القوة الناعمة في السياسة الخارجية التركية تجاه منطقة الشرق الأوسط
د. محمد سليمان محمود أبو مصطفى
جامعة الأقصى – فلسطين – غزة
تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على طبيعة القوة الناعمة التركية بعد وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة، كواحدة من العناصر الأساسية للسياسة الخارجية التركية في العصر الحديث، حيث احتلت تركيا مكانة بارزة على الساحة الإقليمية بفضل توجهاتها وجهودها الرامية إلى توسيع نفودها وتأثيرها خارج حدودها. ستتناول الدراسة مفهوم القوة الناعمة وتحليلها في السياق التركي، بالإضافة إلى محاولة استكشاف كيفية استخدام تركيا لهذه الأداة في تحقيق أهدافها على الساحة الإقليمية.
تنقسم هذه الدراسة إلى ثلاثة محاور أساسية بدءاً بالأسس النظرية للقوة الناعمة وأبعادها، واندماجها في السياسة الخارجية التركية. مروراً بالموارد والمكونات المتنوعة التي تشكل القوة الناعمة التركية. وأخيراً استراتيجيات تركيا في استخدام القوة الناعمة في الشرق الأوسط.
اعتمدت الدراسة على مقاربة منهجية، تجمع بين الأساليب الوصفية والتحليلية. ويوضح المنهج الوصفي التحولات التي طرأت على السياسة الخارجية التركية بعد وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة. في حين يسعى النهج التحليلي إلى تحليل الظواهر المترتبة على استخدام القوة الناعمة في السياسة الخارجية التركية، ومحاولة استشراف الرؤية المستقبلة لتأثيرها.
من خلال التركيز على التعاون الثقافي ومبادرات تركيا لنشر اللغة التركية والآداب والثقافة التركية في المنطقة، تهدف الدراسة إلى فك رموز دور تركيا وتأثيرها. بالإضافة إلى ذلك، تستقصي الدراسة تأثير الفنون ووسائل الإعلام التركية والمنح الدراسية التي تقدمها تركيا على تعزيز فهم الثقافة التركية بين الطلاب والباحثين في المنطقة. تسهم هذه الدراسة ليس فقط في فهم القوة الناعمة التركية ولكن أيضاً في إلقاء الضوء على تداولات العلاقات الدولية بشكل أوسع.
الكلمات المفتاحية: السياسة الخارجية، تركيا، القوة الناعمة، الشرق الأوسط.
مقدمة:
أضحى لمفهوم القوة الناعمة مكان ودور مهم في السياسية الخارجية للدولة، بل اعتمدت عليه العديد من الدول وبشكل كثيف، كأداة مهمة في تنفيذ سياستها الخارجية، بحيث أصبحت القوة الناعمة ركناً أساسياً من أركان القوة لدى الكثير من الدول التي تسعي للعب دور فاعل على الساحة الإقليمية والدولية، وعلى رأس هذه الدول تركيا، التي تمكنت من اختراق المجتمعات العربية في العمق، وإغراء الشارع العربي، ويعد مفهوم القوة الناعمة أحد المفاهيم الأساسية التي تستدعي الأبعاد الثقافية في تحليل السياسة الخارجية، ونعني بمفهوم “القوة الناعمة، Soft power” التي سيتم استخدامها في الدراسة، قدرة الدولة على التأثير والنفوذ عبر أدوات الاستقطاب والإقناع، حيث تعتمد القوة الناعمة على جاذبية الدولة.
من هذا المنطلق فإنه لا يمكن لدولة ضعيفة ومحدودة التأثير على الساحة الدولية والإقليمية أن يكون لها جاذبية وقدرة على التأثير على غيرها من الدول، وعليه، فإن نجاح واستمرار أي قوة حضارية في تنفيذ سياستها الخارجية غير مرتبط بقوتها الصلبة، بل بقوتها الثقافية التي يقصد بها أساليب نشر وتعميم هذه الثقافة، حيث أصبحت القوة الناعمة وسيلة مهمة لإدارة الأزمات سلمياً، إذ تحولت الدولة الفاعلة مؤخراً من الاستعمار المباشر أو حتى التدخل العسكري المحدود إلى هيمنة ناعمة سواء الثقافية منها أو الاقتصادية.
ويكتسب مفهوم القوة الناعمة أهميته من تسليط الضوء على أهمية الأفكار والأبعاد القيمية غير المادية في تحليل السياسة الخارجية، حيث قامت الفكرة الأساسية لدى “جوزيف ناي” في طرحه للمفهوم على تأكيد وجود وجه آخر غير مادي للقوة قوامه الجاذبية المستمدة من ثقافة الدولة، وقيمها، ومصداقيتها، المتولدة عن ممارساتها المتسقة مع هذه القيم.
أهداف الدراسة:
تهدف هذه الدراسة للتعرف على أدوات القوة الناعمة في السياسة الخارجية التركية بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا عام 2002، ما رافق ذلك من تغيرات في الرؤية السياسية التركية، عبر تعزيز قوتها الناعمة، وجعلها أنمودجاً سياسياً يحتذى به على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وذلك من خلال نشر خطاب جديد، ونمط دبلوماسي، يرافقه تقديم نظريات ومفاهيم تتناسب مع متطلبات الدور التركي.
منهجية الدراسة:
اعتمدت الدراسة على مقاربة منهجية، قائمة على توظيف مجموعة من المناهج. المنهج الوصفي: الباحث من خلاله يحاول تفسير وتحليل التغيرات التي طرأت على السياسة الخارجية التركية بعد وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة. المنهج التحليلي: الباحث من خلاله يحاول تحليل الظواهر المترتبة على استخدام القوة الناعمة في السياسة الخارجية التركية ومحاولة استشراف الرؤية المستقبلة لتأثيرها.
تكمن مشكلة الدراسة الأساسية في معرفة توجهات السياسة الخارجية التركية، وكيف قامت تركيا بتوظيف ما تمتلكه من أدوات القوة الناعمة لتنفيد سياستها الخارجية اتجاه منطقة الشرق الأوسط، من خلال الإجابة على التساؤل التالي: ماهي الآثار المترتبة على توظيف القوة الناعمة في السياسة الخارجية التركية، وما الدوافع التي تدفع تركيا نحو تبنى القوة الناعمة في سياستها الخارجية.
تأسيسًا على ما سبق، سعت الدراسة للوقوف على موقع القوة الناعمة بالسياسة الخارجية التركية اتجاه منطقة الشرق الأوسط، من خلال أهم المحاور الآتية:
المحور الأول: القوة الناعمة أبعادها ومكانتها في السياسة الخارجيةالتركية
المحور الثاني: موارد ومقومات القوة الناعمة التركية
المحور الثالث: استراتيجيات تركيا في استخدام القوة الناعمة اتجاه الشرق الأوسط.
المحور الأول: القوة الناعمة وأبعادها ومكانتها في السياسة الخارجية التركية
دشن “جوزيف ناي” مفهوم القوة الناعمة في العلاقات الدولية، وقد ارتبط ظهور ذلك المفهوم بظهور وزن الأبعاد الثقافية في تحركات الدولة، سواءاً على المستويات الداخلية أو الخارجية، فقد عرف ناي القوة الناعمة بأنها:”القدرة على الحصول على ما نريد من الآخرين عبر الإقناع، وتعتمد القوة الناعمة بالأساس على القيم الثقافية، والسياسية، والقدرات الإعلامية، والتبادل الفكري والعلمي”[1]، وقد أصبحت القوة الناعمة وفي مقدمتها الثقافة أحدى أبرز مجالات التنافس بين الدول في النظام العالمي، من حيث قدرة الدولة على التأثير في الآخرين، ولذلك، لم ينحصر اهتمام حكومة العدالة والتنمية على مجرد تدشين علاقات دبلوماسية وسياسية مع العالم الخارجي، بل تعدته إلى تأسيس علاقات استراتيجية مع كثير من الدول والمنظمات الدولية والإقليمية، والمساهمة أيضاً في حل العديد من المشاكل السياسية والتنموية، حيث اتخذت الحكومة التركية استراتيجية متكاملة، للتعامل مع قضايا الشرق الأوسط أوصلتها لصفة الشريك الاستراتيجي، فضلاً عن انتزاعها عقوداً استثمارية، وتجارية، لم تمنح لغيرها من الدول[2].
ويأتي تناول دور القوة الناعمة التركية من زاوية الإسهام في تهيئة بنية ثقافية وفكرية مختلفة تطرحها السياسة الخارجية التركية في ثوبها الجديد، وتعكسها تفاعلاتها وخطاباتها الخاصة في ظل تنامي الدور التركي على صعيد دول الجوار الإقليمي، حيث اقترن هذا الدور بطرح فكري جديد، على آرائهم وتوجهاتهم، وتغييرها نحو الانجذاب إلى ثقافة تلك الدولة، القائمة بممارسة القوة الناعمة[3].
ويكتسب مفهوم القوة الناعمة أهميته من تسليط الضوء على أهمية الأفكار، والأبعاد القيمية غير المادية في تحليل السياسة الخارجية، حيث قامت الفكرة الأساسية لدى ناي في طرحه للمفهوم على تأكيد وجود وجه آخر غير مادي للقوة قوامه الجاذبية المستمدة من ثقافة الدولة، وقيمها، ومصداقيتها، المتولدة عن ممارساتها المتسقة مع هذه القيم[4].
من هنا تلعب الخصائص الاجتماعية والثقافية، كنمط الثقافة السائدة والتقاليد الحضارية والفكرية، وعامل التجربة التاريخية، والقيم الدينية والاجتماعية، دوراً كبيراً في عملية صنع السياسة الخارجية، هذا إذا أدركنا أن السياسة الخارجية هي: انعكاس للتفاعلات التي تتم داخل المجتمع، كما أن السياسة الخارجية، هي امتداد للسياسة الداخلية بكل ضغوطها ومقوماتها.
وتبرز أهمية الأدوات الثقافية في كونها توفر المناخ المناسب للتأثير السياسي، فالدول التي تنجح في إبراز وجودها الثقافي في دول أخرى، لا تجد صعوبة في تحقيق أهداف سياستها الخارجية في تلك الدول، هذا يعد تجسيداً لهوية المجتمع وشخصيته، وعوامل بنائه الفكرية والحضارية، ولنمط التفكير القيادي المتأثر بالوسط الاجتماعي[5]، إذ أن التأثير الثقافي يخلق نوعا من كسب الولاء سواء من طرف النخبة الحاكمة، أو من طرف الرأي العام، وعليه، فسوف يتم تناول القوة الناعمة في جانبها الثقافي، باعتبارها وسيلة لجأت إليها تركيا لنشر ثقافتها داخل المجتمعات العربية.
-مكانة وتأثير القوة الناعمة في السياسة الخارجية التركية
عند وصول حزب العدالة والتنمية لسدة الحكم عام 2002، بدأ المشهد التركي بالتغير التدريجي سياسياً، واقتصادياً، وثقافياً، من خلال التوظيف الاستراتيجي الفاعل للبعد الثقافي وأدوات القوة الناعمة، حيث عمدت خبرة حزب العدالة والتنمية إلى الانتقال الهادئ، من النموذج التحديثي الذي تقوده الدولة، ويحميه الجيش، بناءاً على أفكار “كمال أتاتورك” التي تقوم على الحداثة، بواسطة التغريب الثقافي والعلماني، إلى نموذج آخر يجمع بين استحقاقات الديمقراطية الانتخابية، والعلمانية المتسامحة غير التداخلية من جهة، والهوية الوطنية المستندة على جذور حضارية إسلامية من جهة أخرى[6]، وهذا في حد ذاته، يمثل نجاحاً للتجربة التركية، التي أكدت قدرة القيم الحضارية الإسلامية على المساهمة في بناء الدولة، وصياغة مشروع مجتمعي ناجح، أفرزه التنوع الثقافي داخل الدولة العثمانية، والذي يعد نموذجاً حضارياً عالمياً، ساهم في تشكيل عمق حضاري لتركيا بالتزامن مع العمق الاستراتيجي. فأصبحت تركيا لفترة طويلة مركزاً حضارياً واستراتيجياً[7].
لعل ما سبق من شأنه أن يفسر من خلال المدخل الثقافي قدرة حكومة حزب العدالة والتنمية على تبني سياسة تعدد الأبعاد، والتي يصعب أن تنجح في ظل علاقات ندية إيجابية، دون تأسيسها على نظرة إيجابية للتعدد الفكري والثقافي والحضاري، والقدرة على إقامة علاقات دولية إيجابية في ظل هذا التعدد، بعيداً عن الحساسيات الإيديولوجية المعيقة لذلك[8].
ولعل ما يحسب لحزب العدالة والتنمية على صعيد السياسة الخارجية التركية، أنه قد تأسس وتبلور في عهده العقل السياسي التركي بشكل ذاتي ومستقل، عن رؤى وتصورات الآخرين فاستطاع العبور بالجمهورية التركية، وتفعيل دورها الإقليمي، عبر تعزيز قوتها الناعمة والأداة الثقافية، وجعلها أنمودجاً سياسياً يحتذى به على مستوى المنطقة، وذلك من خلال نشر خطاب جديد، ونمط دبلوماسي، يرافقه تقديم نظريات ومفاهيم تتناسب مع متطلبات الصعود، مثل: نظرية العمق الاستراتيجي، بشكل يجعل من تركيا المركز، الذي تلتف حولة باقي الدول في المنطقة، وهذا ما تحدث به أحمد داوود أوغلو من سعي تركيا إلى إنشاء نظام إقليمي، أكثر سلماً وازدهاراً، ويدعم الشعوب التي تطالب بالديمقراطية وحقوقها الإنسانية الأساسية، ويقف ضد الأنظمة التي تسعى إلى إنكار هذه المطالب المشروعة، وسنستخدم كل الوسائل الدبلوماسية لمعالجة الحالات الطارئة وحلها حلاً عادلاً دون تدخل عسكري مدمر[9].
ثمة مجموعة من الدوافع التي تدفع تركيا، نحو تبني القوة الناعمة والأداة الثقافية في سياستها الخارجية لتحقيق أهداف لعل أبرزها:
1-للشرق الأوسط أهمية استراتيجية في السياسة الخارجية التركية الحالية، فإن تركيا تريد أن تساهم في بناء السلام، وهي تسعي للتقريب بين دول الشرق الأوسط، معتمدة في ذلك على سياسة خارجية مبنية على ثلاثة مكونات أساسية: سياسية، ثقافية، اقتصادية، وهي أسس ومرتكزات القوة الناعمة[10].
2-ثمة دافع دولي لتبني هذه القوة كأداة، فالولايات المتحدة الأمريكية ترى في تركيا الأنموذج الذي سيساعدها بشكل مباشر أو غير مباشر في حماية مصالحها الاستراتيجية في الشرق الأوسط، وتأمين الحد المعقول من الاستقرار، لاسيما في مجال الحكم والسياسة.
3-ما يشجع تركيا لتبني القوة الناعمة، هو سعيها الحثيث للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لا سيما أن أوروبا ترغب في أن تشكل تركيا، حاجزاً استراتيجياً ميدانياً على مقربة منها، يصد عنها في المواقف الحرجة مخاطر الشرق الأوسط[11].
4-سعي الولايات المتحدة الأمريكية إلى إحداث التغيير المطلوب، والقيام بالإصلاح الشامل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، لتطوير شكل إقليمي جديد يضم تركيا، كونها الأنموذج المسلم ديانة، والعلماني سياسة ونمط حياة، لتكون الشكل الأفضل، لما تريده الولايات المتحدة، كقوة ناعمة من نمط سائد لكل دول المنطقة[12].
5-توافر الديموقراطية في نموذجها السياسي، والاعتدال الإسلامي في نموذجها الديني، وتعايش الحضارات والأديان في نموذجها الثقافي، وهي ملتقى شبكات النفط والغاز(الطاقة) في استغلال الموقع الجغرافي، فضلاً عن الاستقرار والأمن الإقليمي في نموذجها الدبلوماسي، جعلها مطلوبة دولياً، لتعميم هذا الطرح ولا سيما القوة الناعمة.
6-من أبرز الدوافع التي شجعت تركيا للتوجه نحو القوة الناعمة في القلب منها الأداة الثقافية في تنفيذ سياستها الخارجية، هو وجود العديد من المتغيرات التي شجعت وأسهمت بتحقيق ذلك، منها ما هو داخلي كالحال مع طبيعة النظام السياسي التركي القائم على الديمقراطية والحوار، ومنها ما هو إقليمي بما تشهده المنطقة المحيطة بتركيا من تطورات ومتغيرات تدفع نحو التعاون والتنافس مع بقية اللاعبين الإقليمين، كالحال مع إيران و”إسرائيل” ومنها ما هو دولي يدفع نحو تبني مثل هذا الخيار، كما هو الحال بوجود الدعم الأمريكي، وقبول وتشجيع بقية اللاعبين الدوليين لزيادة أطر التعاون في كافة المجالات، الأمر الذي يتطلب البحث في الواقع العملي لهذه القوة، وعليه تستطيع القيادة التركية إبراز تزايد القوة الناعمة التركية بالاستشهاد بنشاط الدبلوماسية التركية في المنطقة، ومؤشرات أخرى للجاذبية التركية تتصل بالمسلسلات والأعمال الدرامية وجاذبية النموذج السياسي، وارتفاع جاذبية القيادات السياسية التركية، كرموز في المنطقة العربية[13].
يأتي ذلك وفي إطار الانفتاح التركي على الدوائر الحضارية المختلفة سياسياً وثقافياً، على ما يُسمي (بالأبعاد الحضارية للإرث العثماني) التركي باستخدام القوة الناعمة من خلال ثلاثة نماذج يمكن رصدها في مايلي:
1-قامت الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) بتطوير البنية الأساسية في قرية “عديمون” العكارية في لبنان، لضمان وصول المياه والكهرباء وقامت بالعديد من الاختبارات الخاصة بالحمض النووي مجانًا، بالتعاون مع الصليب الأحمر، لإثبات الأصول التركية للسكان المحليين، وتواكب هذه المبادرات محاولات إحياء الإمبراطورية العثمانية.
2-حصدت قرية الكواشرة أكثر المشاريع التركية المنفذة للتركمان في لبنان ومن أبرزها، المنح الجامعية لطلابها للتعلم في تركيا، كما أن السفارة التركية والهلال التركي في بيروت قاما ببناء مدرسة ثانوية في القرية، ولقد قدم الجيش التركي في قوات حفظ السلام مولدا لها، بالإضافة إلى تجهيز مبنى وتقديم مستلزماته لتعليم الكمبيوتر في القرية، بالإضافة إلى ذلك تقوم السفارة التركية ببناء شبكة مياه للري الزراعي، كما تؤمن السفارة التركية في بيروت أساتذة اللغة التركية ؛ لتعليم أبناء الكواشرة وعيدمون وطرابلس اللغة التركية[14].
3-بدأت وكالة التنسيق والتعاون التركية (تيكا)، بترميم جزيرة سواكن السودانية، وصيانة وترميم مبان تجارية، ومساكن، ومقر لمؤسسات حكمية كانت حاضرة قبل تحويل ميناء السودان الرئيسي إلى بورتسودان، وتكتسب الجزيرة أهميتها من كونها تضم بداخلها آثاراً تعود للعهد العثماني الذي كان يحكم المنطقة وبمعالم عثمانية أبرزها مسجد الشافعي وأبي حنيفة .وكان الرئيس السوداني السابق عمر البشير قد منح تركيا أمر تطوير الجزيرة في الخامس من ديسمبر 2008 أثناء زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لحضور الملتقي الاقتصادي السوداني التركي في الخرطوم[15].
المحور الثاني: موارد ومقومات القوة الناعمة التركية
1-موارد القوة الناعمة التركية:
ترتكز القوة الناعمة التركية على ثلاثة مرتكزات هي:
أ-الثقافة العامة: وهي مجموعة القيم والممارسات التي تخلق معنى للمجتمع، ولها عدة مظاهر، فمن المألوف عادة، أن يميز الإنسان بين الثقافة العليا كالأدب والفن والتعليم التي تعجب النخبة، والثقافة الشعبية التي ترتكز على إمتاع الجماهير بالجملة، وعندما تحتوي ثقافة بلد ما على قيم عالمية، وتروج سياساته قيماً ومصالح يشاركه فيها الآخرون، فسوف يزيد من إمكانية الحصول على النتائج المرغوبة، بسب علاقاته التي يخلقها من الجاذبية، والثقافة المحدودة، والقيم الضيقة، يقل احتمال إنتاجها للقوة الناعمة، فالدولة التي تتمتع بمواصفات وقيم سياسية واقتصادية وثقافية، هي التي تستطيع الحصول على أهدافها من خلال جذب الدول الأخرى[16]، وعليه تلعب الخصائص الاجتماعية والثقافية، كنمط الثقافة السائدة، والتقاليد الحضارية والفكرية، وعامل التجربة التاريخية والقيم الدينية والاجتماعية دوراً كبيراً في عملية صنع السياسة الخارجية.
ب-القيم السياسية: إن تطبيق هذه القيم بإخلاص في الداخل والخارج، والانتصار لها من خلال سلوك الحكومة الديمقراطي في الداخل، والعمل مع الآخرين وفي المؤسسات الدولية، وتشجيع السلام وحقوق الانسان في السياسة الخارجية، يؤثر كل ذلك تأثيراً قوياً على اختيار تفضيلات الآخرين، فالحكومات يمكن أن تجذب الآخرين، أو تنفرهم بتأثير المثل الذي تضربه كقدوة للآخرين[17].
ج-السياسة الخارجية المشروعة: إن السياسة الخارجية لأي بلد إما أن تعزز قوته أو تبددها، من خلال ما سبق، فإن السياسة الخارجية التي تبدو متغطرسة وغير مبالية برأي الآخرين، وقائمة على معالجة ضيقة الأفق للمصالح، قد تقوض القوة الناعمة، ولهذا فقد خسرت الولايات المتحدة الكثير من التأييد العالمي، كما فقدت جزءاً لا يستهان به من قوتها الناعمة، بعد حربها على أفغانستان والعراق، فالسياسة الخارجية المشروعة والتي تبنى على التعاون وتبادل المصالح، وتقديم المنح والمساعدات للدول، تعد ضرورية للقوة الناعمة، ويمكن من خلالها قياس جاذبية تلك العناصر للرأي العام، ويعتمد نجاح القوة الناعمة بشكل فعال على سمعة الدولة في المجتمع الدولي، وهذا يعتمد على مصادرها الإعلامية، لكي تبرز نفسها في المسرح الإقليمي والعالمي.
هذا إذا أدركنا أن السياسة الخارجية، هي انعكاس للتفاعلات التي تتم داخل المجتمع، والسياسة الخارجية هي امتداد للسياسة الداخلية، بكل ضغوطها ومقوماتها، وفي الواقع، إن القرار السياسي الخارجي يعد تجسيداً لهوية المجتمع وشخصيته، وعوامل بنائه الفكرية والحضارية، ولنمط التفكير القيادي المتأثر بالوسط الاجتماعي[18].
2-مقومات قوة تركيا الناعمة في سياستها الخارجية:
يمكن وضع مقومات قوة تركيا الناعمة، ضمن أطر ثلاثة متشابكة، ويؤثر كل منها على الآخر[19]:
أ-قوة سياسية ناعمة: تتمثل في طبيعة النظام السياسي القائم على الديمقراطية والانتخابات، وتداول السلطة، والشفافية، وكفالة الحريات العامة داخلياً وخارجياً، إتباع سياسة تصفير المشاكل مع الجيران، والخطاب السياسي المدافع عن الحقوق والحريات، إضافة إلى التركيز على القيم الإنسانية والأخلاقية، والاستعانة بسياسة المساعدات الإنسانية في تدعيم الوجود التركي في الخارج.
ب-قوة اقتصادية ناعمة: يدار ملف الاقتصاد الداخلي بحرفية علاقات عامة عالية، تدعم قوتها الناعمة، وصورتها في أعين المستثمرين وشعوب المنطقة، وتقيم توازناً فعالاً في هذه الصورة بين بعض مؤشرات الاقتصاد الكلي التي تبدو سلبية، مثل: المديونية الخارجية الحكومية التي بلغت 217 مليار دولار بحسب وزارة الخزانة والمالية، حتى يوليو /تموز 2019[20]، وتدير أنقرة هذا الملف أيضاً في إطار علاقتها بمؤشرات موازية احتوائية إيجابية مثل: حجم الصادرات التركية الذي يبلغ نحو 185 مليار دولار، فضلاً عن حجم الناتج المحلي بإجمالي بلغ نحو 900 مليار دولار، وما يعنيه ذلك من قدرة عالية للاقتصاد التركي الذي يعمل على تضييق الفجوة بين الصادرات والواردات بسرعة وكفاءة[21].
في نفس السياق تسوق تركيا نفسها بما تتمتع به من استقرار اقتصادي، من أهم ملامحه، أنها تشكل سابع أكبر قوة اقتصادية على مستوى أوروبا، الخامسة عشرة على مستوى العالم[22]، مع توقعات صندوق النقد الدولي بزيادة معدل النمو إلى 3%، مقارنة بتوقعات سابقة حملت معدل نمو 2.5%. ومن أهم صور القوة الناعمة التركية في الفترة الأخيرة عمليات التصدير التركية لمستلزمات لمواجهة جائحة كورونا، والتي بدت فيها تركيا قلعة صناعية، للمستلزمات الطبية اللازمة لمواجهة الفيروس، حيث غطت الاحتياجات المحلية من الكمامات الطبية وأجهزة التنفس.
ج-قوة ثقافية ناعمة: أدواتها اللغة والثقافة المشتركة مع العالم التركي، الممتد من الصين حتى أوروبا، والعمق التاريخي المشترك مع الدول التي كانت تحت الحكم العثماني، والدين الإسلامي الذي يربطها مع أكثر من مليار مسلم، وتعمل تركيا على تصدير نموذجها الإسلامي الموصوف بالاعتدال، مع محاولة التواؤم مع قيم الحداثة الغربية، والإعلام الموجه إلى الخارج، لاسيما المسلسلات التركية التي لقيت صدى، ومتابعة كبيرة من مناطق العالم العثماني سابقاً، بالإضافة إلي مشاريع المنح الدراسية وتبادل الطلاب، لقد أعادت تركيا التواصل مع التراث والتاريخ الحضاري والثقافي لها ويشير أوغلو إلى أن تركيا تقع تاريخياً في المنطقة التي تشكل فيها تاريخ الحضارات الموجودة في المنطقة، خلاف نظرة في مراحل سابقة قامت على القطيعة مع هذا التاريخ.
هذه المقومات ساعدت في تحويل تركيا إلى قوة حضارية كبرى، تلعب القوة الناعمة دورًا أساسيًا في ترسيخها، وعزز ذلك، الحاجة إلى تركيا على الصعيد الدولي، حيث طبيعة العلاقة بين الديمقراطية والإسلام، وتعايش الحضارات والأديان في نموذجها الثقافي[23]. حيث سعي المسار الثقافي في السياسة الخارجية التركية إلى عبور الحدود عن طريق توظيف القوة الناعمة، والتذكير بهوية تركيا وثقافتها الإسلامية والتأكيد على التاريخ والتراث العثمانيين، وبأن تركيا وريثة الإمبراطورية العثمانية، رمز الخلافة الإسلامية، وتحويل تركيا إلى قوة كبرى إقليمياً، عبر تعزيز قوتها الناعمة[24].
المحور الثالث: استراتيجيات تركيا في استخدام القوة الناعمة اتجاه منطقة الشرق الأوسط
في السنوات الأخيرة، ظهرت الدبلوماسية التركية الثقافية، القائمة على تبادل المعلومات، وترويج الثقافة التركية بين الأمم، لتعزيز قيم التعارف والتواصل، بما يندرج ضمن مفاهيم القوة الناعمة، المعتمدة على التأثير من خلال القيم والأفكار.
تستند الجمهورية التركية في تقديم مشروعها للمنطقة العربية على العديد من الأسس أولها: الأساس التاريخي والديني: حيث تربط الجانبين بعلاقات تاريخية منذ عصر الإمبراطورية العثمانية، كما أن المذهب السني الذي تتباه تركيا، هو المذهب الذي تتبعه الدول العربية، أما الأساس الثاني: ثقافي سياسي، حيث تقدم تركيا نفسها إلى المنطقة، كنموذج سياسي علماني بخلفية إسلامية معتدلة. أما الأساس الثالث: فهو اقتصادي مصلحي[25]. وعليه اعتمدت الجمهورية التركية سياسة ثقافية نشطة على الصعيد الخارجي، وقد ساعد على تحقيق ذلك امتلاك تركيا243 بعثة دبلوماسية وقنصلية، وهي بذلك تمتلك خامس أكبر شبكة دبلوماسية في العالم[26].
اتبعت تركيا مجموعة استراتيجيات نشطة للقوة الناعمة، وفي دوائر متعددة هدفت إلى الترويج والتسويق للسياسات التركية على الصعيد الخارجي، من أهمها:
اتسع النشاط التركي في مجال النشر والترجمة بدعم من الحكومة، التركية لنقل الثقافة والفكر إلى اللغات الأخرى، وعليه تم تشكيل هيئات أدبية وثقافية عربية تركية مشتركة، مثل: رابطة أدباء الأناضول التي تجمع شعراء ونقاد وأدباء من الأتراك والعرب؛ مما أوجد حالة تقارب ملموسة بين ثقافتي العرب والأتراك، ويشكل العامل الديني أحد المركبات المهمة في إيجاد تيار التبادل الثقافي بين العرب والترك[27].
من مظاهر التفاعل الثقافي العربي التركي والتي شكلت عاملاً مساعداً لتكثيف حركة الترجمة، أن اللغة التركية تضم حوالي 5 آلاف كلمة عربية، كما أن اللهجات العربية تتضمن كلمات تركية، وانتقلت عبر اللغة التركية كلمات عربية إلى لغات دول، لم يبلغها العرب، مثل اللغة البوسنية واللغة البلغارية، ويعود الفضل في هذا التفاعل بين الثقافات إلى القرآن الكريم: فالأتراك تأثروا بالقرآن وباللغة العربية[28].
ونشطت تركيا في مجال معارض الكتاب، فقد عقد معرض الكتاب العربي بمنطقة “يني كابي” وسط إسطنبول، وضم المعرض أكثر من 200 دار نشر، من 15 دولة، من بينها تركيا، وإيران، ودول عربية أخرى، تحت شعار “الكتاب يجمعنا”، فقد عقد المعرض في الفترة 28 ديسمبر2019 حتى 6 أكتوبر 2019 ويقوم المعرض برعاية كل من اتحاد الناشرين الأتراك، وجمعية الناشرين الأتراك، والجمعية الدولية لناشري الكتاب العربي، وبرعاية إعلامية من وكالة الأناضول وإذاعة “مسك”.
ولقد عبر ياسين أقطاي المستشار السابق لرئيس حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، عن أهمية أعمال النشر والترجمة بقوله أن “هذه الفعالية وسيلة للتقارب، والتفاهم، والتجمع ليس بين القراء فحسب، بل بين مؤلفي الكتب والناشرين، وهؤلاء الأفراد سيساهمون في إيقاظ نهضة الأمة[29].
ومن ناحية تشجيع الترجمة إلى العربية، فقد قدمت “هيئة ندا” التركية وهي مؤسسة حكومية وجزء من وزارة الثقافة والسياحة التركية – منحة مالية لعدد من الناشرين، لتشجعيهم على ترجمة كتبها من اللغة التركية إلى العربية، وكذلك أعلنت دار الفكر للنشر في بيروت عزمها إصدار مؤلفات بالعربية للشاعر التركي الراحل نجيب فاضل قيصا كورك، الملقب بسلطان الشعراء، كما أن هنالك مساع جادة الإثراء المكتبة العربية بالمؤلفات الأدبية الخاصة بشعراء أتراك مثل محمد عاكف وناظم حكمت، وعصمت أزال[30].
شهدت المراكز الثقافية التركية نشاطاً متزايداً، بهدف التعريف بتركيا، وتاريخها، وثقافتها وفنونها باللغة التركية، وتقديم كل المعلومات والوثائق المتعلقة بهذا الصدد، لجعلها محل استفادة من العالم بأجمعه، وتسهيل التبادلات الثقافية بين تركيا ومحيطها الإقليمي، باعتبارها رافداً ومصدراً حضارياً يساهم في الترويج لتركيا، في المحيط الإقليمي كقوة حضارية وثقافية.
في هذا الإطار يعتبر مركز “يونس امره،Yunus Emre “ الذي تأسس في سنة 2007 أهم مركز ثقافي تركي يساهم في الترويج لتركيا، ولغتها وتاريخها، وثقافتها، وفنها، ويمتلك المعهد أكثر من 48 مركزًا ثقافياً فرعياً في العديد من دول العالم، سُمي المعهد على اسم الشاعر التركي الصوفي الشهير يونس امره، وكان من الأناضول عاش في القرنين الثالث عشر والرابع عشر[31].
وهو ما يشير إلى أن المؤسسة أنشئت لخدمة أهداف تركيا الإقليمية والدولية، وبمناسبة افتتاح معهد يونس امره في القاهرة في سبتمبر2001 قال الرئيس التركي السابق عبد الله غول: (إذا كانت الدول الكبرى موجودة اليوم، فإن ذلك يعود إلى دبلوماسيتها، وعلى وجة الخصوص إلى تراثها الثقافي، ويجب علينا إحياء لغتنا ونشرها) ومن أجل ترسيخ مكانة تركيا في الشرق الأوسط، سعت الحكومة التركية إلى نشر الثقافة التركية بشكل عام، ولكنها ركزت بشكل خاص على تدريس اللغة التركية، من أجل إيجاد لغة مشتركة تربط العالم العربي بتركيا[32].
أنشأت هذه المؤسسة (معاهد ومراكز يونس أمره الثقافية) في عام 2009 وبدافع من أحمد داود أوغلو الذي أصبح وزيراً للخارجية وهي مخولة بأداء دور القوة الناعمة في المنطقة، تم تحدد الأهداف التي تسعى المراكز الثقافية لتحقيقها في كلمة وزير الخارجية السابق أحمد داوود أوغلو وهي:
-تفعيل العلاقات الثقافية بين البلدان، وتطور لغة التفاهم بين الشعبين، سعياً للتواصل، بحيث إذا كُتب شعر في إسطنبول يُفهم في العالم العربي.
-تطوير العلاقات بين المثقفين العرب والأتراك، باعتبارهم رموز التقدم والرقي في كلا المجتمعين.
-إحياء التراث التاريخي المشترك حتى تتطور الثقافة التاريخية، وتحفظ للأجيال القادمة[33].
ولبيان أثر المراكز الثقافية كعنصر مساعد، يمكن توظيفه في السياسة الخارجية التركية، يمكن قراءة أقوال أردوغان: (ستقدم هذه المراكز خدمات جليلة لبلدنا، من خلال تعريف العالم به.. ولقد أقامت العديد من الدول فى العالم، لاسيما الدول المتقدمة هذا النوع من المراكز منذ زمن طويل واستخدمتها، من أجل أن تعرف عن نفسها بطريقة فضلى وتنشر ثقافتها. وستكون هذه المراكز نافدة تركيا على العالم الخارجي، وستسمح بنشر اللغة والثقافة والحضارة والفنون التركية في الخارج)[34].
لقد استفاد من مراكز معهد يونس إمره المنتشرة في أنحاء العالم أكثر من مائة ألف شخص حتى نوفمبر 2018. كما يعقد المعهد شراكات مع نحو مائة جامعة في دول عدة، ويرسل إليهم من خلالها مدرسين للغة التركية، في إطار مشروع المركز، الهادف إلى زيادة الاهتمام باللغة التركية، ويعمل في فروعه أكثر من 322 مدرساً، منهم عدد كبير من الأتراك، وبينهم 189 مدرسا عربيا وأجنبيا[35].
هنالك مجموعة أنشطة يقوم بها معهد يونس أمره، تسهم في بناء القوة التركية الإقليمية باستخدام أدوات ثقافية هي:
منحة المدرسة الصيفية: وهى منحة قصيرة للتبادل الثقافي، أنشأتها الحكومة التركية عام 2007 وهي غير ربحية ينظمها معهد يونس إمره التركي في عدة مجالات، وبتمويل كلي للطلاب من مختلف دول العالم ولمدة أسبوعين، والاستفادة من الأنشطة التي تقدمها المدارس الصيفية التركية وتتعدد المدارس الصيفية التركية وهي مدرسة علوم الآثار، مدرسة العلوم، مدرسة الأدب التركي، مدرسة السينما التركية، مدرسة فنون الطبخ التركية، ويتم استخدام اللغة التركية فقط، كلغة تواصل في أثناء المدرسة الصيفية في نهاية المدرسة الصيفية التركية، يقوم المئات من الطلاب الزائرين المجتمعين للحفل الختامي في التجول في المواقع التاريخية، والمعالم السياحية في إسطنبول، والعودة إلى بلدانهم، كمبعوثين ثقافيين بتجارب وأصدقاء جدد[36].
مشروع الدراسات التركية: يقوممعهد يونس إمره من خلاله بإجراء دراسات لتعليم اللغة التركية في المراكز الثقافية المنشأة في الخارج، بالإضافة إلى إجراء أنشطة ثقافية وفنية للترويج لتركيا، وتقديم الدعم للبحوث العلمية، ويتم تنظيم العديد من الأنشطة للترويج للثقافة والفنون التركية، كما يتم تمثيل تركيا من خلال الأحداث، والمسابقات الوطنية أو الدولية والمقامة في المعهد.
مشروع تعليم اللغة التركية عن بعد: أنشأ معهد يونس امره مشروع “تعليم اللغة التركية عن بعد” ، لمتابعة التطورات في مجال تدريس اللغة التركية كلغة أجنبية، بهدف تعليم اللغة التركية بشكل مستقل عن الزمان والمكان، لأولئك الذين يرغبون في تعلمها، ويعد مشروع “تعليم اللغة التركية عن بعد” طفرة في مجال تعليم اللغة التركية للأجانب، حيث تم تصميم قوالب الأنشطة لتعليم المفردات والقواعد، بالإضافة إلى أنشطة الاستماع والقراءة والكتابة والتحدث، باستخدام تكنولوجيا الويب، وتم إعداد البوابة المناسبة ليستخدمها الأشخاص الذين يتطلعون إلى تعلم اللغة التركية في داخل وخارج الدولة التركية، والأفراد الذين يرغبون في تحسين مهاراتهم اللغوية، وتعزيز المفردات عبر الموقع الإلكتروني، وتطبيق الهاتف المحمول[37].
نتيجة لما تقدم، نجد أن هنالك تعدداً في أهداف ونتائج أنشطة، ومشروعات المؤسسات الثقافية والتعليمية الرسمية منها، أو غير الرسمية على السواء؛ حيث تتراوح بين الأبعاد الحضارية المتعلقة بالحوار والتثقف الحضاري، مروراً بالسياسي والاقتصادي، وانتهاء بالأمني المعلوماتي الاستخباري. هذه المشروعات والبرامج والأنشطة، ليس المقصود منها التعريف فقط بالدولة وحضارتها، ولكن الترويج لأجندتها السياسية الخاصة، وهو ما يمكن التثبت منه من خلال متابعة قضايا المواسم الثقافية، أو من خلال نوعية الضيوف في الأنشطة والبرامج، وعليه، فإن شكل الحروب قد تغير اليوم، وتحول إلى أشكال حرب الثقافات الطاحنة التي تبحث كيف تكون الغلبة لها، فالحروب العسكرية يمكن أن تدمر، مباني، وتدك البنى التحتية المادية، بينما الحرب الثقافية تدك البنى الثقافية والمعرفية، التي هي أصل الحضارة[38].
تزدحم الساحة الإعلامية العربية بحشد من الفضائيات العربية، وظهرت هذه الفضائيات، وتطورت في السياق الإقليمي، من أجل الوصول إلى أذهان البشر، والإسهام الفاعل في تكوين أنساقهم المعرفية والفكرية والقيمية والسلوكية. إن للإعلام ولاسيما النسق الثقافي الذي تبثه القنوات الفضائية دوراً حاسماً في هذا، فهي تؤثر على مجمل حياة البشر، فتغير من قيمهم في مقابل العالم الواسع[39]، كذلك يمارس الاعلام دوراً مهماً وفاعلاً في تنفيذ السياسة الخارجية، من خلال تأثير وسائل الإعلام في الرأي العام. وتأثير وسائل الإعلام في صناع القرار واستمالتهم لدعم أهداف السياسة الخارجية والمساهمة في تنفيذها. ويُعد الإعلام من الوسائل المهمة في تنفيذ السياسة الخارجية للوحدات السياسية الدولية في العصر الراهن، سواء من حيث كثافة الاستخدام أو من حيث تنوع الأساليب[40]. بالتالي، أصبحت وسائل الإعلام وخاصة التلفزيون من أكثر الوسائل فاعلية في التأثير الثقافي.
بعد تزايد الاهتمامات والمصالح التركيّة في المنطقة العربيّة كان لا بد من حدوث تحوّل على الصعيد الإعلامي، فبعد عقود من العزلة والانقطاع على صعيد التواصل المرئي والمسموع، اختفت فيها وسائل البث والإرسال المباشر من تركيا باتجاه العرب أو العكس، بدأ توجّه جديد تماماً بالتشكّل، ففي4 أبريل عام 2010 تأسست القناة الرسمية التركية الناطقة باللغة العربيّة (تي آر تي TRT عربية)، بهدف المزيد من التقارب، وتأكيد المصير المشترك، ولتدعيم التواصل الأخوي بين تركيا والعالم العربي، حيث تتناول برامجها الثقافة والتاريخ المشترك بينهما؛ من أجل تعزيز روابط الانتماء. وصرح أردوغان في افتتاحه القناة قائلا: (إن مصير ومستقبل إسطنبول لا يختلف عن مصير ومستقبل الدول العربية. وقد تكون الحدود السياسية قد خُطٌت بين أوطاننا في التاريخ القريب، وربما الألغام قد زرعت بين دولنا، وربما الجدران والسدود قد شيدت بين أراضينا، إلا أننا نمتلك من القوة والإرادة ما يتجاوز كل هذه العقبات)[41] ، مؤكداً أن افتتاح قناة (تي آر تي) باللغة العربية (هي لحظة تاريخية لأخوتنا العربية – التركية، هذه القناه تجعل من الممكن إقامة جسر تواصل جديد بين العالم العربي والعالم التركي) فالقناة وفق التصور الذي أنشئت من أجله هي أداة للقوة الناعمة التركية، إذ أنها تعتبر جزءاً من استراتيجية حزب العدالة والتنمية، لكسب عقول وأفئدة العرب، بالتالي، المساهمة في الحضور الإقليمي التركي[42].
من المؤكد أن المنتج الإعلامي لهذه القناة، شأنه شأن سائر القنوات الأجنبية الناطقة بالعربية فهو لا يحمل منطلقات اتصالية فحسب، بل تتعدى منطلقاته أبعاداً فكرية وتسويقية لصورة، تركيا وحقيقة امتداد جذورها في العالم العربي؛ قناة تي آر تي الناطقة بالعربية تقدم ثلاثة برامج رئيسة تهم المشاهدين العرب، نظراً إلى الموضوعات التي تعالجها[43]:
الألوان السبعة: باللغة العربية، وهو برنامج يومي يقدم بانوراما للمشهد الثقافي والفني التركي، وهذا البرنامج يثير الاهتمام؛ لكونه يساهم في إبراز النقاط المضيئة في تركيا، عن طريق تقديمه للمشاهد العربي، صورة لدولة ديناميكية وغنية ثقافياً.
غضب الملائكة: هو برنامج أسبوعي يعرض بانوراما للحياة اليومية في الأرضي الفلسطينية، ويظهر معاناة الشعب الفلسطيني، ويشيد بنضاله ضد المحتل الإسرائيلي، وبذلك يؤدي البرنامج وظيفية الدفاع عن الحق، وترسيخ صور تركيا المؤيدة والمساندة للقضية الفلسطينية في ذهن المشاهدة العربي، وإضفاء الشرعية على طموحتها في تصدر القيادة الإقليمية.
جامع ومدينة: برنامج وثائقي أسبوعي، يسلط الضوء على التراث الإسلامي في تركيا من خلال رؤية تاريخ أحد هذه المساجد، وينصب التركيز بشكل واضح على الهوية الإسلامية للبلاد، وماضيها العثماني في ظل الخلافة، وتعلقها الحالي بالإسلام، وتنعكس من هذه البرامج صورة تركيا الوارثة لحضارة إسلامية عظيمة، الأمر الذي من المفترض أن يقربها من العالم العربي والإسلامي.
تم تأسيس القسم العربي، بوكالة الأناضول الرسمية التركية في عام 2011، ولاحقاً تأسس العديد من المواقع الإخبارية الإلكترونية الناطقة بالعربية، منها التابعة لصحف تركية كبيرة مثل: (يني شفق، ديلي صباح، زمان)، ومنها مواقع خاصة (مثل: ترك برس، تركيا بوست، تركيا الآن)[44]. ويقوم خطاب هذه المنصّات بالمجمل، على تبنّي المواقف السياسة التركية والدفاع عنها، وتقديم تركيا باعتبارها نموذجاً على كافة الأصعدة، بما يخدم السياسة والتوجهات التركية في العمق العربي .ويتطلب دور تركيا المتعاظم في المنطقة العربية، سواء من الناحية السياسة أو الاقتصادية، أو الثقافية، وجود قناة إخبارية تسوّق الرأي التركي دون تحيّز، وتنقل تركيا وأجواءها للعالم العربي بحرفية ومهنية[45].ويعتمد الإعلام التركي الموجة للجمهور العربي، لتحقيق التفاهم المشترك على الضوابط التالية[46]:
- الحيادية والموضوعية في طرح الرأي، والاستدلالات والتوجهات.
- إظهار التنوع الثقافي، والمعرفي والفكري، الموجود في تركيا والعالم العربي.
- التركيز على عوامل البناء في تركيا والعالم العربي.
- الابتعاد عن العقبات والخلافات الفكرية التي من شأنها أن تعكر أجواء المود والأخوة بين الشعبين.
- تأصيل عوامل الفن الريادي والإبداعي، والتركيز على التطور المستمر على مستوى الكادر العامل.
- ضمان أعلى سقف ممكن من التواصل التبادلي بين تركيا والعالم العربي، وذلك بإشاعة البرامج الثقافية والمعرفية المشتركة.
- التنوع في مصادر المعلومات واستوديوهات البث، وبناء أفق إعلامي كبير للتعاون الإعلامي المشترك بين تركيا والعالم العربي.
- التركيز على الكادر العامل، واستمرارية تأهيله وتطويره بشتى الوسائل والإمكانيات.
ولبيان أهمية القناه كأداة للقوة الناعمة التركية، يمكن رصد تصريحات مدير القناة “سفر طوران” في لقاء مع غسان بن جدو، في برنامج حوار مفتوح على قناة الجزيرة شهر أبريل عام 2010 قبيل انطلاقة القناة بقليل، قال: بغض النظر عما حصل في التاريخ نجد اليوم خلال العشر السنوات الماضية تقارباً إيجابياً ملحوظاَ بين الطرفين، وأعتقد أن السبب الأكبر هو التغيرات الجذرية في السياسة التركية الخارجية تجاه دول العرب وفى جانب آخر الترحيب الشعبي العربي القوي، نتيجة لهذه التطورات الطبيعية، كان من الطبيعي جداً أن تنطلق من تركيا محطة عربية خاصة أسوة بدول ليست لها علاقة مباشرة مع منطقة الشرق الأوسط[47].
للدراما التلفزيونية أهمية في التأثير على السلوك والعادات، واكتساب القيم والمعارف، وكذلك المهارات، وأهميتها نابعة من كونها تنشأ من النظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، في المجتمع، ونعلم أن النظام الاجتماعي هو العامل الأساسي، الذي يؤثر في القائمين على صناعة الدراما التلفزيونية[48] تزداد أهمية الدراما التلفزيونية يوما بعد يوم، بوصفها أداة من أدوات التأثير في المجتمع، لما تتمتع به من مقومات، لجذب الانتباه والتأثير الفعال النابع من تجسيدها لواقع الحياة وقضايا الإنسان، وتؤثر في جميع فئات المجتمع بكافة أشكالها ومستوياتها، وذلك لتمتعها بخصائص ومميزات تساعد في الانتشار الجماهيري للتلفزيون. لقد أصبح التلفزيون -بما يقدمه من مسلسلات درامية-، وسيلة للتأثير في الثقافات، والاتجاهات، والأفكار، والقيم.[49]
ومن أبرز المسلسلات التي أهتمت التلفزيونات العربية بعرضها المسلسلات التركية، حيث تتناول هذه المسلسلات عددا من السلوكيات والقيم، وتوظف فيها عدداً من العناصر الجذابة، للتشويق والإثارة لدى المتلقي ما زالت المسلسلات التركية تعرض على العديد من القنوات الفضائية، وتلقى إقبالاً شعبياً كبيراً من المجتمعات العربية، ومع انتشار المحطات الفضائية أصبحت هذه المسلسلات تخاطب الملايين من كل الأعمار والفئات، وخاصة الشباب، حيث تشكل هذه المسلسلات صوراً ورسائل إعلامية قادرة على إحداث الكثير من التغيرات في أي مجتمع، بحيث أصبحت رسائل هذه المسلسلات التلفزيونية، في ظل التطور التكنولوجي الهائل الذي عرفته وسائل الإعلام بالغة الخطورة، وبأشكال متعددة من الأفكار والثقافات من مجتمع لآخر، مما قد يؤدي إلى خلق أشكال مختلفة من التغيرات في الحياة الفكرية، ومظاهر من العادات والقيم المختلفة[50].
وعليه من ينجح في صناعة الدراما، يمتلك القدرة على تعميم قيمه وأفكاره إلى العالم الخارجي، وبالتالى يستطيع بناء مكانة ثقافية في المنطقة، وتمتلك تركيا صناعة دراميّة متقدمة، ولكنها تجاوزت حدود الإطار الفنيّ، بعدما أصبحت وسيلة لتحقيق أهداف تخدم السياسية التركية، وجاء ذلك تحديداً مع خطوة دبلجة المسلسلات التركية إلى اللهجات العربية خلال العقد الأول من القرن الحالي، وعرضها على الشاشات العربية، وقدحظيت بنسب مشاهدات عالية.
حيث استطاعت هذه المسلسلات تقديم نمط الحياة التركيّة الذي يجمع بين التقاليد، وبعض العادات الإسلامية مع الانفتاح الغربي، إضافة إلى عرض الطبيعة، والبنى التحتية ومظاهر الحداثة في المدن والأرياف التركية، إضافة بالطبع إلى المسلسلات، والأفلام التاريخية التي تبني لدى المشاهد تصوّرات مزدحمة بالملاحم والبطولات، حول التاريخ التركي – العثماني، والذي يصبّ في النهاية باتجاه تحسين صورة تركيا لدى المواطن العربي، ويعزز من القيم والتصورات والاتجاهات الإيجابية لديه تجاهها، فيصبح بالتالي مؤيداً لها، ومنحازاً لخيار التعاون والتشارك معها، ويحقق بالنهاية غاية تشكيل رأي عام عربي أكثر تأييداً لها ولتوجهاتها ومواقفها[51]، كما اتجهت تركيا للتوغل الإعلامي حيث أدركت أن بإمكانها تحقيق اختراقات فعالة عن طريق الدراما، فأصبحت أكبر منتج ومصدر للدراما التليفزيونية في العالم بعد الولايات المتحدة، وأصبحت المنتجات التليفزيونية التركية تمثل 30% من الإنتاج العالمي بحسب إحصائيات (Euro Data) في عام 2016. واستقبلت القارة الافريقية تلك الأعمال بترحيب شديد، حيث بدأت موجة الشغف بالدراما التركية[52].
وكشفت دراسة أجرتها شركة “إنتربريس ميديا سرفيسز” في النصف الثاني من 2019، أن تركيا تحتل المرتبة الثانية في العالم، بعد الولايات المتحدة الأميركية في تصدير الدراما بإيرادات كانت تقدر في 2015 بنحو 350 مليون دولار، وأشارت إلى أن الدراما التركية تشاهد اليوم في 100 بلد على الأقل[53]، ويصل عدد مشاهديها إلى 400 مليون مشاهد خارج تركيا، ووفقاً لبيانات التنسيقية الدبلوماسية العامة لرئاسة الوزراء التركية، فإن تركيا تنتج نحو 100 عمل درامي سنوياً، تُصدر منها قرابة 15 عملاً إلى دول الشرق الأوسط والبلقان وأميركا اللاتينية وغيرها[54]، وذكرت “هيئة أبحاث الجمهور الفرنسية” في دراسة لها أن 75 مسلسلا تركيا عرضت على الشاشات العربية عام 2016، بإجمالي إيرادات بلغت 600 مليون دولار، وأن متوسط سعر الحلقة الواحدة من المسلسلات التركية في العالم العربي قد ارتفع من 500 دولار عام 2007 إلى 50 ألف دولار عام 2017، في حين قدر بعض المراقبين للدراما التركية أن سعر الحلقة يباع بنحو 250 ألف دولار، بالنظر لاتساع نطاق المشتركين[55]، وارتفع عدد الدول المستوردة للمسلسلات خلال خمس سنوات، من 50 إلى 142، عبر مسلسلات عديدة متميزة.
وأوضح تقرير صادر عن “هيئة الدراسات الاقتصادية والاجتماعية” بتركيا، أن 74% من مواطني العالم العربي، يتابعون عملا دراميا تركيا واحدا على الأقل، ويعرفون اسم فنان تركي على الأقل. كما تضمن التقرير استطلاع رأي أجري في سبع دول عربية يوضح زيادة تعلق المواطن في هذه الدول بتركيا من 75 % إلى 80 %، خلال السنوات الثلاثة الأخيرة[56].
وهذا يؤكد أن الدراما كأداة للدبلوماسية الثقافية أثبتت فعاليتها أيضاً، لقد كانت الموسيقى والرقص أدوات قوية بشكل ملحوظ، للدخول إلى قلوب وعقول الناس في جميع أنحاء العالم، بفضل تفوقها على اللغة العادية، وقدرتها على لمس مشاعر الإنسان العميقة، فهناك حتماً فرق كبير بين البيانات المباشرة من جانب الدبلوماسيين، حول المشاكل الفعلية ذات الصلة واستخدام الفنون، والتي تنقل الفكرة مجازيا في هذه الحالة، ويستخلص الجمهور استنتاجاتهم الخاصة، ويحول الظروف التي تم تصويرها في المسرحية إلى مجتمعاتهم[57].
وعليه، فإن الدراما التركية، والمنتجات الثقافية التركية بمواضيعها المختلفة، تمثل أحد أهم مصادر القوة الناعمة التركية، ورافداً مهماً من روافد القوة الناعمة التركية. وكثيراً من القضايا الاجتماعية التي طرحتها المسلسلات التركية مثلت نسقاً تبناه البعض من شعوب المنطقة. والأعمال الدرامية التاريخية التي تبنّت قضايا الأمة، أبرزت صورة مشرقة للحاضر التركي والتاريخ العثماني، وكان لها دور كبير في تعزيز مكانة تركيا.
وهنا تثور في الأذهان أسماء مسلسلات مثل: “القرن العظيم”، الذي يركز على حياة السلطان العثماني سليمان القانوني في القرن الـ 16، والذي يحتل المرتبة الأولى في قائمة المسلسلات التركية الأكثر مشاهدة في العالم. يليه مسلسل “ما ذنب فاطمة جول”، ثم مسلسل “ألف ليلة وليلة”، علاوة على عناوين مثل “الحب الممنوع”، و”نور”، و”هكذا يمضي العمر”، و” قيامة أرطغرل”، و”السلطان عبد الحميد”، الذي يحظى بنسبة متابعة كبيرة. وصار بعض العرب مثلا يحاكون هذه النماذج، ويشترون بعض لباسهم، ويقلّدون بعض هيئاتهم، وهذا جذب دون إكراه ويعني قوة ناعمة إضافية[58]، ولم يقف التأثر العربي بالدراما التركية في تقليد الموضة فحسب، بل امتد الأمر إلى الاهتمام بشراء الأثاث وديكورات المنازل، حسبما يتم تداولها في الأعمال الفنية، وتعتبر السعودية من أبرز النماذج بالوطن العربي في هذا الشأن، إذ أدى نجاح الدراما التركية إلى إقبال المواطن السعودي على اقتناء الأثاث غير التقليدي، وهو ما دفع لزيادة واردات السعودية من الأثاث التركي من 81.2 مليون دولار عام 2013 إلى 159.7 مليون دولار عام 2015م[59].
علاوة على ذلك، كان للتصدير المكثف للإنتاج التلفزيوني إلى الشرق الأوسط، تأثيرات مختلفة من حيث تنامي القوة الناعمة التركية في المنطقة. وقد أسهم إنتاج المسلسلات نوعاً من العلامات المميزة، عززت النفوذ الثقافي لتركيا في المنطقة، من خلال إبراز صورة تركيا الحديثة والمتطورة اقتصادياً، والمتمسكة بتقاليدها الاجتماعية وقيمها الدينية، والمستحقة لماضيها المجيد، قدمت المسلسلات بطريقة معينة صورة، مشرفة عن تركيا رافقها وجود أسلوب حياة تركي تروج لها الدراما التركية حيث شكلت المسلسلات التركية، أحد الأوجه الناجحة لدبلوماسية تركيا الثقافية[60].
شهد العقد الأول من الألفية الثالثة، طفرة تعليمية ملموسة في تركيا، وكان من أبرز حصادها ارتفاع عدد الجامعات في تركيا من 76، جامعة سنة 2007 إلى 170 جامعة في 2017، موزعة على غالبية المدن التركية عبر الجمهورية. وتخطط تركيا للعام 2023، على أن يكون لديها 500 جامعة على مستوى الجمهورية. ويبلغ عدد أساتذة الجامعات في تركيا حوالي 100 ألف أستاذ تقريبا ، وفي عام 2020 دخلت 9 جامعات ضمن أفضل 1000 جامعة على مستوى العالم. وهكذا اجتازت وتقدمت تركيا وفقا للتقارير والمعايير العالمية لقياس معدل التقدم في البحث العلمي، ومنها النشر في دوريات علمية عالمية، والحصول على براءات الاختراع، والإبداع العلمي، والحصول على جوائز عالمية، وحسب تصنيف “معهد الحكومة” البريطاني لقياس القوة الناعمة، احتلت تركيا المرتبة (25) في عام 2011، والمرتبة (20) في عام 2012، ضمن قائمة تضمنت 40 دولة متقدمة على مستوى العالم في أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا[61]. رغم أن تركيا لم تنافس على المراتب المتقدمة، إلا أنها كانت الأولى ضمن محيطاتها الإقليمية المختلفة (الشرق الأوسط -البلقان – آسيا الوسطى – القوقاز)، وتلتها (إسرائيل )، بفارق كبير في المرتبة (29)، ثم اليونان في المرتبة (33).
هذا التقدم والتطور العلمي رافقه، حرص تركي على توثيق العلاقات العلمية مع الدول العربية. فمثلاً: ثم تأسيس المؤتمر العربي – التركي للعلوم الاجتماعية، وانعقاد أولى دوراته في أنقرة في الفترة المممتدة بين 10-12 ديسمبر 2010. كذلك تأسست الجمعية التركية العربية للعلوم والثقافة والفنون تاسكا في أنقرة عام 2008، التي تعمل على بناء جسور التواصل الحضاري بين شعوب وبلدان العالمين التركي والعربي في مجالات العلوم والثقافة والفنون، بما يحقق المصلحة المشتركة للطرفين[62].
إنّ أهداف هذه الجمعية وأنشطتها، تأتي لتساند مسيرة التقارب والتعاون الحاصلة على المستويين السياسي والاقتصادي بين تركيا والعالم العربي، والتي شهدت في السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً”، وكذلك المساهمة في تفعيل اتفاقات التعاون العلمي، والثقافي، والإعلامي، والفني والمجتمع المدني، المبرمة بين تركيا والعالم العربي[63].
بالإضافة إلى تنظيم أعمال المؤتمر التركي العربي في اسطنبول سنة 2014، الذى ساهم في إتاحة الفرصة للجامعات العربية والتركية، لتوثيق أواصر التعاون والتبادل الثقافي والمعرفي، من خلال توقيع مائة وعشرين اتفاق تعاون مشترك، بالإضافة للمشاركة الواسعة من الجامعات العربية التي وصل عددها إلى مائة وخمسة وأربعين جامعة، بهدف تشجيع برامج تبادل الطلاب والعلماء، من خلال التعاون والتنسيق مع البرنامج التركي مولانا، الخاص بالتعليم العالي في المنطقة العربية.[64]
واستمرار للتعاون العلمي بين الجانبين، عقد مؤتمر التعليم العالي التركي-العربي الثاني (TACHE16) في إسطنبول طوال الفترة الممتدة بين 26 و30 أبريل 2016 وشكل المؤتمر فرصة لرؤساء الجامعات التركية والعربية، للاجتماع على طاولة واحدة، بغرض تعزيز عملية حوار مستدامة، والتفاهم المتبادل، وتبادل المعرفة، والرفع من مستوى التعاون بين الجامعات، هذا ما أكده السيد مصطفى صفران مساعد وزير التعليم التركي، والذي ترأس مجموعة العمل المشتركة للجنة القطرية التركية في مجال التعليم، والتي جاءت تنفيذا لبنود اتفاق التعاون في مجال التعليم بين البلدين الموقعة عام 2015. قائلاً: نحن كتربويين ننظر في الأمور التي يمكن أن ننجزها، لكي نصل بالعلاقات إلى مستوى العلاقات السياسية في مجال التعليم، وأن نصل إلى نقطة يتم من خلالها تبادل الخبرات، وتوسيع أفق التعاون بين الطرفين. [65].
استضافة الطلبة الأجانب بتركيا (المنح التركية)
إذا كانت الثقافة إحدى أهم أدوات تأثير القوة الناعمة لتركيا، فإن من أهم قنوات تلك القوة برامج تبادل الطلاب، وقد لخص وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن بأول هذه الحقيقة في قوله: (لا أستطيع أن أفكر في رصيد لبلدنا، أضمن من صداقة قادة عالم المستقبل الذين تلقوا تعليهم هنا) ذلك أن الطلبة الدوليين يعودون إلى أوطانهم بتقدير أكبر لقيم ومؤسسات البلدان التي درسوا فيها[66].
من هذا المنطلق فإن إدراك تركيا لأهمية التبادل الأكاديمي كأداة للقوة الناعمة قد أدى إلى تعزيز حضورها الإقليمي والدولي، وكذلك عملت تركيا إلى فتح قنوات تواصل مع الباحثين من خلال برنامج “المنح التركية الحكومية”، الذي أصبح البعض يصنفه ضمن “القوة الناعمة”، التي تستهدف نشر الثقافة التركية في العالم، وتهدف إلى انشاء روابط وثيقة بين الطلاب الأجانب وتركيا بطريقة تلبي المطامح الإقليمية والعالمية للبلاد.
لقد استطاعت تركيا استقطاب عدد كبير من الطلاب الأجانب، بتركيزها على فتح أبواب الدراسة، والتعاون العلمي والثقافي، مع العديد من الدول التي تعدت أكثر من 176 دولة، يمثلون جنسيات وأعراق مختلفة، كما اهتمت الحكومة التركية بتوفير جميع الظروف لاستقطابهم عبر منح رسمية، وتخصيص مقاعد خاصة بهم[67] ،وقد وصل عدد المسجلين في الموسم الماضي 2019، 145 ألفا و700 طالب، من 167 دولة، مقارنة بـ 138 ألف طالب من 146 دولة في عام 2018، وهو عدد قياسي مقارنة بالأعوام التي قبلها، ومقارنة بكل برامج المنح حول العالم، ذلك عبر برنامج المنح الذي بدأ عام 1992، ضمن برنامج “مشروع الطلاب الكبير”، وتحول اسمه إلى برنامج “منح تركية”، والذي ترعاه الحكومة التركية سنوياً، كما تقبل تركيا حوالي خمسة آلاف طالب من إجمالي عدد المتقدمين، ويتم اختيارهم موزعين على جميع دول العالم، وبحسب رئيس الشؤون التركية عبدالله آران، فإن الحكومة تهدف إلى زيادة عدد الطلاب المستفيدين إلى 20 ألف طالب، بحلول عام 2023.[68]
فمن خلال المنحة التركية، يعود الطلاب الذين أكملوا دراستهم في تركيا إلى بلدانهم، محملين بلغة تلك البلد، وحصيلة معرفية عن تاريخ بلاد الأناضول وثقافتها، ولا يخلو الأمر من نشر بعض التقاليد التركية، بالإضافة إلى ذلك، كانت اللغة التركية والعربية من أهم مجالات التعاون العلمي بين الجامعات التركية والعربية، ولذا نهض مشروع “اللغة العربيّة في تركيا” للتعريف باللغة العربيّة في الجمهوريّة التركيّة، عبر إصدار خمسة مجلّدات، بالتعاون مع مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي، لخدمة اللغة العربيّة في الرياض[69].
كما تم تطوير برنامج (مولانا) الذي يحمل اسم مولانا جلال الدين الرومي الشاعر والحكيم الصوفى، وهو على غرار برنامج اراسموس الأوروبي للتبادل الطلابي، ويوفر لطلاب العرب الدراسة في تركيا لمدة عام كامل، تساهم هذه التبادلات الجامعية في بناء القوة الإقليمية لتركيا، في الواقع، يحمل الطلاب ذوو المنح من تركيا نظرة إيجابية عن هذا البلد وثقافتة، ويحافظون على روابط قوية معه، إضافة إلى النظرة المتعاطفة مع البلد الذي ساهم في تنشئتهم الجامعية، وحافظ معظم الخريجين العرب علي ارتباطهم بتركيا، من خلال شبكات مؤسسية، كإنشاء رابطات صداقة بين تركيا والبلد الأم، وهكذ تندرج القوة الناعمة التركية في إطار دينماكية متكاملة لدائرة حميدة: في خطوة أولى، تبادر الدولة التركية بتقديم منح للطلاب العرب لاستقطابهم نحو نظام التعليم التركي، وفي خطوة ثانية، يقوم الخريجيون(المتوائمون) ثقافياً مع تركيا، بتأسيس جمعيات، تعزز الروابط بين بلدهم الأم وتركيا، في مرحلة ثالثة، يتحول هؤلاء إلى قوة محفزة للقوة الناعمة التركية، من خلال ما يقومون به من نشاطات (كمعارض الجامعات التركية وتسهيل التعاون بين رجال الأعمال)، هكذا تخلق دينامكية تشابكية قوية، فالأشخاص الذين تعلموا في تركيا، يصبحون بشكل من الأشكال، عناصر معززة لقوة تركيا في المنطقة[70].
بناءاً على ما تقدم، تُعتبر القوة الناعمة لتركيا وسيلة فعالة تخدم النفوذ السياسي التركي. فمنذ عشر سنوات، وحزب “العدالة والتنمية” يراهن على القوة الناعمة التي تتسم بالحداثة والصبغة الإسلامية والعثمانية الجديدة في آنٍ واحدٍ، وذلك بهدف بسط النفوذ التركي خارج حدود البلاد.
بناء على ماسبق نتوصل إلى أهم النتائج الآتية:
-تعزيز التأثير الثقافى : اظهار زيادة في الإقبال على اللغة والثقافة التركية في المناطق المستهدفة من خلال برامج التعليم والتبادل الثقافي.
-تحسين الصورة الدولية : تحسين صورة تركيا في الساحة الدولية ، مما يمكن أن يؤدي إلى زيادة التفاعل الإيجابي.
-تحقيق تأثير دبلوماسي : يمكن أن يؤدي استخدام القوة الناعمة التركية إلى تحسين العلاقات الدبلوماسية وتسهيل حل النزاعات الإقليمية.
-تعزيز الهوية الوطنية : ربما يسهم تعزيز اللغة والثقافة في تعزيز الهوية الوطنية التركية وفهمها.
الخاتمة:
استطاعت تركيا توظيف مجموعة متنوعة من أدوات القوة الناعمة بدءًا من الدبلوماسية الثقافية وصولاً إلى التعاون الاقتصادي ، لتعزيز تأثيرها الإقليمي وتوجيه أدوات قوتها الناعمة بما يحقق أهدافها السياسية، ويظهر ذلك بالتزام تركيا بتعزيز التبادل الثقافي والقوة الناعمة كعناصر أسياسية في استراتيجيتها، و بالتالي فإنه يبدو أن تركيا تسعى إلى تحقيق تأثير دائم وإيجابي في المنطقة وخارجها من خلال القوة الناعمة مما يبرز ملامح فريدة للسياسة التركية.
[1]-Maxime Gomichon, Joseph Nye on Soft Power, E-International Relations, Bristol: University of the West of England, January 2013, PP. 1-5.
Read the article at: https://urlz.fr/pP7P
[2]– رنا عبد العزيز الخماش، ” النظام السياسي التركي في عهد حزب العدالة والتنمية 2002-2014″، المستقبل العربي، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 449، يوليو2016، ص73-88.
[3]– شيماء بهاء الدين، سماح عبد الصبور، السياسات الثقافية لدول الأركان الثلاث وأثرها في المكانة والدور، القاهرة: مركز الحضارة للدراسات والبحوث، سبتمبر 2016، أنظر في الرابط:
[4]-علي جلال معوض، “مراجعة مفهوم القوة الناعمة: خصوصية السياق الشرق أوسطي”، ورقة مقدمة إلى المؤتمر العربي التركي الأول للعلوم الاجتماعية، (لثقافة ودراسات الشرق الأوسط)، المجلد الأول، (مراجعة وتحرر) أمجد أحمد جبريل القاهرة: مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات، 2012، ص23.
[5]– إياد خلف عمر الكعود، استراتيجية القوة الناعمة ودورها في تنفيد اهداف السياسية الخارجية الأمريكية في المنطقة العربية، دارسة ماجستير غير منشورة، الأردن: جامعة الشرق الأوسط، 2016، ص72.
[6]– فؤاد العمري، تركيا: مفاعيل الهيمنة والتحكُّم، 15 يوليو 2017 ، أنظر في الرابط التالي:
http: //cutt.us/xPTgt
لمزيد من المعلومات حول: مدى تحول هوية السياسة الخارجية التركية من كونها “قوة صلبة” إلى “قوة ناعمة” وكيف ساهمت التطورات الداخلية والخارجية في تعزيز إمكانات القوة الناعمة لتركيا أنظر في :
Tarik Oğuzlu, Soft power in Turkish foreign policy, Australian Journal of International Affairs, 61:1, PP. 81-97.
[7]– الزبير خلف الله، “تركيا من العُمْق الاستراتيجي إلى العُمْق الحضاريّ”، تركيا: ترك برس، 24 فبراير 2015، أنظر في الرابط التالي:
https: //www.turkpress.co /node/5992
[8]–هبة السيد رمضان، “الدور الراهن للسياسة الخارجية التركية البحث عن نظام عالمي جديد”، ورقة مقدمة إلى المؤتمر العربي التركي الأول للعلوم الاجتماعية، (الثقافة ودراسات الشرق الأوسط)، المجلد الأول، (مراجعة وتحرر) أمجد أحمد جبريل، القاهرة: مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات، 2012، ص23.
[9]– خالد الحمد، الانفتاح التركي الجديد على الشرق الأوسط بين (الطموح والمعوقات)، القاهرة: المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية، الاقتصادية والسياسية، 2020، ص6،أنظر في الرابط التالي:
[10]– ميشال نوفل، عودة تركيا إلى الشرق: الاتجاهات الجديدة للسياسة التركية، بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، 2010، ص 96.
[11]– اف ستيفن لا رابي، لان او. ليسر، سياسة تركيا الخارجية في عصر الشك والغموض، ترجمة، محمود احمد عزت البياتي، بغداد: بيت الحكمة، 2010، ص238.
[12]– رائد مصباح أبو داير، استراتيجية تركيا شرقاً أوسطياً ودولياً في ضوء علاقتها بإسرائيل 2000-2011، بيروت: مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية، 2013، ص216.
[13]– أحمد معشان النج، “السياسة الخارجية التركية بين القوة الناعمة والقوة الصلبة”، قضايا سياسية، بغداد: جامعة الأنبار، كلية القانون والعلوم السياسية، 2018، العدد 54، ص143.
[14]– خالد أبو هريرة، التركمان.. بوابة أروغان لاختراق الخارطة اللبنانية، تركيا الأن، 10 اغسطس 2020، أنظر في الرابط التالي:
[15]– عماد عبد الهادي، الجزيرة نت، أشغال الترميم التركي تبدأ بجزيرة سواكن السودانية، 10/3/2018، أنظر في الرابط التالي:
[16]– زيد كريم عزيز وزيد علي الخفاجي، “القوة الناعمة في السياسة الخارجية التركية تجاه منطقة الشرق الأوسط (دراسة في الجغرافيا السياسية)”، العراق: مجلة جامعة بابل للعلوم الإنسانية، المجلد28، العدد2، 2020،ص 199. أنظر أيضاً في : جوزيف س ناي، القوة الناعمة وسيلة النجاح في السياسة الدولية، ترجمة محمد توفيق البجيرمي، المملكة العربية السعودية: العبيكان، 2007، ص32.
[17]– أنظر دور القيم السياسية في تحديد قدرة القوة الناعمة لتركيا في :
Senem B. Çevik, Reassessing Turkey’s Soft Power, Alternatives: Global, Local, Political, Vol. 44, No. 1, Special Issue: Turkey’s State Problem (February 2019), PP. 50-71
[18]– إياد خلف عمر الكعود، استراتيجية القوة الناعمة ودورها في تنفيذ اهداف السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة العربية، رسالة ماجستير غير منشورة، الأردن: جامعة الشرق الأوسط، 2016، ص62.
[19]– عبد القادر محمد علي، التعليم العالي والمنح الدراسية: قوة ناعمة في السياسة الخارجية التركية، الدوحة: منتدى العلاقات العربية والدولية، 2017، ص2.
[20]– عدنان عبد الرزاق، هل تمثل الديون الخارجية أزمة للاقتصاد التركي؟، صحيفة “العربي الجديد”، 24 أغسطس 2019، متاح على الرابط التالي:
[21]– الجزيرة نت، أرقام قياسية.. الصادرات التركية تتجاوز 180 مليار دولار عام 2019، 4 يناير 2020، أنظر في الرابط الآتي:
-[22])Utku Ali Riza Al-Baydin, Soft Power in Turkish Foreign Policy Under the Governments: 2002-2009, Master’s Thesis, Department of International Relations, Ankara: Bilkent University, July 2010, PP. 133-134.
[23]– على حسين باكير، تركيا الدولة والمجتمع… المقومات الجيو-سياسية والجيو-استراتيجية، في: عبد العاطي (محرر)، تركيا بين تحديات الداخل ورهانات الخارج، ط1، بيروت، الدوحة: مركز الجزيرة، الدار العربية للدراسات ناشرون, 2010، ص20، 21.
[24]– يحيى السيد عمر، القوة التركية الناعمة مقومات الصعود في العلاقات الدولية، ط 1 اسطنبول: دار الأصول العلمية 2019، ص 11، ص87.
[25]– شحاتة محمد ناصر، المنطقة العربية بين المشروعين التركي والإيراني، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أغسطس 2008. أنظر في الرابط الآتي:
[26]– الجمهورية التركية، وزارة الخارجية ، متاح على الرابط التالي:
[27]– خليل مبروك، ازدهار الترجمة ينعش التبادل الثقافي بين تركيا والعالم العربي، متاح على الرابط التالي:
https: //www.aljazeera.net/news/cultureandart/2020/2/20 /
[28]– ترك برس، أكاديمي تركي للعرب: ستتعرفون علينا أكثر إذا ترجمتُم كُتبنا إلى العربية، نوفمبر 2017، أنظر في الرابط الآتي: https://urlz.fr/pP82
[29]– رنا جاموس، معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي يفتح أبوابه أمام القراء ديسمبر، 2019، أنظر في الرابط الآتي: https //www.aa.com.tr
[30]– خليل مبروك، ازدهار الترجمة ينعش التبادل الثقافي بين تركيا والعالم العربي، أنظر في الرابط الآتي:
[31]– معهد يونس امره المركز الثقافي التركي، أنظر في الرابط الآتي:
[32]– جنى جبور، دبلوماسية القوة الناهضة، قطر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ترجمة جان جبور، 2019، ص259.
[33]– شيماء بهاء الدين، سماح عبد الصبور، السياسات الثقافية لدول الأركان الثلاث وأثرها في المكانة والدور، القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية، ص195.
[34]– رجب طيب أردوغان، رؤية للسلام العالمي، ترجمة طارق عبد الجليل وأحمد سامي العايدي، القاهرة: دار الشروق، 2012، ص342.
[35]– زاهر البيك، معهد يونس إمره.. سفير تركيا الثقافي، الجزيرة نت، أنظر في الرابط التالي:
[36]– منحة المدرسة الصيفية التركية 2020 ( ممولة بالكامل)، 20/3/2020، أنظر في الرابط الآتي:
[37]– ترك برس، منحة جديدة للّغة التركية يقدمها معهد “يونس إمره“، 22/مارس/2018، أنظر في الرابط الآتي:
[38]– عبد الله عرفان، صناعة الولع: المراكز الثقافية الغربية في العالم الإسلامي، مركز الحضارة للدراسات البحوث، سبتمبر 2016، أنظر في الرابط الآتي:
أنظر أيضاً في الرابط الآتي: المراكز الثقافية الأجنبية ودورها في تواصل الحضارات، متاح على الرابط الآتي:
[39]– بشرى جميل اسماعيل، الإبداع الإعلامي في الفضائيات العربية، ط1، الأردن: دار أسامة للنشر والتوزيع، 2012، ص9.
[40]– دينا سليمان كمال لاشين، الاعلام وتأثيره والسياسة الخارجية، مصر، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية، الاقتصادية والسياسية، فبراير، 2020، أنظر في الرابط الآتي:
https: //democraticac.de/?p=64961
[41]– مجلة آفاق للصداقة المصرية التركية، مركز يونس إمراه للثقافة التركية، مرجع سابق، ص13.
[42]– جنى جبور، دبلوماسية القوة الناهضة، قطر: سلسلة ترجمان، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ترجمة جان جبور، 2019، ص254.
[43]– المرع نفسه، ص255.
[44]– إسماعيل شكشك، الإعلام التركي الناطق بالعربية.. مواطن النجاح والفشل، مجلة الصحافة، 7فبراير 2017، أنظر في الرابط الآتي:
https: //institute.aljazeera.net/ar/ajr/article/447
[45]– صحيفة العربي الجديد، “تي آر تي” بحُلّة جديدة: الموضوعية مُحرّك أساسي، إسطنبول، 9 يناير 2019، أنظر في الرابط التالي: https: //www.alaraby.co.uk/%22
[46]– ميلود مراد، رضوان بلخيري، التسويق الإعلامي لصورة تركيا في العالم العربي (دراسة تحليلية )، مجلة جامعة الأسراء للعلوم الإنسانية، فلسطين: جامعة الأسراء، العدد 10، يناير2012، ص24.
[47]– عبد الله أحمد محمود، خريطة القوى الإعلامية التركية، الجزء الرابع، المعهد المصري للدراسات السياسية والأستراتيجية، يونيو، 2016، متاح على الرابط التالي:
[48]– عز الدين عطية المصري، الدراما التلفزيونية مقومتها وضوابطها الفنية، رسالة ماجستير غير منشور، الجامعة الاسلامية- غزة: 2010، ص99.
[49]– عبد الحميد أمين طلحة، التأثيرات الثقافة للمسلسلات التركية على طلبة جامعة صنعاء، المجلة الجزائرية للأبحاث والدراسات، الجزائر، جامعة جيجل، العدد 04 ، أكتوبر 2018، ص48.
[50]– عبد الحميد أمين طلحة، التأثيرات الثقافة للمسلسلات التركية على طلبة جامعة صنعاء، مصدر سبق ذكرة، ص48.
[51]– خالد بشير، أبرز 6 ركائز تقوم عليها القوة الناعمة التركية اتجاه المنطقة العربية، 21/6/2020، أنظر في الرابط الآتي:
https: //www.hafryat.com/ar/blog /
[52]– آلاء برانية وهالة فودة، العلاقات التركية الإفريقية… أهداف وتحركات أنقرة في القارة السمراء، المرصد المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، نوفمبر 2019، أنظر في الرابط الآتي:
https: //marsad.ecsstudies.com/12830 /
[53]– تركيا الثانية عالمياً في تصدير الدراما، صحيفة “العربي الجديد”، 15 نوفمبر 2019، أنظر في الرابط الآتي: https: //bit.ly/34HT95b
[54]– مجدي سمير، الدراما التركية… القوّة الناعمة التي تدخل إلى بيوت كل العرب، موقع “رصيف 22″، نوفمبر 2018، أنظر في الرابط الآتي:
[55]– الدراما التركية تحقق نجاحات كبيرة عبر شاشات 130 دولة حول العالم، صحيفة “ديلي صباح” التركية، 14 أكتوبر 2015.أنظر في الرابط الآتي :
أنظر أيضاً: الدراما التركية تحتل المرتبة الثانية عالمياً في تصدير المسلسلات، موقع سما الإخبارية، /مارس 2018، أنظر في الرابط الآتي:
https: //samanews.ps/ar/post/330557/%EF%BB%BF
[56]– القوة الناعمة التركية تصيب المجتمعات العربية بزلزال الهوية، لندن: صحيفة العرب، يناير 2018، أنظر في الرابط الآتي: https: //alarab.news
[57]– نجم الدين كرم الله، دور الدبلوماسية الثقافية في تطوير العلاقات بين الشعوب، مدونات الجزيرة، 5/7/2020 ، أنظر في الرابط الآتي:
https: //www.aljazeera.net/blogs/2020/7/5
[58]– محمد حسين أبو حديد، قوة تركيا الناعمة… كيف تغيرت قبل وبعد الربيع العربي، مدونات الجزيرة، 10/2/2020، أنظر في الرابط الآتي:
https: //www.aljazeera.net/blogs/2020/2/10 /
[59]– مجدي سمير، الدراما التركية… القوّة الناعمة التي تدخل إلى بيوت كل العرب، موقع “رصيف 22″، نوفمبر 2018، أنظر في الربط الآتي:
[60]– جنى جبور، دبلوماسية القوة الناهضة، مرجع سابق، ص249.
[61]– القوة الناعمة التركية.. المفهوم ومؤشرات الصعود، صحيفة الاستقلال، 24/4/2020، أنظر في الرابط الآتي:
https: //www.alestiklal.net/ar/view/4600/dep-news-15878278
[62]– ما يجمع العرب وتركيا، مركز دراسات الصين وأسيا، أغسطس، 2020، أنظر في الرابط الآتي:
[63]– المركز الدولي للأبحاث والدراسات (مدار)، جمعية أهلية لتنمية التعاون الثقافي والعلمي مع العالم العربي، 10أبريل 2008
، أنظر في الرابط الآتي:
https: //medadcenter.com/mob/5026
[64]– اتحاد الجامعات العربية، اختتام أعمال المؤتمر التركي العربي في إسطنبول، أبريل 2014، أنظر في الرابط الآتي:
http: //www.aaru.edu.jo/Lists/NewsandEvents/Disp_Form.aspx?ID=63
[65]– مساعد وزير التعليم التركي: نسعى لإدراج الجامعات التركية ضمن قائمة المنح، 13 فبراير، 2020، أنظر في الرابط الآتي:
https: //al-sharq.com/article/12/02/2020 /
[66]– عبد القادر محمد على، التعليم العالي والمنح الدراسية: قوة ناعمة في السياسة الخارجية التركية، مرجع سابق، ص5.
[67]-حسن أبو مطير، لماذا الدراسة في تركيا؟ 22 يناير 2015، أنظر في الرابط الآتي:
https: //www.turkpress.co/node/5088
[68]– آدام يحيى، المنحة التركية.. كيف عكست قوة أنقرة الناعمة في المنطقة؟، صحيفة الاستقلال ، أنظر في الرابط الآتي:
https: //www.alestiklal.net/ar/view/3634
[69]– صدور مشروع اللغة العربيّة في تركيا في خمسة مجلدات، 21 نوفمبر 2020، أنظر في الرابط الآتي:
[70]– جنى جبور، دبلوماسية القوة الناهضة، مرجع سابق، ص258.