سياسية

تأثير العلاقات التركية -الإسرائيلية على القضية الفلسطينية

  أ.م.د.هند محروس محمد الجلداوي

عضو هيئة التدريس العلوم السياسية / العلاقات الدولية، الجامعة الإسلامية بمنيسوتا- المركز الرئيسي IUM، كلية الأداب والعلوم الإنسانية -قسم العلوم السياسية، جمهورية مصر العربية.

الملخص:

تتناول هذه الورقة البحثية تأثير العلاقات التركية – الإسرائيلية على القضية الفلسطينية، فلطالما تأثرت العلاقات بين الجانبين بالصعود والهبوط في عملية السلام،  على الرغم من أن القضية الفلسطينية  تحتل مكانة رئيسية في السياسة التركية تجاه الشرق الوسط؛ ولكن تركيا أول دولة إسلامية اعترفت بالكيان الصهيوني(إسرائيل) 1949.

الكلمات المفتاحية: العلاقات التركية – إسرائيل- القضية الفلسطينية .

مقدمة:

وعلى مدار السنوات الماضية شهدت هذه العلاقات تحولات وتغيرات، فقد توطّدت علاقات التعاون بينهما خلال العقدين الماضيين إلى أن بلغت مستوى التحالف السياسي والاستراتيجي والعسكري؛ وأثارت هذه العلاقات شكوك لدى معظم الدول العربية، أضيفت إلى مشاعر الحذر المتبادل انطلاقًا من إرث العلاقات الثقيل ما بين العرب والسلطنة العثمانية، ووفقاً للمتغيرات الجديدة بمنظومة العلاقات الاقليمية في الشرق الأوسط، تتأثر العلاقات الثنائية بين الطرفين سلباً وايجاباً وينعكس ذلك على القضية الفلسطينية.

 وقد شهدت السنوات الأخيرة الكثير من المنعطفات المختلفة والاضطرابات المتعددة في العلاقات الاستراتيجية بين تركيا وإسرائيل، ولكنهما سعيا لتوطيد هذه العلاقات وتعزيزها، مما انعكس على مختلف المجالات الدبلوماسية والسياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية .

أهمية الدراسة:

تستمد الدراسة أهميتها من أنها تقوم بدراسة العلاقات التركية –الاسرائيلية، ولاسيما أن هذه العلاقة صاحبتها العديد من التغيرات الهيكلية من خلال الدور الذي لعبته السياسية الخارجية الإسرائيلية ووسائلها وأهدافها والأليات التي اتبعتها في فلسطين.

منهج الدراسة:

اعتمدت الدراسة علي منهج “تحليل النظم”. الذي يتيح لنا دراسة المنظور التركي للقضية الفلسطينية عبر مراحل مختلفة.

-محددات العلاقات  التركية – الإسرائيلية

-تطور العلاقات  التركية – الإسرائيلية

-تأثير العلاقات  التركية – الإسرائيلية على القضية الفلسطينية.

أولاً – محددات العلاقات  التركية – الإسرائيلية

1-تطويق الطوق:

وجسدت عقيدة بن غوريون الدفاعية ثلاثة مبادئ أو ركائز: الردع والإنذار المبكر والقوة الهجومية، ولاتزال هذه المبادئ تشكل حجر الزاوية في الدفاع الإسرائيلي[4]، وقامت الاستراتيجية على مبدأ المواجهة المشتركة مع العرب، وتعززت بفعل سوء العلاقات التركية العربية خلال فترة الخمسينيات والستينيات، إلا أنّ هذا المرتكز في العلاقة شهد تراجعاً تدريجياً في أهميته، وذلك بفعل تطور العلاقات التركية العربية وتحسّنها إلى حد مع بداية منتصف عقد السبعينيات، ومن ثم تزايد مستويات العلاقات الإسرائيلية العربية وتراجع حد الصراع بين العرب و”إسرائيل”، وبشكل خاص منذ عقد التسعينيات من القرن الماضي[5].

2-مفتاح لكسب الود مع الغرب:

بالنسبة إلى تركيا؛ جاء تأسيس العلاقات مع”إسرائيل” في فترة حرجة من تاريخ الجمهورية، وذلك في بداية الحرب الباردة حين كانت “تركيا تبحث عن تأسيس علاقة تحالف راسخة تضمن لها أكبر قدر من الاستقرار وتعزز من أمنها القومي، وهو ما وجدته في اختيار الانضمام والتوجه نحو المعسكر الأطلسي، وهو الخيار الذي تجسّد في انضمامها لحلف شمال الأطلسي “الناتو” عام 1952، الذي كانت العلاقة المبكّرة مع “إسرائيل” مفتاحاً أساسياً له؛ حيث كانت “إسرائيل” والعلاقة معها عامل الدفع لتعزيز العلاقات بين تركيا والغرب وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت تنظر لـ “إسرائيل” باعتبارها حليفاً إستراتيجياً في المنطقة في إطار المواجهة مع المعسكر الشرقي المعادي بقيادة الاتحاد السوفييتي.[6]

فقد وجدت تركيا في تحالفها مع المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة خير سبيل للخلاص من التهديدات السوفيتية للأناضول على مدار عقود، ولتكون تحت المضلة الأمنية الغربية لمواجهة المد الشيوعي والأطماع السوفيتية في أراضيها، فأصبحت العلاقات التركية – الإسرائيلية منذ ذلك الوقت مكون مشترك من مكونات الأمن القومي لهما بسبب عامل اشتراك الطرفين في سقف دولي واحد وهو المعسكر الغربي[7].

كانت تركيا تتمتع بأهمية بالغة ومكانة مرموقة لدى الادارات الأمريكية المتعاقبة، على اعتبار أنها خط الدفاع الأول أمام المد الشيوعي، إلا أن هذه الأهمية والمكانة تراجعت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، لذلك رأت تركيا أن تطوير علاقاتها مع إسرائيل سيعيد لها مكانتها، كما أن اقامة علاقات مع إسرائيل يمكن تركيا من الحصول على باب موصل إلى أمريكا من خلال اللوبي الصهيوني في مراكز صنع القرار الأمريكية لمواجهة اللوبيين اليوناني والأرمني اللذين يحاولان دفع الكونغرس لتبني قرارات تدين تركيا بتهمة الابادة الجماعية للأرمن عام، وقرارات أخرى تهدف إلى تخفيض المساعدات الاقتصادية والعسكرية عن تركيا، كما تستطيع تركيا أيضاً من خلال علاقاتها مع إسرائيل أن تكسب الدعم الأمريكي لها للدخول إلى الاتحاد الأوروبي الذي رفض عدة محاولات لها بحجة أن (أنقرة) تعاني نقص في الديمقراطية[8].

3-المحدد الجيوسياسي:

إن  موقع تركيا الجيوستراتيجي وإرثها التاريخي والثقافي يفرضان عليها دور فعال في العلاقات الدولية[9]، مما يجعلها تقوم بدور مهم في تبلور سياستها الخارجية، فهي إحدى دول جنوب غرب آسيا، والتي تقع في نصف الكرة الشمالي بين قارات العالم القديم الثلاث، وتمتد بين دائرتي عرض (360-420)شمالاً وخطي طول (260-440) شرقًا، كماأن قسم منها يقع في قارة أوروبا بينما القسم الأكبر في آسيا [10]، فهي تقع بشكل كامل على الساحل الجنوبي للبحر الأسود، وتسيطر على المضيقين اللذين يربطانها بالبحر المتوسط وهما البوسفور والدردنيل[11]، وبهذا يقع البحر الأسود والطرق البحرية المؤدية إليه ضمن الحدود التركية المباشرة، وتعد منطقة البحر الأسود منطقة تفاعل بين مجموعات عرقية وأمم وحضارات منذ العصور القديمة، وقد عملت كحاجز ومنطقة عازلة بسبب التنوع العرقي والديني والثقافي المعقد فيها، كما سادها الانقسام والصراع في الوقت نفسه،  وقد وصف حوض البحر المتوسط بأنه الفناء الخلفي” للإمبراطورية العثمانية،وكذلك منطقة نفوذ سوفياتية، وأنه يمثل حدود أوروبا شرقاً[12].

واستطاع صناع القرار السياسي استغلال الخصائص الجيوسياسية، ويأتى  ذلك من قناعة “إسرائيل” بأهمية الموقع الجيوسياسي لتركيا؛ فمن وجهة النظر الإسرائيلية تعدّ تركيا دولة مؤثرة في المنطقة، وعضواً في حلف الناتو، وتمتلك ثاني أكبر جيش في الحلف، والسادس على مستوى العالم من حيث الحجم، ولها حدود جغرافية مع العديد من الدول، كما ترتبط بعلاقات إستراتيجية مع الداعم الأول لـ “إسرائيل” في العالم؛ الولايات المتحدة الأمريكية[13].

وتمكنت القيادة السياسية التركية من ادراك الموقع الاستراتيجي لتركيا والاتجاه نحو تفعيل الدور التركي إقليمياً ودولياً من أجل تخفيف حاله التوتر التي تشهدها العلاقات التركية مع الدول الإقليمية والدولية في ظل اضطراب منطقة الشرق الأوسط[14].

4-تدعيم القوة واتجاهها لأداء أدوار جديدة

تأتي العوامل المهددة بإضعاف العلاقة وتراجعها، من بداية اكتساب السياسة الخارجية التركية وظائف جديدة لم تكن في فترة الحرب الباردة؛ حيث باتت أكثر فعالية على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يقتضي منها بناء علاقات أوسع مع الأطراف العربية والإسلامية عموماً، ما يعني في كثير من الأحيان اتخاذ خيارات متعارضة مع مصالح” إسرائيل”، وربما ترجيح علاقتها مع أطراف أخرى على حساب العلاقة معها، وذلك في إطار السعي التركي لدور قيادي ولتعزيز الموقع المركزي لها في الإقليم[15].

وتتطلع النخبة السياسية التركية ذات المرجعية الإسلامية لدور تركي محوري في المنطقة، وذلك من خلال الانخراط المباشر في معالجة الملفات الساخنة كجزء أساسي من استحقاقات هذا الدور، ولعل ملف الصراع في فلسطين هو قارورة اختبار لمدى فاعلية ووزن أية قوة ترغب بالقيام بدور بارز، وهذا ما يتطلب جهدا تركيا مضاعفا واستغلالا صحيحا لرصيدها من التجربة التاريخية وامتدادها الجغرافي وشبكة علاقاتها المتشعبة مع دول الجوار والقوى الدولية[16].

ثانياً- تطور العلاقات التركية – الاسرائيلية

وعلى الرغم من أن تركيا تبنت موقفاً من أخذ دور الدول العربية على إسرائيل في 1945-47 وتبنت موقفًا محايدًا خلال الحرب العربية الإسرائيلية 1948-49، واعترفت بالكيان الصهيوني( إسرائيل) لتأسس دولة في 5 مايو 1948 بعد حوالي عام، اثر اعتراف الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بهذا الكيان، وسبب الاعتراف أن “إسرائيل كانت عضو في الأمم المتحدة، لذلك اعترفت تركيا الكيان الصهيوني للتأسيس لدولة حديثة في إطار الأمم المتحدة” .حيث ذكرت تركيا مايلي؛ “والآن بعد أن قبلت الأمم المتحدة استخدام تقرير المصير، واعترفت أيضًا بها كدولة منشأة حديثا، ومع ذلك ، تعترف تركيا أيضًا باستقلال الفلسطينيين عندما تعلن أنهم سيؤسسون دولتهم الخاصة على أساس نفس المبدأ، وتم التأكيد على العلاقات التركية الإسرائيلية بسبب حلف بغداد بين تركيا والعراق في عام 1955 التي كان من المتوخى في البداية أن تكون منطقة أمنية تحيط بالدول العربية وتوسعت لاحقا بمشاركة إيران وبريطانيا وباكستان.[19]

وعلى هذا الصعيد، عينت إسرائيل” فكتور اليعازرا ” قنصل عام، و “الياهو سامسون ” وزير مفوض لها في أنقرة عام 1949 ، بينما عينت تركيا في عام 1950 سفيرا لها فوق العادة في تل أبيب، وقامت بافتتاح سفارتها في آذار / مارس 1950 ،كما تطورت العلاقات بين تركيا وإسرائيل خلال خمسينات القرن الماضي، حيث زار “دافيد بن غورين” رئيس الوزراء الإسرائيلي أنقرة سرا عام 1958 والتقى نظيره التركي عدنان مندريس وتم الاتفاق بينهما على القواعد الأساسية للشراكة بين البلدين، وانتهى عقد الخمسينات من القرن العشرين بتطور ملحوظ في العلاقات بين الطرفين[20].

وبعد أن طردت أنقرة السفير الإسرائيلي عام 2018؛ احتجاجاً على الاستخدام غير المتناسب للقوة من قبل إسرائيل في الاحتجاجات التي اندلعت في غزة عقب حفل افتتاح السفارة الأميركية في القدس؛ كما طردت تل أبيب القنصل التركي، غير أن  العلاقات  قد تحسنت مؤخراً بين الطرفين، وفي سياق الواقعية، اتجهت أنقرة وتل أبيب للنظر في المصالح المشتركة التي تدفعهم نحو التعاون ورعاية مصالحهما المشتركة أمام المحاور التي تتشكل حاليا في المنطقة[21].

ونظرا لعضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي North Atlantic Treaty Organization)‏ ويُعرف اختصاراً الناتو NATO)))،  والرغبة الشديدة لها بالانضمام للاتحاد الأوروبى، والعلاقات التاريخية مع الولايات المتحدة فإن المواقف التركية ذات الطابع الدبلوماسي مع إسرئيل  تتباين خصوصاً وأن تركيا تساند كل ما ترتب على اتفاقية أوسلو[22].

1-تطور العلاقات العسكريه والأمنية :

  كان التعاون العسكري أكثر العناصر إثارة للجدل في علاقات تركيا المتنامية مع إسرائيل، فقد ازدهر التعاون بينها في تسعينيات القرن الماضي،  وذلك حينما فتحت تركيا الباب لمصدر حيوي للتقنية العسكرية غير المتاحة من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا اللتين قيدت سياساتهما بمخاوف تتعلق بحقوق الإنسان والديموقراطية في تركيا[23].

إذ شمل الاتفاق الموقع عام 1958التعاون الشامل بين المخابرات الإسرائيلية (الموساد) والمخابرات التركية والذي تطور إلى اتفاق ثلاثي باسم » ترايدنت « بانضمام المخابرات الإيرانية( السافك) إلى هذا الاتفاق وذالك رغم بعض الومضات الايجابية التي اتخذتها تركيا تجاه العرب في بعض المواقف خاصة الحرب الإسرائيلية-العربية 1967، والتي أدانت فيها تركيا إسرائيل،ونظرا لرغبة تركيا في الانفتاح على الغرب والانخراط في المنظومة الأوروبية،بالإضافة إلى مشاكلها مع كل من سوريا والعراق ولبنان فيما يخص قضية الأكراد وتوزيع مياه دجلة والفرات، توطدت علاقاتها بشكل كبير بعد تمركز العلمانيون في السلطة وتحكم المؤسسة العسكرية في زمام الأمور في تركيا، فقد وقع الطرفيين اتفاق للتعاون العسكري في 23فيفري/شباط 1996.

وأكد رئيس الوزراء الأسبق نتنياهو في 13ماي /أيار 1997 أثناء زيارة وزير الدفاع التركي لإسرائيل على أهمية التعاون العسكري بين البلدين من أجل مواجهة التهديد الإرهابي وتأمين استقرار المنطقة كلها، وفي آذار/مارس 1996 وقع الطرفان اتفاقية للتجارة الحرة، ثم اتفاق للنقل البري الذي وقع في أنقرة في 9أيلول/سبتمبر 1997[24].

وفي هذا الإطار، شكلت الاتفاقية العسكرية الموقعة بين تركيا وإسرائيل عام 1996 قفزة نوعية في العلاقات بين الجانبين، حيث تُعد هذه  الاتفاقية أكبر اتفاقية عسكرية في المنطقة، تهدف إلى الضغط على بلدان معينة في الشرق الأوسط، ومن ثم تحقيق المصالح الاستراتيجية لكل من تركيا وإسرائيل، ووصول الأخيرة إلى الهيمنة بالقوة على اقليم مهم من العالم وتحقيق السيادة عليه، حيث حققت إسرائيل من خلال هذه الاتفاقية إنجازاً استراتيجياً ضخماً لم تكن تحلم به.[25]

فقد وسعت اسرائيل عمقها  الاستراتيجي الذي يعد نقطة ضعفها التاريخية، ما مكنها من حرية الحركة والمناورة وامكانية القيام بضربة استباقية بالاعتماد على جو وأراضي  تركيا، ولأن المجال الجوي لإسرائيل لا يحقق لها قدراً كبيراً من المرونة فإن وضع الأجواء التركية تحت تصرفها وفر لها هامشا من المرونة على حساب هامش حركة الدول الاقليمية[26].

بناءا على سبق، يمكن القول أن العلاقات العسكرية والأمنية التركية الاسرائيلية شهدت تقلبات وتغيرات مستمرة منذ تولي حزب العدالة والتنمية السلطة في تركيا عام 2002؛ واتسمت هذه المستويات بالتوتر والتجاذب بحسب واقع العلاقات السياسية بين الطرفين،وتباينت المواقف تجاه القضية الفلسطينية، وبعدها  تحسنت العلاقات تدريجياً في السنوات اللاحقة، وتم تعزيز التعاون الأمني ​​بينهما في عدة مجالات.

2-العلاقات التجارية بين تركيا وإسرائيل

إن تركيا التي وقعت اتفاقية الاتصالات البريدية مع إسرائيل في عام 1948 ،والتي اعترفت رسميا بهذا الكيان  في عام 1949. تبنت تركيا موقفاً مؤيدًا لتطوير العلاقات التجارية مع إسرائيل وكان لها مكان مهم في واردات المواد الغذائية لإسرائيل التي لم يكن لها أي ذات الكفاية خلال السنوات التي تأسست فيها، واستولت الشركات الإسرائيلية على بعض مناقصات البناء في أوائل 1950، ولكن الأنشطة التجارية بين البلدين كانت قد تأثرت سلبا بالعلاقات السياسية المتوترة مع أزمة قناة السويس عام 1956، وفي 1970 التي شهدت أزمتين نفطيتين مهمتين، اعتمدت تركيا سياسة لصالح العرب، وتأثرت التجارة الثنائية سلبا خصوصاً عام 1981 ، في حين أن بلغت حصة دول الشرق الأوسط من صادرات تركيا 40.3٪، وحصة إسرائيل 0.4٪[27] .

وبدأت العلاقات التجارية بين تركيا وإسرائيل في التحسن اعتبارا من النصف الثاني من 1980، اعتماداً على تطور العلاقات السياسية بين البلدين، فكانت تركيا مكلفة برئاسة اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري من منظمة المؤتمر الإسلامي في عام 1984، وكلفت تركيا سفيراً لها نائب لتل أبيب في عام  ، وتم إجراء أول زيارة رسمية إلى إسرائيل بعد عشرين عاما في 1992، كما زار رئيس إسرائيل تركيا.

تطورت العلاقات التجارية بين الطرفين عام 1990، واعتبرت وسيلة لتطوير التعاون الإقليمي. في الفترة  المممتدة بين (1995-2015) ، ارتفعت حجم التجارة الثنائية بين تركيا وإسرائيل من 0.44 مليار دولار إلى 4.37 مليار دولار[28].

شكل رقم (1) صادرات تركيا إلى إسرائيل

Source: Trading Economics, https://cutt.us/T7maW

وفقاً لقاعدة بيانات الأمم المتحدة حول التجارة الدولية، بلغت صادرات تركيا إلى إسرائيل 6.36 مليار دولار أمريكي خلال عام 2021[29]، وعلى الرغم من التوترات السياسية إلا أن العلاقات التجارية والاقتصادية استمرت في النمو بين الطرفين ، واستثمرت الشركات التركية في إسرائيل في قطاعات مختلفة مثل الملابس والمنتجات الإلكترونية والسياحة.

جدول :إجمالي التجارة الخارجية لتركيا وإسرائيل مع العالم (مليار دولار أمريكي) إجمالي التجارة الخارجية لتركيا وإسرائيل مع العالم (مليار دولار أمريكي)

Source:  Ilhan Güllü ,”Describing Turkey Israel Relationships With Its Trade Dimension”, International Journal of Commerce and Management(United Kingdom:October2016) Vol.IV,Issue10,

وعلى الرغم من الجمود الدبلوماسي الذي كان  بين إسرائيل وتركيا في الفترة الممتدة بين 2010 – 2016  إلا أن  التجارة الثنائية قد ارتفعت بين الطرفين، وزادت التجارة ارتفاعاً بعد تطبيع العلاقات، ففي عام 2017 ، كانت إسرائيل أحد أهم عشر أسواق تصديراً لتركيا، وبلغت الصادرات التركية إلى إسرائيل حوالي 4.3 مليار دولار في عام 2016،  واهتمت تركيا بالتوسع المستمر في التجارة، حيث يتمتع حزب العدالة والتنمية بقوة جدول الأعمال الاقتصادي ويسعى أردوغان للنهوض بالمصالح التجارية التركية كأولوية عاليا.

وبالتالي ، فإن السوق الإسرائيلي مهم من وجهة نظر إسرائيل، بحيث أن تركيا سوق كبير ومهم يضم 75 مليون مستهلك محتمل. وتعتبر إسرائيل خامس وأكبر شريك تجاري بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين و هولندا، ويقدر الاقتصاديون الإسرائيليون التجارة الثنائية بـ 8 مليارات دولار لكل سنه،  ما يقرب من ضعف مبلغ عام 2016 تقريبًا[30].

وبناء علي ما سبق ،يمكن القول أن سياسات تركيا بشأن التعامل مع إسرائيل منسقة إلى حد ما، إلا أنها تنطوي على عدة تناقضات، إذ يساهم تغير المصالح والفرص الوطنية في تغيير المشهد الجيوسياسي وتغيير التحالفات والاصطفافات مع التحولات السياسية، وتواجة سياسياتها التي تعطي الأولوية للاستقرار والسلام صعوبات كثيرة ؛نظراً لتعارض الأجندات الخارجية.

ثالثاً- تأثير العلاقات  التركية – الإسرائيلية علي القضية الفلسطينية.

1-تأثير العلاقات قبل “طوفان الأقصى

أقامت تركيا علاقات رسمية مع منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1975 وكانت واحدة من أوائل الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية التي أنشئت في 15 نوفمبر 1988، وعلاوة على ذلك، تعلق تركيا أهمية على علاقتها مع السلطة الوطنية الفلسطينية التي أنشئت في عام 1996 في إطار اتفاقي أوسلو الأول (1993) وأوسلو الثاني (1995)، فضلاً عن التعاون الذي يركز على تحسين الظروف المعيشية للشعب الفلسطيني ،وتدعم تركيا جهود دولة فلسطين للاعتراف بها كدولة في المحافل الدولية.

وفي هذا السياق، دعمت تركيا بنشاط دولة فلسطين في محاولتها للحصول على عضوية اليونسكو في عام 2011. وعلاوة على ذلك، فإن ترقية فلسطين لوضعها إلى “دولة مراقب غير عضو” في الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 من خلال الدعم الساحق من أعضاء الأمم المتحدة، بما في ذلك تركيا، شكل معلماً بارزاً في الاعتراف بفلسطين كدولة[31].

ومما لا شك فيه أن صعود حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في تركيا في العام 2002 قد تأثر بالسياقات العامة والاعتبارات الاستراتيجية التي اكتنفت ليس فقط تركيا ومكانتها في الشرق الأوسط، إنما ارتبطت بظروف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لا سيما مع اندلاع انتفاضة الأقصى في فلسطين، وفي ضوء صعود إدارة الجمهوريين في الولايات المتحدة الأميركية، بقيادة الرئيس جورج بوش الابن (2001-2009). وفي أكثر من مناسبة انتقدت تركيا سياسة العنف التي مارستها إسرائيل على الفلسطينيين عبر قمع المظاهرات السلمية، وأظهرت تأييداً واضحاً لمفهوم حل الدولتين في فلسطين التاريخية، خاصة أن إدارة بوش كانت أول إدارة أمركية تلفظ كلمة الدولة الفلسطينية، وأعادت الحكومة التركية في أكثر من مناسبة موقفها الداعم للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين القائم على أساس قيام دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لقضية اللاجئين مقابل الأمن المتبادل لكل من فلسطين وإسرائيل، وهو يكاد يكون الموقف الرسمي الفلسطيني، فضلاً عن العربي[32].

قد كشف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عن التوجهـات التركيـة نحـو الجنـوب، وهـو مـا منحها فرصة التدخل المباشـر علـى خـط إقليمـي سـاخن، وكـذلك أعطاهـا فرصـة لعـب دور فاعـل فـي الساحة الإقليمية، ومكنها أيضاً من القيام بمحاولات لحل الكثير من القضـايا العالقـة فـي المنطقـة مـع الكثيـــر مـــن اللاعبـــين المحليـــين والإقليميـــين والـــدوليين باعتبـــار غـــزة نقطـــة انطـــلاق نحـــو القضـــية الفلسطينية والملفات العالقة الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، كما لاقى موقف تركيا المتشـدد حيـال العدوان الإسرائيلي مـن أوسـاط الشـعب التركـي وتعاطفـ  كبير على غزة  .[33]

وبالاضافة إلى ذلك ، فإن الخطاب التركي الرسمي يستند فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية على فكرة رفض الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ومن منطلق تعزيز العلاقات حيث  قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفلسطيني الزائر محمود عباس في العاصمة أنقرة بأن “الخطوات التي تم اتخاذها في علاقاتنا مع إسرائيل لن تقلل بأي شكل من الأشكال دعمنا للقضية الفلسطينية وشدد على أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على أساس حدود عام 1967 ومعايير الأمم المتحدة أمر أساسي لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة بأسرها” .[34]

ومن هذا المنطلق ،فقد حظيت القضية الفلسطينية باهتمام خاص من حزب العدالة والتنمية لعدة اعتبارات، أهمها:[35](1)الروابط الدينية والثقافية والفكرية المشتركة بين الشعبين التركي والفلسطيني.(2)الخلفية التاريخية للقضية الفلسطينية واعتبار تركيا نفسها وريثة للدولة العثمانية آخر الدول ذات السيادة على الأراضي الفلسطينية، وبالتالي استشعارها لمسؤولية خاصة تجاهها.(3)التناغم مع الشارع التركي الذي يظهر تعاطفاً كبيراً بمختلف أطيافه وخلفياته السياسية والفكرية والأيديولوجية مع القضية الفلسطينية.(4) إدراك تركيا أن القضية الفلسطينية هي أحد أهم مفتايح العبور للقبول والتأثير ولعب الأدوار في المنطقة.(5)ترى تركيا أن القضية الفلسطينية ورقة رابحة في الساحة الدولية لمن يمتلك فيها تأثيراً، خصوصاً على مستوى العلاقة مع قوى المقاومة مثل حركة حماس، وهو ما قد يفسر مثلاً تصريح وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو بأن حماس وصلت إلى مرحلة القبول بالاعتراف بـ”إسرائيل” وأن بلاده كان لها الدور الأكبر في ذلك.(6)نظرية أنقرة في السياسة الخارجية قائمة على تصفير المشاكل والتواصل الاقتصادي – التجاري وتحتاج لمناخ هادئ، وهذا أحد الأسباب التي تدفع تركيا للمساهمة في حل القضية.(7) ظلومية الشعب الفلسطيني وأحقيته في أرضه المحتلة وفق القانون الدولي الذي يعتبر أحد أهم أعمدة الموقف التركي من القضية.(8)الخلفية الأيديولوجية والفكرية لمعظم قيادات الحزب كإسلاميين خرجوا من عباءة تيار “الفكر الوطني” أو “ميللي غوروش” الذي أسسه الراحل “نجم الدين أربكان”، وإن كان الحزب بحد ذاته ديمقراطياً محافظاً وليس أيديولوجياً أو “إسلامياً” بالمعنى المتداول عربياً.

وفي ذات السياق ،أظهـــرت تركيـــا رغبتهـــا الجـــادة فـــي لعـــب دور فـــي القضـــية الفلســـطينية بالوسـاطة بـين السـلطة الفلسـطينية برئاسـة محمـود عبـاس واسـرائيل عبـر الاجتمـاع الشـهير بـين عبـاس والـرئيس الاسـرائيلي شـمعون بيـريس بـدعوة مـن الـرئيس غـول فـي تشـرين الثـاني /نـوفمبر مــن العــام 2007 فــي مــا يشــبه (كامــب ديفيــد) ، والســماح حتــى للــرئيس عبــاس والــرئيس الإسرائيلي بالتحدث أمام البرلمـان التركـي ليكـون أول مسـؤول اسـرائيلي يتحـدث فـي برلمـان دولـة مسلمة.[36]

وإضافة إلى ما تقدم وعلى صعيد المساعدات الإنسانية ، فإن  تركيا قد قدمت في عام 2016 مبلغ 5 ملايين دولار أمريكي لتمويل إمدادات الوقود إلى غزة التي تسببت أزمة الكهرباء المستعصية فيها في زيادة خطورة الأوضاع الإنسانية السائدة، وهي تعمل حالياً على تركيب ألواح الطاقة الشمسية للمساهمة في حل هذه المشكلة على المديين المتوسط ​والبعيد، ،كما قد قررت المساهمة بمبلغ 500 ألف دولار أمريكي في صندوق الأمم المتحدة المعني بالشؤون الإنسانية في فلسطين، وتقوم منظمة الهلال الأحمر التركي بالتعاون مع الهلال الأحمر الفلسطيني بتوزيع 15 ألف طرد غذائي وهدايا تقليدية بمناسبة العيد في غزة، وبحلول نهاية عام 2016 كانت تركيا قد قدمت 138.3 مليون دولار أمريكي من إجمالي المساعدات البالغة 200 مليون دولار أمريكي والتي تعهدت بتقديمها لفلسطين على أساس المشروع في الفترة 2014-2017، وذلك في مؤتمر فلسطين وإعادة إعمار غزة الذي عقد في القاهرة في عام 2014.[37]

ولفهم أبعاد وحدود الموقف التركي من القضية الفلسطينية ومدى قدرته على إحداث اختراق إيجابي يسهم في تحقيق الاستقرار في المنطقة ورفع الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني منذ عشرات السنين؛ يتطلب قراءة واعية للقواعد العامة التي تحكم السياسة التركية الخارجية، مع الأخذ بعين الاعتبار بأننا لا يمكن أن نعزل هذا الموقف عن باقي المواقف الأخرى المتعلقة بالقضايا الملتهبة؛ مثل العراق ولبنان وغيرهما. كما أننا لا يمكن أن نغفل جملة التحولات التي طرأت على المشهدين الإقليمي والدولي خلال السنوات القليلة الماضية والتي أدت إلى عملية فرز جديدة لمواقف وأدوار دول المنطقة والحركات السياسية الفاعلة فيها[38].

أدى الهجوم والتي أطلقته كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس فى صباح 7أكتوبر/تشرين الأول 2023 يوم اندلاع عملية «طوفان الأقصى» إلى تعطيل الخطط والتوازنات في علاقات تركيا الخارجية، وكذلك على المستوى العالمي. وأشار تقرير «المونيتور» الذي كتبه الصحافي التركي فهيم طاشتكين، إلى أن تركيا «تحاول موازنة موقفها بعناية في مواجهة الحرب»، إذ حافظت على مناصرتها للقضية الفلسطينية مع تهدئة العلاقات مع الحركة والسعي لتجنب تداعيات جديدة مع إسرائيل. ولفت إلى أن الأزمة جاءت في وقت يسعى فيه إردوغان إلى التطبيع مع القوى الإقليمية، بما في ذلك إسرائيل، مضيفاً: «للوهلة الأولى، يمكن للمرء أن يشير إلى أن العلاقات الوثيقة بين حكومة إردوغان و(حماس) قد تم حصرها في زاوية، وعلاوة على ذلك، يمكن للمرء أن يتوقع ضغوطاً أميركية متزايدة على أنقرة لقطع العلاقات مع حماس بعد أن تستقر الأوضاع».والمعروف أن تركيا أطلقت، أخيراً، عملية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. والتقى إردوغان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للمرة الأولى منذ سنوات، في نيويورك في 20 سبتمبر (أيلول) 2023على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.[39]

و بعد هذا اللقاء الذى جمعهما في نيويورك، كان الرئيس التركي يستعد لزيارة رسمية إلى إسرائيل، في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، للقاء نتنياهو ، ، كما كان وزير الطاقة التركي يستعد للتفاهم على اتفاقيات في مجال الطاقة، ولكن هذه الأحداث المفاجئة والصادمة جعلت هذا غير ممكن، وفي إطار بلورة الموقف التركي قامت تركيا بجملة من الاتصالات الخارجية التي شملت اتصالات مع الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية وإسبانيا وقطر والسعودية وإيران ومصر والأردن؛ وقد لوحظ أن أول الاتصالات التركية المتعلقة بهذا التطور جاء بين وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، ووزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اللذين تحدثا عدة مرات منذ بداية المعركة، ولكن ما كان لافتًا هو الحديث مرتين في اليوم الأول والثاني حيث تحدث الوزيران معًا مرتين خلال السابع والثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقد احتوى الاتصال الأول، حسب الخارجية الأميركية، نقاشًا حول “حجم هجمات حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية ووحشيتها غير المسبوقة”، وتشديدًا من بلينكن على دعم الولايات المتحدة لحقِّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها من جهة وتشجيعًا لتركيا على التدخل للحوار من جهة أخرى، فيما أكد الاتصال في اليوم التالي على تشجيع الوزير بلينكن المناقشات التركية المستمرة وسلَّط الضوء على تركيز الولايات المتحدة الثابت على وقف هجمات حركة حماس وضمان إطلاق سراح كافة الرهائن، وقد تكرر الاتصال بين بلينكن وفيدان، في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفيه تم التأكيد من بلينكن على تجنب اتساع رقعة الصراع وتقليص التكاليف الإنسانية للحرب الدائرة، وكذلك على ضرورة أن توقف حركة حماس كافة الهجمات العنيفة وتطلق سراح كافة الرهائن على الفور، كما رحب بالتدخل التركي البنَّاء في هذا الصدد [40].

وعلى الرغم أن تركيا في البداية، كانت تسعى إلى دور دبلوماسي في هذا الصراع، فقد استخدمت خطابا شعبويا لوصف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، في حين يحاول هاكان فيدان، وزير الخارجية التركي، لعب دور بناء من وراء الكواليس في منع هذا الصراع من أن يصبح حريقا إقليميا أوسع. كان نهج تركيا شعبويا وبراغماتيا على حد سواء، ولكن مع بدء العمليات البرية الإسرائيلية في غزة، تحول خطابها إلى ناري وحتى عدواني، حتى أنه أشار إلى أن تركيا قد تتدخل في الصراع. ومن المرجح أن يسترشد دور تركيا بمزيج من الرأي العام وكيف تنظر تركيا إلى تأثير واشنطن على الصراع.[41]

وبناء علي ما سبق يمكن القول أن “طوفان الأقصى” انعكست أهميتة على النفوذ والشرعية على القضية الفلسطينية ونجاح حماس في تحويل القضية الفلسطينية بطريقة تخدم مصالح دولتها. 

خاتمة:

في الختام يمكن القول أن هناك بعض القضايا التي تؤثر سلبا على طبيعة العلاقات التركية الإسرائيلية ، لكنها لا تؤثر على مجمل العلاقات بين الجانبين، ولطالما اتبعت تركيا السياسة المتوازنة في علاقتها مع إسرائيل ومواقفها تجاه القضية الفلسطينية، وعادة ما كانت تظهر انتقادات واضحة لإسرائيل وتدعم الفلسطينيين في مختلف المجالات، وفي الفترات الأخيرة هناك  ديناميكية إيجابية و دوافع للتغير الملحوظ في السياسة التركية تجاه القضية الفلسطينية، خاصة في ظل العدوان الدموي بعد طوفان الأقصى 7أكتوبر 2023.

ويمكن تلخيص النتائج والتوصيات كما يلي:

  • النتائج:
  • يتموضوع الموقف التركي منذ مدة في مركز الوساطة والمصالحات، وومن ثم فإن تأثير العلاقات التركية – الإسرائيلية على الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي يتمثل في تأثيرها على الحل السياسي للصراع، حيث تعتبر تركيا من الدول التي تسعى لإيجاد حل سياسي للصراع، بينما تعتبر إسرائيل من الدول التي ترفض الحل السياسي وتفضل الحل العسكري.
  • تأثرت العلاقات العسكرية والأمنية بين تركيا وإسرائيل بالأحداث السياسية في المنطقة، وخاصة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وتراجعت العلاقات بين البلدين بشكل كبير بعد الهجوم الإسرائيلي على غزة عام 2008، وتم قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما في عام 2010.
  • شهدت العلاقات بعض التحسن بعد توقيع اتفاقية تطبيع بين البلدين في عام 2016، وتم استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، وظلت تركيا في الفترات الأخيرة ملتزمة بالخط الدبلوماسي الداعي إلى وقف إطلاق النار والسعي إلى اقتراح أدوات جديدة لإنجاح المسارات السياسية مع انتقاد الاحتلال.
  • هناك تأثير للعلاقات التركية – الإسرائيلية على القضية الفلسطينية، يتمثل في تأثيرها على الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، وتظل تركيا من أهم الدول الداعمة للقضية الفلسطينية في المنطقة.
  • التوصيات:
  • تحتاج القضية الفلسطينية إلى دعم دولي قوي، ويمكن لتركيا أن تلعب دورًا هامًا في هذا الصدد، وذلك من خلال تعزيز العلاقات مع الدول الداعمة للقضية الفلسطينية والعمل على تحريك المجتمع الدولي لدعم القضية.
  • يجب على تركيا العمل على إيجاد حل سياسي للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وذلك من خلال  العمل على تحقيق العدالة والسلام في المنطقة.

[1]Avner Golov,” Israeli Deterrence in the 21st Century”, INSS, p 83, Retrieved from: https://cutt.us/7kO82

[2] ديفيد بن غوريون: هو اول رئيس للوزراء وقائد حركة استقلال الكيان الصهيوني ومؤسس نظرية الحرب والأمن “الإسرائيلية” ، فهو يري “أن على اسرائيل العمل مع حلفائها وبكل الوسائل على محاصرة العالم العربي”.

[3] خالد بشير، ” العلاقة الاستراتيجية بين تركيا وإسرائيل: 3 مرتكزات وتهديدان”،7 مارس 2020، تم الاضطلاع :3سبتمبر2022، الرابط: https://cutt.us/i8HmU

[4] Jonathan Schanzer& Jacob Nagel,” From Ben-Gurion to Netanyahu: The Evolution of Israel’s National Security Strategy”, Foundation for Defense of Democracies, May 13, 2019, Retrieved from:  https://cutt.us/3tzSc

[5] خالد بشير، ” العلاقة الاستراتيجية بين تركيا وإسرائيل: 3 مرتكزات وتهديدان”، مرجع سبق ذكره.

[6] المرجع السابق نفسه.

[7] صايل فلاح السرحان& خالد سلمان خالد،” المتغيرات السياسية والأمنية للعلاقات التركية-الإسرائيلية وانعكاساتها على العلاقات التركية-العربية: 2002-2014″، دراسات (عمان :الجامعة الاردنية – عمادة البحث العلمي ،العلوم الإنسانية والاجتماعية، تشرين الثاني 2018 ) العدد4 ، المجلد 45 ، ص147.

[8] المرجع السابق نفسه.

[9] أمر الله إيشلر،” تركيا وإسرائيل وحصار غزة” ، الشرق الأوسط( الأردن،عمان ، مركز دراسات الشرق الأوسط، 2010)عدد 14، ص9.

[10] محمد طالب حميد، السياسة الخارجية التركية وأثرها على الأمن العربي(القاهرة : العربي للنشر والتوزيع،2016) ص23-24.

[11] يحق لها في وقت الحروب إغلاق المضيقين وتعليق مرور السفن وفق اتفاقية مونترو المنظمة لحركة الملاحة في المضيقين( وقعت اتفاقية مونترو بشأن نظام المضائق بقصر مونترو في سويسرا،عام 1936 ) للمزيد انظر :

League of Nations Treaty Series, “Treaty Series Treaties and International Engagements registered with the Secretariat of the League of 7ation”,League of Nations Treaty Series, 1936-1937 No’ 4001-4032)vol. 173,pp. 214–24, Retrieved from:. https://cutt.us/RfpGe

[12]عماد قدورة ، السياسة الخارجية التركية: الاتجاهات، التحالفات المرنة، سياسة القوة ( بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2021)ط1، ص47.

[13] خالد بشير، ” العلاقة الإستراتيجية بين تركيا وإسرائيل: 3 مرتكزات وتهديدان”، مرجع سبق ذكره.

[14] جاسم محمد حاسم، ” دور القيادة السياسية في السياسة الخارجية ” أحمد داود أوغلوا” نموذجاً” مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 22 ، 2مايو 2019، https://cutt.us/Sr6ft

[15] خالد بشير، ” العلاقة الاستراتيجية بين تركيا وإسرائيل: 3 مرتكزات وتهديدان”، مرجع سبق ذكره.

[16] عوني فارس. تركيا والقضية الفلسطينية.. تطلعات شعوب ومحددات ساسة”، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2ديسمبر 2009 https://cutt.us/zawvA

[17] قرار 181: أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في29 نوفمبر /تشرين الثاني 1947 ، القرار 181 والذي يقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين، عربية ويهودية، وذلك بموافقة 33 دولة ورفضت 13، وامتنعت 10 دول عن التصويت.، وعرف بقرار “تقسيم فلسطين”، للمزيد انظر

 UNITED NATIONS: “The Origins and Evolution of the Palestine Problem: Part II (1947-1977)”, Retrieved from: https://cutt.us/xWUZb

[18] عبد الكريم كاظم عجيل، العلاقات التركية – الاسرائلية: في ضوء الاستراتيجية التركية الجديدة(عمان : دار مجدلاوي للنشر والتوزيع ،2013)ط1،ص79.

[19] Ilhan Güllü ,”Describing Turkey Israel Relationships With Its Trade Dimension”, International Retrieved from Journal of Commerce and Management(United Kingdom:October2016) Vol.IV,Issue10,,p:105, http://ijecm.co.uk/

[20] أميرة إسماعيل العبيدي،”تركيا واسرائيل (دراسة في العلاقات السياسية ولاقتصادية ( 2009-2017″ ،(جامعـة الموصـل: مركز الدراسات الاقليمية)، ديسمبر 2018، العدد 55، .ص39، https://cutt.us/nh4Ov

[21]الجزيرة ، العلاقات التركية الإسرائيلية.. لماذا بدأ فصل جديد فيها الآن؟،17ابريل2022″، الجزيرة ، https://www.aljazeera.net

[22] وليد عبد الحي ،  في د. محسن  محمد صالح (تحرير)، السلطة الوطنية الفلسطنية :دراسة في التجربة والأداء 1994-2013( بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2015) ص 652.

[23] أحمد خالد الزعتري،العلاقات التركية الإسرائيلية 2002-2016(بيروت:مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ،2017) ط1، ص42.

[24] محمد عربي لادمي ،” السياسة الخارجية التركية تجاه المشرق العربي بعد الحرب الباردة :المحددات والابعاد”، المركز الديمقراطى العربى،21. ديسمبر2016، الاضطلاع 11سبتمبر2022، الرابط: https://cutt.us/HYeQl

[25] صايل فلاح السرحان& خالد سلمان خالد،” المتغيرات السياسية والأمنية للعلاقات التركية-الإسرائيلية وانعكاساتها على العلاقات التركية-العربية: 2002-2014″،ص 181.

[26] المرجع السابق نفسه.

[27] Ilhan Güllü ,”Describing Turkey Israel Relationships With Its Trade Dimension”, International Journal of Commerce and Management( United Kingdom:October2016) Vol.IV,Issue10,,p:106-107.

[28] Ilhan Güllü, “Describing Turkey Israel Relationships With Its Trade Dimension”, International Journal of Commerce and Management (United Kingdom: October2016) Vol.IV, Issue10,p:107

[29] Trading Economics, https://cutt.us/T7maW

[30] Shira Efron, The Future of Israeli-Turkish Relations (Santa Monica, Calif: the RAND Corporation, 2018) p15-16.

[31] Republic of Türkiye  Ministry of Foreign Affairs,”Turkey´s Political Relations with the State of Palestine, Retrieved from: https://www.mfa.gov.tr/turkey_s-political-relations-with-the-palestinian-national-authority.en.mfa

[32] أيمن يوس،” القضية الفلسطينية وإسرائيل في السياسة الخارجية التركية”، https://cutt.us/WGaqy

[33] احمد سليمان سالم الرحاحلة،” الدور التركي الجديد في منطقة الشرق الأوسط “الفرص والتحديات”،رسالة ماجستير منشورة( الأردن، عمان : كـليـة الآداب والعلوم جامعة الشرق الأوسط 2014) ص 80.

[34] أنقرة : مؤتمر صحفي مشترك  مع الرئيس الفلسطيني الزائر محمود عباس ، “الرئيس التركي: تطبيع تركيا علاقاتها مع إسرائيل لا يقلل من دعم القضية الفلسطينية” ، في أنقرة ، في 23 أغسطس 2022 (شينخوا)، الاضطلاع 2 سبتمبر 2022، الرابط: https://cutt.us/229U0

[35] سعيد الخاج ،” الآفاق المستقبلية للدور التركي في القضية الفلسطينية”، ورقة في ندوة: العلاقات العربية – الإقليمية: الواقع والآفاق (ديسبمر 2017)، مركز دراسات الشرق الأوسط، فبراير 26, 2018، https://cutt.us/TGvtF

[36] المرجع السابق نفسه .

[37] الموقع الالكتروني لوزارة خارجية الجمهورية التركية، ” الرقم: 198، التاريخ: 19 حزيران/يونيو 2017، بيان حول المساعدات التي تقدمها تركيا لفلسطين”، https://cutt.us/o3RxB

[38] عوني فارس. تركيا والقضية الفلسطينية.. تطلعات شعوب ومحددات ساسة”، مرجع سبق ذكره.

[39] سعيد عبد الرازق ،”طوفان الأقصى» يهز علاقة تركيا وحماس”، الشرق الأوسط، 24 أكتوبر 2023، https://cutt.us/oLXrW

[40] محمود سمير ،” أبعاد الموقف التركي من العدوان على غزة”،الجزيرة ، 9 نوفمبر 2023، https://cutt.us/8GOrc

[41] Brandon Friedman& Joshua Krasna, “Between Swords of Iron and the Al Aqsa Deluge: The Regional Politics of the Israel-Hamas War”, the Middle East Program, the Foreign Policy Research Institute, 1Nov2023, Retrieved from: https://cutt.us/Yty3E

Admin

مركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية: مؤسسة فكر وتخطيط استراتيجي تقوم على إعداد التقديرات وتقديم الاستشارات وإدارة المشروعات البحثية حول المتوسط وتفاعلاته الإقليمية والدولية. لا يتبنى المركز أية توجهات مؤسسية حول كل القضايا محل الاهتمام، والآراء المنشورة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المركز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى