أوراق و دراساتسياسية

السياسة الخارجية التركية تجاه دول شمال إفريقيا: الدوافع والتحديات

زكرياء حلوي

باحث في سلك الدكتوراه تخصص قانون عام، الكلية المتعددة التخصصات، الناظور، المغرب.

ملخص:

تسعى تركيا جاهدة لتحقيق دور مؤثر في شمال افريقيا، وتطمح لأن تكون لاعبًا رئيسيًا في الأحداث الجارية في المنطقة. كما تحاول البحث عن شركاء جدد في المنطقة خاصة بعد أزماتها مع حلفائها التقليديين. بالإضافة إلى ذلك تركز تركيا على إيجاد دوائر اقتصادية جديدة، وتأمين مصادر الحصول على الطاقة، ودفع عجلة المبادلات التجارية مع دول شمال إفريقيا. معتمدة في ذلك على علاقاتها التاريخية مع تلك الدول، وعلى الدبلوماسية الإنسانية والثقافية من خلال منظماتها الحكومية وغير الحكومية.

ومع ذلك فإن تدخلها العسكري في ليبيا قد أثار انتقادات شديدة، حيث يُلقى عليها اللوم، من جانب بعض الأطراف، واعتبارها صانعة للأزمات، ومسببة لعدم الاستقرار في الإقليم. وبالتالي تواجه تحديات كبيرة على الصعيدين الاقليمي والدولي.

الكلمات المفتاحية: السياسة الخارجية التركية، شمال إفريقيا، العلاقات الاقتصادية، الدوافع، التحديات، القوة الناعمة، القوة الصلبة.

مقدمة:

شهدت السياسة الخارجية التركية خلال السنوات الأخيرة تغييراً كبيراً عما كانت عليه بعد الحرب الباردة، حيث تجاوزت نطاق نشاطها المحلي لتتجه نحو توسيع عمق علاقاتها في مناطق مختلفة من العالم في مجال بيئتها الإقليمية المحيطة بها، وسعت إلى إقامة علاقات جديدة مع دول القارة الإفريقية[1]، بدايةً من اهتمامها بمنطقة القرن الإفريقي وصولاً إلى دول شمال إفريقيا.

تعتمد تركيا في هذا السياق على تعزيز قدراتها الاقتصادية، ومحاولة فتح أسواق جديدة لصادراتها الصناعية والعسكرية. ومنذ عام 2003، اختارت تركيا المدخل الاقتصادي إلى القارة السمراء، وأعدت استراتيجية لتطوير العلاقات الاقتصادية مع دول افريقيا، مما مكنها من اكتساب صفة مراقب في الاتحاد الإفريقي في عام 2005، وصفة الشريك الاستراتيجي للاتحاد في يناير2008، بالإضافة إلى حصولها على عضوية بنك التنمية الإفريقي في نفس السنة[2].

وتسعى تركيا جاهدة لتحقيق دور مؤثر في شمال إفريقيا وتبوأ مكانة رئيسية في الأحداث التي تحدث في تلك المنطقة، وذلك في اطار نظرية “العمق الاستراتيجي” التي تعتبر الدافع الرئيسي للسياسة التركية منذ عام2002، بعد تولي حزب العدالة والتنمية السلطة في البلاد[3]. وتركز تركيا جهودها على استغلال علاقاتها التاريخية مع دول المنطقة وعلى التبادلات التجارية المهمة معها.

في حين كان دور تركيا في العديد من مناطق العالم محصوراً بالأبعاد التنموية والسياسية، فإن هذا الدور في منطقة شمال إفريقيا شمل أيضاً الجانب الثقافي والتاريخي أو ما يعرف “بالقوة الناعمة”. ومع ذلك، فقد لاحظ البعض أن تركيا قد بدأت مؤخراً في استخدام أدوات جديدة في سياستها الخارجية تجاه بعض الدول في تلك المنطقة، مع التركيز على عناصر القوة الصلبة وقدراتها العسكرية، خاصة بعد تحقيقها اختراقات عديدة في دول الفضاء الإقليمي باستخدام عناصر القوة الناعمة.

وترتبط الاهتمامات التركية بمنطقة شمال إفريقيا بمجموعة من الدوافع، من بينها البحث عن شركاء جدد، خاصة بعد تكرار المشاكل مع حلفائها التقليديين مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي. بالإضافة إلى ذلك، تسعى تركيا إلى تعزيز الفرص الاقتصادية، ودفع عجلة المبادلات التجارية، مما دفعها إلى تعميق علاقاتها التجارية مع دول المنطقة وتوسيع نطاقها لتشمل دوائر اقتصادية جديدة في القارة السمراء. وتسعى تركيا لتكوين شراكات قوية مع الدول ذات الاقتصاديات الناشئة والمواقع الجيوسياسية البارزة، ويعتبر تأمين الطاقة أحد العوامل الرئيسية وراء الارتباط التركي بدول شمال إفريقيا[4].

إشكالية الدراسة

انطلاقاً مما سبق، تحاول هذه الدراسة الإجابة عن الاشكالية الآتية: إلى أي مدى يمكن لتركيا أن تمارس دور فاعل ومهيمن في منطقة شمال إفريقيا بما يحقق أهدافها ويحفظ مصالحها؟

تساؤلات الدراسة

تتفرع عن هذه الاشكالية أهم التساؤلات التالية: ماهي أهم الدوافع والأهداف الكامنة وراء السياسة الخارجية التركية في شمال إفريقيا؟، وما هي أبرز الأدوات والآليات التي تستخدمها في علاقتها مع دول المنطقة؟، هل ساهمت السياسة الخارجية التركية في دعم الاستقرار في منطقة شمال إفريقيا أم كانت عاملاً في تفاقم الأوضاع؟

فرضيات الدراسة:

لدراسة وتحليل هذا الموضوع نضع الفرضيات الآتية:

– تأثير تركيا في السياسة الإقليمية والدولية رهين بتأثيرها وتواجدها في منطقة شمال إفريقيا.

– تسعى تركيا لتحقيق أهدافها وخدمة مصالحها الاستراتيجية على حساب مصالح وسيادة وأمن دول شمال إفريقيا.

– تنامي سياسات التنافس والصراع في توجهات القوى الدولية والإقليمية الفاعلة في منطقة شمال إفريقيا ينعكس على الاستراتيجيات التي تتبعها تركيا للتغلغل في المنطقة.

منهجية الدراسة

للإجابة على الإشكالية الرئيسية والتساؤلات الفرعية سنعتمد على المنهج التاريخي لتتبع التطور التاريخي لعلاقة تركيا بدول شمال إفريقيا، كما سنعتمد على المنهج الاستقرائي لملاحظة الواقع السياسي والاقتصادي والأمني لدول المنطقة، والوقوف على أهم أهداف ودوافع السياسة التركية فيها، إضافة إلى المنهج المقارن لرصد أوجه التشابه والاختلاف بين التحركات التي تقوم بها تركيا مقارنة مع القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في منطقة شمال إفريقيا.

المبحث الأول: دوافع التواجد التركي في منطقة شمال إفريقيا

بفضل موقعها الجغرافي المميز كدولة تقع في قارتي آسيا وأوروبا مع قربها من قارة إفريقيا عبر شرق المتوسط، تتمتع تركيا بمكانة مركزية تمكِّنها من الانتقال والتفاعل بسهولة في عدة مناطق في آن واحد. يجعل ذلك من تركيا دولة لها القدرة على تعزيز تأثيرها ونفوذها على نطاق واسع[5] . وتعتبر هذه الخاصية الجيوسياسية البارزة دافعًا لتركيا لتبني سياسة خارجية نشطة، تتخطى الحدود الجغرافية المباشرة وتشمل مجموعة واسعة من المناطق والمصالح. ومن بين هذه المناطق، تحظى منطقة شمال إفريقيا بأهمية خاصة في توجهات وأولويات سياسة تركيا الخارجية.

أولاً: الأهمية الاستراتيجية لمنطقة شمال إفريقيا

تعتبر منطقة شمال إفريقيا بدولها الستة: المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، السودان ومصر، منطقة ذات أهمية بالغة بالنسبة للقوى الكبرى والصاعدة على حد سواء. فهي تشكل البوابة الرئيسية الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، وأحد أهم الدوائر الاستراتيجية، ونقطة تقاطع محورية بين القارات الثلاث: إفريقيا، آسيا وأوروبا. بالإضافة إلى ذلك تشكل منطقة شمال افريقيا مدخلا هاماً نحو الأسواق الإفريقية، ومنها نحو الدول والقارات المجاورة[6]، مما يفسر الاهتمام التركي المتزايد بتنمية العلاقات مع دول المنطقة. وتعتبر هذه العلاقات جزءاً من استراتيجية تركيا للتوجه نحو القارة الافريقية، التي تتمتع بمواردها الطبيعية الغنية وأسواقها الواعدة وفرص الاستثمارية المتعددة.

وبوصفها عضواً في مجموعة العشرين الاقتصادية، تسعى تركيا لإيجاد منافذ على القارة السمراء لتسهيل تصدير منتجاتها وتأمين احتياجاتها من موارد الطاقة الأحفورية.[7]

وبفضل الموقع الجغرافي الاستراتيجي لمنطقة شمال إفريقيا، التي تضم أهم المنافذ البحرية والقنوات المائية، مثل مضيق جبل طارق الذي يربط حوض المتوسط بالمحيط الأطلسي، وقناة السويس التي تربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والمحيط الهندي[8]، تسعى تركيا إلى أن تكون دول هذه المنطقة صلة وصل بينها وبين إفريقيا من جهة، والعالم العربي من جهة ثانية.

ولا شك أن دول الشمال الإفريقي قادرة على لعب هذا الدور لتمتعها باستقرار سياسي وأمني كبير خاصة المغرب، الجزائر، تونس ومصر. كما تحظى ببنيات تحتية ملائمة، بما فيها الطرق والمطارات والموانئ الكبرى، مما سيمنح تركيا مكانة متميزة في الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية[9].

وفي هذا السياق، تسعى تركيا جاهدة إلى ربط علاقات قوية مع دول المغرب العربي، التي تتمتع بثروات طبيعية في مجالات الطاقة والمنتجات الفلاحية والبحرية، بهدف إدارة عجلة اقتصادها المتعثر في السنوات الأخيرة. تهدف تركيا أيضاً إلى الوصول إلى القارة الإفريقية، التي يبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة، وتعتبر قارة المستقبل المحورية، وموضع تنافس دولي حاد بين القوى الاقتصادية العالمية الكبرى كالصين، اليابان، روسيا، الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.

تحاول تركيا أيضاً استغلال الفرص المتاحة في الأسواق الكبرى الواعدة في شمال إفريقيا. فهي ترى في الجزائر الغنية بثروات كبيرة من البترول والغاز الطبيعي، والتي تعد رابع مورد للغاز لتركيا، والتي تملك أكبر مساحة جغرافية في إفريقيا، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 40 مليون نسمة، دولة مهمة لتركيا في مجال الاستثمارات وتسويق منتجاتها المختلفة. كما يعد المغرب الذي يضم أكثر من 37 مليون نسمة سوقاً استثمارياً مغرياً للشركات التركية، حيث يتواجد حوالي 160 شركة تركية تعمل في مجال البناء، التجارة، الأثاث، المواد الغذائية والملابس[10]، وترتبط تركيا بالمملكة المغربية وتونس باتفاقية تجارة حرة منذ سنة2007، مما يعزز التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين.

من جهة ثانية، ترتبط تركيا بروابط اقتصادية قوية مع مصر، حيث تعتبر شريكاً تجارياً رئيسياً، وذلك نظراً لكونها منطقة مشتركة بين الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. حيث بلغ حجم المبادلات التجارية بينهما سنة 2022 حوالي 10 مليار دولار، وتم وضع خطة طريق في أغسطس 2023 للوصول إلى 15 مليار دولار في حجم التبادل التجاري بينهما خلال السنوات الخمس المقبلة[11].

وتعتبر ليبيا الغنية بالموارد الطبيعية كالنفط والغاز الطبيعي، مطمحاً لتركيا من أجل تأمين حاجياتها من الطاقة في ظل ارتفاع أسعارها في الأسواق العالمية. وقد دفعت هذه الاعتبارات تركيا للتدخل عسكرياً في ليبيا سنة2019، وتوقيع اتفاقيات تجارية مع حكومة الوحدة الوطنية في سنة2021 لحماية مصالحها السياسية والاقتصادية في المنطقة.

ومن هذا المنطلق، ترى تركيا أنه لا يمكن تجاوز دول شمال القارة بحكم تاريخها الإفريقي وانفتاحها السياسي، وبحكم علاقاتها الاقتصادية والمالية المتميزة مع الدول العربية والإفريقية. لذلك، تراهن تركيا على علاقاتها التاريخية والثقافية والدينية مع دول المغرب العربي التي تمتد إلى فترة الدولة العثمانية، وتهدف إلى تعزيز الفرص الاقتصادية من خلال علاقتها التجارية معها، خصوصاً في ظل تآكل الاقتصاد التركي، وتراجع فرص الاستثمار منذ سنة2016، وتراجع الليرة التركية أمام الدولار والعملات الأجنبية، مما جعل تركيا تبحث عن دوائر اقتصادية جديدة في إفريقيا عبر تعزيز المبادلات التجارية والاستثمارات المشتركة. [12]

كما تعتبر تركيا منطقة شمال إفريقيا البوابة الأوسع لها في سعيها لتوسيع نفوذها بالقارة السمراء، حيث تركز على ضخ الاستثمارات في بلدان هذه المنطقة، وتقديم المساعدات الإنسانية لها، نظراً لأهمية موقعها الجغرافي الذي يربط بين القارات الثلاث، وكونها ممراً مهماً للطاقة في العالم، إضافة إلى الثروات الكبيرة التي تمتلكها ومخزونها من البترول والغاز الطبيعي.

ثانياً: تنويع الشركاء والبحث عن حلفاء جدد

يظهر بأن تركيا بدأت تتحول من دولة ذات مصالح ذاتية إلى دولة تسعى إلى لعب دور أكبر في المنطقة، حيث لم تعد تقتصر جهودها على حماية مصالحها الخاصة فحسب، بل بدأت تستخدم جهودها للمساهمة في حفظ استقرار نظم الدول المجاورة[13]. يظهر اهتمام تركيا المتزايد بإفريقيا عموماً ومنطقة شمال القارة خصوصاً، رغبتها في تطوير علاقات جديدة مع حلفاء جدد غير الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. وتسعى تركيا أيضاً للاستفادة من الثقل السياسي الإفريقي في الجمعية العامة للأمم المتحدة كجزء من استراتيجيتها الخارجية الجديدة[14].

شهدت العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي توترات متكررة، من أهمها قرار البرلمان الأوروبي في نوفمبر2016 تجميد ملف عضوية تركيا في الاتحاد، وربطت الكتل النيابية الأوروبية التي صوتت لمصلحة القرار، استئناف المفاوضات برفع قانون الطوارئ الذي تفرضه تركيا منذ محاولة الانقلاب الفاشل في يوليو2016، والذي تمت بموجبه عمليات اعتقالات، وإقالات واسعة، وتضييق على الصحافة والإعلام[15].

ويتمثل أساس الخلاف بين تركيا والاتحاد الأوروبي في الطلبات المتكررة من تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي[16]، وبدء المفاوضات الجادة منذ عام 2005، مع ذلك كانت طلبات تركيا تواجه رفضاً لأسباب متعددة، بما في ذلك الأسباب السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والتقنية المتعلقة بفصول المفاوضات. ومن بين 35 فصلاً للمفاوضات التي يجب التوصل إليها في مسار الانضمام، تم انجاز فقط فصل واحد فقط، كما أشهرت بعض دول الاتحاد في مقدمتها اليونان[17] ورقة الفيتو في وجه انضمام تركيا[18].

من جهته، ربط الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان ” في يوليو2023، موافقة بلده على انضمام السويد إلى حلف الشمال الأطلسي الذي تعد تركيا عضواُ فيه، بإعادة مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي التي توقفت منذ عام 2016، كما طالب بتحديث الاتفاق الجمركي الذي تم توقيعه بين الطرفين سنة1995، ورفع تأشيرات الدخول الأوروبية عن المواطنين الأتراك[19]. ومع ذلك، لا يزال تجديد طلب تركيا بالانضمام للاتحاد مرتبطاً بمجموعة من الشروط التي يفرضها أعضاء الاتحاد.

وسبق للاتحاد الأوروبي أن فرض عقوبات مالية وسياسية على تركيا في 15 يوليو2019، وذلك بسبب استمرار عمليات تنقيبها على الغاز في المياه الإقليمية لجزيرة قبرص[20]. وانتقد الاتحاد في أكتوبر2019 هجوم تركيا على منطقة شمال سوريا ضد المسلحين الأكراد. وفي يناير2020، دان الاتحاد الأوروبي تدخل تركيا في الصراع الدائر في ليبيا[21]، كما احتل موضوع اللاجئين المتواجدين في تركيا خاصة السوريين منهم نقطة خلاف دائم بين الاتحاد الأوروبي وتركيا[22].

من ناحية أخرى، شهدت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية فترة من التوتر، نتيجة لعدة نقاط خلافية من بينها: دعم هذه الأخيرة للكيانات الكردية في سوريا، بينما تصر السلطات التركية على أن قوات “حماية الشعب” في شمال سوريا هي ذراع لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض معركة ضد الدولة التركية منذ سنة1984، وتروج الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها لفكرة أن الحزب يلعب دوراً محورياً في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في سوريا.

 وظهر التنسيق الأمريكي مع أكراد سوريا عشية إعلان “قوات سوريا الديمقراطية” التحالف العربي الكردي في 6نونبر2016، بدء عملية “غضب الفرات” لتحرير مدينة الرقة بدعم من واشنطن، وبغطاء جوي من قوات التحالف الدولي، ووسط تحييد ملحوظ لتركيا. كما فضلت إدارة الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” الاعتماد على الأكراد بدلا من خطة أخرى عرضتها تركيا وروسيا في فبراير2017 لعملية تحرير مدينة الرقة من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية.[23]

 من بين الخلافات الأخرى التي طفت على السطح بين تركيا والولايات المتحدة، يأتي دعم الولايات المتحدة الأمريكية لمنظمة “بي كاكا” التي تصنفها تركيا إرهابية[24]، فضلاً عن رفض واشنطن تسليم “فتح الله غولن”، المقيم في ولاية بنسلفانيا منذ سنة1999، والمتهم الرئيس (من وجهة نظر الحكومة التركية) في تدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو2016، على الرغم من تقديم تركيا لجميع الأدلة التي تدينه. بالإضافة إلى تجاهل الولايات المتحدة وحلفائها مطالب التسليح التي توجهت بها تركيا، مما جعلها تقلب الوجهة نحو روسيا، وأيضاً قرار إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” بإقصاء تركيا من البرنامج المشترك لصناعة طائراتF35 سنة2019[25]، وغيرها من القضايا الخلافية الأخرى،[26] التي تؤثر على علاقة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.[27]

وأمام هذه التوترات المتكررة مع الحلفاء التقليديين، سعت تركيا إلى البحث عن نوع من الاستقلالية في قراراتها، ورسمت سياسة خارجية قائمة على الانفتاح على حلفاء جدد، وعقد شراكات متنوعة مع مختلف القوى الدولية، بما فيها القوى الإقليمية الفاعلة في منطقة شمال إفريقيا، بما يحقق أكبر قدر من المصالح الاستراتيجية لتركيا في القارة السمراء، ويؤهلها للعب دور رئيسي وفعال في المنطقة.

ثالثاً: محاصرة جماعة “غولن”

انخراط تركيا بشكل متزايد في شمال إفريقيا خاصة، ومنها إلى العمق الإفريقي، يكمن في مجموعة من الدوافع والأهداف السياسية، الاقتصادية والثقافية، بالإضافة إلى سعيها لمكافحة الإرهاب ومحاصرة نفوذ جماعة “خدمة” التي يتزعمها “فتح الله غولن”، بعد تورطها في الانقلاب الفاشل سنة2016. واتخذت تركيا عدة إجراءات داخل البلاد ضد المؤسسات والمدارس التابعة لجماعة “غولن”، وفرضت الوصاية على مدارس وجامعات حركة “خدمة” التي تأسست سنة1971، كما ألغت الحكومة التركية تصاريح عمل 61 ألف معلم كانوا يعملون في مدارس الحركة ومؤسساتها، واعتقلت الآلاف بتهمة الانتماء إلى جماعة “خدمة” التي تصنفها تركيا منضمة إرهابية.[28]

كما تهدف تركيا إلى تضييق الحصار على جماعة “غولن” في الخارج أيضاً، وخصوصاً في القارة السمراء حيث توجد مؤسسات تابعة لهذه الجماعة في عدة دول إفريقية. ففي السودان أصدر الرئيس “عمر البشير” في أغسطس 2016 بطلب من تركيا قرارا بإغلاق جميع المؤسسات التابعة لجماعة “غولن” في البلاد، وتجميد ممتلكاته من بينها حوالي20 شركة واستثمارات عديدة، وتحويل المدارس التابعة للحركة إلى القطاع الخاص بوزارة التعليم السودانية[29]. كما قامت الحكومة الليبية في يوليوز2016 بإغلاق المدارس التابعة لهذ الجماعة واعتقال أربعة مدرسين من العاملين فيها.[30]

 وفي المغرب قررت الحكومة في يناير2017 إغلاق جميع المؤسسات التعليمية التابعة لجماعة “غولن” التركية، والتي ضمت أزيد من 2500 تلميذاً في خمس مدن مغربية (طنجة، فاس، الجديدة، تطوان والدار البيضاء) وتشرف عليها مجموعة “محمد الفاتح”، حيث اعتبرت وزارة الداخلية المغربية بأن هذه المؤسسات “تجعل من الحقل التعليمي مجالا خصباً للترويج لإيديولوجية هذه الجماعة ونشر أفكار تتنافى مع مقومات المنظومة التربوية والدينية المغربية”[31]، ولقي هذا القرار ترحيباً من لدن تركيا واعتبرته تعزيزاً للتعاون القوي بين البلدين.

غير أنه إذا كانت بعض دول شمال إفريقيا قد استجابت لطلب تركيا بتقييد وإغلاق المدارس والمؤسسات التابعة لجماعة “غولن”، فإننا نجد في المقابل دولاً أخرى رفضت هذا الطلب، ومن بينها مصر، التي رفضت طلب تركيا سنة2016، وبررت ذلك بكون المدارس والمؤسسات المذكورة ملتزمة بالمعايير التعليمية المصرية، ولم يسجل في حقها أي مخالفات تعليمية أو مالية.[32]

كما رفضت مجموعة من الدول الإفريقية الأخرى مثل نيجريا، كينيا، مدغشقر، جنوب إفريقيا، تنزانيا، الموزمبيق، إفريقيا الوسطى وغيرها، إغلاق المؤسسات التابعة لهذه الجماعة. إذ يوجد في نيجيريا حوالي 17 مدرسة تابعة لحركة “خدمة” تضم أزيد من 4250 تلميذا إضافة إلى عدد من الجامعات. وفي تنزانيا تحظى مدارس الحركة بشعبية كبيرة وإقبال واسع من لدن الطبقة المتوسطة في البلاد. وتوجد في الموزمبيق ثلاث مدارس تابعة للحركة تستوعب نحو 110 طالباً. نفس الأمر في جنوب إفريقيا التي تضم تسع مدارس تابعة للجماعة. وفي مدغشقر تنتشر أفكار إيجابية حول زعيم الحركة “فتح الله جولن” باعتباره أحد المثقفين المرموقين في العالم.[33]

وبالتالي، تسعى تركيا عبر بوابة دول المغرب العربي وشمال إفريقيا إلى ممارسة ضغوط مكثفة في القارة السمراء لإغلاق المدارس والجامعات التابعة لجماعة “غولن”، إذ تعتبر السلطات التركية أن هذه المؤسسات جزء من شبكة سرية تستخدمها حركة “غولن” لضرب المصالح التركية في الخارج، ونشر أفكار تهدد أمن واستقرار تركيا تحت قيادة حزب العدالة والتنمية.

المبحث الثاني: أدوات السياسة الخارجية التركية في شمال إفريقيا

تتبع تركيا في علاقاتها مع الدول الإفريقية عامة، ودول شمال القارة خاصة، سياسة تجمع بين استراتيجية الربح لكافة الأطراف، وتقديم مساعدات إنسانية وتنموية. وقد نجحت في التأسيس لنهج شامل يزاوج بين القوة الناعمة عن طريق المساعدات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية، والتجارة والاستثمار، والقوة الصلبة، من خلال صناعة الدفاع ومبيعات الأسلحة والمساعدات الفنية لمحاربة الإرهاب[34]. وتبنت تركيا مقاربة جعلت من أدوات الدبلوماسية الناعمة والتكامل الاقتصادي والتعاون الثقافي محدداً لها.

أولاً: الزيارات الدبلوماسية

توالت زيارات كبار المسؤولين الأتراك، خصوصاً على المستوى الرئاسي إلى مختلف دول القارة السمراء في السنوات الأخيرة، حيث بلغ عدد الدول الإفريقية التي زارها الرئيس التركي “طيب رجب أردوغان” حوالي 33 دولة، ويعد “أردوغان” من أكثر الرؤساء غير الأفارقة الذين يزورون القارة. كما أصبح النشاط التركي مكثفاً في مجال افتتاح السفارات والبعثات الدبلوماسية في القارة السمراء، إذ عمدت تركيا إلى توسيع رقعة تمثيلها الدبلوماسي في إفريقيا[35]، وارتفع عدد سفارتها بالقارة من 12سفارة فقط سنة 2003، إلى نحو 44 سفارة حالياً، وهو مؤشر واضح على الاهتمام الكبير الذي توليه تركيا للقارة الإفريقية.

وشملت زيارات الرئيس التركي دول شمال إفريقيا، منها زيارته للجزائر في نوفمبر2023 من أجل تأمين حاجيات بلاده من الطاقة وتدارس خطة رفع حجم التجارة الثنائية بين البلدين، وتوجت هذه الزيارة بتوقيع مجموعة من الاتفاقيات، أهمها تجديد الاتفاقية بين الشركة الوطنية الجزائرية للنفط والغاز “سوناطراك” وشركة خطوط أنابيب البترول التركية “بوتاش”[36]، إذ تحتل الجزائر المرتبة الرابعة في تزويد تركيا بالغاز الطبيعي بعد كل من روسيا، أذربيجان وإيران.

وسبق للرئيس التركي أن زار تونس في مناسبتين متتاليتين، الأولى في ديسمبر2017 في عهد الرئيس التونسي السابق “القايد السبسي” حيث تم توقيع مجموعة من اتفاقيات التعاون، والثانية في 25ديسمبر2019 للتباحث مع الرئيس التونسي “قيس سعيد” حول الأوضاع في ليبيا[37]. كما زار “أردوغان ” السودان في 24 ديسمبر 2017، حيث تم إنشاء مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، وتوقيع 12 اتفاقا في المجالات العسكرية، الاقتصادية والفلاحية.[38] وعبر الرئيس التركي عن نيته في زيارة ليبيا والمغرب وباقي دول شمال إفريقيا قريباً.[39]

ولم تقتصر الزيارات الدبلوماسية التركية لشمال إفريقيا على زيارات الرئيس “أردوغان” فقط، بل تعاقب مسؤولون أتراك على زيارة عدد من دول المنطقة، حيث زار وزير الخارجية التركية “هاكان فيدان” مصر في أكتوبر2023 للتداول مع وزير الخارجية المصري بشأن القضايا الإقليمية والثنائية[40]، كما زار وفد من رجال الأعمال الأتراك جهة الداخلة وادي الذهب المغربية في فبراير2021 لمناقشة المشاريع المشتركة بين المغرب وتركيا على مستوى الجهة.

وعليه، شهدت الزيارات المتتالية التي قام بها المسؤولون الأتراك إلى دول شمال إفريقيا توقيع اتفاقيات اقتصادية وتجارية مع دول المنطقة، فضلاً عن اتفاقيات في مجالات الطاقة والزراعة، وأخرى تهم المساعدات النقدية[41]، وكشفت هذه الزيارات عن التحولات العميقة في مسارات السياسة الخارجية التركية اتجاه المنطقة، كما تعد ترجمة لعملية الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين، حيث تمكنت تركيا بفضل هذه الزيارات من توثيق علاقاتها مع دول شمال إفريقيا.

ثانياً: الدبلوماسية الاقتصادية

تُركز تركيا حالياً على تعزيز علاقتها الاقتصادية مع إفريقيا، وفتح مجالات أكبر للتعاون مع دول القارة، بعد تراجع مكانتها الإقليمية، وتكبدها لخسائر هامة في مجموعة من الأسواق الدولية. وبناءً على ذلك، وضعت خطتها للتعاون الاقتصادي والتجاري تحت اسم “استراتيجية تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إفريقيا”[42]، وسعت إلى رفع حجم التبادل التجاري بينها وبين القارة السمراء، حيث انتقل من 5.4 مليارات دولار في سنة 2003، إلى 40.7 مليار دولار نهاية عام2022.

 على صعيد الاستثمارات، انتهجت الحكومة التركية نهجاً محفزاً لجذب الشركات التركية الكبيرة للاستثمار في القارة الإفريقية، خصوصاً في بعض القطاعات الرئيسية المهمة مثل التعدين، المصارف والاتصالات. حيث بلغت الاستثمارات التركية المباشرة في إفريقيا سنة2023 إلى 10 مليارات دولار[43]. وتهدف هذه الاستثمارات إلى خلق فرص عمل جديدة وتعزيز البنية التحتية، وتتركز هذه الاستثمارات بشكل رئيسي في الجزائر، تونس، ليبيا، إثيوبيا، السنيغال، الموزمبيق، غينيا، الغابون، الكونغو، رواندا والكاميرون.[44]

كما تسعى تركيا إلى تعزيز نشاط شركاتها في دول شمال إفريقيا، وقد نجحت في السنوات الأخيرة في توقيع اتفاقيات للتعاون في مجال الطاقة مع السودان، ليبيا والجزائر، إذ تحتل تركيا المرتبة الأولى من حيث الاستثمارات الأجنبية في الجزائر، حيث قارب حجم التبادل التجاري بين البلدين 6مليارات دولار نهاية سنة2023، ويطمحان إلى رفع قيمة هذه الاستثمارات إلى 10 مليارات دولار، وتوجد في الجزائر1400 شركة تركية[45]، كما يرتبط البلدان بمعاهدة صداقة وتعاون منذ سنة2006.

بدورها تعد ليبيا سوقاً ضخماً للمنتجات التركية، حيث تجاوزت صادرات تركيا إلى ليبيا 758 مليون دولار خلال النصف الأول من سنة2023، شملت قطاع المواد الكيميائية، والمنسوجات والألبسة الجاهزة والحبوب. يسعى البلدين إلى زيادة حجم المبادلات التجارية إلى 15 مليار دولار، كما وقع الطرفان خمس اتفاقيات في عام 2021 في مجالات الطاقة وإعادة الإعمار والإعلام، واتفقا على إنشاء محطة ركاب دولية جديدة في مطار طرابلس، ومركز للتسوق من طرف مجموعة(Ronesans) التركية، فيما تتولى شركة (Aksa Enerji) إنشاء محطات كهرباء في ليبيا.[46]

من جانب آخر، وقعت تركيا مع السودان خلال الست سنوات الأخيرة 20 اتفاقية تجارية واستثمارية في مجالات النفط، التعدين، الزراعة والتجارة، بما في ذلك اتفاق للشراكة والتعاون في المجال الزراعي سنة2014، يشمل تخصيص أرض وسط السودان لإقامة مشروع نموذجي على مساحة 12500 هيكتار، كما وقع البلدان بروتوكولا للتعاون يتضمن تدريب 310 مهندسين زراعيين، في إطار خطة عمل تشمل إنتاج المحاصيل، والصحة النباتية والحيوانية، إلى جانب التنمية الريفية عام 2017، في حين تخطط شركة البناء التركية (Summa) البدء ببناء أكبر مطار في الخرطوم بقيمة 150 مليار دولار[47]، إضافة إلى افتتاح بنك تركي في نفس المدينة، ورصدت تركيا 10 مليارات دولار لإقامة مشروع سياحي يحمل إسم “سواكن” في شرق السودان، إضافة إلى إبرام اتفاقية مع شركة “إم تي إيه” التركية للتنقيب عن الذهب والمعادن في البلاد. [48]

وتعد مصر الشريك التجاري الأول لتركيا في المنطقة، حيث تزيد عدد الشركات التركية المستثمرة في مصر عن790 شركة. وفي أغسطس2023، واتفق وزراء خارجية البلدين على الرفع من حجم المبادلات التجارية من 10 مليارات دولار إلى 15 مليار دولار خلال 5 سنوات المقبلة[49]. كما ترتبط تركيا مع تونس والمغرب باتفاقية تبادل حر منذ سنة2007، غير أن هذين البلدين طالبا تركيا بإعادة النظر في هذه الاتفاقية التي تخدم الأتراك بشكل أكبر، في حين تكبد تونس والمغرب خسائر مالية فادحة وتضر ميزانهما التجاري، إذ تتجاوز قيمة الواردات التركية إليهما مجموعة صادراتهما إليها.[50]

ثالثاً: آلية التعاون العسكري

تهدف تركيا إلى فتح أسواق جديدة أمام صناعتها العسكرية في القارة السمراء، لا سيما بعد فقدانها أسواقاً تقليدية لبيع السلاح في منطقة الشرق الأوسط وأسيا الوسطى، إذ تمثل القارة الإفريقية سوقاً جيدة تستهدفها شركات الصناعات الدفاعية التركية في الآونة الأخيرة. كما وطدت تواجدها العسكري في إفريقيا إثر تأسيسها لقاعدة عسكرية في الصومال سنة2016 لتدريب نحو 10500جندي صومالي[51]، فضلاً عن تقديمها العون التقني والعسكري للقارة الإفريقية في مواجهات عمليات القرصنة والعنف ومكافحة الإرهاب.

وفي هذا الإطار، تستهدف تركيا منطقة شمال إفريقيا على وجه التحديد باعتبارها بوابة القارة، ونقطة جيوسياسية وعسكرية وتجارية كبرى، وسوقاً هامة لبيع الأسلحة التي تقوم بإنتاجها، وتعزيز تعاونها العسكري مع دول المنطقة. فقد أبرمت مع السودان في ماي2011 اتفاقيات عسكرية واستخباراتية تهم التعاون في مجال التدريب العسكري، والاستخبارات والأنظمة الإلكترونية والمعلوماتية، وتبادل الخبرات والتقنيات العسكرية، والصناعة الدفاعية، وتنظيم القوات المسلحة[52].

وفي سنة 2013 صادق الرئيس التركي السابق “عبد الله جول” على قانون ينص على اتفاق إطار مع السودان بشأن التدريب والتعاون العسكري. وفي يونيو2014 استقبلت السودان أربع سفن حربية تركية على متنها 700 فرد تنتمي لمجموعة البارجة التركية “بارباروس” التابعة للقوات البحرية التركية، وذلك في ميناء “بورسودان” أحد المنافذ المهمة للسيطرة على الوضع في البحر الأحمر، وشمل برنامج “بارباروس” إجراء تدريبات مشتركة مع البحرية السودانية.[53]

وتسلم المغرب بدوره في سنة2021 سرب من الطائرات التركية المقاتلة بدون طيار من طراز “Bayraktar TB2” بقيمة تصل إلى 65 مليون دولار، وأبرم في نفس السنة صفقة أخرى بقيمة 50,7 مليون دولار مع شركة “Aselsan” التركية المصنعة للأسلحة من أجل الحصول على منظومة “Koral-EW” للحرب الإلكترونية وتضم وسائل اتصال عسكرية حديثة، ورادارات، وأسلحة إلكترونية وأجهزة التحكم[54].

من جهتها اقتنت الجزائر في أكتوبر2021 عشر طائرات بدون طيار من طراز Anka-S في صفقة مع شركةTAI التركية[55]. كما تسلمت تونس سنة 2020 ثلاث طائرات بدون طيار تركية الصنع من طرازAnka-S، بالإضافة إلى ثلاث محطات تحكم أرضية، وشملت الصفقة بين البلدين تدريب 52 عنصراً من القوات الجوية التونسية على يد القوات التركية.[56]

ولم تكتف تركيا ببيع منتوجاتها العسكرية لدول شمال إفريقيا، بل قامت بالتدخل العسكري في ليبيا بحثاً عن تحقيق مصالحها الاقتصادية والتجارية، وإيجاد موطئ قدم لها على ساحل شمال القارة السمراء، حيث قامت بدعم حكومة الوفاق برئاسة “فايز السراج” في أبريل 2019، دعما كاملا بالأفراد والعتاد والتكنولوجيا الحديثة في مواجهة الجيش الوطني[57]، كما تم إبرام مذكرتي تفاهم بين تركيا وحكومة الوفاق في نونبر2019 حول التعاون الأمني وترسيم الحدود البحرية.[58]

رابعاً: الدبلوماسية الناعمة

وظفت تركيا آلية الدبلوماسية الناعمة من أجل توثيق علاقاتها مع دول شمال القارة الإفريقية، وبناء شراكات متينة معها، استناداً إلى الروابط التاريخية والمساعدة الإنسانية التي تقدمها لمجموعة من دول القارة، مقابل تعزيز علاقاتها السياسية والاقتصادية معها، بالإضافة إلى الاهتمام بالجانب التعليمي وتقديم المنح لطلاب الدول الإفريقية(أزيد من 5000 طالب)، ومنح قروض بدون فوائد أو بفوائد مخفضة، وخلق مشاريع إنمائية في القارة، وكذلك الاهتمام بالجانب الصحي والعمل الخيري الذي تقوم به منظمات تركية تابعة للحكومة أو للمجتمع المدني[59]، حيت يرتكز المشروع التركي في القارة السمراء على طابعين هامين، وهما الطابع التنموي والطابع الإنساني، وذلك ما تفتقده مشروعات القوى الأخرى المتواجدة في إفريقيا.[60]

وتعد تركيا ثاني أكبر مانح للمساعدات في القارة الإفريقية بعد الولايات المتحدة الأمريكية، فقد قدمت في ديسمبر2019 مساعدات إنسانية للسودان نظراً لاجتياح الفيضانات، وفي نوفمبر2021 أرسلت رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد”، 35 طنا من المساعدات الإنسانية لجنوب السودان[61]. كما أرسلت “هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات” (İHH) التركية في سبتمبر 2023، حوالي 30 حاوية محملة بالأغذية والبطانيات ومستلزمات التنظيف والملابس والكراسي المتحركة للتخفيف من معاناة السودانيين إثر الاشتباكات العسكرية الجارية في البلاد[62]، وشيدت وكالة التعاون والتنسيق “تيكا” التركية مجمعاً استشفائياً في دارفور جنوب السودان، كما تقوم بتقديم المساعدات الطبية للمستشفيات في البلاد.[63]

وإثر الزلزال الأخير الذي ضرب مناطق متفرقة من المغرب في 8سبتمبر2023، توافدت جمعيات ومنظمات خيرية تركية لإغاثة ومساعدة المتضررين، أبرزها منظمة “حسنة” المتوفرة على فريق للبحث والإنقاذ، و”هيئة الإغاثة الإنسانية” (IHH) التي عملت على توزيع المساعدات والإعانات على سكان المناطق القروية المتضررة من الزلزال[64]. كماأرسل الهلال الأحمر التركي في سبتمبر2022 مواد إغاثية ومساعدات لإخماد الحرائق التي شهدتها الجزائر. وسبق ل”هيئة الإغاثة الإنسانية” (IHH) التركية التي تنشط في تونس منذ2011، أن وزعت في يونيو2016 مساعدات إنسانية لفائدة الأيتام في محافظة “منوبة” التابعة للعاصمة التونسية.[65]

ولم تكتف تركيا بتقديم المساعدات الإنسانية لدول شمال إفريقيا خلال الأزمات والكوارث التي مرت بها، بل مارست أيضاً أدوات القوة الناعمة الأخرى للتأثير بشكل إيجابي في تصورات شعوب هذه الدول، حيث فتحت مراكز رعاية للمسنين والأطفال، وملاجئ للنساء[66]، ومراكز تدريب مهني، ومراكز سياحية، وقامت ببناء وترميم المساجد[67]. بالإضافة إلى قيام المجتمع المدني التركي بأنشطة ثقافية وفنية لرسم صورة إيجابية عن تركيا في الوعي المجتمعي الإفريقي، والترويج للسياحة التركية في دول شمال القارة. كما نفذت وكالة التعاون والتنسيق التركية (TIKA) مشاريع تهدف إلى تحديث الماضي التاريخي العثماني في شمال القارة، علاوة على اهتمام مراكز البحوث والجامعات التركية بالقضايا المتعلقة بدول الشمال الإفريقي.[68]

كما تسعى تركيا لكسر طوق احتكار المعلومات الذي تمارسه بعض الدول الاستعمارية في شمال الدول الإفريقية، إذ بدأت وسائل الإعلام التركية مثل وكالة أنباء الأناضول، والإذاعة الحكومية TRT في زيادة فروعها في شمال القارة لتوفير المعلومات والأنباء الحيادية، إذ من المؤمل أن تساهم هذه المصادر في توطيد الثقة بين تركيا ودول شمال إفريقيا.[69]

المبحث الثالث: تحديات السياسة الخارجية التركية في شمال إفريقيا

يمثل الانخراط التركي المتزايد في شمال إفريقيا ترجمة لاستراتيجيتها الهادفة إلى تعزيز نفوذها في القارة ككل، حيث قطعت تركيا أشواطاً هامة على صعيد تمديد تواجدها في القارة السمراء، غير أن هذه الاستراتيجية تواجهها تحديات إقليمية ودولية، خاصة في ظل وجود فواعل أجنبية أخرى تسعى إلى تثبيت أقدامها، وضمان تواجدها الاقتصادي والعسكري، والحصول على نصيبها من خيرات وثروات القارة الإفريقية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، إيران، روسيا ودول الاتحاد الأوروبي، حيث تتزايد الأهمية الاقتصادية لمنطقة شمال إفريقيا فيما يتعلق بالأسواق والمشروعات الاقتصادية، وبيع الأسلحة والاستثمارات الأجنبية.[70]

وتتعرض المنتجات التركية إلى المنافسة الخارجية في الأسواق الإفريقية، وتشجيع القوى الكبرى لشركاتها الخاصة للاستثمار في القارة، مما یشكل منافسة للشركات التركية. ضف على ذلك أن بعض الفواعل الإقليمية والدولية ترى في تركيا منافساً حقيقياً لها في شمال إفريقيا، وتتوجس من تنامي النفوذ التركي في المنطقة، لذلك فالتحدي الذي يواجه السياسة الخارجية التركية يكمن في استغلال الإمكانيات المتاحة دون الدخول في صراعات مصالح مع دول تفوقها خططيا ولوجيستيا، وتوخي الحذر في اختياراتها الاستثمارية والتجارية الموجهة نحو دول شمال إفريقيا.

كما أن عدم اقتصار المشروع التركي في المنطقة على الآليات الدبلوماسية والقوة الناعمة المتمثلة في الثقافة والاقتصاد والمساعدات الإنسانية، وتجاوزه إلى التمدد والتوسع الخشن، والتدخل العسكري الصريح في ليبيا، عرض تركيا لتوترات وخلاف مع حلفائها التقليديين، حيث صدر تقرير للأمم المتحدة، في ديسمبر2019، يدين تركيا بإرسال أسلحة جد متطورة من طائرات مسيرة، ودبابات، وصواريخ مضادة للدروع للميليشيات الموالية لحكومة الوفاق الليبية في غرب البلاد[71]، وذلك خرقاً لحضر الأسلحة المفروض في ليبيا منذ سنة2011. كما ندد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي “جوزيب بوريل” في يناير2020 بتدخل تركيا في النزاع الليبي.[72]

من جهة أخرى، يُثير تنامي الدور التركي وتوسعها العسكري في منطقة شمال إفريقيا عبر تدخلها في ليبيا مخاوف بعض بلدان المنطقة، خاصة مصر، الجزائر وتونس، وذلك نظراً للأوضاع الأمنية غير المستقرة في ليبيا، والذي ساهمت فيه تركيا (من وجهة نظر البعض) من خلال دعمها لحكومة الوفاق الوطني بالسلاح والأفراد، مما يهدد الأمن والاستقرار في الدول العربية المجاورة ويهدد الأمن الإقليمي ككل. كما أن التوجه التركي في شمال إفريقيا يُشكل مصدر تهديد بالنسبة للمصالح السياسية والاقتصادية للدول العربية في المنطقة، خاصة وأن تركيا تركز تواجدها على خطوط جنوب المتوسط القريبة من أوروبا وشبه الجزيرة العربية، ومحاولة بناء قواعد عسكرية بالقرب من الممرات البحرية ذات الأهمية الاستراتيجية لدول شمال القارة، مما قد يدفع الدول العربية في المنطقة إلى إقرار سياسات موحدة تجاه تواجد تركيا في المنطقة.[73]

وعليه، قد يؤدي التواجد التركي غير المرغوب فيه، من وجهة نظر بعض الأطراف، في شمال إفريقيا إلى تباطؤ مستويات التعاون مع دول المنطقة، في ظل تزايد التحفظات التي تبديها العديد من الاتجاهات داخل هذه الدول إزاء الأهداف التي تسعى تركيا إلى تحقيقها، والآليات التي تستخدمها خاصة الإيديولوجية منها، مما أدى إلى تصاعد الجدل بين بعض التيارات الليبرالية والإسلامية في المنطقة تجاه المسارات المحتملة للعلاقات مع تركيا.[74]

الخاتمة:

شهد النفوذ التركي في شمال إفريقيا زيادة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة، وذلك نظراً للأهمية الاستراتيجية والاقتصادية للمنطقة في ظل تزايد اهتمام القوى الدولية والإقليمية بها. هذا الوضع دفع تركيا للسعي نحو تعزيز دورها كقوة اقليمية وعالمية مؤثرة في الأحداث التي تمر بها المنطقة. غير أن تدخلها العسكري في ليبيا أثر على سياستها التي اعتمدت لسنوات طويلة على الآليات الدبلوماسية وعلى القوة الناعمة، وجعل أصابع الاتهام تتجه نحوها باعتبارها صانعة للأزمات، ومحفز لعدم الاستقرار في الإقليم، وأصبحت السياسة الخارجية التركية مواجهة للعديد من التحديات المتشابكة إقليمياً ودولياً.


[1] –  جمال مظلوم، “السياسة التركية في المنطقة العربية العالم”، مجلة السياسة الدولية، العدد 219، القاهرة، يناير2020، ص112.

[2]– محمد الخمسي، الرهانات والتحديات الجيوسياسية للمغرب في إفريقيا، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، الموسم الجامعي2021/2022، ص87.

[3]– أحمد داود أوغلو، العمق الاستراتيجي: موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية، ترجمة: محمد جابر ثلجي وطارق عبد الجليل، الدار العربية للعلوم ومركز الجزيرة للدراسات، الدوحة2011، ص ص 241-242.

[4]–  كرم سعيد، “أهداف وأدوات التحركات التركية في إفريقيا”، مجلة السياسة الدولية، العدد 208، القاهرة، أبريل2017، ص 139.

[5] أحمد داود أوغلو، العمق الاستراتيجي: موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية، مرجع سابق، ص144.

[6] -عبد القادر بوالروايح، “الأهمية الإستراتيجية لدول منطقة شمال إفريقيا في مبادرة الحزام والطريق -الجزائر نموذجا”، مجلة الباحث للدراسات الأكاديمية، العدد2، المجلد10، الجزائر، يونيو2023، ص107.

[7] – محمد الخمسي، الرهانات والتحديات الجيوسياسية للمغرب في إفريقيا، مرجع سابق، ص88.

[8] – خديجة بوتخيلي، “الرهانات الجيواستراتيجية للمغرب في إفريقيا في ظل التنافس الدولي”، ضمن كتاب الجماعي: المغرب في محيطه الإفريقي المجالات والرهانات الاستراتيجية الجديدة، الطبعة الأولى، وجدة 2017، ص289.

[9]– أحمد البضموسي، العلاقات المغربية بدول أمريكا اللاتينية-البرازيل نموذجاً، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السنة الجامعية 2022/2023، ص ص 39-41.

[10] – حسن الشاغل، مصطفى الوهيب، “كيف تغيرت تركيا خلال 5 سنوات: العلاقات الخارجية التركية بين عامي 2015 – 2020″، مركز الأناضول لدراسات الشرق الأدنى، أنقرة، أكتوبر2021، ص ص 51-52.

[11]– للمزيد أنظر: “تركيا ومصر تهدفان لرفع التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار”، موقع الأناضول، 02-08-2023، على الرابط www.aa.com.tr، تاريخ التصفح( 05-10-2023).

[12]–  كرم سعيد، “أهداف وأدوات التحركات التركية في إفريقيا”، مرجع سابق، ص140.

[13]– بوحنية قوي، “إفريقيا في الاستراتيجية التركية الجديدة هل يكون القرن الحادي والعشرون قرنا إفريقيا”، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، سبتمبر2016، ص3.

[14]– ساهمت أصوات الدول الإفريقية في فوز تركيا بمقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي للفترة 2009-2010، حيث صوتت 12 دولة إفريقية من أصل 11 لصالح تركيا. للمزيد أنظر: مراد يتكين، ” لماذا خسرت تركيا التصويت في الأمم المتحدة؟”، موقع ترك بريس، بتاريخ 18-10-2014، على الرابط:www.turkpress.co، تاريخ التصفح: (08-10-2023).

-[15] كرم سعيد، “أهداف وأدوات التحركات التركية في إفريقيا”، مرجع سابق، ص139.

[16] -قدمت تركيا سنة1987، رسمياً ترشيحها للانضمام للاتحاد الأوروبي، فقوبل بالرفض لأسباب سياسية واقتصادية، وفي سنة 1999، منح الاتحاد تركيا وضع مرشح للانضمام شريطة تحسين وضعية حقوق الإنسان والرفع من أدائها الاقتصادي، وفي أكتوبر2005، بدأت مفاوضات الانضمام بين الطرفين على الرغم من معارضة مجموعة من الدول الأوروبية مثل: النمسا واليونان. للمزيد من التفاصيل أنظر: “تركيا والاتحاد الأوروبي… تاريخ من العلاقات المتوترة”، موقع اندبندنت عربية، بتاريخ 5-5-2021، تاريخ التصفح ( 10-10-2023).

-[17]يعود رفض اليونان انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي بسبب قضية جزيرة قبرص، حيث تحتل القوات التركية الجانب الشمالي من الجزيرة منذ سنة 1974، وأعلنت تركيا سنة1983 ما سمته “جمهورية شمال قبرص التركية”.

-[18]أحمد السكري، “تعقيدات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي”، مجلة السياسة الدولية، العدد187، القاهرة، يناير2012، ص ص158-162.

[19]Huseyin Hayatsever, Ece Toksabay, “Erdogan links Sweden’s NATO membership to Turkey’s EU accession”, www.reuters.com, July -10, 2023, accessible 13-10-2023.

[20]Matina Stevis-Gridneff, «E.U. Punishes Turkey for Gas Drilling Off Cyprus Coast», New York times, www.nytimes.com, July 15, 2019, accessible 13-10-2023.

[21]– See : «Poutine et Erdogan appellent à un cessez-le-feu en Libye », www.reuters.com, January 8, 2020, accessible 13-10-2023.

-[22] أماني سليمان، “الاستجابة الأوروبية للاجئين من منظور الأمن الإنساني”، اتجاهات نظرية، مجلة السياسة الدولية، مؤسسة الأهرام، القاهرة، عدد 205، المجلد 51، يناير 2016، ص34.

[23]– كرم سعيد، “أهداف وأدوات التحركات التركية في إفريقيا”، مرجع سابق، ص139.

[24]–  تأسست منظمة (بي كا كا) التابعة لحزب العمال الكردستاني في 27 نوفمبر 1978، في محافظة ديار بكر التركية، على يد مجموعة من الطلبة الماركسيين، ودخلت المنظمة في حرب طويلة مع الدولة التركية. للمزيد من التفاصيل أنظر: “تركيا تحاربه وتصنفه إرهابياً.. كيف تدعم أوروبا “بي كا كا”؟”، www.alestiklal.net، تاريخ التصفح( 15-11-2023).

[25]-Aaron Mehta, «Turkey officially kicked out of F-35 program, costing US half a billion dollars », www.defensenews.com, Jul 17, 2019, accessible 17-10-2023.

[26]– من بينها اتهام واشنطن لبنوك تركية بالتورط في الالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة على إيران، وقضية “الإبادة الجماعية للأرمن” على يد الإمبراطورية العثمانية سنة1915، للمزيد من التفاصيل انظر: “واشنطن بوست: ماذا يعني أن تعترف الولايات المتحدة بـ”الإبادة الجماعية” للأرمن؟”، موقع الجزيرة، بتاريخ25-04-2021، على الرابطwww.aljazeera.net، تاريخ التصفح ( 18-10-2023).

[27]– محمود عثمان، “العلاقات التركية الأمريكية من “شراكة استراتيجية” إلى “إدارة خلافات””، موقع الأناضول، بتاريخ، على الرابط www.aa.com.tr، تاريخ التصفح( 18-10-2023).

[28] -كرم سعيد، “أهداف وأدوات التحركات التركية في إفريقيا”، مرجع سابق، ص140.

[29]-See: “Bashir directs to shut down Gulen-linked businesses in Sudan”, www.sudantribune.com, 12-08-2016, accessible 02-11-2023.

[30] -أنظر “الحكومة الليبية تغلق المدارس التابعة لـ«كولن» وتعتقل 4 من مدرسيها”، موقع الخليج الجديد، بتاريخ25-07-2016، على الرابط www.thenewkhalij.news ( تاريخ التصفح02-11-2023).

[31]– مصطفى الحسناوي، “أنقرة والرباط وصفقة محاصرة المعارضين”، موقع الجزيرة، بتاريخ 6-02-2017، على الرابط www.aljazeera.net، (تاريخ التصفح 07-11-2023).

[32]– محمد حسن عامر، بهاء الدين عياد، “معركة «أردوغان» لإغلاق مدارس «جولن»: مصر ترفض طلب «أنقرة».. والسودان يستجيب”، موقع الوطن، بتاريخ12-08-2016، على الرابطwww.betaanews.elwatannews.com، (تاريخ التصفح: 08-11-2023).

[33]–  أحمد يونس، رنيم حنوش، “مدارس غولن.. أسرار «الكيان الموازي» في 100 دولة”، صحيفة الشرق الأوسط، بتاريخ 28عشت2016، على الرابطwww. aawsat.com، (تاريخ التصفح: 10-11-2023).

[34]– محمد الخمسي، الرهانات والتحديات الجيوسياسية للمغرب في إفريقيا، مرجع سابق، ص89.

[35]– نور الدين مورو، “البعد الاقتصادي في علاقات المغرب بإفريقيا بين الحضور المتميز وتحديات المنافسة الدولية”، ضمن كتاب جماعي: التقرير الاستراتيجي المغربي 2011-2022، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى، 2022. ص163.

[36] -للمزيد أنظر في : “عشية زيارة أردوغان للجزائر.. تركيا تهدف لرفع التجارة البينية إلى 10 مليارات دولار”، موقع الجزيرة، بتاريخ21-11-2023، على الرابط www.aljazeera.net، (تاريخ التصفح: 12-11- 2023).

[37]– للمزيد أنظر في : “الملف الليبي الساخن في صلب زيارة أردوغان المفاجئة لتونس”، موقع DW، بتاريخ25-12-2019، على الرابط www.dw.com، (تاريخ التصفح 12-11-2023).

[38]See: “Sudan, Turkey sign 12 agreements in economic, military, cultural cooperation”, www.china.org.cn,25-12-2017, accessible 13-11-2023.

[39] See : “Turkish President Erdogan says will visit Libya soon”, www. en.alwasat.ly, 21-07-2023, accessible 13-11-2023.

[40] – للمزيد أنظر في: “وزير الخارجية التركي يزور مصر الجمعة”، موقع الأناضول، بتاريخ 13-10-2023، على الرابط www.aa.com.tr، (تاريخ التصفح 13-11-2023).

[41] – كرم سعيد، “أهداف وأدوات التحركات التركية في إفريقيا”، مرجع سابق، ص138.

[42]– نورا فخري أنور، “السياسة الخارجية التركية تجاه إفريقيا”، مجلة السياسة الدولية، العدد219، القاهرة، يناير2020، ص 192.

[43]– للمزيد أنظر في: “تجارة تركيا مع الاتحاد الإفريقي تنمو 7.5 مرات في عقدين”، موقع سكاي نيوز، بتاريخ13-10-2023، على الرابط www.skynewsarabia.com، (تاريخ التصفح 15-11-2023.).

[44]– مصطفى صلاح، “الدور التركي في إفريقيا…اقتصاد يحرك السياسة”، مركز البديل للتخطيط والدراسات الاستراتيجية، أوراق بحثية، أبريل2018، ص8.

[45]– للمزيد أنظر: “أردوغان: استثماراتنا في الجزائر قاربت 6 مليارات دولار”، موقع الجزيرة، بتاريخ21-11-2023، على الرابط www.aljazeera.net، (تاريخ التصفح 15-11-2023).

[46]– محمود رفيدة، “5 اتفاقيات بين ليبيا وتركيا.. هذا ما تريده حكومة الوحدة الوطنية”، موقع الجزيرة، بتاريخ 14-4-2021، على الرابطwww.aljazeera.net، (تاريخ التصفح 16-11-2023).

[47] نورا فخري أنور، “السياسة الخارجية التركية تجاه إفريقيا”، مرجع سابق، ص 192.

[48]– سيف اليزل بابكر، “السودان وتركيا يتممان إجراءات توقيع 20 اتفاقاً تجارياً”، صحيفة الشرق الأوسط، بتاريخ 27 نونبر2018، على الرابطwww.aawsat.com، (تاريخ التصفح 16-11-2023).

[49]– أنظر “مصر وتركيا تتفقان على زيادة التبادل التجاري بين البلدين 15 مليار دولار”، موقع RT مصر، بتاريخ 01.08.2023، على الرابطwww. arabic.rt.com، (تاريخ التصفح 16-11-2023).

[50]– للمزيد من التفاصيل أنظر:

– “العجز التجاري لتونس مع تركيا يتفاقم.. ودعوات لوقف الاتفاقيات غير المتكافئة”، www.jawharafm.net، (بتاريخ 5-5-2023).

– عبد الرحيم العسري، “المغرب يخيّر تركيا بين مراجعة أو تمزيق اتفاقية التبادل الحر”، موقع هسبريس، (بتاريخ 13-01-2020)، على الرابط www.hespress.com.

[51]– Abdirahman Hussein, Orhan Coskun, “Turkey opens military base in Mogadishu to train Somali soldiers”, www.reuters.com, October 1, 2017, accessible 18-11-2023.

[52]– See, «Turkish president signs law on military cooperation with Sudan », www.sudantribune.com, 17-03-2023, accessible 18-11-2023.

[53] -[53] كرم سعيد، “أهداف وأدوات التحركات التركية في إفريقيا”، مرجع سابق، ص141.

[54]–  محمد سعيد أرباط، “المغرب يُبرم صفقة مع تركيا بـ50,7 مليون دولار لاقتناء منظومة كورال للحرب الإلكترونية”، موقع الصحيفة، بتاريخ17-07-2021، على الرابطwww.assahifa.com، (تاريخ 20-11-2023).

[55] A.ARNAUD, «L’ALGÉRIE DEVIENT LA PREMIÈRE CLIENTE ÉTRANGÈRE DU DRONE TURC AKSUNGUR», www.avionslegendaires.net, 13-10-2022, Vue le) 20-11-2023(

[56]– للمزيد أنظر: “تونس تشتري طائرات مسيرة ومحطات تحكم أرضية من تركيا”، www. defense-arab.com، بتاريخ 14-12-2020،( تاريخ التصفح 21-11-2023).

[57]– جمال مظلوم، “السياسة التركية في المنطقة العربية العالم”، مرجع سابق، ص 113.

[58]–  للمزيد من التفاصيل أنظر: خالد حنفي علي، ” الحسابات المتداخلة للانخراط التركي في النزال الليبي”، مجلة السياسة الدولية، العدد219، القاهرة، يناير2020، ص ص 140-144.

[59] -عبد الحافظ الصاوي، “تركيا وإفريقيا… سمات وأبعاد الشراكة الاستراتيجية”، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، ديسمبر2020، ص1.

  [60]- نور الدين مورو، “البعد الاقتصادي في علاقات المغرب بإفريقيا بين الحضور المتميز وتحديات المنافسة الدولية”، مرجع سابق، ص165.

[61] -See: “Türkiye’s AFAD helps farmers in South Sudan”, www.dailysabah.com, 22-12-2022, accessible 24-11-2023.

[62]-للمزيد أنظر: “تركيا.. هيئة الإغاثة الإنسانية ترسل 30 حاوية مساعدات إلى السودان”، موقع الأناضول، بتاريخ 28-09-2023، على الرابط www.aa.com.tr، (تاريخ التصفح 24-11-2023).

[63]– سرحات أوراكشي، ” بروز دور تركيا في إفريقيا الصاعدة”، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، يناير2022، ص 6.

[64]– للمزيد أنظر في :”فرق إنقاذ ومساعدات.. جمعيات تركية هبّت لعون شعب المغرب بعد كارثة الزلزال”، موقع TRTعربي، بتاريخ 19-09-2023، على الرابط www.trtarabi.com،( تاريخ التصفح 25-11-2023).

[65]– رشيد الجراي، ” İHH التركية توزع مساعدات إنسانية على أيتام في تونس”، موقع الأناضول، بتاريخ 26-06-2016، على الرابط www.aa.com.tr،( تاريخ التصفح25-11-2023).

[66]– نورا فخري أنور، “السياسة الخارجية التركية تجاه إفريقيا”، مرجع سابق، ص 193.

[67]– أنشأت الوكالة التركية للتعاون والتنسيق “تيكا” سنة 2019 خمس مساجد في مدن متفرقة بالسودان، كما قامت بترميم مسجد “امحمد باي” التاريخي في تونس سنة 2020، ومسجد “جامع كتشاوة ” بالجزائر العاصمة سنة 2014.

[68]MICHAEL RUBIN, « Turkey’s Africa Strategy Threatens to Breed Islamist Extremism”, www.nationalreview.com, June 26, 2019, accessible 25-11-2023.

[69]– محمد الخمسي، الرهانات والتحديات الجيوسياسية للمغرب في إفريقيا، مرجع سابق، ص91.

[70]– كرم سعيد، “دوافع وأدوات الدور التركي في إفريقيا”، مجلة السياسة الدولية، عدد212، القاهرة، أبريل2018، ص216.

[71]– لحسن ملال، إشكالية بناء الاتحاد المغاربي: دراسة في مداخل التعاون والاندماج، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، السنة الجامعية2020/2021، ص348.

[72] -Voir: « Libye: l’Union Européenne condamne “l’ingérence de la Turquie”», www.fr.le360.ma,  07-01-2020, Vue le 25-11-2023.

[73]– جمال مظلوم، “السياسة التركية في المنطقة العربية العالم”، مرجع سابق، ص 115.

[74]– كرم سعيد، “دوافع وأدوات الدور التركي في إفريقيا”، مرجع سابق، ص217.

يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية PDF (اضغط هنا)

Admin

مركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية: مؤسسة فكر وتخطيط استراتيجي تقوم على إعداد التقديرات وتقديم الاستشارات وإدارة المشروعات البحثية حول المتوسط وتفاعلاته الإقليمية والدولية. لا يتبنى المركز أية توجهات مؤسسية حول كل القضايا محل الاهتمام، والآراء المنشورة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المركز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى