أمنيةتحليلات و تقديراتفعاليات

دور أجهزة الاستخبارات في الحرب الروسية ـ الأوكرانية

اللواء دكتور/ أمين مجذوب

هذا التحليل هو جزء من مداخلة أساسية قدمها اللواء الركن د. أمين مجذوب، ضمن أعمال الندوة الدولية التي نظمها مركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية يومي 9 و10 مارس/ آذار 2023 حول “الحرب الروسية ـ الأوكرانية: التحولات والتداعيات والمسارات”.

لعبت أجهزة الاستخبارات في دول العالم دوراً أساسياً في الديناميات السياسية والعسكرية الراهنة للحرب الروسية – الأوكرانية، لكن الدور الهام في كيفية التنبؤ باندلاع الصراع وتهيئة شعوب الطرفين الروسي والأوكراني… قبل نشوبها، واستطاعت أجهزة الاستخبارات الغربية استخدام وسائل الإعلام لصالح الحرب المحتملة في أوكرانيا من خلال رصد الحشد العسكري الروسي على حدود أوكرانيا والتقييمات المختلفة لتحركات موسكو في زعزعة الاستقرار داخل كييف.

هذا التنبؤ الاستباقي احد اهم أدوار أجهزة الاستخبارات في العصر الحالي في منع التهديدات وردع الخصوم أو الحد من أي صراعات مسلحة وهو ما يمثل آلية جديدة في التفاعلات الدولية، وقد تم توظيف حرب المعلومات في الصراع الاوكراني – الروسي  بهدف توريط روسيا وتدميرها اقتصاديا..

وسائل حرب المعلومات الاستخبارية

المعلومات ذات التأثير على الرأي العام الداخلي

المعلومات ذات الطابع الاستراتيجي التي يتم جمعها عن إحدى الدول بقصد التأثير على الرأي العام الخارجي..

المعلومات المضللة عن قصد والهادفة للتأثير السلبي على الرأي العام الخارجي عبر تكتيك الخداع.

من هنا تم تطويع أجهزة الاستخبارات للتأثير على القضايا التي تشغل الرأي العام العالمي، وهو اتجاه ليس وليد اللحظة الراهنة، إذ برز في خضم الصراعات في حرب الخليج الثانية والصراع الأمريكي – الإيراني بشأن برنامج طهران النووي، تم ذلك بصور الأقمار الصناعية لمحطات الطاقة النووية الإيرانية بهدف توضيح  تلك المحطات وتأثيرها على الأمن الإقليمي، وذلك لممارسة ضغط عالمي على إيران..

استخدمت واشنطن وحلفاؤها نفس الاسلوب في نشر التقارير الاستخباراتية، سواء قبل أو بعد نشوب الحرب الروسية – الأوكرانية الراهنة حول قدرات الجيش الروسي وروحه المعنوية مع التركيز على اتهام موسكو بارتكاب جرائم الحرب في أوكرانيا.

أدوار أجهزة الاستخبارات في الحرب الروسيه الاوكرانبة

نشر المعلومات الاستخباراتية للجمهور بصورة مباشرة عبر صانعي السياسات وموظفي الخدمة المدنية أو الخبراء الأمنيين. واستخدمت بريطانيا هذا النهج خلال هجوم بالأسلحة الكيماوية في الحرب الأهلية السورية عام 2013، وكذلك نشر الحكومة الأمريكية تقارير استخباراتية حول حادث مقتل الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018.

–  تبادل المعلومات السرية، بين الحلفاء في المعسكر الواحد

تمرير التقارير والمعلومات الاستخباراتية عبر الوسطاء غير الحكوميين المستقلين ذوي التأثير على الرأي العام (القنوات الإعلامية ووسائل التواصل المختلفة والصحفيين والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني)….

– وظفت أجهزة الاستخبارات الغربية الاوكرانية عملية نشر المعلومات الاستخباراتية قبيل نشوب الحرب الأوكرانية في فبراير 2022 لتسليط الضوء على التحركات الروسية على الحدود الأوكرانية واستهدافها نشر الفوضى وتغيير الحكومة في كييف

تزامن ذلك مع الدبلوماسية المكوكية والتلويح بفرض عقوبات اقتصادية والمساعدة الأمنية الغربية لأوكرانيا وذلك لردع التحركات الروسية إزاء أوكرانيا.

عرض الأنشطة الروسية المتوقعة في أوكرانيا لتهيئة الرأي العام وردع موسكو عبر كشف مخططها قبل الحرب….

نلاحظ ان التدخل الاستخباري لم ينجح في منع نشوب الصراع ، لكنه دفع الغرب لدعم أوكرانيا والضغط على روسيا وتأهب حلف الناتو وتعزيز موقف دولي داعم للتحركات الغربية لدعم أوكرانيا.

ركزت الجهود الاستخباراتية الغربية أيضاً خلال الحرب الأوكرانية على كل من روسيا والصين، إذ انتشرت التقارير بصورة مبكرة حول التجنيد الروسي لمرتزقة أجانب وتراجع الروح المعنوية العسكرية ومشكلات التماسك والقيادة والسيطرة في الجيش الروسي، و المشاركة الصينية في التخطيط الروسي….

قدَّمت أوكرانيا بدعم بريطاني- أمريكي تقييمات استخباراتية لوسائل الإعلام تزعم أن الصين دعمت روسيا بهجمات إلكترونية واسعة النطاق على الجيش الأوكراني قبل نشوب الصراع

وأحرج هذا الكشف كلاً من روسيا والصين بينما ساعد في تجنب الانتقادات المحلية والدولية لدعم أكثر حزماً لأوكرانيا والعقوبات ضد روسيا باعتبارها “عدواناً غربياً“.

خاتمة

عملت الأجهزة الاستخباراتية على الحديث عن الإجراءات والقدرات والنوايا الروسية، مما ساهم في مزيد من الضغط على الحلفاء الذين كانوا مترددين في اتخاذ إجراءات صارمة ضد روسيا، مثل ألمانيا وفرنسا اللتين تتخذان موقفا استراتيجياً مرناً وأقل عدائية تجاه روسيا

تبع ذلك إصدار بيانات عامة ومفصَّلة ومنتظمة حول الخطط والإجراءات الروسية، وكشف أبعاد تأثير التدخل الروسي في أوكرانيا على ملف الطاقة، خاصة خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2، مع رفض الرواية الروسية حول الحرب، مثل الإبادة الجماعية في دونباس ووصفها بالمغالطة.

admin 2

مركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية: مؤسسة فكر وتخطيط استراتيجي تقوم على إعداد التقديرات وتقديم الاستشارات وإدارة المشروعات البحثية حول المتوسط وتفاعلاته الإقليمية والدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى