلاثة أرباع جميع طلبات اللجوء الأولى المقدمة في الاتحاد الأوروبي.

من المرجح أن يؤدي صعود أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا إلى فرض مزيد من القيود على الهجرة، بما يتماشى مع سياسات هذه الأحزاب الرامية إلى الحد من الهجرة غير الشرعية وطلبات اللجوء. تروّج أحزاب اليمين الشعبوي لخطاب معادٍ للأجانب والمهاجرين، مما قد يُسهم في تصاعد حدة التوترات الاجتماعية والعنف. وقد تفضي سياسات أحزاب اليمين الشعبوي إلى زعزعة الاستقرار السياسي في بعض الدول الأوروبية، مما قد يُهدّد بدوره استقرار الاتحاد الأوروبي ككل.

كما تتزايد المشاعر العدائية تجاه الجاليات العربية والمسلمة، التي كانت هدفًا رئيسيًا في الحملات الانتخابية لأحزاب اليمين المتطرف، والتي رفعت شعارات متطرفة تجاه اللاجئين، وصلت إلى حد الدعوة إلى إعادة جميع المهاجرين غير الحاصلين على وثائق لجوء إلى بلدانهم بصورة فورية، وتبني إجراءات صارمة لمراقبة الحدود وتخفيض أعداد المهاجرين طالبي اللجوء إلى الحد الأدنى.

في إطار سعيها لحماية الهوية والمجتمع، قد يلجأ اليمين إلى إجراءات أكثر تشددًا في إعادة صياغة مفهوم الوطنية والحقوق المدنية والسياسية للأقليات الثقافية والعرقية، مما قد يؤدي إلى زيادة العنصرية والتمييز الدستوري، لتصبح هذه السمات المشتركة لأوروبا اليمينية إذا استمرت هذه الأحزاب في الصعود.

Admin

مركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية: مؤسسة فكر وتخطيط استراتيجي تقوم على إعداد التقديرات وتقديم الاستشارات وإدارة المشروعات البحثية حول المتوسط وتفاعلاته الإقليمية والدولية. لا يتبنى المركز أية توجهات مؤسسية حول كل القضايا محل الاهتمام، والآراء المنشورة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المركز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى