الموقف الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية: الحرب على غزة أنموذجاً
الباحث بيرم جمال غزال
مُحامي نظامي ومُحكم معتمد لدى وزارة العدل الفلسطينية، ناشط حقوقي وسياسي، عضو لجنة تحرير منشورات نقابة المحامين الفلسطينيين، طالب دكتوراه في القانون الخاص – جامعة الحسن الثاني بالمغرب، دولة فلسطين.
مقدمة:
تعد القضية الفلسطينية إحدى أبرز القضايا السياسية والإنسانية في منطقة الشرق الأوسط، وتمثل واحدة من أكثر المسائل تعقيداً وأهمية في السياسة الدولية المعاصرة ولها تأثيرات عميقة على الساحة الدولية. حيث تترك آثاراً عميقة على الساحة الدولية. وقد كانت هذه القضية موضع اهتمام العديد من الدول والمنظمات الدولية منذ نشأتها وعلى مدى عقود طويلة، ولا سيما الدول الأوروبية التي لعبت ولا تزال تلعب دوراً محورياً في السعي إلى حل هذا الصراع المستمر. وتتسم مواقف الدول الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية بالتعقيد والتشابك، حيث تتراوح بين دعم حقوق الشعب الفلسطيني وبين الحفاظ على أمن إسرائيل، مما يعكس التحديات الدبلوماسية والسياسية التي تواجهها هذه الدول. كما أن للموقف الأوروبي دوراً بارزاً ومؤثراً في صياغة وتوجيه السياسات الدولية المتعلقة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
تستمد هذه الدراسة أهميتها في تسليط الضوء على الموقف الأوروبي من القضية الفلسطينية بشكل عام، مع التركيز على الحرب على غزة كنموذج لفهم كيفية تفاعل أوروبا مع الأحداث الميدانية. ستتناول الدراسة تحليل السياسات والبيانات الرسمية للاتحاد الأوروبي، والدول الأوروبية بما في ذلك فرنسا وألمانيا واسبانيا، خلال فترات الحرب على غزة. كما ستبحث عن دور أوروبا في تقديم المساعدات الإنسانية والاقتصادية للقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى التحديات والانتقادات التي تواجهها السياسات الأوروبية في هذا السياق.
تسعى الدراسة إلى فهم كيفية توازن أوروبا بين مصالحها السياسية والاقتصادية من ناحية، وبين التزاماتها الإنسانية والدبلوماسية من ناحية أخرى. كما تهدف إلى تقديم تقديم رؤية أعمق للتحديات التي تواجهها السياسات الأوروبية في ظل تعقيدات الصراع ، وما إذا كانت هذه السياسات تسهم في تحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة.
تركز الدراسة على تقديم فهم شامل ومتوازن لمواقف الدول الأوروبية، وذلك من خلال استعراض البيانات الرسمية، وتحليل التصريحات والمواقف المختلفة، وكذلك تقييم تأثير هذه السياسات على الوضع في غزة وعلى القضية الفلسطينية بشكل عام.
مشكلة الدراسة:
تتمثل إشكالية الدراسة في تحديد طبيعة الموقف الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية، لهذا تسعى هذه الدراسة إلى الإجابة على السؤال الرئيسي، ما هي طبيعة الموقف الأوروبي من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر؟، وعلى وجه التحديد تسعى هذه الدراسة إلى الإجابة على الأسئلة الفرعية التالية:
1. كيف تطورت مواقف وسياسات الدول الأوروبية بشكل عام تجاه القضية الفلسطينية منذ بداية الصراع؟
2.ما طبيعة الدور الذي يؤديه الاتحاد الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية؟
3. ما هي تداعيات وتأثيرات الحرب على غزة تجاه الدول الأوروبية ووحدتها؟
المحور الأول : مراجعة نظرية للموقف الأوروبي من القضية الفلسطينية
أولاً: المقصود بالموقف الأوروبي
مفهوم “الموقف الأوروبي” يشير إلى السياسة العامة أو الرأي السائد في الدول الأوروبية تجاه قضية معينة أو مجموعة من القضايا. يمكن أن يتعلق هذا المفهوم بالسياسة الخارجية، مثل موقف الدول الأوروبية من الصراعات الدولية أو العلاقات مع دول أخرى، أو يمكن أن يشمل السياسات الاقتصادية، الاجتماعية، البيئية، وغيرها من المجالات.
عادةً ما يتشكل الموقف الأوروبي من خلال مؤسسات الاتحاد الأوروبي مثل المجلس الأوروبي، والمفوضية الأوروبية، والبرلمان الأوروبي، والتي تعمل على تنسيق السياسات بين الدول الأعضاء لتحقيق موقف موحد أو متقارب في القضايا المهمة. بما فيها السياسة الخارجية، الاقتصاد، البيئة، الأمن والدفاع، الهجرة.
استند الموقف الأوروبي إلى مؤسسات منظمة، يتصدرها الاتحاد الأوروبي. وقد نشأ الاتحاد الأوروبي كنتيجة لعملية بدأت بعد الحرب العالمية الثانية (1939-1945) بإنشاء المجموعة الأوروبية للفحم والصلب، وهي تجمع من الدول الأوروبية يهدف إلى إنشاء سوق مشتركة لمنتجات الفحم والصلب.
تشكلت هذه المجموعة – التي أُنشئت بموجب اتفاقية باريس بتاريخ 18 أبريل/نيسان 1951 – نواة المجموعة الاقتصادية الأوروبية، والتي تطورت لاحقاً إلى الاتحاد الأوروبي، الذي اتخذ مدخلاً اقتصادياً بديلاً عن الوحدة السياسية. في 25 مارس/آذار 1957، وقّعت الدول الأعضاء اتفاقية روما التي وسعت مجالات التعاون وأطلقت على نفسها اسم المجموعة الاقتصادية الأوروبية. أما النشأة الفعلية للاتحاد الأوروبي فقد تمت عبر معاهدة معروفة باسم معاهدة ماستريخت، الموقعة في 25 مارس/آذار 1992، والتي دخلت حيز التنفيذ في بداية نوفمبر/تشرين الثاني 1993. صُممت المعاهدة لتحقيق وتعزيز التكامل السياسي والاقتصادي الأوروبي من خلال توحيد العملة (اليورو)، وتوحيد السياسة الأمنية والخارجية، وتعزيز حقوق المواطنة، والتعاون في قضايا الهجرة واللجوء والشؤون القضائية.
بدأ الاتحاد الأوروبي عام 1951 بـ6 دول هي فرنسا وألمانيا وبلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا وإيطاليا، وحتى عام 2024 استقر عدد الدول الأعضاء على 27، وهي: النمسا، بلجيكا، بلغاريا، كرواتيا، جمهورية قبرص، جمهورية التشيك، الدانمارك، إستونيا، فنلندا، فرنسا، ألمانيا، اليونان، المجر، أيرلندا، إيطاليا، لاتفيا، ليتوانيا، لوكسمبورغ، مالطا، هولندا، بولندا، البرتغال، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، إسبانيا، السويد[1].
يتأثر الموقف الأوروبي بعدة عوامل تشمل المصالح الوطنية للدول الأعضاء، القيم المشتركة، والضغوط الخارجية. على الرغم من الجهود الرامية لتحقيق موقف موحد، قد تنشأ اختلافات بين الدول الأعضاء بشأن طرق التعامل مع بعض القضايا. في إطار دراستنا، يتمثل التركيز في استعراض الموقف الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية، وخاصة الحرب على غزة.
ثانياً: ماهية القضية الفلسطينية
القضية الفلسطينية هي إحدى القضايا الدولية المعقدة التي تمتد لعقود طويلة من الزمن، قضية تاريخية تتعلق بحقوق الفلسطينيين ووجودهم في دولتهم فلسطين المحتلة ومنطقة الشرق الأوسط، ترتبط هذه القضية بمجموعة من الأحداث والمستجدات التي شهدتها المنطقة على مر العقود وهي محور صراع دموي طاحن أثّر في حياة ملايين الناس.
وتشير القضية الفلسطينية إلى الصراع التاريخي والمعاصر بين الفلسطينيين والإسرائيليين حول الأراضي والحقوق الوطنية والسياسية للفلسطينيين في المنطقة المعروفة تاريخياً باسم فلسطين. وتعود جذور القضية الفلسطينية إلى أوائل القرن العشرين وتستمر حتى يومنا هذا. تتضمن القضية عدة أبعاد تاريخية، سياسية، اجتماعية، وإنسانية[2].
ترتكب جذور القضية الفلسطينية، في الثمانينيات من القرن التاسع عشر، عندما بدأ اليهود الغربيون بتبني نظريات جديدة للاستعمار في أراضي فلسطين، استندت هذه النظريات إلى فكرة استبدال الجهود السلمية أو المدنية بالسيطرة المسلحة، ومن أبرز المؤيدين لهذه النظريات كانت الحركة الصهيونية العالمية التي صرحت بأن: “اليوم الذي ستبنى فيه كتيبة يهودية واحدة هو اليوم الذي ستنشأ فيه دولتنا”.
في منتصف القرن التاسع عشر، تم تأسيس حركة “عشاق صهيون” في أوروبا وقد توجهت هذه الحركة نحو تحقيق حلم إقامة دولة خاصة لليهود، كان هناك اعتقاد من قبل الصهاينة البارزين بأن الموقع الأمثل لهذه الدولة يجب أن يكون في الأرض التاريخية للشعب اليهودي وهذه الأرض تُعرف بفلسطين، في ذلك الزمان كانت فلسطين تابعة للإمبراطورية العثمانية وكانت تحت حكم محلي (ولاية عثمانية) وكانت مأهولة بالفلسطينيين العرب بشكل رئيسي، في حين كانت الأقلية اليهودية تمثل أقل من 8% من السكان حتى عام 1920.
مشروع الصهيونية أثار استياءً شديداً بين الفلسطينيين، ولقي رفضاً قاطعاً من مختلف الشخصيات السياسية والدينية في ذلك الوقت، ضمن هؤلاء الشخصيات كان مفتي القدس أمين الحسيني وعز الدين القسام، وفيما بعد عبد القادر الحسيني، إضافة إلى زعماء سياسيين ودينيين وعسكريين آخرين، هذه الفترة شهدت نشوء المقاومة الشعبية في فلسطين حيث تنوعت مظاهر المقاومة ضد المشروع الصهيوني.
من ناحية أخرى، رحبت الدول الغربية بالمشروع الصهيوني في فلسطين وقدمت دعماً مالياً وعسكرياً ولوجستياً له، عرفت هذه الدول أن إقامة دولة يهودية في فلسطين تخدم مصالحها في المنطقة، ولهذا قدمت دعماً للصهاينة وهذا الدعم جاء من دول كبيرة مثل بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا.
ثم جاءت “مرحلة الإنتداب البريطاني” حيثُ وبعد الحرب العالمية الأولى، ووفقاً لاتفاقية سايكس-بيكو لسنة 1916، وُضعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني. خلال هذه الفترة، زادت الهجرة اليهودية إلى فلسطين، مما أدى إلى توترات بين اليهود والعرب. وفي هذا الشأن صدر وعد بلفور لعام 1917، حيث أصدرت بريطانيا وعد بلفور الذي أعرب عن دعمها لإنشاء “وطن قومي للشعب اليهودي” في فلسطين، مما أثار قلق السكان العرب الذين كانوا يشكلون الأغلبية في تلك المنطقة. وامتدت أبعاد وجذور القضية الفلسطينية نحو مرحلتي “التقسيم والنكبة” لعام (1947-1948)؛
في عام 1947، أقرت الأمم المتحدة خطة لتقسيم فلسطين إلى دولتين، يهودية وعربية، لكن الخطة رفضت من قبل العرب.
وفي عام 1948، أعلن قيام دولة إسرائيل، مما أدى إلى نشوب حرب بين الدول العربية وإسرائيل، عُرفت بالنكبة، والتي نتج عنها تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من ديارهم. تلك العمليات أدت إلى احتلال اليهود نحو 78% من مساحة فلسطين التاريخية، وللأسف أسفرت عن مقتل وتشريد ما يقارب بين 750 ألف إلى مليون فلسطيني بالقوة إلى دول مجاورة وأجزاء أخرى من فلسطين.
هذا التهجير الجماعي ساهم في تكوين نواة جديدة للقضية الفلسطينية، إذ أصبح اللاجئون الفلسطينيون الذين غادروا المناطق التي احتلتها إسرائيل عنصراً أساسياً في هذا الصراع.
حالياً يشكل اللاجئون الفلسطينيون نحو نصف الشعب الفلسطيني بالكامل، وعددهم يقترب من 4.6 مليون نسمة حسب إحصائيات عام 1995.
ومع نهاية الحرب أصبحت إسرائيل واقعاً غير شرعياً واستولت على مساحات تفوق تلك التي كانت مقررة لها وفقاً لقرار تقسيم فلسطين، واحتلت من فلسطين السهل الساحلي بالكامل باستثناء قطاع غزة الذي سيطر عليه المصريون، كما استولت على مناطق النقب والجليل وشمال فلسطين، فيما أصبحت القدس الشرقية والضفة الغربية جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية.
وعلى إثر ذلك، شهدت فلسطين عديداً من هذه الانتفاضات على مر العقود، والانتفاضات الفلسطينية هي سلسلة من التحركات تهدف إلى الاحتجاج على الاحتلال الإسرائيلي، تعبّر هذه الانتفاضات عن رغبة الفلسطينيين في تحقيق حقوقهم الوطنية والاستقلال، ومن أبرزها انتفاضة الحجارة لعام 1987 وانتفاضة الأقصى لعام 2000.
واستمرت نضالات وثورات الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني وسقط الكثير من الشهداء واعتقل الآف الأسرى الفلسطينين لنيل الحرية والاستقلال حتى جاء يوم السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 نفذت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عملية تحت اسم “طوفان الأقصى” ضد إسرائيل،.
جاء الرد الإسرائيلي للهجوم الذي نفذته المقاومة بإعلان “حالة الحرب” وشنت عملية عسكرية أُطلق عليها اسم “السيوف الحديدية”. بدأت هذه العملية بضربات جوية مكثفة على قطاع غزة، إسرائيل أعلنت قطع إمدادات المياه والكهرباء عن قطاع غزة، وأغلقت جميع المعابر والمداخل المؤدية إلى القطاع، وشنت هجمات طالت آلافاً من المدنيين داخل القطاع وهذه الحرب هي أعنف واسوء الحروب المرتكبة، حيث مارست إسرائيل فيها أبشع المجازر وسقط حتى الآن ما يزيد عن 37 الف شهيد وجرح اكثر من 86 الف جريح ودمرت حوالي 90% من البنية التحتية لقطاع غزة، فضلاً عن سقوط اكثر من 500 شهيد في الضفة الغربية وأسر اكثر من 6 الاف مواطن[3].
المحور الثاني: العلاقة الأوروبية – الفلسطينية
يُشير هذا الجانب إلى تاريخ أصول العلاقات الأوروبية الفلسطينية، وكيف تطورت المواقف والسياسات الأوروبية تجاه فلسطين منذ بداية الصراع؛ حيث إن تاريخ العلاقات الأوروبية الفلسطينية يعود إلى الفترة التي سبقت الانتداب البريطاني على فلسطين، لكن العلاقات تبلورت بشكل أكثر وضوحا وتطورا منذ بداية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. يمكن تقسيم تطور المواقف والسياسات الأوروبية تجاه فلسطين إلى عدة مراحل رئيسية:
1.فترة الانتداب البريطاني (1920-1947): بعد الحرب العالمية الأولى وتفكك الإمبراطورية العثمانية، وُضعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني بموجب اتفاقية سايكس-بيكو، حيث كلفت بريطانيا بالانتداب في مؤتمر سان ريمو في أبريل 1920، بعد تنازل فرنسا عن فلسطين في 1918 في «اتفاقية لويد جورج وكليمنصو»، وأُضيفت شرق الأردن إلى الانتداب بعد أن أطاح الفرنسيون بالمملكة العربية في دمشق في الحرب الفرنسية السورية. بدأت الإدارة المدنية في فلسطين وشرق الأردن في يوليو 1920 وأبريل 1921 على التوالي. وبتاريخ 1917/11/2 أصدر وزير الخارجية البريطاني بلفور “وعد بلفور” والذي أعرب عن دعم بريطانيا لإنشاء “وطن قومي للشعب اليهودي” في فلسطين، مما أثار قلق السكان العرب وأدى إلى تصاعد التوترات.
وأكد مجلس عصبة الأمم رسمياً مشروع الانتداب على فلسطين في 24 يوليو 1922، واستكمل بمذكرة شرق الأردن المؤرخة 16 سبتمبر 1922[4]، ثم دخل حيز النفاذ في 29 سبتمبر 1923، عقب التصديق على معاهدة لوزان[5]. وقد استعيض عن انتداب فلسطين بميثاق الأمم المتحدة، الفصل الثاني عشر، المادة 80 من اتفاق وصاية الأمم المتحدة[6]، قرار الجمعية العامة 181 في 29 نوفمبر 1947[7]. وقد قامت المملكة المتحدة بإدارة انتداب فلسطين في الفترة من 29 سبتمبر 1922 حتى نهاية الإنتداب في 29 نوفمبر 1947. وقد أعلنت حكومة دولة إسرائيل على أجزاء من هذا الإقليم في 14 مايو 1948.
ما بعد الحرب العالمية الثانية وإنشاء دولة إسرائيل (النكبة عام 1948): بعد إعلان قيام دولة إسرائيل في 1948 واندلاع الحرب العربية الإسرائيلية الأولى، تسببت النكبة في تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين. في هذه الفترة، لم يكن للمجتمعات الأوروبية موقف موحد بشأن الصراع، وكانت الأولوية لإعادة بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
فترة الستينات والسبعينات: خلال فترة الستينات؛ اندلعت حرب 1967 (حرب الستة أيام) أو ما تسمى ب”النكسة”، حيث احتلت فيها إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة، بدأت تثير قلقاً متزايداً في أوروبا بشأن الاحتلال واستمرار الصراع وتدفق أعداد المهاجرين نحو الدول الأوروبية، لم يكن له لأوروبا موقفاً موحداً بشأنها.
وفي السبعينيات؛ وتحديداً بتاريخ 22 نوفمبر 1974، أقر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3236 بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال الوطني والسيادة في فلسطين[8]. كما اعترف بمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني ومنحها مركز مراقب في الأمم المتحدة.بدأت بعض الدول الأوروبية الصغيرة ومنها اسبانيا، ببطء، في الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية (PLO) كممثل شرعي للشعب الفلسطيني. تزامن هذا مع توجهات أكثر استقلالية في السياسة الخارجية الأوروبية بعيدًا عن التأثير الأمريكي، رغم امتناع الدول الأوروبية الكبرى عن التصويت بما فيها؛ ألمانيا، إيطاليا، بريطانيا، فرنسا، ايرلندا، بلجيكا، الدنمارك، السويد، فنلندا، لوكسمبورغ، النمسا، ورفضت النرويج الاعتراف بها.
وثيقة شومان: عبرت أوروبا من خلال ورقة عمل صاغتها السوق الأوروبية المشتركة في إطار ما سمي التعاون السياسي الأوروبي الذي تكون في سنة 1970، ما يتوافق مع القرار 242. وفي 13/5/1971، تبنى وزراء الخارجية الستة في المجموعة الأوروبية، وثيقة شومان Schuman Document التي تستند إلى قرار الأمم المتحدة 242 الصادر في 22/11/1967، ونقاطه الأساسية هي:
– انسحاب “إسرائيل” من الأراضي المحتلة في عام 1967.
– حق اللاجئين العرب في العودة إلى أرضهم أو اختيار التعويض عليهم.
– إنشاء مناطق منزوعة السلاح على جانبي حدود “إسرائيل”.
– وجود قوات دولية، باستثناء القوى العظمى الأربع، في المناطق المنزوعة السلاح.
حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973: بعد مرور شهر واحد على حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973 صدر بيان عن المجموعة الأوروبية أشار، وللمرة الأولى، لـ”الحقوق المشروعة للفلسطينيين”؛ وتضمن البيان الأوروبي أربعة مبادئ رئيسية: عدم جواز اكتساب الأرض بالقوة، ضرورة وضع حد للاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ سنة 1967، احترام سيادة كل دول المنطقة واستقلالها، مع حقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها، تأكيد مبدأ الاعتراف بأن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني يجب أن تؤخذ عند أي قرار للتسوية[9].
قمة الرباط وتسوية دبلن: بعد اعتراف جامعة الدول العربية بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد للشعب الفلسطيني في قمة الرباط في سنة 1974[10]، طالبت في 14/11/1974 بإشراك منظمة التحرير في الحوار الأوروبي – العربي. وعارضت الدول الأوروبية في البداية ذلك، ولكن تسوية دبلن، التي وقعت في 14/2/1975، أوجدت صيغة مفاوضات بين فريقين لا بين دول، بحيث يتاح لمنظمة التحرير الاندماج في الفريق العربي. غير أن الولايات المتحدة عارضت ذلك الشكل من الحوار مباشر بين العرب والأوروبيين، إذ فرضت ألا تكون على علم بذلك فحسب بل أن تستشار أيضاً.
القرار الدولي رقم 3237 و بيان بروكسل: جاء القرار 3237 حول إعطاء منظمة التحرير الفلسطينية وضع المراقب الدائم في الأمم المتحدة[11]. ولم تتوصل الدول الأوروبية في المجموعة الاقتصادية الأوروبية، إلى التفاهم حول المعنى الذي تعطيه الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الوارد في بيان بروكسل صادر في 6/10/1973، وصوتت على القرارات في ترتيب مبعثر، إذ أيدت فرنسا وإيرلندا وإيطاليا دعوة منظمة التحرير إلى المشاركة في أعمال الجمعية العامة؛ غير أن ثماني دول أوروبية في المجموعة الاقتصادية صوتت ضد القرار المتعلق بوضع منظمة التحرير كمراقب دائم في الأمم المتحدة، في حين أن فرنسا امتنعت عن التصويت، وصوتت إسبانيا، التي لم تكن عضواً في هذه المجموعة آنذاك، لصالح القرارين.
قمة لندن 1977: كان ينبغي الانتظار حتى سنة 1977 لملاحظة تعمق في موقف المجموعة الأوروبية، وقد أثار رؤساء الدول والحكومات في قمة لندن[12]، في 29/6/1977، للمرة الأولى، مفهوم الشعب الفلسطيني وأكدوا قناعتهم بأن حل النزاع في الشرق الأوسط لن يكون ممكناً إلا إذا تجسد في الواقع الحق المشروع للشعب الفلسطيني في إعطاء هويته الوطنية تجسيداً فعلياً.
فترة الثمانينات:
إعلان البندقية 1980[13]: بعد تعثر المسار الفلسطيني حسب اتفاقيات كامب ديفيد، Camp David Accords، وتضخم النشاط الاستيطاني الإسرائيلي حدث تقدم جديد للموقف الدبلوماسي الأوروبي، وذلك حين أصدر المجلس الأوروبي المنعقد في مدينة البندقية الايطالية سنة 1980 قراراً نص على ما يلي:
– تجديد الإدانة للاحتلال الإسرائيلي الذي تم سنة 1967.
-الاعتراف الصريح بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته إلى جانب “دولة إسرائيل”.
-الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، لكن ليس كالممثل الحصري لهذا الأخير.
خطاب ميتران في الكنيست 1982[14]: أدى وصول فرنسوا ميتران إلى رئاسة السلطة في فرنسا إلى كبح جماح الحوار الأوروبي – العربي؛ حيث تميز الرئيس الفرنسي المعروف بصداقته مع “إسرائيل”. ودعمت فرنسا مسار اتفاقية كامب ديفيد، ورفضت الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وقد قال ذلك كلود سيشون Claude Cheysson، وزير الخارجية الفرنسي: أن فرنسا لم ترفض فكرة قيام دولة فلسطينية، حيث عبر عن ذلك الرئيس ميتران خلال خطابه في الكنيست في 4/7/1982 قائلاً: “يفترض الحوار أن يتمكن كل فريق من العمل حتى النهاية من أجل حقه، ما يشكل، بالنسبة إلى الفلسطينيين كما إلى غيرهم، إقامة دولة في الوقت المناسب”.
اجتياح لبنان 1982: ندما حدث الاجتياح الإسرائيلي للبنان في 6/6/1982[15]، أدانت المجموعة الأوروبية الاجتياح، وأثارت للمرة الأولى، التهديد بالعقوبات إذا استمرت “إسرائيل” في رفض التقيد بالحلول التي طرحت المجموعة الأوروبية في إعلان بون الذي صدر في 9/6/1982. وعبرت المجموعة الأوروبية عن “الصدمة والاشمئزاز من قتل المدنيين الفلسطينيين في بيروت”.
الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام1987: أعلنت المجموعة الأوروبية في شباط/ فبراير 1987 تأييدها عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط برعاية الأمم المتحدة، وباشتراك جميع الأطراف المعنية، وطالبت بتحسين الأوضاع المعيشية لسكان الأراضي المحتلة”.
إعلان الاستقلال الفلسطيني 1988: بقيت منظمة التحرير غير معترف بها من المجموعة الأوروبية كممثل وحيد وشرعي للشعب الفلسطيني، حتى تاريخ إعلان ياسر عرفات[16]، في 15/11/1988، أمام المجلس الوطني الفلسطيني الـ 19 المجتمع في الجزائر الموافقة على قرار تقسيم فلسطين رقم 181 الصادر سنة 1947 والموافقة على قرارات الأمم المتحدة بما في ذلك قرار 242 الذي يتعامل مع قضية فلسطين كقضية لاجئين، كما تضمن إعلان “إقامة الدولة الفلسطينية على أرضنا الفلسطينية وعاصمتها القدس المقدسة”، حيث ردت المجموعة الأوروبية على هذا الإعلان بإعلان بروكسل في 21/11/1988، جاء فيه إن المجموعة تعلق “أهمية خاصة على القرارات الصادرة عن المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر، التي تعكس إرادة الشعب الفلسطيني في تأكيد هويته الوطنية والتي تتضمن خطوات إيجابية نحو تسوية سلمية للنزاع الإسرائيلي – العربي”.
اعلان عام 1989: اغتنمت المجموعة الأوروبية مناسبة قمة مدريد لإصدار إعلان طويل في 27/6/1989 يذكر بموقفها التقليدي ويطلق “نداء ملحاً إلى السلطات الإسرائيلية لوضع حد للتدابير القمعية، وتطبيق قرارات مجلس الأمن رقم 605 و607 و608، واحترام أحكام اتفاقية جنيف” وإجراء انتخابات في الأراضي المحتلة. ورأت المجموعة الأوروبية للمرة الأولى، أن منظمة التحرير يجب أن تدعى إلى مسار السلام، وأن تشارك فيه.
فترة التسعينيات: مؤتمر مدريد للسلام تشرين الأول/أكتوبر 1991: مع انتهاء حرب الخليج الثانية في بداية عقد التسعينيات من القرن العشرين، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية عن بدء مشروع كبير يرمي إلى إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، والبحث عن طرق لحل القضية الفلسطينية، وذلك من خلال مفاوضات ثنائية وجماعية تمهد لإعلان قيام الدولة الفلسطينية، فكانت فكرة عقد مؤتمر جامع للسلام يعقد في إحدى العواصم الأوروبية، ونتيجة لذلك كان مؤتمر مدريد في سنة 1991[17]. على الرغم من أن مشاركة الدول الأوروبية في مؤتمر مدريد لم تكن فعالة، حيث حضرت أوروبا في قاعة المؤتمر كأي وفد آخر مدعو، إلا أنها اعتبرت انعقاده في عاصمة أوروبية بمثابة تحول مهم في الدور الذي تطمح بأن تلعبه في عملية السلام في الشرق الأوسط، وتراجعاً عن الموقف الإسرائيلي السابق الرافض أي دور لأوروبا في المنطقة. إذ أعلنت “إسرائيل”، في البداية، رفضها أن ينعقد مؤتمر السلام في عاصمة أوروبية. وقبلت ترشيح مدريد، لأن إسبانيا الاشتراكية اعترفت بـ”إسرائيل” في سنة 1986. وأكدت المجموعة الأوروبية خلال كلمتها في افتتاح مؤتمر مدريد، التي ألقاها
نيابة عن المجموعة هانس فان دان بروك وزير خارجية هولندا، اهتمامها ومشاركتها في إنجاح المفاوضات في مختلف مراحلها. وأكدت المجموعة الأوروبية التزامها بمبدأ “الأرض مقابل السلام”، كما التزمت بنهج المفاوضات المباشرة على أساس القرارين 242 و338 في مسار مزدوج بين الفلسطينيين والإسرائيليين من جهة، وبين العرب و”إسرائيل” من جهة أخرى، ويعد مؤتمر مدريد بمثابة أول ظهور رسمي لأوروبا كمشارك فاعل في عملية السلام.
اتفاق أوسلو أيلول/ سبتمبر 1993: في عام 1990 عُقد اجتماع سرِّي في فيلا خاشقجي بباريس بين أريل شارون وبسام أبو شريف ومروان كنفاني كان على جدوله إقامة حكم ذاتي فلسطيني في قطاع غزة. وقد دخلت النرويج على خط المفاوضات عبر تيرجي ود لارسن، وهو رئيس معهد نرويجي يبحث في ظروف وأوضاع الفلسطينيين في الأرض المحتلة. وقد تعرف على يوسي بيلين – أحد المقربين من بيريز – وعرض عليه في نيسان / إبريل 1992 عقد مباحثات سرية مع م.ت.ف[18]. وقد أصبح بيلين بعد الانتخابات الإسرائيلية نائباً لوزير الخارجية (بيريز). وقام أحد الدبلوماسيين النرويجيين في أيلول/ سبتمبر 1992 بتقديم عرض على بيلين بأن بلاده على استعداد لتكون المعبر السري للاتصال مع م.ت.ف. وفي كانون الأول/ ديسمبر 1992 بدأت الترتيبات العملية للمفاوضات السرية، فالتقى عن الإسرائيليين البروفيسور يائير هيرشفيلد أستاذ التاريخ بجامعة حيفا، مع أحمد قريع القيادي في حركة فتح، في فندق سانت جيمس بلندن. وفي 13/9/1993 تم التوقيع الرسمي على اتفاق أوسلو في واشنطن.
ملامح الدور الأوروبي بعد أوسلو: تراجعت أوروبا إلى المقعد الخلفي في المحادثات، ولم تساهم إلا في المباحثات المتعددة الأطراف من خلال لجان خاصة متعلقة بقضايا اللاجئين والمياه ونزع أسلحة الدمار الشامل، والتي عقدت معظم اجتماعاتها في العواصم الأوروبية. وتابعت الدول الأوروبية نشاطها بعد توقيع اتفاقات أوسلو في أكثر من مجال، منها قيام الاتحاد الأوروبي بتمويل العملية السلمية، من خلال تقديمه للدعم المالي للسلطة الفلسطينية والاقتصاد الفلسطيني، حيث أشار المجلس الأوروبي المجتمع في كورفو اليونانية في تقريره لسنة 1995 إلى أن الاتحاد الأوروبي أصبح أول كتلة ممولة لعملية السلام من خلال دعمها للسلطة الفلسطينية. وعزز الاتحاد الأوروبي علاقات التعاون مع “إسرائيل” لتصل إلى توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية بينهما.
اتفاقية الشراكة الأوروبية المتوسطية: تضمن اتفاق الشراكة الأوروبية المتوسطية المقترحة في مؤتمر برشلونة الذي عقد في 28/11/1995 إجراء مفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والدول المتوسطية لعقد اتفاقات شراكة أو اتحادات جمركية، حيث جرى توقيع اتفاقية مع “إسرائيل” في 20/11/1995، ومع منظمة التحرير الفلسطينية نيابة عن السلطة الفلسطينية في 24/2/1997. ونتج عن هذه الاتفاقية، زيادة الدعم الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي للقضية الفلسطينية على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، حيث كانت السلطة الفلسطينية أحد أطراف الاتفاقية، وبالتالي أدى ذلك إلى اعتراف الاتحاد بحق الفلسطينيين بأن يكون لهم كيان مستقل، له شرعية التوقيع على الاتفاقيات التي تدعم قضاياهم، وتجعل منهم دولة شرق أوسطية على اتصال بالمنظومة الأوروبية.
قمة فلورنسا: في أعقاب وصول بنيامين نتنياهو للحكم في “إسرائيل” سنة 1996، نشطت الدبلوماسية الأوروبية لإنقاذ عملية السلام بعدما شعرت أن المفاوضات السلمية في خطر، وعبر عن ذلك وزير الخارجية البريطاني مالكوم ريفكند؛ “إنه يجب عدم السماح لعملية السلام في الشرق الأوسط بالفشل”، وبدوره الاتحاد الأوروبي أكد خلال انعقاد قمته في مدينة فلورنسا الإيطالية في 22/6/1996 على وجوب دعم السلام العادل والدائم، خاصة بما يتعلق “بحق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم” ومبدأ “الأرض مقابل السلام، مع كل ما يترتب على ذلك”. وأصبح البيان الصادر عن قمة فلورنسا هو المحطة الرئيسة في انطلاق الدور الأوروبي في عملية السلام في الشرق الأوسط، والمرجعية السياسية التي يستند عليها لاحقاً. وأشار البيان إلى استعداد دول الاتحاد الأوروبي للعب دور نشط لاستئناف المفاوضات، يكون منسجماً مع إسهامها الاقتصادي والمالي الرئيس في العملية السلمية.
مذكرة واي ريفر 1998[19]: نتيجة للضغوط الكبيرة من البلدان الأوروبية والعربية عملت الولايات المتحدة الأمريكية على تحريك مسار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، من خلال المفاوضات التي عقدتها في واي ريفر بلانتيشن خلال الفترة الممتدة ما بين 15-23/10/1998. غير أن مضمون مذكرة واي ريفر Wye River Memorandum، الصادرة عن محادثات واي بلانتايشن، التي وقعها ياسر عرفات، رئيس السلطة الفلسطينية، وبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في 23/10/1998 كان واضحاً فيها غياب ذكر دور الاتحاد الأوروبي في المفاوضات.
اجتماع المجلس الأوروبي في برلين: في اجتماع للمجلس الأوروبي في برلين خلال الفترة الممتدة من 24-26 مارس 1999 أكدت دول الاتحاد الأوروبي اقتناعها بأن إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة، وديموقراطية، ومسالمة، وقادرة على البقاء “هو أفضل ضمان لأمن إسرائيل، ولقبول إسرائيل كشريك في المنطقة على قدم المساواة”. وأكد المجلس الأوروبي على “الحق الدائم ومن دون تقييد للفلسطينيين في تقرير مصيرهم”.
فترة ما بعد عام 2000:
انتفاضة الأقصى الثانية (2000): مع اندلاع الانتفاضة الثانية[20]، زادت الانتقادات الأوروبية لإسرائيل بسبب السياسات القمعية، وفي نفس الوقت أدانت أوروبا الهجمات الإرهابية ضد الإسرائيليين.
قرار مجلس الأمن رقم 1402: عقب الهجوم الشامل الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلي على الضفة الغربية في نهاية آذار/ مارس 2002، وإعادة احتلالها للضفة الغربية، وحصارها للرئيس عرفات في مقر إقامته في مبنى المقاطعة في رام الله، أعلن خافيير سولانا Javier Solana، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد طالب “إسرائيل” بالالتزام بأسرع وقت ممكن بقرار مجلس الأمن رقم 1402، والذي يدعو “إسرائيل” للانسحاب من الأراضي التي أعادت احتلالها.
اللجنة الرباعية وخريطة الطريق[21]: تم تشكيل اللجنة الرباعية Quartet في أواخر سنة 2001، ووضع خطة خريطة الطريق Road Map لإرضاء العرب، وإقراراً من الاتحاد الأوروبي بالمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، حيث إن الاتحاد لا يطرح نفسه منافساً، بل يرى دوره مكملاً لدور الولايات المتحدة، تم تعريف اللجنة الرباعية على صفحة موقع وزارة الخارجية البريطانية الالكتروني، كالآتي: “اللجنة الرباعية هي عبارة عن تجميع غير رسمي مؤلف من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا، وبرز للوجود أواخر سنة 2001. كان الهدف المبدئي لهذه اللجنة مساعدة الإسرائيليين والفلسطينيين على تطبيق توصيات ميتشل وخطة عمل تينت، وأملها بذلك وضع نهاية للعنف المصاحب للانتفاضة واستئناف عملية السلام”. وفي 14/4/2005، عُين جيمس ولفنسون James Wolfensohn ممثلاً خاصاً للجنة الرباعية الدولية، وفي 27/6/2007، تم تعيين رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير مبعوثاً خاصاً للشرق الأوسط في اللجنة الرباعية. وجاء الإعلان عن النص الرسمي لخريطة الطريق في 30/4/2003، وكان الاتحاد الأوروبي قد أعد صياغة خاصة بالخطة. ومن هنا جاءت صياغة خطة خريطة الطريق لدمج الصياغة الأوروبية بالصياغة الأمريكية لصالح الصياغة الأمريكية المنسقة إسرائيلياً،
جدار الفصل العنصري: عارض الاتحاد الأوروبي بناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، وانتقده في أكثر من مناسبة، ووافقت بعض دوله على إدانة “إسرائيل” على خلفية بنائها للجدار، حيث صوتت فرنسا وإسبانيا في مجلس الأمن لصالح قرار يدين “إسرائيل” لبنائها الجدار ويدعوها إلى وقف “بنائه وإلغاء قرار البناء”، في حين امتنعت عن التصويت ألمانيا وبريطانيا. ورأى الاتحاد أن بناء الجدار يقوض جهود إحلال السلام الدولية في المنطقة، ويجعل من المستحيل عملياً التوصل إلى حل للأزمة بإقامة دولتين مستقلتين. وأيد الاتحاد قرار محكمة العدل الدولية سنة 2004 القاضي بعدم شرعية جدار الفصل العنصري، وحثت المفوضية الأوروبية الإسرائيليين على إزالته.
الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من غزة[22]: أيد الاتحاد الأوروبي خطوات “إسرائيل” أحادية الجانب للانسحاب من غزة، وأعلن خافير سولانا أثناء زيارته لـ”إسرائيل” في 12/7/2005 عن سعي الاتحاد لتشجيع “إسرائيل” على إتمام خطتها على المستوى الاقتصادي والسياسي والأمني، معتبراً ذلك خطوة مهمة على طريق قيام الدولة الفلسطينية.
مؤتمر لندن لتفعيل عملية السلام 2005: في 1/3/2005 عقد مؤتمر في لندن لتفعيل عملية السلام بحضور الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان Kofi Annan ووزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس Condoleezza Rice، ووزراء خارجية أكثر من عشرين دولة. وقال توني بلير Tony Blair، رئيس الوزراء البريطاني، في كلمته الافتتاحية: “نحن هنا جميعنا من أجل هدف واحد، هو السعي والعمل على تحقيق رؤية الحل القائمة على دولتين في الشرق الأوسط؛ دولة إسرائيلية آمنة، ودولة فلسطينية مستقلة[23].
المبادرة الفرنسية الإيطالية الإسبانية للسلام 2006: في تشرين الثاني/ نوفمبر 2006 أعلنت فرنسا وإيطاليا وإسبانيا مبادرة للسلام تدعو إلى وقف إطلاق النار فوراً بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، وتبادل الأسرى، وإرسال بعثة دولية إلى قطاع غزة، وإلى “تشكيل حكومة فلسطينية تحظى باعتراف دولي”[24].
مؤتمر أنابوليس الدولي للسلام: مع بداية سنة 2007 دعا وزير الخارجية الإسباني ميغيل آنخل موراتينوس إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في النصف الأول من عام 2007 وضم الدول العربية لمجموعة اللجنة الرباعية. وحدد الاتحاد الأوروبي في بيان له في 22/1/2007 إطار التسوية على أنه “إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ في عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وديموقراطية قابلة للحياة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، وباقي الدول المجاورة لها في أمن وسلام”.
مبادرة أوباما للسلام 2011[25]: رحبت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، بحسب المتحدثة باسمها مايا كوتشيغاتشيك Maya Kochiyanchich، “بشدة بتأكيد أوباما على أن الحدود بين إسرائيل وفلسطين يجب أن تستند إلى حدود 1967، مع تبادل أراضٍ يتفق عليه الجانبان، بحيث تكون الحدود ثابتة ومعترفاً بها من قبلهما”. كما أعلن كلٍ من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل Angela Merkel و زير الخارجية البريطاني وليام هيغ تأييدها لخطاب أوباما وقالت إن استناد اتفاق للسلام إلى حدود “إسرائيل” عام 1967 قد يكون مخرجاً للتقدم إلى الأمام.
طلب الدولة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة 2011: أكدت كاثرين آشتون Catherine Ashton “أن الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد ستصوت منفردة في حال لجوء الفلسطينيين من جانب واحد إلى الأمم المتحدة للاعتراف بدولة مستقلة”. وعدَّ البرلمان الأوروبي طلب عضوية دولة فلسطين الذي تقدمت به السلطة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة شرعياً، وأعلن في قرار تمّ تبنيه بغالبية كبرى أنه “يدعو الدول الأعضاء إلى الاتحاد في موقفها إزاء الطلب المشروع للشعب الفلسطيني، بأن يتم تمثيله في الأمم المتحدة بصفة دولة، وتفادي الانقسامات بين الدول الأعضاء”.
فلسطين دولة غير عضو بصفة مراقب في الأمم المتحدة[26]: بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 صدر قرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم رقم 67/19 والذي قضى إقرار منح فلسطين مركز دولة غير عضو لها صفة المراقب في الأمم المتحدة، صوت على هذا القرار بتصويت 138 واعتراض 9، مع امتناع 41 عضوًا عن التصويت. حظي هذا القرار على تصويت الدول الأوروبية التالية: الدنمارك، السويد، إسبانيا، أيرلندا، إيطاليا، بلجيكا، جورجيا، سويسرا، فرنسا، فنلندا، لوكسمبرغ، مالطا، النرويج، النمسا. في حين عارضته دولة جمهورية التشيك، وامتنعت عن التصويت كلٍ من: ألبانيا، أندورا، البوسنة والهرسك، بلغاريا، كرواتيا، استونيا، ألمانيا، لاتفيا، ليتوانيا، هنغاريا، موناكو، هولندا، الجبل الأسود، بولندا، رومانيا، مولدوفا، رواندا، سلوفاكيا، سلوفينيا، مقدونيا، المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى، أيرلندا الشمالية، وتغيبت عن الجلسة أوكرانيا.
طبيعة الموقف الأوروبي ما بعد عام 2012 إلى ما قبل الحرب على غزة عام 2023: يهدف هذا الإطار إلى بيان وتحديد بعض مراحل سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية وخاصة بعد عام 2012م، وهو العام التي أصبحت فيه فلسطين عضو مراقب في الأمم المتحدة، حيث أصبح الموقف الشعبي والرسمي لبعض دول الاتحاد الأوروبي أكثر إيجابية بالنسبة للقضية الفلسطينية. حيث توالت الأحداث والسياسات الأوروبية، ويمكن تلخيص هذه المواقف بما يأتي:
دعم حل الدولتين: الاتحاد الأوروبي، ككيان، دعم باستمرار حل الدولتين كأساس لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. هذا الحل يتضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 بجانب دولة إسرائيل.
المساعدات الإنسانية والتنموية: الاتحاد الأوروبي يعد من أكبر الجهات المانحة للمساعدات الإنسانية والتنموية للفلسطينيين، خصوصاً في غزة. هذه المساعدات تشمل تقديم الدعم المالي للمشاريع الصحية والتعليمية والبنية التحتية.
إدانة العنف: كانت هناك إدانة مستمرة من الاتحاد الأوروبي لكل أشكال العنف، سواء كانت من الجانب الإسرائيلي أو الفلسطيني. أحداث الحروب في غزة (مثل حرب 2014) شهدت إدانات واضحة من الاتحاد الأوروبي للعمليات العسكرية التي تتسبب في وقوع ضحايا مدنيين.
انتقاد المستوطنات: سياسة بناء وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة كانت موضوعاً دائماً للانتقاد من قبل الاتحاد الأوروبي. الاتحاد يعتبر هذه المستوطنات غير قانونية وفقاً للقانون الدولي وعقبة أمام السلام.
سياسة الموقف المتوازن: في الوقت الحالي، يسعى الاتحاد الأوروبي للحفاظ على موقف متوازن، يعترف بحق إسرائيل في الأمن ويدين العنف ضد المدنيين الإسرائيليين، وفي نفس الوقت يدافع عن حقوق الفلسطينيين في تقرير المصير ويدين الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية.
التغيرات بعد 2017: بعد اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل في 2017، ازداد التوتر في المنطقة. الاتحاد الأوروبي رفض هذه الخطوة وأكد على أن وضع القدس يجب أن يُحدد من خلال المفاوضات.
التحركات الدبلوماسية: الاتحاد الأوروبي شارك في العديد من المبادرات الدبلوماسية لإحياء عملية السلام، والتي تهدف إلى تسهيل التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
المواقف الفردية للدول الأوروبية الأعضاء واعتراف البرلمانات الأوروبية بدولة فلسطين:
على الرغم من وجود موقف موحد نسبياً على مستوى الاتحاد الأوروبي، إلا أن هناك تباينات في مواقف الدول الأعضاء. يذكر أن السويد كانت الدولة الأوروبية الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي اعترفت بدولة فلسطين عام 2014، فضلا عن اعتراف 8 دول أخرى قبل انضمامها إلى الاتحاد، وهي بلغاريا وقبرص وجمهورية التشيك والمجر وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا ومالطا، في حين اعترفت آيسلندا والفاتيكان أيضا، وهما من خارج إطار الاتحاد. في حين أن دولاً أخرى مثل ألمانيا وفرنسا دعمت المفاوضات المباشرة بين الأطراف دون اعتراف رسمي.
حيث جاءت موجة الاعترافات والتوصيات غير الملزمة التي اتخذتها بعض البرلمانات الأوروبية للاعتراف بدولة فلسطين (على الرغم من (رمزيتها في وقت دقيق وحساس مرت به المنطقة العربية بشكل عام (حيث ثورات الربيع العربي) والقضية الفلسطينية بشكل خاص بعد العدوان الإسرائيلي علي قطاع غزة عام 2014م، ضمن حالة استياء شديدة تشهدها دول الاتحاد الأوروبي ضد ممارسات دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، ويقينها بان دولة الاحتلال الإسرائيلي هي المسؤول الرئيس عن فشل العملية السلمية، ومع زيادة التضامن مع الشعب الفلسطيني ورفض الشعوب الأوربية للسياسات التي تتبناها الحكومات الأوروبية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي .
يتضح مما تقدم، أنه وبشكل عام، يظل الموقف الأوروبي مؤيداً لحل تفاوضي وسلام دائم قائم على العدل واحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي، مع التركيز على المساعدات الإنسانية والتنموية للفلسطينيين. لكن دور الاتحاد الأوروبي السياسيّ في عمليّة التّسوية لا يزال محدودا للغاية، ولا يتوافق مع الدّعم الاقتصاديّ والماليّ الذي يقدّمه لطرفي النّزاع[27].
ومن الاستنتاجات التي توصلنا إليها بموجب ما تم طرحه: أنّه على الرّغم من الجهد المبذول من قبل الاتّحاد الأوروبيّ ليكون له دورٌ فاعل ونشط في عمليّة السّلام في الشّرق الأوسط، إلا أنّ دوره السياسيّ في عمليّة التّسوية لا يزال محدودا للغاية، ولا يتوافق مع الدّعم الاقتصاديّ والماليّ الذي يقدّمه لطرفي النّزاع، ويواجه هذا الدّور تحدياً كبيراً لعجزه تماماً عن التّأثير. ويرجع ذلك إلى عددٍ من الأسباب؛
يأتي في مقدّمتها عدم ارتياح الولايات المتّحدة نفسها لفكرة مشاركة الاتّحاد الأوروبيّ لها في صنع سياسة الغرب عامّة تجاه منطقة الشّرق الأوسط.
كما يمكن القول إنّ محدوديّة الدور الأوروبيّ ترجع أيضا إلى الأهمّية التي تمثّلها الولايات المتّحدة ودورها في تحقيق الأمن الأوروبيّ بالنّسبة إلى بعض الدّول الأعضاء في الاتّحاد.
ومن بين أسباب ضعف تأثير الاتّحاد الأوروبيّ في مسار التّسوية في الشّرق الأوسط عدم قدرته على صياغة سياسةٍ خارجيّة موحّدة، نتيجة تباين مواقف الدّول الأوروبيّة الرّئيسة الأعضاء في الاتّحاد في توجّهاتها نحو التّسوية، واعتراض إسرائيل المبدئيّ على إدخال أوروبا كطرفٍ فاعل في هذا الصّراع.
ورغم ذلك، نرى أن السياسات والمواقف الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية تطورت على مر العقود من حالة الحياد النسبي وعدم التوحد إلى موقف أكثر وضوحاً ودعماً لحل الدولتين. هذا التطور يعكس نمو الوعي السياسي والدبلوماسي الأوروبي حول أهمية إيجاد حل عادل ودائم للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
لكن بوجهة نظر مختلفة، فإن تتبع الموقف الأوروبي تاريخياً، يظهر أن هناك تحول في سياسة الدول الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية؛
حيث تدحرجت مواقف الدول الأوروبية والمجلس الأوروبي من الانكار الكامل للحقوق الفلسطينية عام 1971م
الى البدء بالاعتراف بالحقوق المشروعة للفلسطينيين عام 1973م، ومن ثم الأخذ بعين الاعتبار حاجة الفلسطينيين الى وطن عام 1977م، ثم تطورت المواقف الأوروبية مع الاعتراف الصريح بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير في اعلان البندقية 1980م، وذلك قبيل بدء المفاوضات المباشرة ما بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الإسرائيلي، وبعد ما يقارب العشرون عاماً تقدم الاتحاد الأوربي خطوة مهمة عندما أعلن التزامه بإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، ذلك في اجتماع للمجلس الأوروبي في برلين عام 1999[28].
المحور الثالث: الموقف الأوروبي من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر
على مدار أكثر من ثمانية أشهر من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فشل الاتحاد الأوروبي، الذي يعرف نفسه بأنه قوة دولية معيارية تتبع مجموعة من القيم والمبادئ القائمة على مركزية السلام والحرية والديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان في سياسته الخارجية المشتركة، في التحدث بصوت واحد بشأن هذه الحرب.
إذ أن النقطة الأبرز والتي أحدثت تحولات عميقة في المنظومة الأوروبية، كانت الحرب على غزة، ورغم أن العديد من الدول الأوروبية دعمت اسرائيل تحت تأثير الضغوط الأمريكية والبريطانية، لكن استمرار الحرب والمعاناة الإنسانية في غزة، وضعت الدول الأوروبية والتي ترفع شعار حقوق الإنسان في موقف محرج، وأدركوا متأخرين أن واشنطن ولندن استثمرت الموقف الأوروبي في تلك الحرب، الأمر الذي لم يتمكن من خلاله الزعماء الأوروبيون من اتخاذ موقف واحد بشأن الحرب في غزة أو التوصل إلى صيغة واحدة بشأنها[29].
سادت مقاربات الموقف الأوروبي، التناقض على مستوى مؤسساته الرئيسة (المفوضية، والمجلس والبرلمان) من ناحية، وعلى مستوى دوله الأعضاء التي انقسمت بين دول منحازة كليا إلى إسرائيل في الحرب وأخرى معارضة لها بدرجات متفاوتة من ناحية أخرى[30]. وقد ظهر هذا الانقسام جلياً، في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في التصويت على قرار يدعو إلى هدنة إنسانية فورية في قطاع غزة، إضافة إلى التصريحات والبيانات الرسمية الصادرة عن مؤسسات الاتحاد التي ركزت على مسألة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، في انحياز مطلق إلى إسرائيل ومسايرة لموقف الولايات المتحدة الأميركية من الحرب؛ ما يطرح مجموعة من التساؤلات عن دور الاتحاد الأوروبي بوصفه فاعلا دولياً مؤثراً، ودوره أيضا في مسار الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
حيث جاءت ردة الفعل الجماعية الأولى تجاه الحرب على قطاع غزة، حيث أعلن أوليفير فارهيلي، مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسع والجوار، إلى الإعلان في و تشرين الأول/ أكتوبر[31]، أن «جميع المدفوعات» للفلسطينيين قد علقت على الفور» وأن «جميع مقترحات الميزانية الجديدة»، بما في ذلك لعام 2023 ، جرى تأجيلها حتى إشعار آخر»، وأضاف أنه «لا يمكن أن يكون هناك عمل كالمعتاد». وهذا ما أظهر حجم التناقض والتعارض في مواقف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي؛ وهو ما قاد إلى نوع من الارتباك في المواقف في مؤسساته، حيث عارضت لوكسمبورغ واسبانيا وايرلندا ذلك.
علماً أن حجم منح الاتحاد الأوروبي ومساعداته للفلسطينيين بلغت في الفترة 2021 – 2024، 1.2 مليار دولار، اعتمد منها 809.4 ملايين دولار؛ وجرى ذلك عبر آلية الجوار والتنمية والتعاون الدولي[32].
ثم جاءت ردة الفعل الثانية، حينما زارت أورسولا فون ديرلاين “رئيسة المفوضية الأوروبية”، إسرائيل بتاريخ 13 أكتوبر 2023، وأكد بزيارتها وقوف الاتحاد الأوروبي إلى جانب إسرائيل ضد الفلسطينيين وحقها في الدفاع عن نفسها؛ وعلى إثر ذلك أرسل ما يقارب 850 موظفا من موظفي الاتحاد الأوروبي عبر العالم رسالة معارضة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية وعبروا عن معارضتهم للدعم الكامل غير المشروط لإسرائيل.
وجاءت رد الفعل الثالثة للموقف الأوروبي تجاه الحرب على غزة، بتاريخ 15 أكتوبر 2023 حيث أصدر الاتحاد الأوروبي بيان ادانة للهجمات التي شنتها المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل، على الرغم من التناقضات في مواقف الدول الأعضاء.
وفي ردة الفعل الرابعة لهذا الموقف الأوروبي، أصدر الاتحاد الأوروبي خلال قمة بروكسل بتاريخ 26 أكتوبر 2023، بيان يؤكد حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها بما يتماشى مع القانون الدولي[33].
ثم جاءت المحطة الخامسة للموقف الأوروبي، حيث أصدر جوزيف بوريل “وزير خارجية الاتحاد الأوروبي”، بتاريخ 12 نوفمبر 2023، بياناً يؤكد على إدانة المقاومة الفلسطينية، والوقوف إلى جانب إسرائيل وحقها المشروع بالدفاع عن نفسها بموجب أحكام القانون الدولي، بل وتبنى الرواية الإسرائيلية حول استخدام المقاومة للمستشفيات والجرحى دروعاً بشرية[34].
بناءً على ما سبق، نرى أن الموقف الأوروبي تجاه الحرب على غزة يعكس حالة من التناقض بين دوله الأعضاء. وعند تحليل التصريحات والبيانات التي صدرت عن مسؤوليه ومؤسساته، نجد أنها تشترك في ما يلي:
أ. «إدانة العملية العسكرية» التي نفذتها حماس “بأشد العبارات”.
ب. تأكيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بما يتماشى مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
ج. توفير المساعدات الإنسانية العاجلة والدعوة إلى مساعدة المواطنين الأشد احتياجا في قطاع غزة.
وهنا نلاحظ، أن الموقف الأوربي في تعامله مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يظهر أن الاتحاد الأوروبي تراجع عن خطابه القيمي الذي كان سائداً في مواقفه السابقة تجاه الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. سابقاً، كانت بيانات وتصريحات الاتحاد الأوروبي تعبر عن دعمه لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وتصف المستوطنات في الضفة الغربية بأنها غير قانونية، وتؤكد على أهمية الحل الدبلوماسي والمفاوضات. ومع ذلك، في تعامله مع الحرب الأخيرة، لم تتضمن بياناته أي دعوات لوقف إطلاق النار أو لإنهاء معاناة الفلسطينيين. لم تُذكر الاعتداءات الإسرائيلية أو المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية، مما يعكس توافقاً واضحاً مع موقف الإدارة الأميركية المنحاز بالكامل إلى إسرائيل.
لكن ما جرى حقيقةً، وبموجب الموقف الأوربي أن هناك انقسام في مواقف مؤسسات الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء تجاه هذه الحرب؛ حيث نتج ما بعد ذلك، تطورات حقيقية بشأن الموقف الأوروبي:
شهد الموقف الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية تحولاً ملحوظاً في الفترة الأخيرة. بعد الأحداث الدموية التي شهدها قطاع غزة، خرجت مظاهرات واسعة في مختلف الدول الأوروبية دعماً للشعب الفلسطيني وتنديداً بالسياسات الإسرائيلية. هذا الدعم الشعبي تُرجم إلى خطوات دبلوماسية ملموسة، حيث أعلنت كل من أيرلندا وإسبانيا والنرويج وسلوفينيا اعترافها الرسمي بدولة فلسطين. كما أعلنت دول أخرى، مثل مالطا، عن نيتها اتخاذ خطوة مماثلة.
هذه التطورات تمثل ثغرة في جدار الموقف الأوروبي التقليدي، الذي كان غالباً ما ينحاز إلى جانب إسرائيل. اعتراف أربع دول أوروبية بالدولة الفلسطينية يشير إلى بداية تفكك هذا الدعم المطلق، ويعكس تحولاً في السياسة الأوروبية نحو تبني مواقف أكثر توازناً في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. علاوة على ذلك، طالبت بعض الدول الأوروبية بوقف الحرب على غزة، مما يعزز من الاتجاه نحو مزيد من الاعتراف بحقوق الفلسطينيين.
إن اعتراف 4 دول أوروبية بالدولة الفلسطينية هو مؤشر على بداية تفكك الموقف الأوروبي الداعم لإسرائيل، وهو الذي تمثل أيضا بمطالبة عدد من هذه الدول بوقف الحرب على غزة، على عكس الموقف الذي تشكل إثر 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأن عدد الدول التي ستعترف بفلسطين مرشح للارتفاع، وهذا يعني أنه خلال فترة قصيرة ستكون 13 دولة أوروبية قد اعترفت بالدولة الفلسطينية من أصل 27 دولة يضمها الاتحاد الأوروبي، وهذا بحد ذاته مكسب مهم لفلسطين وللقضية الفلسطينية، حيث يبلغ الآن العدد الإجمالي للدول التي تعترف بفلسطين 146 دولة من أصل 193 دولة عضوة في الأمم المتحدة.
الدافع وراء هذا التحول لا يعود فقط إلى الأحداث الأخيرة، بل يعكس أيضاً رغبة دولية في معاقبة إسرائيل على ارتكابها مجازر ضد الإنسانية وجرائم حرب دون محاسبة. في هذا السياق، صرح رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز بأن “رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ليس لديه مشروع سلام لفلسطين”. هذا التصريح يعكس الإحباط الأوروبي من سياسات إسرائيل الحالية[35].
بناءً على هذه التطورات، يمكن التوقع بأن علاقات إسرائيل مع الجانب الأوروبي ستشهد أزمات متتالية، خاصة مع استعداد حكومة الاحتلال لاتخاذ إجراءات دبلوماسية ضد الدول التي تعترف بدولة فلسطين. هذه التحولات تشير إلى تغير ملموس في الساحة الدبلوماسية الدولية، حيث يصبح الاعتراف بحقوق الفلسطينيين جزءً أساسياً من السياسة الخارجية للعديد من الدول الأوروبية، وهذا يعني أن علاقات إسرائيل مع الجانب الأوروبي ستذهب إلى أزمات متتالية، خصوصا مع استعداد حكومة الاحتلال لاتخاذ إجراءات دبلوماسية ضد الدول المعترف بها (دولة فلسطين).
الخاتمة:
بينما تؤكد المؤسسات الأوروبية على ضرورة التفاوض والحل السلمي، تصدر عن بعض الدول الأعضاء مواقف أقوى وأكثر جرأة في الاعتراف بدولة فلسطين أو التنديد بالإجراءات الإسرائيلية. هذا التوازن المعقد يعكس محاولات أوروبا الحفاظ على دور محوري ومتوازن في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، إلا أن الانقسامات الداخلية تضعف من تأثير هذه المواقف.
إن التحركات الشعبية والدبلوماسية الأخيرة، بما في ذلك اعتراف بعض الدول الأوروبية بدولة فلسطين، تشير إلى تحول تدريجي نحو دعم أكثر وضوحاً للحقوق الفلسطينية. مع ذلك، فإن هذا التحول يواجه تحديات كبيرة في ظل الانقسامات الأوروبية والتوازنات السياسية الراهنة. في المجمل، يبقى الموقف الأوروبي متعدد الأوجه، يحاول التوفيق بين مبادئه القيمية وضغوطات السياسة الواقعية.
مع ذلك، فإن هذا التحول يواجه تحديات كبيرة في ظل الانقسامات الأوروبية والتوازنات السياسية الراهنة. الدول الأوروبية المنتقدة للاعتراف بدولة فلسطين ترى أن مثل هذه الخطوات قد تفسر كمكافأة لجماعات مثل حماس، مما يعقد المشهد الدبلوماسي. في المقابل، تصريحات القادة الأوروبيين مثل رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، الذي أشار إلى أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لا يمتلك مشروع سلام لفلسطين، تعكس الإحباط الأوروبي من سياسات إسرائيل الحالية.
في المجمل، يبقى الموقف الأوروبي متعدد الأوجه، يسعى إلى التوفيق بين مبادئه القيمية وضغوطات السياسة الواقعية. إن الاعتراف المتزايد بدولة فلسطين بين الدول الأوروبية، رغم تحدياته، يمثل مكسبًا مهمًا للقضية الفلسطينية ويشير إلى بداية تفكك الدعم المطلق لإسرائيل داخل الاتحاد الأوروبي. من المرجح أن تؤدي هذه التحولات إلى أزمات دبلوماسية متتالية مع إسرائيل، خاصة مع استعداد حكومة الاحتلال لاتخاذ إجراءات ضد الدول التي تعترف بدولة فلسطين. هذا السياق يعزز من أهمية الاتحاد الأوروبي كلاعب رئيسي في الجهود الدولية لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
أرجو أن أكون قد وفقت في طرحي، فإنني آمل أن تكون هذه الخاتمة قد أوضحت التعقيدات والتناقضات التي تتسم بها المواقف الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية والحرب على غزة، مع إبراز الأهمية المتزايدة لدور الاتحاد الأوروبي في تعزيز حقوق الفلسطينيين والسعي لتحقيق السلام في المنطقة.
[1] أسر رعايا الاتحاد الأوروبي – الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي / المنطقة الاقتصادية الأوروبية، أنظر في، 2024. https://urlz.fr/s8iV
[2] القضية الفلسطينية: حكاية الصمود والبحث عن الحقوق، منشورة عبر منصة TRT عربي، نشرت بتاريخ 2023/11/6، أنظر في ا: https://www.trtarabi.com/، تاريخ الزيارة: 2024/6/13، الساعة: 9:30 PM.
[3] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، احصائيات أعداد الشهداء في قطاع غزة والضفة الغربية، نافذة مستمرة، متاح عبر الرابط التالي: https://urlr.me/pb2Yd
[4] “Palestine Royal Commission (“Peel Commission”) – UK report/non-UN document (1 July 1937)”. unispal.un.org.
[5] The roots of separatism in Palestine: British economic policy, 1920-1929, Barbara Jean Smith, Syracuse University Press, 1993.
[6] “A/RES/181(II) of 29 November 1947”.
[7] Marjorie M. Whiteman, Digest of International Law, US State Department ,Washington, DC: U.S. Government Printing Office, vol. 1,1963, pp 650–652.
[8] الاعتراف بالدولة الفلسطينية والقانون الدولي، معهد العربية للدراسات والتدريب، متاح عبر الرابط التالي: https://urlz.fr/s8ja، تاريخ الزيارة: 2024/6/14، الساعة: 4:20 AM.
[9] الموقف الأوروبي من مبادرات التسوية السلمية للقضية الفلسطينية، قسم الأرشيف والمعلومات – مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت، لبنان، منصة باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية، 2012، أنظر في: https://urlz.fr/s8jf، تاريخ الزيارة: 2024/6/14، الساعة: 4:38 AM.
[10] الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية، مؤتمر القمة العربي السابع، الرباط، 29 تشرين الأول/ أكتوبر 1974، متاح عبر الرابط التالي: https://urlr.me/RpHBt
[11] منظمة التحرير الفلسطينية، قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن فلسطين، متاح عبر الرابط التالي: https://www.hrcs.plo.ps/.
[12] The promise of alliance: NATO and the political imagination. Via: https://urlz.fr/s8jp.
[13] إعلان البندقية 1980، منشور عبر منصة المعرفة، متاح عبر الرابط التالي: https://www.marefa.org/.
[14] جان بيير فيليو، ميتران وفلسطين، منصة البيان، بتاريخ 15 مايو 2006، متاحة عبر الرابط التالي: https://urlz.fr/s8jr، تاريخ الزيارة: 2024/6/14، الساعة: 6:53 AM.
[15] مؤسسة الدراسات الفلسطينية، دراسة بعنوان: حرب لبنان 1982، نشرت بتاريخ 2023/6/6، https://urlr.me/KDCFL
[16] وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية “وفا”، وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطينية، 1988، رام الله – فلسطين، متاحة عبر الرابط التالي: https://urlz.fr/s8jB، تاريخ الزيارة: 2024/6/14، الساعة: 6:58 AM.
[17] مؤتمر مدريد، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار”، موسوعة المصطلحات، متاحة عبر الرابط التالي: https://urlr.me/mdrpK تاريخ الزيارة: 2024/6/14، الساعة: 7:00 AM.
[18] 30 عاما على اتفاقية أوسلو: حلم لم يكتمل وسلام لم يتحقق، DW الألمانية، بتاريخ 2023/9/13، متاحة عبر الرابط التالي: https://www.dw.com/ar، تاريخ الزيارة: 2024/6/14، الساعة: 7:30 AM.
[19] الجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشؤون الدولية، مذكرة واي ريفر، 23 تشرين الأول 1998، فلسطين، متاحة عبر الرابط التالي: https://urlr.me/DMtWj، تاريخ الزيارة: 2024/6/14، الساعة: 7:10 AM.
[20] وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية “وفا”، انتفاضة الأقصى- أيلول 2000، رام الله –فلسطين، متاحة عبر الرابط التالي: https://urlr.me/qC3ZV، تاريخ الزيارة: 2024/6/14، الساعة: 5:25 AM.
[21] الموقع الرسمي للأمم المتحدة، زاوية قضية فلسطين: المجموعة الرباعية، متاحة عبر الرابط التالي: https://urlr.me/w5rPk
[22] وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، انسحاب اسرائيلي احادي الجانب من غزة، متاح عبر الرابط التالي: https://urlz.fr/s8jN.
[23] لقاء لندن خطوة صغيرة ملموسة لتفعيل عملية السلام، صحيفة الرأي الأردنية، نشرت بتاريخ 2005/3/3، متاحة عبر الرابط التالي: https://alrai.com/، تاريخ الزيارة: 2024/6/14، الساعة: 8:10 AM.
[24] مبادرة أوروبية للسلام وتصعيد إسرائيلي بالضفة والقطاع، موقع الجزيرة نت، نشر بتاريخ 2006/11/16، متاح عبر الرابط التالي: https://urlr.me/rJy91، تاريخ الزيارة: 2024/6/14، الساعة: 8:15 AM.
[25] هاني المصري، مبادرة السلام الأمريكية، مركز مسارات الرسمي، متاحة عبر الرابط التالي: https://urlz.fr/s8jV، تاريخ الزيارة: 2024/6/14، الساعة: 8:20 AM.
[26] الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية، قرار الجمعية العامة رقم 67/19، 29 تشرين الثاني 2012، متاح عبر الرابط التالي: https://urlz.fr/s8jW
[27]موقف الاتحاد الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية في القترة من 1993 إلى 2009، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، معهد الدوحة، الجزيرة نت، بتاريخ 2011/11/2.
[28] أحمد عبد الكريم أبو هجرس، سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية، مجلة اتجاهات سياسية، العدد 23، حزيران، 2023، ص36.
[29]حسين مرهج، أوروبا وتداعيات الحرب في غزة، متاحة عبر الرابط التالي: https://urlz.fr/s8k3، تاريخ الزيارة: 2024/6/15، الساعة: 6:28 AM.
[30] أحمد قاسم حسين، مقاربة للحرب الإسرائيلية على غزة: صراع القيم والمصالح، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ص1.
[31] أنظر تغريدته عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس”، 2023/10/9 .
[32] أحمد قاسم حسين، مرجع سابق، ص1.
[33] European Council Conclusions on Middle East. European Council, 2023.
[34] Statement by the High Representative on Behalf of the European Union on Humanitarian Pauses in Gaza, European Council. 2023.
[35] ماجد إبراهيم، الاعتراف بدولة فلسطين: السياقات والدلالات والمكاسب المحتملة ، أنظر في : https://urlz.fr/s8ka