سياسية

منظمات المجتمع المدني الليبي بين صنع السلام وتفعيل الدور الخارجي

د.حورية قصعة

علاقات دولية وتعاون، جامعة قالمة، الجزائر.

د.عز الدين نميري

علاقات دولية وتعاون، جامعة قالمة، الجزائر.

ملخص:

يهدف هذا البحث  إلى تسليط الضوء على الأدوار الرئيسية التي يمكن  أن يؤديها الفاعلون السياسيون المحليون في ليبيا،  بما في ذلك منظمات المجتمع المدني المتنوعة، في الاستجابة للنزاع والتعامل مع تداعياته، وكذلك رصد الآليات والأساليب الرئيسية المستخدمة في مختلف مراحل تطور النزاع، بهدف تعزيز استدامة السلام والأمن. يتم ذلك عن طريق استخدام الآليات والميكانيزمات الملائمة مثل المشاركة في عمليات التنمية والإغاثة الإنسانية، وتعزيز حقوق الإنسان، …إلخ.

وفي  هذا السياق، يظهر المجتمع المدني بوضوح كقوة مقاومة للأنظمة القمعية، حيث يلعب دوراً حيوياً في تنظيم الحركات الجماهيرية من أجل تحقيق التغيير. كما يمتلك المجتمع المدني القدرة على إبراز حالات الاضطهاد، مما يؤدي إلى فقدان الشرعية للأنظمة الدكتاتورية. بالإضافة إلى ذلك، يتمتع بقدرة فريدة على إقناع الرأي العام وصناع القرار بالاستجابة بشكل بناء للتحديات والمشكلات، والتحديات الهيكلية التي تؤدي إلى نشوب الصراعات. كما يُظهر المجتمع المدني استعداداً لاتخاذ إجراءات فورية لدمج الشباب وإشراكهم في نشر ثقافة الحوار والسلام، والسماح لهم بالمشاركة الفعّالة في آليات بناء السلام المختلفة.

الكلمات المفتاحية: المجتمع المدني، صنع السلام ، ليبيا، الدور الخارجي.

مقدمة:

بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي سنة 2011، شهدت ليبيا وضعاً أمنياً متردياً  تأثرت منه  المنطقة بأسرها، من الساحل الإفريقي إلى شمال قارة افريقيا، وامتدت تداعياته إلى شمال المتوسط. أصبح هذا الوضع هاجساً أمنياً  كبيراً للقوى الإقليمية والدولية. فقد برزت العديد من الأطراف السياسية  المسلحة التي تسعى إلى توسيع نفوذها وسيطرتها على المشهد الليبي. وذلك بهدف  تنفيذ أجنداتها ورؤاها لتحقيق الأمن والاستقرار، وغالبًا ما تخلو من مراعاة خصوصيات التركيبة الاجتماعية والسياسية والثقافية للشعب الليبي.Formun Üstü

وفي ظل التغيرات الجذرية التي تشهدها ليبيا نحو الديمقراطية في الوقت الحالي، كإجراء الانتخابات وصياغة دستور جديد، تعتبر صعوبة  التحول عاملاً  أساسياً يجب التصدي له،  يتطلب ذلك على النخب السياسية والشخصيات الوطنية المنتمية لمؤسسات المجتمع المدني العمل على تنظيم أنفسهم والجلوس على طاولات حوار للبحث عن حلول ووضع آليات تتماشى مع الخصوصيات التي يتميز بها المجتمع الليبي، والسعي لتحقيق الاستقرار والأمن والمحافظة على ليبيا موحدة بعيداً عن الطرح  والتصور الخارجي.  

من هذا المنطلق يمكن طرح الاشكالية الآتية:  كيف يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تشكل ميكانيزم محوري لصنع السلام في الداخل الليبي وتفعيل الدور الخارجي الليبي؟.

أولاً: واقع منظمات المجتمع المدني في ليبيا

يركز هذا الجزء من الدراسة على تركيبة وخصوصية المجتمع المدني الليبي ومكانة القبيلة ضمن هذا البناء.

1-تركيبة المجتمع المدني الليبي:

يعد استخدام مفهوم  المجتمع المدني في ليبيا جديداً نسبياً؛  بالرغم من وجود منظمات ومبادرات مدنية  خلال العهد الملكي بما في ذلك الكشافة الليبية والمنظمات النسوية بالإضافة إلى المنظمات الخيرية. وبعد عام 1969 تم تقيد حرية التجمع وحرية التعبير وحصر نشاط منظمات المجتمع المدني على الأعمال الخيرية وذلك من طرف النظام، لتستأنف المنظمات الحقوقية العمل تزامناً مع مشروع ليبيا الغد وإنشاء مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية في عام 2003 بقيادة سيف الإسلام القذافي والتي ضمت العديد من الحقوقيين البارزين في تلك الفترة.

رغم الدور الرئيسي الذي لعبته منظمات المجتمع المدني في دعم الثورة والمراحل الانتقالية في ليبيا خاصة بداية عام 2011، حيث كانت مشاركتها حيوية في  تقديم الدعم الإنساني وتعزيز الديمقراطية، مع ذلك فإن هذا الدور بدأ يتراجع بسرعة بعد اشتداد الصراع المسلح في عام 2014، حيث تعرض المدافعون عن حقوق الإنسان والنشطاء للاستهداف والاعتداء. وشهدت السنوات التي تلت هذا النزاع تراجعاً كبيراً في عمل منظمات المجتمع المدني حيث اضطر معظمها إلى إيقاف أعمالها أو الهجرة إلى خارج البلاد خوفاً على سلامة نشطائها، ومع ذلك بدأت هذه المنظمات في استعادة نشاطها واستئناف أعمالها بشكل أكبر منذ عام 2016 بالرغم من استمرار التحديات والصعوبات التي تواجهها.      

حسب التقرير الأخير الصادر عن مفوضية المجتمع المدني، فقد بلغ إجمالي عدد منظمات المجتمع المدني المسجلة في ليبيا 5415 منظمة، 37٪ منها في طرابلس، و20٪ في بنغازي، و3.4٪ في سبها، يندرج نشاط معظم هذه المنظمات ضمن مجال الأعمال الخيرية بنسبة 14. 52٪، و11.83٪ تعمل في مجال التنمية الاجتماعية، بينما 9.39٪ تعمل في  مجال إصلاح القانون وحقوق الإنسان[1].

2- أهمية القبيلة في المجتمع الليبي :

تعتمد الهوية الاجتماعية في المجتمع الليبي بشكل كبير على المركب القبلي، حيث تشكل القبيلة جزءاً أساسياً من الهوية الشخصية والاجتماعية للفرد. وتتنوع القبائل في ليبيا من حيث الأصول والتكوين العرقي، حيث تضم مجموعات بشرية من أصول أمازيغية وعربية وتركية وإفريقية. وتقدم القبيلة لأفرادها الأمان والحماية وتوفر لهم فرصًا للعيش الكريم[2].

وتتميز تركيبة المجتمع الليبي بشدة انتماء الأفراد للقبيلة، حيث تشير بعض الإحصائيات إلى أن 90٪ من الليبيين يشعرون بالانتماء للقبيلة. وتبلغ نسبة القبائل في ليبيا حوالي 140 قبيلة، وتمتد جغرافيا عبر الحدود مع دول أفريقية أخرى مثل تونس والجزائر ومصر وتشاد والنيجر. وتمثل القبائل العربية نسبة تقارب 97٪ من إجمالي عدد القبائل، بينما لا تتجاوز القبائل الأمازيغية 03٪[3].

تعكس التركيبة الاجتماعية  في ليبيا التنوع والتعددية، وتؤثر القبيلة بشكل كبير على الهوية والتكوين الاجتماعي للأفراد، عرفت التركيبة القبيلة في ليبيا خلال التاريخ الحديث والمعاصر تطورات عديدة، حيث برزت السنوسية كحركة دينية إصلاحية في إقليم برقة منذ عام 1853، ثم امتدت غربًا وجنوبًا.

وعندما غزا الإيطاليون ليبيا في عام 1911، عملت القبائل الليبية على توحيد حركة المقاومة المسلحة ضد الاحتلال. وهكذا، تميزت الحقبة التاريخية الحديثة والمعاصرة في ليبيا بحضور مكثف للتحالفات القبلية. وقد دفعت هذه الظاهرة الباحثين في الشأن الليبي إلى التأكيد على أنه لا يمكن دراسة ممارسة السلطة بمعزل عن الظاهرة القبلية، التي طالما كان حضورها فعالًا ومؤثرًا في الأحداث الاجتماعية والسياسية في البلاد. تعكس التركيبة الاجتماعية في المجتمع الليبي التنوع والتعددية، وتؤثر القبيلة بشكل كبير على الهوية والتكوين الاجتماعي للأفراد. وخلال التاريخ الحديث والمعاصر، شهدت التركيبة القبلية في ليبيا تطورات عديدة.

Formun Üstü

منذ سنة 1853 برزت السنوسية كحركة دينية إصلاحية في إقليم برقة، وانتشرت  لتشمل مناطق غربية وجنوبية أخرى. وعندما غزا  الايطاليون ليبيا عام  1911، عملت القبائل الليبية على توحيد حركة المقاومة المسلحة ضد الاحتلال، وهكذا تميزت الحقبة التاريخية الحديثة والمعاصرة في ليبيا بحضور مكثف للتحالفات القبلية، وقد دفعت هذه الظاهرة الباحثين في الشأن الليبي إلى التأكيد على أنه لا يمكن دراسة ممارسة السلطة بمعزل عن الظاهرة القبلية، التي طالما كان حضورها فعالاً ومؤثراً في الأحداث الاجتماعية  والسياسية في البلاد [4].

ثانياً: الدور المحوري لمشاركة المجتمع المدني الليبي في الاستجابة للنزاع

إن الأزمة الليبية تمثل أزمة حكم تتقاطع فيها الصراعات القبلية مع مصالح الميليشيات المسلحة التي تمتد حتى منطقة الساحل الإفريقي. جغرافياً تنقسم إلى ثلاث مناطق هي ( فزان، برقة، طرابلس)، ومن الناحية السياسية، تتداخل الكثير من الأطراف والقوى الخارجية،  تحاول الهيمنة والسيطرة على مركز صناعة القرار السياسي، والتأكيد على جعل تصوراتها هي المرجع لوضع الحلول وهندسة السلم والأمن في ليبيا.

ومن الواضح أن الجهات الفاعلة في المجتمع المدني وحدها نادراً ما تكون قادرة – إن وجدت – على تغيير وضع أوسع للنزاع العنيف بمفردها. ومع ذلك يبدو أيضاً أنه من الصعب للغاية – إن لم يكن مستحيلاً- على الحكومات والمنظمات الحكومية الدولية تعزيز أو تحقيق سلام إيجابي دائم -كما أشار إلى ذلك يوهان غالتونغ -دون مشاركة السكان على نطاق أوسع في المجتمع المتضرر من النزاع[5].

تتشكل ديناميكيات الصراع عن طريق ردود الأفعال التفاعلية للأفراد على المواقف التي يواجهونها، وبالتالي  فإن الصراع ينبع أساساً من خلال الفاعلية البشرية.  ونتيجة لهذه الخاصية، يمكن أن تكون النزاعات أكثر عرضة للتغيير من الأنواع الأخرى من الظروف الهيكلية والبيئية التي تولد ضغوطًا في النظم الاجتماعية. من أجل تحويل الصراع،  يجب  تغيير المواقف والسلوكيات التي تعزز الصراع، وتطوير استراتيجيات قابلة للقبول من الطرفين لمعالجة قضايا الصراع الرئيسية. وفي النهاية، يتضمن  ذلك العمل إحداث تغييرات في الأفراد، على الرغم  من أن التغييرات في الظروف الهيكلية ضرورية أيضًا على المدى الطويل.

من بين أبرز نقاط القوة التي تتمتع بها  منظمات المجتمع المدني هي قدرتها على دعم التغييرات في كيفية استجابة الناس للنزاع، وتوجيه الانتباه إلى الأسباب الكامنة وراء الصراع التي تحتاج إلى معالجة إذا كانت هناك حاجة لدعم السلام المستدام والعادل. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك الجهات الفاعلة في المجتمع المدني القدرة على أن  تلعب دوراً مهماً في زيادة الوعي بتكاليف استمرار الصراع والفرص والوسائل  المتاحة للبحث عن مخرج من خلال المشاركة البناءة مع المعارضين.

ونتيجة لتفاقم المعضلة الأمنية في ليبيا، والتي تشكل تهديداً حقيقياً للمنطقة ككل، فإنه من الضروري أن تتحرك مؤسسات المجتمع المدني الليبي للمساهمة في جهود صناعة السلام، وذلك من خلال  الدعوة إلى الحوار بين الأطراف المتحاربة والعمل على وضع  آليات وميكانيزمات لبناء تصور توافقي يعزز من عمليات المصالحة بين كل الأطراف المتناحرة. ويبدو أن  المقاربة الجزائرية تتناسب إلى حد بعيد مع هذا الطرح الذي يدعوا الجميع إلى ضرورة الجلوس على طاولة الحوار بين كل الفرقاء لإعادة استتباب الأمن والسلم في البلاد بأسرها.

ويمكننا من خلال هذا الجزء من الدراسة، رصد بعض المؤشرات على تفعيل دور المجتمع المدني في صنع السلام الداخلي، مما يخلق إعادة إحياء الدور الخارجي (على الأقل إقليميا في الوقت الراهن):

 بعد تصاعد العنف، عملت منظمات المجتمع المدني على تنظيم نفسها للتركيز على بناء السلام والخدمات العامة والمصالحة، وعلى الرغم من التحديات التي شكلها العنف المتقطع  في السنوات التالية، فقد لعبت منظمات المجتمع المدني دوراً مميزاً وحاسماً في تعزيز السلام الليبي ودعم العملية الانتقالية. وقد شمل دورها  حل النزاعات والمساهمة في كتابة الدستور، بالإضافة إلى دعم إعادة توطين النازحين داخليًا، وهو ما ساهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.

كما أن النجاحات التي حققتها ليبيا مؤخراً في تصميم حوار سياسي وطني بعد وقف إطلاق النار ترتكز على وجود قوي بشكل استثنائي لمنظمات المجتمع المدني، التي تعمل كعوامل لتحقيق الاستقرار المحلي. تعود جذور هذه المنظمات إلى حركة العدالة  والمساءلة عام 2011. ووفقاً لدراسة أجرتها جامعة برانديز فإن هناك حوالي 2000 منظمة مجتمع مدني نشطة في ليبيا اعتباراً من 2014. وقد توسعت هذه المكاسب في السلام أفقياً للتأثير على المجتمعات والمنظمات الأخرى.

 تعكس هذه المكاسب في السلام النجاحات التي تحققت من خلال  مشروع سوق عبر القبائل بقيادة منظمات المجتمع المدني في أوباري، حيث أسهم هذا المشروع  في إحياء المدينة التي تعرضت لأعمال عنف التبو والطوارق. وقدم المشروع مساحة شاملة يوفر مساحة شاملة للتطبيع من خلال التجارة، ويعكس هذا النموذج الفرص الفعلية للتفاعل والتجارة والتي يوفرها سوق أوباري للسكان المحليين.

 يظهر هذا النموذج الفريد فعالية المشاريع المجتمعية والتعاون بين المجموعات،  حيث ساهمت منظمات المجتمع المدني ليس فقط في تخفيف اليأس المحلي والنزوح،  ولكن أيضاً في زيادة الثقة المجتمعية العامة بين أعضاء المنظمات مقارنة بالليبيين غير المنتسبين[6].

كما أظهر بناء السلام الذي تقوده منظمات المجتمع المدني في ليبيا أيضاً علامات على التوسع الرأسي من خلال التأثير على المؤسسات والحوارات الوطنية. ففي 2018 ، لعبت منظمات المجتمع المدني دوراً حاسماً في إطلاق عملية المؤتمر الوطني الليبي المدعومة من الأمم المتحدة. كانت هذه العملية  تشاور واسع النطاق يهدف إلى إشراك أكبر عدد ممكن من الأصوات الليبية في حوار حول مستقبلهم الجماعي، أما أول جهد تصاعدي في حوار وطني شمل حزب المؤتمر الوطني رسمياً 9000 ليبي مع مشاركة أكثر من 1.8 مليون شخص آخر عبر الإنترنت، وعلى الرغم من أن نشاطات حزب المؤتمر الوطني قد تعطلت بسبب هجوم الجيش الوطني الليبي في أفريل 2019؛ إلا أنه خلق زخما كافيا لإطلاق منتدى الحوار السياسي الليبي بقيادة الأمم المتحدة (LPDF) في عام 2020[7].

تم ترجمة التقدم المحرز نحو إعادة الهيكلة المؤسسية والتحول السياسي إلى تحسينات قابلة للقياس في الوضع الإنساني في ليبيا – وهو عامل رئيسي لظهورها في قائمة FSI الأكثر تحسنًا لعام 2022، وفي إطار التوجه نحو تحقيق عوامل الشرعية الديمقراطية، والاستقرار المحلي، ووقف إطلاق النار الدائم، يتوقع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UN OCHA) أن عدد الليبيين سيتزايد، بينما تعمل منظمات المجتمع المدني على استعادة التماسك المجتمعي وتعمل الدولة على التوفيق بين الفصائل المتحاربة، بدأ النازحون داخلياً في العودة بأمان إلى مواطنهم الأصلية، فقد سجل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) انخفاضاً في عدد النازحين داخليًا بنحو الربع من 278000 في بداية عام 2021 إلى 213000 بحلول النهاية تدعم بيانات 2022 FSI هذا الاتجاه حيث تظهر تحسنًا بنسبة 0.3 في مؤشر اللاجئين والنازحين مقارنة بمؤشر 2021 FSI، كما سهلت الظروف الإنسانية المحسنة ومستويات العنف المنخفضة نسبياً حدوث تحسن بمقدار 0.3 نقطة في مؤشر رحلة البشر واستنزاف الأدمغة[8].

ثالثاً: دور المجتمع المدني الليبي في صنع السلام وتعزيز الدور الخارجي

يعتبر دور المجتمع المدني المنظم معقداً ومثيراً للجدل بشكل متزايد في الاستجابات العملية للنزاع المسلح، من جهة أخرى  هناك إحجام في العديد من الحكومات وبعض المنظمات الدولية عن الاعتراف بدوره كأبرز فاعلين في السياسة بشقيها الداخلي والخارجي. تاريخياً كان السلام والأمن يعتبران الاختصاص الوحيد  وحتى المبرر الدائم  للدول. وبالتالي فإن كفاءة منظمات المجتمع المدني (CSOs) على تعزيز السلام والأمن هي موضع اعتراض في العديد من الأحيان، بحجة أنها تزيد من تعقيد التحديات المعقدة بالفعل وتشكل  تهديدًا للامتياز السيادي للدول في الحفاظ على احتكارها الأمني. طرح هذا الرأي من قِبل العديد من النقاد، حيث يُعتبرون أن منظمات المجتمع المدني أصبحت موظفين متواطئين في الحروب الإنسانية التي تقودها الولايات المتحدة في البوسنة وكوسوفو وحتى في الحرب على الإرهاب في العراق، وذلك كأداة من أدوات مشروع جيوسياسي بقيادة الغرب[9].

ويتم مواجهة هذا النقد من قبل أولئك الذين يجادلون بأن “درجة التعقيد وحجم وتنوع الصراع العنيف يعني أنه لا يوجد كيان بمفرده يمكنه أن يأمل في مواجهة التحدي المتمثل في ضمان السلام المستدام”[10]، وقد تم تأكيد هذا الرأي من خلال المداولات الدولية حول قضايا السلام والأمن، وقد أدى هذا الاعتراف الرسمي إلى زيادة المساحة والموارد لبناء السلام في المجتمع المدني.

وقد تعددت أشكال استجابة المجتمع المدني للنزاع، وهي استجابات ذات دوافع ذاتية ومنظمة ذاتياً بشكل أساسي كنتيجة لفشل الدولة في الاستجابة بشكل مناسب للمظالم المنتشرة أو توفير الحماية الكافية، وغالباً ما تحدث هذه التعبئة الذاتية من خلال الأشكال الحالية للتنظيم الاجتماعي بدءاً من المؤسسات الدينية والهياكل التقليدية / العرفية إلى المنظمات غير الحكومية الحديثة والمنظمات النسائية والشبكات الأكاديمية، فعلى الرغم من أنها جهود محلية بشكل أساسي؛ إلا أنها قد تتلقى الإلهام والتضامن من نظرائها في المجتمع المدني العالمي، والدعم من المنظمات غير الحكومية المتخصصة في بناء السلام، والموارد من المانحين على المستويين المحلي والدولي.

أساليب بناء السلام في المجتمع المدني تتميز بتركيزها على الاستجابات غير العسكرية للنزاعات المحددة، حتى لو كانت مصادر وديناميات هذه الصراعات عالمية. تهدف هذه الأساليب إلى إعادة بناء النسيج المجتمعي الذي يمزقه العنف، وتعتمد على العمل عبر الجمعيات المتنوعة التي تعبر عن الاحتياجات الاجتماعية والسياسية والروحية والثقافية للأعضاء.

وظائف المجتمع المدني في الاستجابة للنزاع تشمل توجيه الاهتمام نحو تحقيق السلام من خلال تعبير المصالح والقيم المتنوعة، وتحفيز المشاركة المجتمعية والتعبئة لتحقيق تطلعات الأفراد والمجتمعات[11]. وبالتالي، يمكن أن تلعب المجتمعات المدنية دوراً هاماً في إنهاء الحروب والنزاعات، وكذلك في بحث السلام، من خلال تعزيز التواصل والتفاهم بين الأطراف المتنازعة وتشجيع الحوار وحل النزاعات بطرق سلمية.

رابعاً: التحديات التي يواجهها المجتمع المدني لصناعة السلام في ليبيا

تواجه منظمات المجتمع المدني الليبي، في سعيها لتحقيق الأمن والاستقرار وصناعة السلام في ليبيا، تحديات عديدة تشمل ما يلي:

1-الفشل  الدولاتي:
يعتبر قياس الفشل السياسي للدول من خلال المؤشرات السياسية أمر حيوي، حيث تعكس هذه المؤشرات مدى التقدم أو التراجع في الأنظمة السياسية والتحولات التي تطرأ عليها. تتضمن هذه المؤشرات مجموعة من المعايير والإخفاقات التي تعكس حالة الفراغ السياسي في الدول، وتتأثر من خلالها البنية المؤسساتية والشرعية السياسية، ومن هذه المعايير:

-أزمة شرعية الأنظمة السياسية وغياب حكم القانون وأزمة الديمقراطية؛

– انتشار الفساد والتدخلات الأجنبية وعدم القدرة على بناء نظام اقتصادي، إضافة إلى الصراعات العرقية والإثنية وغياب الولاء للوطن[12].

يمكن تطبيق هذه المؤشرات على ليبيا، حيث أصبحت مصدراً للتهديدات الأمنية والتحديات للدول المجاورة بسبب تصاعد المد الإرهابي وتهريب الأسلحة والمخدرات وتزايد معدلات الجريمة المنظمة والتدخل الأجنبي في الشأن الليبي.

 منذ  سقوط نظام معمر القذافي، أصبحت ليبيا مركزاً  للجماعات المتطرفة، حيث شهدت مشاركة العديد من الجماعات المسلحة ذات الفكر الجهادي في الاطاحة بالنظام، وسعيها لإقامة دولة إسلامية وفق رؤيتهم وتصورهم مع مبايعة تنظيم داعش نهاية جانفي 2015، وهو ما سهل لهذا التنظيم السيطرة بسهولة وبالكامل على منطقة درنة في نوفمبر 2014 وبمقاتلين تجاوز عددهم 800 عنصر ومن جنسيات افريقية مختلفة، وتوسعت قواعده من الجنوب الليبي وارتبط بتنظيمات خاصة جماعة مختار بلمختار المعروف بالأعور بالصحراء الجزائرية وإياد غالي زعيم جماعة أنصار الدين[13].

2- التدخل الأجنبي السياسي والعسكري في ليبيا:

لم يساهم التدخل الأجنبي باستعمال القوة العسكرية في نشر الفوضى وعرقلة التوصل إلى إجماع أو على الأقل التوافق على القواعد والأشخاص الذي يحلون محل النظام السابق في ليبيا، وإنما كانت للتدخل الفرنسي في إطار حلف الشمال الأطلسي تداعيات على الأمن في المنطقة ككل، والتي أفرزت عدة تهديدات كتدفق الأسلحة واتساع رقعة الإرهاب وفقدان السيطرة عليه في بيئة أصبحت تستقطب المقاتلين من كل مكان، مما منح القوى الكبرى – وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية- الفرصة للمطالبة بضرورة إقامة قواعد عسكرية بالصحراء الكبرى لمراقبة تحركات الإرهابيين، وهو ما تم رفضه من طرف فواعل المجتمع الليبي، أنها ستزيد من العمليات الإجرامية أكثر بما يخدم مصالحها[14]، خاصة وأن هذه التدخلات العسكرية خلقت بؤر توتر جديدة مما جعل من الصعب معه مراقبة الحدود وتوفير العدة والعتاد والعنصر البشري لحماية وصيانة الأمن القومي الليبي.

كما أن التدخل العسكري لم يقتصر فقط على حلف الناتو بل تعداه إلى دول الخليج ومصر وتركيا، حيث تعتبر الإمارات لاعبا مهما في إدارة هذا الصراع وتأجيجه من خلال دعمها المعلن لقوات حفتر وحكومة طبرقة سياسيا وعسكريا، وفي المقابل تدعم قطر حكومة الوفاق الوطني والقوات المتواجدة في المنطقة الغربية، كما دعمت تركيا عسكريا وسياسيا القوات التي قادت فجر ليبيا في المنطقة الغربية وأيدت حكومة الوفاق الوطني في شهر جويلية 2016، من جهتها عملت مصر على دعم تحركات “خليفة حفتر” الذي يستهدف الإسلاميين في ليبيا وذلك لتقاطع أهدافها مع تحركاته متمثلة في منع اختراق الميليشيات الإسلامية لحدودها الغربية وعدم انتقال الصراع المسلح إلى داخل أراضيها وهو ما جعل “حفتر” يتخذ من “السيسي”نموذجا له وحدث تقارب بين وجهتي النظر الداعية إلى القضاء على الإسلاميين[15].

كما تزايد الاهتمام التركي بدولة ليبيا نتيجة موقعها الجغرافي المطل على شرق البحر الأبيض المتوسط ووفرة النفط منخفض التكلفة وتحديداً في ظل تنامي الرغبة التركية في ترسيم الحدود في منطقة شرق حوض المتوسط الغنية بالثروات[16]، مما نتج عنه توقيع اتفاقية أمنية عسكرية مع حكومة الوفاق الوطني في 27 نوفمبر 2019،لتكون هذه الاتفاقية مجرد غطاء شرعي يمنح تركيا حرية التحرك عسكرياً وسياسياً داخل الأراضي الليبية[17]، وهو ما أدى إلى تشكيل حلف (مصري، يوناني ومجموعة من الدول الأوروبية والكيان الإسرائيلي) معارضا لما تطرحه أنقرة تجاه دولة ليبيا مما أفرز صراع على تحقيق المصالح على حساب الاهتمام بتحقيق السلم والأمن بالأراضي الليبية.

 وعليه فكل هذه التدخلات الأجنبية – سواء كانت سياسية أو عسكرية – قد ساهمت في زيادة حجم الاختلافات والشرخ بين الفرقاء الليبيين بسب سعي كل محور أو طرف لتحقيق مصالحه و إيجاد ولاءات داخل التراب الليبي.

3-التنافس على حلحلة الوضع بين القوى الإقليمية:

شهدت الأزمة الليبية تباين وتضارب التوجهات الإقليمية – في إطار تنافس إقليمي كبير للعب دور محوري في الأزمة – بين تأجيج الفتنة بين الأطراف الليبية المتصارعة من جهة، وبين السعي لإنهاء الصراع والانقسام من جهة أخرى، فعلى سبيل المثال سعت كل من الجزائر والمغرب لإنهاء حالة الصراع في ليبيا، وتقديم الحوار الذي تحتضنه على أراضيها كحوار رئيسي يحظى بالأهمية والشرعية[18]

مع نهاية سنة 2019 تمكنت الدبلوماسية الجزائرية من فرض منطقها من خلال مشاركة مهمة في مؤتمر برلين 02 المنعقد  خلال جانفي 2020، حيث أعطى المؤتمر الضوء الأخضر للجزائر للتحرك إقليميا وذلك بعد تحقيقها إجماع وسط الدول المشاركة في ندوة حل الأزمة الليبية ولجعلها وسيط بين الأطراف المتنازعة، حيث دافعت الجزائر عن مقاربتها المرتكزة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وعدم استعمال لغة السلاح في حل الأزمة، وهذا بدعوة كل الفرقاء والفاعلين الليبيين بالجلوس إلى طاولة واحدة وعدم جر ليبيا إلى مزيد من العنف، كما حذرت الجزائر المجموعة الدولية من أن ما تعيشه ليبيا هو تهديد لأمن المنطقة ككل، كما ركزت الجزائر على ضرورة عدم دعم أي طرف سواء بالأسلحة أو المقاتلين أو المعدات، وهو ما أكده وزير الخارجية الجزائرية “صبري بوقادوم””إنه لا سبيل للخروج من الأزمة إلا بالحل السلمي، وعلى الليبيين إيجاد حل لأزمتهم ومن دون تدخل أجنبي..”[19]، فالصراع من أجل الاستحواذ على القضية من طرف أي قوة سواء كانت إقليمية أو دولية يؤثر على عملية السلام ويعطل الحوار لحلحلة الأزمة.

4-الخلافات بين النخب الليبية:

يتطلب البحث عن حلول للأزمة الليبية ضرورة مشاركة النخب السياسية التي لها مكانة وتأثير على مستوى مؤسسات المجتمع المدني، مع ضرورة توحيد التصورات والاتفاق بشكل تام وشامل على هندسة فعلية لمعاجلة مخلفات الأزمة من كل الجوانب؛ لكن حدث العكس فأصبحت تشكل أحد أبرز التحديات متمثلة في انقسام النخب الليبية نفسها نتيجة تغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة، وهو ما ينعكس على ضعف بناء أرضية توافقية وطنية بشأن أولوية المرحلة الانتقالية، كما أنها أثبتت بأنها نخب تسلطية ممارسة وفكرا تعمل على تجسيد الإقصاء السياسي وتفتقر إلى ثقافة الديمقراطية المتمثلة في تبني الحوار لحل الخلافات بدل استعمال لغة السلاح[20].

كما أن انعدام الثقة في النخب السياسية الليبية أدى إلى بروز طبقة سياسية لا تعبر عن طموحات الشعب وتطلعاته، وهو ما خلق فجوة بين النخب فيما بينها من جهة، وبين النخبة السياسية الحاكمة والشعب من جهة أخرى، وذلك كنتيجة لافتقادها إلى رؤية سياسية، وعدم هندسة خطة محددة وواضحة المعالم لحل أزمة البلد من كل الجوانب، وهذا ما يكرس ويجسد الدور السلبي للنخب.

خامساً-آليات تفعيل دور المجتمع المدني الليبي في صنع السلام

تلعب منظمات المجتمع المدني دورا كبيرا في خدمة الشعوب وتساهم في حل العديد من المشاكل وترفع مستوى الوعي لدى الكثير من فئات المجتمع علي مختلف أطيافه؛ إلا أن دورها الذي تقوم به خلال فترات الحروب والنزاعات والأزمات يفوق في الأهمية والتأثير ما تقوم به من دعم في مجالات أخرى، ومن خلال هذا الجزء من الدراسة سنعمل على رصد أبرز الآليات والميكانزمات التي من شأنها تفعيل دور المجتمع المدني الليبي في صنع السلام وتحقيق الاستدامة الأمنية.

1-المجتمع المدني كبديل لمؤسسات الدولة: 

نظراً لغياب العديد من مؤسسات الدولة وعدم قدرتها علي القيام بدورها في حماية والحفاظ على الأمن البشري والمجتمعي خلال الحروب والنزعات، برز دور منظمات المجتمع المدني وأهميتها في خدمة الإنسانية وإغاثة الشعوب في أوقات المحن والكوارث والأزمات، وذلك في إطار ما تضطلع به من دور بارز في توفير الخدمات الاجتماعية، الصحية، الإنسانية والدفاع عن حقوق الإنسان، إلى جانب المراقبة والإبلاغ عن أي انتهاكات تتعرض لها فئات المجتمع على اختلاف أطيافها وانتماءاتها، والعمل على الحد منها أو المساهمة في القضاء عليها.

ليبيا التي تعاني اليوم أزمة أمنية تهدد أمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية بفعل تدخل قوى خارجية تحاول السيطرة على الملف الليبي وإيجاد حلول له تتماشى مع مصالحها وأجنداتها دون مراعاة البيئة الداخلية التي تمتلك خصوصيات لا يمكن تجاوزها، ولعل هذه هي أحد الأسباب التي حركت مؤسسات المجتمع المدني الليبي لأخذ زمام المبادرة والعمل على تحقيق توافق في وجهات النظر بين كل الأطراف للحفاظ على أمن ووحدة البلاد.

ويبلغ عدد مؤسسات المجتمع المدني الليبي أكثر من خمسة ألآلاف منظمة، ساهمت  بشكل كبير في تقديم يد العون والمساعدات بأشكالها المختلفة إلى كافة فئات المجتمع، واستطاعت أن تخفف الآلام  عن كثير من الأسر والعائلات المتضررة، ولا شك أن- محنة النزوح التي تفاقمت في ليبيا منذ عام 2011 كانت هي بداية الأزمة الإنسانية الحقيقية في كافة التقارير الدولية، وساهمت الأحداث الأخيرة في زيادة موجات النزوح في مختلف الأراضي الليبية، وقد لعبت المنظمات الوطنية والدولية دوراً كبيراً في توفير احتياجات النازحين والتخفيف من معاناتهم والعمل علي توفير أماكن استقرار آمنة لهم[21].

2-مبادرات وتوصيات مؤسسات المجتمع المدني: 

قامت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بتيسير اجتماع لمنظمات المجتمع المدني الليبية والنشطاء الليبيين، والذي تم برعاية الاتحاد الأوروبي من خلال مشروع المبادرة المدنية الليبية المنعقد في تونس يومي 19 و20 أوت 2015، وقد حضر الاجتماع ناشطين وناشطات في مجال حقوق الإنسان والعمل الإنساني والصحافة والمنظمات التي تعنى بالضحايا،  وخلص لمجموعة من التوصيات التي تساهم في حل المعضلة الأمنية وتحقيق الاستقرار والأمن للبلاد بما يجنبها التقسيم ويحافظ على وحدتها الوطنية، وتمثل النقاط التالية أهم التوصيات المتوصل إليها:

-ضمان أن يكون أعضاء الحكومة من الأفراد المشهود لهم بالاستقلالية والحياد والكفاءة والنزاهة؛

-وضع آلية تدقيق لضمان استبعاد من يشتبه فيهم لأسباب معقولة في ارتكابهم جرائم تحت طائلة القانون الدولي والخاضعين لتحقيقات المحاكم الوطنية أو المحكمة الجنائية الدولية من المناصب العامة؛

-ضمان انسحاب وحل التشكيلات المسلحة؛

-ضمان إحلال الأمن في كافة المدن الليبية، وليس فقط العاصمة وأن يشمل المواطنين وليس المؤسسات الحكومية فحسب؛

-وضع ضمانات وجداول زمنية واضحة لتفعيل الاتفاق السياسي وإنشاء آليات لعمليات الرصد وإعداد التقارير المستقلة المتعلقة بتنفيذه وذلك بمشاركة فاعلة للمجتمع المدني؛

-ضمان تحقيق عملية أكثر شمولاً لبناء السلام والحوار الوطني، مع دعم المشاركة الفاعلة للمرأة والمبادرات الصادرة عن المجتمع المدني والقبائل؛

-تفعيل دور المجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان وإدراج رصد الأحكام المتعلقة بحقوق الإنسان في الاتفاق السياسي ضمن ولايته؛

-إصلاح نظام العدالة الجنائية والتمسك باستقلالية السلطة القضائية؛

-وجوب تقديم مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من الجرائم إلى العدالة، وينبغي عدم شمول مثل هذه الجرائم بالعفو؛

-مكافحة جميع أشكال التمييز؛

-معالجة أوضاع المفقودين وكذلك المعتقلين والمهجرين قسراً؛

-إيجاد بيئة مواتية للمجتمع المدني من خلال إقرار تشريعات تتماشي مع المعاير الدولية والاتفاقيات والمعاهدات المصادق عليها، وبناء قدرات المنظمات غير الحكومية؛

-ضمان تمتع الحكومة بالشفافية بما في ذلك في مجال الميزانية والنفقات؛

-تنفيذ توصيات المراجعة الدورية الشاملة لعام 2015؛

-إعادة النظر في قانون العدالة الانتقالية ومراجعته لضمان مشاركة المجتمع المدني بما في ذلك روابط الضحايا، إذ أن ذلك من شأنه أن يضمن دورهم الفاعل؛

-مراجعة قانون العزل السياسي والإداري؛

-مراجعة القانون الخاص بالمفقودين بغية تطبيقه على جميع المفقودين دون تمييز.

الخاتمة:

توصيات الدراسة:

-ضرورة المشاركة الفعالة والايجابية لمؤسسات المجتمع المدني الليبي بمختلف أطيافه وتوجهاته وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح القبلية العشائرية للحفاظ على الوحدة الوطنية؛

-الإيمان الراسخ بأن الحل يكمن في تعاون الفرقاء الليبيين دون غيرهم وتجاوز خلافاتهم بما يعزز ويقرب وجهات النظر وتوحيد التصورات والاتفاق على هندسة واحدة للحلول الممكنة من خلال الجلوس على طاولة المفاوضات؛

-ضرورة إدراك القوى الإقليمية والعالمية أن الحل في ليبيا – لاستتباب الأمن وتحقيق الاستقرار- خاضع للاعتراف بالخصوصيات التي يتمتع بها المجتمع، ولا يمكن وضع حلول تتنافى مع الخصوصية المجتمعية وتتعارض مع المكونات الاجتماعية للفرد والجماعة؛

-ضرورة تفعيل العمل الجماعي والتشاركي الذي يساهم بشكل كبير في تحقيق الاستقرار والأمن؛

-على الجماعات القبلية وكل الفواعل والأطراف الليبية التمييز بين القوى التي تعطي الإضافة فعلا والاعتماد عليها في تحقيق الأمن.


[1] بوقيعقص هالة، المجتمع المدني الليبي والغاية التي لا تدرك، بوابة الوسيط  صوت ليبيا الدولي، 09/01/2021، (تاريخ الاطلاع 07/07/2021)، متاح على الرابط: https://cutt.us/lFGhg

[2]– ناجي عبد النور، “دور منظمات المجتمع المدني في تحقيق الحكم الراشد في الجزائر”، مجلة المفكر، العدد 03، 2008، ص113.

[3]– خالد صاولي ولزهر عبد العزيز، “دور النخبة الليبية في استكمال مشروع بناء الدولة بعد حراك 2011 في ظل تحديات الخصوصية القبلية”، مجلة حقوق القانون، المجلد06، العدد 02، نوفمبر 2019، ص898.

[4]– بوطالب محمد نجيب، الظواهر القبلية والجهوية في المجتمع الليبي (دراسة مقارنة للثورتين التونسية والليبية)، (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012)، ص66.

[5]-Catherine Barnes, op.cit, p.134.

[6]-Andy Tomusiak & Raphael Miller, Grassroots Reconciliation: Civil Society’s Critical Role in Libyan Peacebuilding”, Friday, 08/07/2022, from: https://cutt.us/pBGYy

[7]-Ibid

[8]-Ibid

[9]-Catherine Barnes, “Civil Society and Peacebuilding: Mapping Functions in Working for Peace”, The International Spectator: Italian Journal of International Affairs, (08/04/2009), pp.131,132.

[10]-(GPPAC), Global Partnership For The Prevention Of Armed Conflict, “People Building Peace: A Global Action Agenda For The Prevention Of Violent Conflict”, European Centre For Conflict Prevention, (Juin 2005), p.03.

[11]-Catherine Barnes, op.cit, p.133.

[12] – شرايطية سميرة، “تأثير الدول الفاشلة على الاستقرار الأمني دراسة في العلاقة بين الفشل الدولاتي والتهديدات الأمنية الجديدة”، جامعة بسكرة: كلية الحقوق والعلوم السياسية، ، ص.103.

[13] -جارش عادل، “تأثير الظاهرة الإرهابية في ليبيا على الأمن الوطني الجزائري”، مجلة العلوم السياسية والقانون، العدد03، 2017، ص.193.

[14] -حسام حمزة، “الجزائر والتهديدات الأمنية في الساحل: التصوّر وآليات المواجهة، مجلة سياسات عربية، العدد21، جويلية 2016.

[15] -الزواوي محمد سليمان، “التداعيات الإقليمية للأزمة الليبية”، مجلة رؤية تركية، العدد11، 2014، ص32.

[16]-خالد صاولي ولزهر عبد العزيز، مرجع سابق، ص92.

[17]– المرجع نفسه، ص94.

[18]– مصباح علي، الوحشي محمد، “دور الدبلوماسية الجزائرية في حل الأزمة الليبية الراهنة، مجلة الدراسات القانونية السياسية، جانفي 2017، ص10.

[19]– ياحي علي، مؤتمر برلين منح الجزائر الضوء الأخضر للتحرك إقليميا، Independent عربية، 24/01/2020، (تاريخ الاطلاع 24/03/2023)، متاح على الرابط: https://cutt.us/qc31h     

[20]-خالد صاولي، لزهر عبد العزيز، مرجع سابق، ص901.

[21] -العقباوى شاهيناز، منظمات المجتمع المدني الفاعل القوى والمؤثر في حماية المهمشين في دول الصراع العربي”، المركز الديمقراطي العربي،07/12/2020، (تاريخ الاطلاع 25/06/2023)، متاح على الرابط: https://cutt.us/7px2u   

Admin

مركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية: مؤسسة فكر وتخطيط استراتيجي تقوم على إعداد التقديرات وتقديم الاستشارات وإدارة المشروعات البحثية حول المتوسط وتفاعلاته الإقليمية والدولية. لا يتبنى المركز أية توجهات مؤسسية حول كل القضايا محل الاهتمام، والآراء المنشورة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المركز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى