اقتصاديةتحليلات و تقديراتسياسية

أزمة الغاز في المغرب: رهانات متعددة وسياقات جيوبوليتيكية مركبة

الطاهر بكني

باحث في العلوم الاجتماعية، إطار عالي بوكالة التنمية الاجتماعية، فاس، المغرب

ملخص

تبنى المغرب استراتيجية لدعم مزيج الطاقة، يحتل فيها الغاز الطبيعي مركزا مهما في التحول إلى الطاقة المتجددة، بهدف زيادة القدرة التنافسية للبلاد مع إزالة الكربون وتقليل الاعتماد على واردات الطاقة الأحفورية وضمان أمن إمداداتها. إلا أنه لا يزال يواجه تحديات حقيقية، فاحتياجاته من الطاقة آخذة في الارتفاع بسرعة كبيرة في الوقت الذي يسعى فيه إلى إنهاء اعتماده على الوقود الأحفوري، بينما موقعه الجغرافي يجعله عرضة لتأثيرات تغير المناخ، فيما تتنافس الاستثمارات المبرمجة لبنيات استقبال وتسييل الغاز مع الطلب المحلي على الغاز والحاجة الهائلة للاستثمار في الطاقات المتجددة لتوفير الوصول إلى طاقة نظيفة يمكن الاعتماد عليها.

مقدمة

يشكل تبني خطة للغاز 2021-2050 ضمن الاستراتيجيات التنموية التي وضعها المغرب باعتباره من القطاعات الاستراتيجية التي يرتفع فيه تعبئة الرساميل وكثافة الاستثمارات الضخمة العامة والخاصة، مما يمهد لإرساء سوق غاز وطنية مهمة ورافعة لانتقال طاقي آمن ومستدام، من ركائزها إطلاق مشروعات إسالة التي يمكن اعتبارها بمثابة طفرة في الوقت الذي يشهد فيه العالم أزمة طاقة، خاصة وأنه من المتوقع أن يرتفع إجمالي الطلب على الغاز من مليار متر مكعب سنة 2020 إلى أكثر من 3 مليار سنة 2040.

وإذا كانت برامج الطاقات المتجددة قد أدت إلى توسع قوي في كل من طاقة الرياح التي زادت بستة أضعاف والطاقة الشمسية التي زادت 16 ضعفا في العقد الماضي، فإنها أصبحت كذلك تشكل ما يقرب من خمسي الطاقة الكهربائية في البلاد، مما سيكون له تأثير كبير على تلبية الاحتياجات والتغيرات المتزايدة في الاقتصاد المغربي، أبرزها تعزيز القدرات التنافسية، وتقليص فاتورة استهلاك الطاقة وتكاليف إنتاجها، وتقليص الاعتماد الملحوظ على الموردين الأجانب، وخلق قطاعات جديدة.

وبالتالي جني مكاسب سياسية واقتصادية، وتعزيز مركزية المغرب في اقتصاد الطاقة العالمي مع انفتاح اقتصاده على الاستثمار الخارجي والمنافسة الدولية. إلا أن هذه التطورات السريعة لا تخلو من مخاطر خاصة مع العواقب الاجتماعية لسياسات رفع الدعم عن الوقود الأحفوري والتأثير المهم للموارد الطاقية في ضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الوقت الذي لا يزال فيه المغرب يستورد معظم طاقته المستهلكة التي زادت بمعدل سنوي قدره 6.5% في المتوسط خلال الفترة بين عامي 2002 و2015.

في حين أثارت الزيادة الكبيرة التي عرفتها أسعار الغاز مؤخرا في السوق الدولية شـكوكا بالغة الأهمية بشأن المزايا التنافسـية التي يوفرها. بينما لا يزال حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة مصدرا كبيرا للانبعاثات في البلاد.

تهدف هذه الورقة إلى النظر في الدور الحاسم للغاز في علاقته مع الطلب العالمي الذي ينمو بشكل حاد، وكذا تحديد الاستراتيجيات والإجراءات التي قد تسهم في تسريع الانتقال الطاقي من خلال تطوير الطاقات المتجددة في المستقبل، ودعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية بطريقة مستدامة وعادلة في سياق تتجه فيه السياسات إلى حماية البيئة والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.

وتخص هذه الورقة بالنظر والتحليل تجربة المغرب في ظل تقلبات الاستثمار وظهور مزيد من اكتشافات الغاز التي يمكن أن تصبح ورقة حقيقية يلعبها المغرب، بالرغم من أن الاحتياطيات المؤكدة للغاز المكتشف حاليا لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب.

أولاً: الانتقال الطاقي بالمغرب في ظل التحديات الجيو-استراتيجية

يعاني المغرب من اعتماده الشديد على الموارد الأحفورية المستوردة التي انتقلت من 98% سنة 2008 إلى 90% سنة 2020([1]) مما يجعله تحت تأثير الموردين الخارجيين وتقلبات الأسعار باعتباره أكبر مستورد للطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا باستهلاكه نحو مليار متر مكعب من الغاز سنويا، تمثل حوالي 97% من احتياجات البلاد([2]) و13,3% من إجمالي الواردات سنة 2017([3])ويشكل قطاع الطاقة سنة 2015 حوالي 3,1% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يشغل حوالي 0,4% من الساكنة النشيطة([4])

وبالرغم من أن الطلب على الغاز لم يعد يوجه فقط لتلبية حاجيات المكتب الوطني للكهرباء الذي يعد منذ سنة 2005 أكبر مستهلك للغاز الطبيعي، فإن قرار عدم تجديد إمدادات الغاز الجزائري لن يكون له سوى تأثير ضئيل على أداء النظام الكهربائي المغربي([5]) حيث يستمد حوالي 40% من الكهرباء([6]) من الفحم، بينما تشكل حصة الطاقات المتجددة في الباقة الكهربائية 36,8% خلال سنة 2021 بعد أن كانت 19% سنة 2019([7]) وبالتالي لم تشهد أسعار الكهرباء أي زيادة على الرغم من إغلاق خط الأنابيب.

وإذا كانت واردات الغاز الطبيعي المسال قد تكلف المغرب سبعة أضعاف سعر الغاز الجزائري المتدفق عبر الأنابيب. بحيث أن المغرب لا يحتاج إلى كميات كبيرة من الغاز بالنظر إلى الاكتشافات المعلنة، مما يسهل عليه الحصول على الكميات التي يرغب فيها في السوق الدولية([8]).

وبينما عرفت أسعار غاز البوتان في السوق الدولية ارتفاعا بنسبة أكثر من 60% مطلع سنة 2022 مقارنة مع سنة 2020، إلا أن سعر غاز البوتان في السوق المحلية ظل مستقرا مما أثقل كاهل الدولة التي سجلت الفاتورة الطاقية بها نهاية سنة 2022 رقما قياسيا بـ153,5 مليار درهم، بزيادة قدرها 102% بسبب ارتفاع أسعار المنتجات البترولية في السوق الدولية، والتي فاقمت من العجز التجاري الذي بلغ سنة 2022 حوالي 311,6 مليار درهم، بزيادة سنوية بـ56,5% ([9]) مقابل 25% سنة 2021 والذي بلغ 200 مليار درهم([10]).

وبالنظر لعدم امتلاكه أي محطات مؤهلة لاستقبال ناقلات الغاز الطبيعي المسال وإعادة تحويله إلى حالته الغازية ([11]) فإن اعتزام المغرب تنويع مصادر التموين قصد تطوير عرضه في مجال الغاز الطبيعي من خلال استغلال خط الأنبوب المغاربي الأوروبي عن طريق التدفق العكسي، واستيراد الغاز من الموردين الأكثر قربا جغرافيا (إسبانيا) والمتوفرين على قدرات تنافسية كبيرة، بل واستخدام محطات الغاز الطبيعي المسال لديها([12]) والتي سجلت ارتفاعا بأكثر من 167% خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2023([13]) وكان لشحن الغاز من إسبانيا نحو المغرب رسائل جيواستراتيجية واضحة تعتبر المغرب عامل استقرار في المنطقة، خاصة وأن شحن الغاز تم تحت مظلة الجمعية العامة لحلف شمال الأطلسي([14]).

وبالرغم من أن اعتماد المغرب على احتياطياته في شرق البلاد لتطوير إمدادات الغاز الداخلية بإبرام المكتب الوطني للكهرباء عقدا مع شركة Sound Energy البريطانية لإنتاج ومعالجة وتسليم 350 مليون متر مكعب من الغاز سنويا ولمدة عشر سنوات([15]) سيؤدي إلى تقليل اعتماده الحالي على السوق الخارجية، إلا أنه يجب الحذر من التعامل مع الاكتشافات التي تكون غالبا مثيرة للجدل خاصة وأن الجدول الزمني في صناعة النفط والغاز مختلفان بالنسبة لوسائل الإعلام والرأي العام عن صانعي السياسات([16]).

فإذا كان حتى الآن قد تم منح 70 تصريح استكشاف و 10 امتيازات استغلال لشركات دولية متخصصة في استكشاف النفط والغاز، وإذا كانت 40 بئرا تحتوي على كميات من الغاز الطبيعي من أصل 67 كان المغرب قد نجح في حفرها بين سنوات 2000 و 2022([17]) إلا أنه لا تزال هناك إمكانات استكشاف غير مستغلة تصل إلى 30 موقعا مختلفا، والتي بإمكانها بنسبة نجاح لا تتجاوز 10% تلبية الطلب الوطني على الغاز والتصدير([18]).

ثانياً: الاستقلال الطاقي: الخيارات السياسية والكلفة الاقتصادية

في إطار سعيه إلى انتقال طاقي آمن ومستدام، يعمل المغرب على تأمين حاجيات البلاد من الغاز الطبيعي من خلال دمج الحلول قصيرة ومتوسطة المدى، بإقامة البنى التحتية اللازمة للغاز التي تسمح بتلقي الغاز الطبيعي المسال، وعلى المدى الطويل تطوير سوق الغاز الوطني من خلال مضاعفة نقاط تلقي واستقبال الغاز الطبيعي المسال في مختلف الموانئ في البلاد([19]).

فضلا عن ذلك، يهدف المغرب إلى زيادة نسبة الغاز الطبيعي المسال في مزيج الطاقة الوطني إلى 31% بحلول سنة 2025 (أي 2700 ميجاوات) مقارنة بـ 16% سنة 2017، فيما يتجلى الجانب التشريعي في مشروع قانون جديد عدد 94-17 متعلق بقطاع الغاز الطبيعي الذي أعدته الحكومة، لتنظيم القطاع وجعله جاذبا للاستثمار. ويفرض انتقال مصادر الطاقة المتجددة طموحات وتحديات كبيرة لضمان الحفاظ على إمدادات الطاقة بشكل آمن ومستقر، خاصة في دولة مثل المغرب الذي يتواجد بمنطقة تعد الأكثر هشاشة في العالم من حيث التغير المناخي.

وإذا نجح المغرب في إنجاز هذا المشروع الضخم الذي يضم أزيد من 50 مشروعا للطاقات المتجددة بقوة إجمالية تبلغ حوالي 4 جيغاوات توجد حاليا قيد الاستغلال، وأزيد من 60 مشروعا من مختلف الأحجام قيد التطوير أو الإنجاز.[20] فإنه سيكون قادرا على إنتاج 52% من طاقته الكهربائية من مصادر متجددة في أفق 2030، علما بأن القطاع يتميز بالنمو السريع لمستويات الاستهلاك (7إلى 8% سنويا)([21]).

وكان المغرب قد خطا خطوة كبيرة نحو تعزيز قدراته والعمل على التطوير التكنولوجي لقطاع الطاقات المتجددة. فبعد تأسيس “الوكالة المغربية للطاقة الشمسية” سنة 2010، وتشييد أكبر محطة في العالم للطاقة الشمسية، إضافة إلى محطات ريحية عديدة في إطار البرنامج المندمج للطاقة الريحية 2000  ميجاوات([22]) جعلت المغرب ينتج طاقة رياح أكثر من أي دولة أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سنة 2021 والتي بلغت حوالي 13,4% بارتفاع نسبته 11%، وأصبحت بذلك ثاني أهم مصدر لإنتاج الطاقة بتجاوزها الغاز الطبيعي عقب إيقاف الغاز الجزائري.

في حين مثلت حصة الإنتاج من مصادر الطاقة الشمسية نسبة 4,5% بزيادة تقدر بـ20% مقارنة بسنة 2020. فإنه قد بدأ كذلك الدخول إلى مجال طاقة الهيدروجين الأخضر التي تعد مصدرا للطاقة الإيكولوجية بإحداثه “اللجنة الوطنية للهيدروجين” سنة 2020 وتبني خريطة طريق هيدروجين خضراء جعلته يحتل المرتبة الرابعة عالميا ضمن تصنيف للبلدان الأكثر قابلية لتصبح منتجة رئيسية للهدروجين الأخضر بحلول عام 2050 حسب تقرير نشرته الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” في يناير2022([23]).

وإذا كان المغرب مؤهل لاستقطاب ما يناهز 4 % من السوق الدولية للطاقة الهيدروجينية، إلا أنه حسب دراسة جديدة([24]) يحتمل أن يكون الهيدروجين الأخضر غير مجد اقتصاديا، حيث يمكن أن تكون تكاليف الإنتاج أكثر 11 مرة تقريبا من الغاز الطبيعي لكل وحدة طاقة بأسعار ما قبل غزو أوكرانيا، دون احتساب تكاليف التخزين والنقل، وأكثر 3 أضعاف من أسعار الغاز الحالية الأكثر ارتفاعا لكل وحدة طاقة. إلا أنه ورغم كل هذه العوائق يبقى الهيدروجين المنتج من مصادر الطاقة المتجددة هو الخيار الواعد الذي يجب استكماله بالهيدروجين منخفض الكربون وذلك تماشيا وأهداف اتفاق باريس([25])

ثالثاً: رهانات المغرب المحلية وتحدياته الإقليمية والدولية

يركز المغرب في إطار استراتيجيته الوطنية على كفاءة الطاقة والطاقات المتجددة والتكامل الإقليمي، ما يجعله في مقدمة الدول الأفريقية في جذب الاستثمارات وتطوير مشروعات الطاقة المتجددة، لاسيما طاقة الرياح والطاقة الشمسية، بهدف تعزيز هذين المصدرين للطاقة في إنتاج الكهرباء.

وإذا كانت الشركات الأوروبية من هذا المنطلق تسعى لزيادة استثماراتها في المغرب خلال السنوات المقبلة حتى العام 2030 إلى 9.2 مليارات دولار([26]) فإن هذه الاستثمارات تصطدم بالعديد من التحديات أبرزها أنها معرضة لخطر السقوط في المستقبل القريب بمجرد حل أزمة الطاقة الأوروبية، التي وإن كان الغاز يمثل بالنسبة لها أهمية استراتيجية لتقوية استقلالها الطاقي خاصة عن روسيا، إلا أنها على ما يبدو تريد التخلي عن الغاز بحلول نهاية العقد الحالي([27]) هذا الاهتمام يبقى مؤقتا بحيث أن معظم شبكة أنابيب الغاز المخطط لها لا تزال بحاجة إلى إيجاد تمويل، في حين تبقى أغلب المشاريع حبيسة دراسات الجدوى، ولم يصل معظمها بعد إلى مرحلة البناء.

ومن المرجح أن يصبح المغرب ضمن مراكز النفوذ الاستراتيجية الجديدة، ولاعبا رئيسا في سباق الطاقات النظيفة، مع هدف تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 45.5% بحلول عام 2030([28]) وبالرغم من أن المغرب لديه قانون خاص بالمناخ، إلا أنه ليست هناك قرارات من شأنها أن تسمح للأشخاص والصناعات بتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة بسهولة خاصة، فيما يتعلق بامتلاك وبيع الطاقة المتجددة، وإن كان هناك مشروع قانون يحمل رقم 82.21 يتعلق بالإنتاج الذاتي للطاقة، والذي يسمح للأشخاص أو المؤسسات الاعتبارية أن يقوموا بالإنتاج الذاتي؛ كما يسمح بامتلاك منشأة الإنتاج الذاتي من طرف المستهلك ويعطيه حق التصرف فيها.

بينما من جهة أخرى لم يركز المغرب على المشاريع الصغيرة بالموازاة مع المشاريع الضخمة، مما يسمح للمقاولات بالاستجابة للاحتياجات المحددة للمناطق المختلفة، وقانون ينظم ربط أنظمة الطاقة المتجددة صغيرة الحجم بالشبكة. في حين تصب المشروعات الضخمة، مثل مشروع نور للطاقة الشمسية المركزة، في الغالب، في مصلحة بلدان أخرى، وليس السكان المحليين. كما أنها تتطلب استخراج كميات كبيرة من المياه في منطقة تعاني أصلا من ندرة المياه.

وإذا كانت الظروف الطبيعية ومستويات الإشعاع الشمسي وسرعة الرياح تساعد على إنشاء مختبرات للبحث والتطوير الطاقي. إلا أن الاتجاهات التكنولوجية الرئيسة التي تميز المشهد الطاقي حاليا تعتبر أكثر تعقيدا وترابطا ورقمنة مما هو عليه، في سياق يتسم بمواطن ضعف عديدة تتجلى في الأمن السيبراني والثغرات القانونية والتبعية التقنية. بينما يرتبط إنتاج الهيدروجين الأخضر بالعديد من التحديات، بداية بالارتفاع الكثيف للرساميل التي يتطلبها، مرورا بالكميات الضخمة من الطاقة المتجددة التي يستهلكها، وانتهاءً بأن عددا قليلا جدا من مشاريع الهيدروجين الأخضر يصل إلى خط النهاية([29])

وفي ذات السياق، يتطلب الإنفاق على التقنيات الجديدة الأكثر مراعاة للبيئة نفقات كبيرة يمكن أن تكون أقل جاذبية في وقت تتزايد فيه المخاطر، ولذلك سوف ننتقل من التنافس على الموارد إلى سباق الابتكارات.

خاتمة

تواجه السياسات المعتمدة انتقادات متعددة، خاصة عندما يتحتم عليها إحداث توازن بين المصالح المتعارضة، أحيانا، لمختلف المتدخلين. ويبدو أن الاعتماد على عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص أصبح نمطا مهيمنا على الفعل العمومي الطاقي، وذلك للاستفادة من مساعدات التنمية خاصة وأن المغرب لا يملك أي خبرة في قطاع إنتاج المحروقات.

وإذا كان اختيار هذه العقود سبيلا من سبل التمويل، فهو يحوي أيضا خيارات سياسية ونيوليبرالية اقتصادية قائمة على تقليص النقاش السياسي، وهيمنة الخبرة الفنية على عملية صنع السياسات وتنفيذها. وإذا كان يُنظر إلى الغاز الطبيعي كإحدى الدعائم الرئيسية للتحول نحو الطاقة النظيفة ومكافحة المناخ، فإن تزايد وتيرة توليد الطاقة المتجددة بشكل سريع مقارنة بباقي مصادر الطاقة من شأنه أن يساهم في تغيير الجغرافيا السياسية للطاقة التي تعتمد الآن على النفط والغاز.

ففي المستقبل البعيد قد تعتمد الخريطة الجيوسياسية للطاقة على العديد من العوامل الإضافية كإمكانية الوصول إلى التكنولوجيا وخطوط نقل الطاقة والمواد الأرضية النادرة وبراءات الاختراع. كما أنه من الممكن أن تساهم الطاقة المتجددة في إعادة تشكيل التحالفات بين الدول وضعف التحالفات المبنية على الوقود الأحفوري. وفي هذا الشأن قد تلعب المعادن النادرة دورا محوريا في عملية تحول الطاقة، حيث إنها تعد عنصرا لازما في إنتاج الألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، والمركبات الكهربائية، وتطوير تقنيات تخزين الطاقة، ومن هنا يمكن أن تظهر قوى جديدة في لعبة الطاقة العالمية.


[1]  مؤتمر دكار للطاقة، السيدة بنعلي تدعو لتطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص والتكامل الإقليمي للشبكات والأسواق، عام، ​ديامينياديو (السنغال) – و م ع، 17/12/2021، https://www.mem.gov.ma/ar/Pages/CommuniquesDePresse.aspx?CommnuniqueDePresse-460.aspx

[2]  المغرب يشتري الغاز من شركة بريطانية بعد وقف الإمدادات من الجزائر، الشرق بلومبورغ،01 ديسمبر 2021، https://www.asharqbusiness.com/article/29526

[3]  منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية،  المغرب، OCDE، تعزيز النزاهة في قطاعات الطاقة والصحة والنقل، العلاقات الدولية الشرق الأوسط وشمال افريقيا، حزيران/يونيو 2018، ص 17.

[4]  نفس المصدر، ص 17.

[5]  المغرب يشتري الغاز من شركة بريطانية بعد وقف الإمدادات من الجزائر، مصدر سابق.

[6]  عايدة العلمي، كيف تحول المغرب إلى عملاق في مجال الطاقة الشمسية؟ بي بي سي، 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، https://www.bbc.com/arabic/vert-fut-59381765

[7]  حمزة المعطي، ثلث الكهرباء المغربية مصدرها الطاقات المُتجددة.. قفزة كبيرة، العين الإخبارية – الرباط،  2021/2/5، الرابط: https://al-ain.com/article/morocco-electricity-renewable-energies

[8]  طارق غانم، المغرب يكشف خطته لاقتحام أسواق الغاز العالمية، الأيام 24،1  يونيو 2022، https://m.alayam24.com/articles-374010.html

[9]  يوسف لخضر، الفاتورة الطاقية تسجل رقما قياسيا بأكثر من 153 مليار درهم عام 2022، هسبريس، 2 فبراير 2023، https://shorturl.at/oAR29

[10]  كلفة استيراد الطاقة ترفع العجز التجاري المغربي 25% في 2021، 01 فبراير 2022، الشرق اقتصاد، https://www.asharqbusiness.com/article/32200

[11] Marouane Kabbaj, Francis Perrin : “La découverte de nouveaux gisements gaziers au Maroc est incertaine”, 16 Décembre 2021, https://www.maroc-hebdo.press.ma/francis-perrin-gisements-gaziers-maroc

[12]  المغرب يسعى لاستيراد الغاز الطبيعي المسال عبر إسبانيا، الشرق اقتصاد، 2 فبراير 2022، https://www.asharqbusiness.com/article/32266

[13]  واردات المغرب من الغاز المسال عبر إسبانيا ترتفع بأزيد من %167، العمق المغربي، 3  مايو 2023، https://al3omk.com/838985.html

[14]  جمال أزضوض، إسبانيا تزود المغرب بالغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة الأمريكية، هسبريس، 2 يوليوز 2022، https://shorturl.at/jouQ0

[15]  مجـلس المنافسة، رأي مجلس المنافسة عدد ر/21/ 4 الصادر بتاريخ 19ربيع الآخر 1443 الموافــق لـ 25نونبر 2021، مصدر سابق، ص 19

[16] Francis Perrin, Découvertes de gaz naturel au Maroc au début 2022 : que faut-il en penser ? January 24, 2022,  https://www.policycenter.ma/opinion/decouvertes-de-gaz-naturel-au-maroc-au-debut-2022-que-faut-il-en-penser

[17]  أحمد عمار، 4 اكتشافات للغاز في المغرب باحتياطيات ضخمة خلال 2022 (إنفوغرافيك)، الطاقة نت،  https://shorturl.at/oERW0

[18] ADAMA SYLLA,  Gaz naturel. Pourquoi le Maroc peut y croire, 13 DÉCEMBRE 2021, https://www.challenge.ma/gaz-naturel-pourquoi-le-maroc-peut-y-croire-228223/

[19]  GAZ NATUREL AU MAROC : LEVIER POUR LA TRANSITION ÉNERGÉTIQUE, LA COMPÉTITIVITÉ, L’EFFICACITÉ ET LA DÉCARBONATION DE L’ÉCONOMIE,  18/08/2021, https://www.mem.gov.ma/Pages/actualite.aspx?act=277

[20]  طاقات متجددة.. المغرب يتطلع إلى تعزيز التعاون الدولي من أجل تكثيف الاستثمارات (السيدة بنعلي)، 04/12/2021، https://www.mem.gov.ma/ar/Pages/CommuniquesDePresse.aspx?CommnuniqueDePresse-456.aspx

[21]  منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية،  المغرب، OCDE، تعزيز النزاهة في قطاعات الطاقة والصحة والنقل، مصدر سابق، ص 17.

[22]  حمزة المعطي، ثلث الكهرباء المغربية مصدرها الطاقات المُتجددة.. قفزة كبيرة، مصدر سابق.

[23]  ياسر نصر، تقرير دولي: المغرب الرابع عالميًا في سباق الهيدروجين.. قبل الجزائر وأميركا، الطاقة نت، 27 يناير 2022، https://shorturl.at/mqyDQ

[24]  نفس المصدر

[25] دولف جيلين وآخرون،إطلاق العنان لقوة الهيدروجين للتحول إلى الطاقة النظيفة، مدونات البنك الدولي، 21/04/2023،

https://blogs.worldbank.org/ar/voices/atlaq-alnan-lqwt-alhydrwjyn-llthwl-aly-altaqt-alnzyft?cid=ecr_fb_worldbank_ar_ext

[26]  المغرب يتجه لتصدير الكهرباء إلى أوروبا عبر إسبانيا، العربي الجديد، 10  مايو 2023، https://shorturl.at/kCDEV

[27]  الغاز النيجيري مجال منافسة آخر بين المغرب والجزائر، فرانس 24، 01/03/2023، https://shorturl.at/cfgz7

[28]  مشروعات الطاقة النظيفة في المغرب: هل تقلص فاتورة الاستيراد، موقع سبوتنيك، 13/02/2023، https://shorturl.at/bdoDQ

[29]  دولف جيلين وآخرون، إطلاق العنان لقوة الهيدروجين للتحول إلى الطاقة النظيفة، مصدر سابق

Admin

مركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية: مؤسسة فكر وتخطيط استراتيجي تقوم على إعداد التقديرات وتقديم الاستشارات وإدارة المشروعات البحثية حول المتوسط وتفاعلاته الإقليمية والدولية. لا يتبنى المركز أية توجهات مؤسسية حول كل القضايا محل الاهتمام، والآراء المنشورة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المركز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى