أوراق و دراساتمقالات

مشروعية ضم أراضي الدول ذات السيادة بالقوة: الأقاليم الأوكرانية نموذجاً

د. محمد بوبوش

أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي العام، جامعة محمد الأول-وجدة.

مقدمة:

 باتت السيادة الوطنية للدول تواجه أفولاً بمعناها التقليدي ووصلت الأمور على هذا النحو إلى حد أن بات فريق من المحللين والمعلقين يتحدثون عن زوال أو اختفاء ظاهرة السيادة الوطنية، وهو حكــم يراه البعض مبالغاً فيه، وإن كان ثمة اتفاق على خطورة ما ألم بالسيادة الوطنية للدول المتوسطة والصغيرة بصفة خاصة. 

وقد أثارت الحرب الروسية الأوكرانية مجموعة من النقاشات السياسية والأكاديمية حول مدى احترامه مبادئ القانون الدولي فيما يتعلق بحماية سيادة الدول ووحدتها. فالأمر يتعلق بوضع اليد بالقوة على أراضي دولة مستقلة وذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة، وإنتاج مسارات جديدة لاستنساخ تجارب التفكيك الإقليمي للدول، وذلك في تجاوز لعدد من مبادئ القانون الدولي المتعلقة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والامتناع عن استخدام القوة أو مجرد التهديد بها في العلاقات الدولية، وتسوية المنازعات بشكل سلمي.

 شهدت الأقاليم الإنفصالية الموالية لروسيا في منطقتي دونباس (دونيتسك ولوغانسك) في شرق أوكرانيا وخيرسون وزابورجيا في جنوبها تنظيم استفتاءات حول الإنضمام إلى روسيا بين 23 -27 سبتمبر 2022، في خطوة من شأنها إحداث تصعيد كبير في الصراع، وتأزيم الموقف الروسي لدى الغرب، في الوقت الذي تفكر فيه موسكو في خطواتها التالية في صراع مستمر منذ قرابة سبعة أشهر تسبب في أخطر مواجهة مع الغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية في عام 1962.

وكان بوتين استبق ذلك بالقول أن موسكو ستدعم القرارات المتخذة في الاستفتاءات، كما أعلن عن تعبئة جزئية، لتتكرس بذلك حلقة إضافية في أعنف صراع تشهده العلاقات الروسية مع الغرب، الذي يواصل تقديم كافة أشكال الدعم لأوكرانيا في حربها مع روسيا والتي أدت حتى الآن -من بين نتائج أخرى- إلى تغيرات في الواقع الجغرافي لأوكرانيا لصالح اتساع في رقعة المساحة الروسية، فضلاً عن أن العلاقات مع الغرب أصبحت كذلك أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.

حذر بوتين في اجتماع متلفز مع سفراء أجانب تم تعيينهم مؤخراً في موسكو من أن دور الولايات المتحدة في الخارج يعرقل التنمية على مستوى العالم، وأفاد في إشارة مبطنة إلى الغرب والولايات المتحدة «للأسف، يواجه تطوير عالم متعدد الأقطاب مقاومة من أولئك الذين يحاولون الاحتفاظ بدورهم المهيمن، والسيطرة على كل شيء في أمريكا اللاتينية وأوروبا وآسيا وأفريقيا»، وأضاف: أن «هذه الهيمنة سارت بشكل جيد لمدة طويلة، لكن من المستحيل أن يبقى الوضع كذلك إلى الأبد».

كتب نائب رئيس مجلس الأمن القومي دميتري ميدفيديف تغريدة على «تليغرام»: «بعد تنفيذ الاستفتاءات، وإدراج مناطق جديدة في روسيا، سيأخذ التحول الجيوسياسي في العالم طابعاً لا رجعة فيه. إن روسيا سيكون بإمكانها استخدام «جميع الوسائل للحماية». وبعيد الإعلان عن موعد تنظيم الاستفتاءات، تعهدت كييف «القضاء» على ما سمّته «التهديد الروسي»[1].

أهداف الدراسة:

  تسعى الدراسة إلى إبراز أهم المخاطر التي تواجه الدول في الحفاظ على سيادتها في ظل جمود قواعد القانون الدولي وعدم قدرتها على حماية السلامة الإقليمية للدول في مواجهة تدخلات الدول القوية، وهو ما يبدو جلياً من الأزمة الروسية الأوكرانية  التي ستكون لها انعكاسات خطيرة على السلامة الإقليمية للدول على صعيد أوروبا والعالم، فهي تثير حساسية لدى القوميات، وتشرعن الإنفصال عن الدول، الذي يهدد استقرار النظام الدولي برمته.

مناهج الدراسة:

استخدمت الدراسة عدة مناهج نظراً لتعدد أبعاد الموضوع، منها المنهج  التاريخي الذي يسعفنا في فهم جذور سياسة روسيا البوتينية القائمة على القومية الروسية وأمجادها التاريخية، والمنهج المقارن في وضع مقارنة بين التدخلات

الروسية في مجالها الحيوي بطرق متشابهة، والمنهج القانوني لتوضيح منظور القانون الدولي لمشروعية ضم أقاليم دولة مستقلة بدون مبررات وأسانيد قانونية.

إشكالية الدراسة:

تنطلق هذه الدراسة من أرضية واضحة المعالم، وهي أن الحرب الروسية الأوكرانية  أدت إلى إحياء مفاهيم كنا نعتقد أن الزمن تجاوزها مثل الغزو العسكري و مفهوم المجال الحيوي والمصالح الحيوية  والتي لها نتائج خطيرة على مستوى النظام القانوني الدولي.

إن السؤال الرئيسي في هذه  الدراسة يتمحور حول كيف يمكن الحفاظ على السيادة الوطنية للدول وسلامتها الإقليمية في ظل قصور قواعد القانون الدولي وعجزها عن نصرة الدول في مواجهة التدخلات غير المشروعة للدول؟، وتتفرع عن هذا التساؤل الرئيسي عدد من الأسئلة أهمها:

  -هل يعتبر ضم أقاليم إنفصالية إلى الإتحاد الروسي مشروعة من الناحية القانونية؟

-ألا يتضمن ضم المناطق ودعم حق تقرير المصير لتلك المناطق نوعاً من الازدواجية  ومخالفات صريحة لأحكام ومعايير القانون الدولي في هذا الصدد؟

هيكلة  الدراسة:

أولاً-الخلفيات التاريخية والقومية لضم الأقاليم الأوكرانية

ثانياً- القانون الدولي  وتحديات الحفاظ على السلامة الإقليمية  لأوكرانيا

ثالثاً- الجدل الفقهي والقانوني بخصوص مسألة ضم روسيا للأقاليم الأوكرانية

رابعاً- عدم مشروعية الضم من منظور قانون الاحتلال الحربي

أولاً- الخلفيات التاريخية والقومية لضم الأقاليم الأوكرانية:

تنصرف مسألة ضم الأقاليم الأوكرانية الأربعة بشكل رئيسي لرغبة الرئيس “فلاديمير بوتين” إعادة تعبئة الداخل وذلك من خلال:

 1- ارتفاع أسهمه وسط تيارات الشعبويين الروس عبر تصدير نجاحات تؤسس لعودة الاتحاد السوفيتي.

2- تشكيل الصورة الذهنية لدى شعوب الكتلة الشرقية، وتصدير صورة “البطل القومي” وسيناريو “المُنتصر” من يعيد أمجاد روسيا البيضاء ويضم الأراضي التي يروها ملكًا لروسيا.

3- العمل على تسويق الضم كانتصار حربي في ظل التقدم الأوكراني من خلال الهجوم المضاد. [2]

توابع هذا الضم خطيرة جداً، فالأعمال العدائية ستستمر، وهذا سيشكل بعد الآن اعتداء على الأراضى الروسية بشكل مباشر، وهذا الأمر يعنى تغيير مصطلح “العملية العسكرية الخاصة” إلى مصطلح أقل شيء عملية مكافحة إرهاب، أو إذا زادت الأمور عن حدها، قد يؤدى إلى إعلان الحرب الروسية على الدولة الأوكرانية، وهذا القرار سيتبعه تغيير شامل فى الإستراتيجية العسكرية لما يتم الآن على الأراضى الأوكرانية.

يمثل تنظيم مثل هذه الاستفتاءات أن موسكو لم تعد مهتمة بالتفاوض حول إنهاء الحرب الأوكرانية، حتى بعد إعلانها التعبئة الجزئية، وأنها قادرة على تثبيت وجودها القانوني والفعلي في هذه المناطق اعتماداً على الأقليات الناطقة باللغة الروسية فيها، وأيضاً بقوة السلاح، وفي هذا الإطار، شدد بوتين يوم 21 سبتمبر 2022 على ضمان إجراء الاستفتاءات في المناطق الأوكرانية التي تريد الإنضمام إلى روسيا.[3]

وتنظم  هذه الاستفتاءات في دونيتسك ولوغانسك الواقعتين في منطقة دونباس واللتين اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستقلالهما قبيل إطلاق هجومه على أوكرانيا.

 ويجري التصويت في دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا وفقاً لآليات معقدة تحيط بها الكثير من التساؤلات، على خلفية تباين مساحات النفوذ الروسي في المناطق الأربع التي لم تسيطر عليها موسكو بالكامل، و فضلاً عن استمرار المواجهات في مناطق واسعة منها.

“استفتاءات الضم” ما هي في الواقع سوى نتيجة ورد على “خطاب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في الخامس من أغسطس  2021، الذي قال أن من يشعر من سكان المناطق الشرقية أنه روسي فعليه الذهاب إلى روسيا للحفاظ على حياته وحياة أبنائه وأحفاده. سكان هذه المناطق لبوا النداء وسيذهبون إلى روسيا لكن مع أراضيهم الشرعية. المناطق التي تشهد الاستفتاءات شاسعة وغنية بالثروات والموارد وهي روسية تاريخياً”.[4]

 وقد أعلنت السلطات الموالية لموسكو في منطقتي زابوريجيا وخيرسون بجنوب أوكرانيا وفي لوغانسك في شرق هذا البلد، الثلاثاء 27 سبتمبر 2022، فوز الأصوات المؤيدة للانضمام إلى روسيا.

وأكدت المفوضية الانتخابية في منطقة زابوريجيا أنّ 93,11% من الناخبين صوّتوا لصالح الارتباط بروسيا، بعد فرز 100% من الأصوات، مع التنويه بأنّ هذه النتيجة ما زالت في الوقت الحالي أوّلية.

وقالت إدارة احتلال منطقة خيرسون إنّ 87,05% من الناخبين صوّتوا مع الانضمام إلى روسيا بعد فرز 100% كذلك من الأصوات.[5]

وهما أول منطقتين أوكرانيتين أعلنت فيهما نتائج التصويت لصالح ضمّ روسيا منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24  فبراير 2022.

وأتت النتيجة مماثلة في جمهورية لوغانسك الشعبية في شرق أوكرانيا، وفقًا للسلطات الانتخابية الموالية لموسكو والتي أكدت أن الأغلبية أيّدت الانضمام إلى روسيا.

وأكدت مفوضية الانتخابات في هذه المنطقة وفق ما نقلت عنها وكالتا ريا نوفوستي وانترفاكس الروسيتان أن 98,42% من الناخبين صوتوا لصالح الإنضمام لروسيا، بعد فرز 100% من الأصوات.

أما في دونيتسك الجمهورية الشعبية الأخرى في شرق أوكرانيا أيضاً، فأعلنت السلطات الموالية لموسكو  فوز مؤيدي الانضمام لروسيا في الاستفتاء.

وقالت مفوضية الانتخابات المركزية في جمهورية دونيتسك الشعبية، بحسب ما نقلت عنها وكالات الأنباء الروسية، أن 99.23% ممّن أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء صوّتوا بنعم، وذلك بعد فرز 100% من الأصوات.

  وتأتي الاستفتاءات بعد أن تمكنت القوات الأوكرانية هذا الشهر من استعادة السيطرة على مساحات شاسعة في الشمال الشرقي في هجوم مضاد هو الأكبر منذ بدء الهجوم الروسي في 24 فبراير 2022.

وبدمج تلك المناطق، يعني أن عدد الأقاليم الروسية سيرتفع من 85 إلى 89 إقليماً. يمكن لموسكو اعتبار الهجمات الرامية لاستعادتها على أنها هجمات ضد أراضيها، ما يثير قلق كييف وداعميها الغربيين.

  ومع تزامن العملية في المناطق، تمت صياغة الأسئلة التي يتوجب على السكان الإجابة عنها “بنعم” أو بـــــــــــــ”لا” بشكل متفاوت. إذ سيكون على سكان دونيتسك ولوغانسك، وهما إقليمان استبقت موسكو الحرب في أوكرانيا بإعلان الاعتراف باستقلالهما، الإجابة عن سؤال وحيد، تمت صياغته بهذا الشكل: “هل تؤيد الانضمام إلى روسيا كأحد مكونات الاتحاد الروسي؟» في حين أن الأسئلة المطروحة في منطقتي زابوريجيا وخيرسون، صيغت بطريقة أخرى لتغدو: «هل تؤيد الانفصال عن أوكرانيا؟ هل تؤيد تحويل المقاطعة إلى دولة مستقلة؟ وهل تؤيد الانضمام إلى روسيا؟” .

تطرح الأزمة الأوكرانية الحالية على صعيد منهجية العلاقات الدولية، إشكالية “الأقلية الذريعة” لتدخل دولة في شؤون دولة أخرى، أو “الأقلية الأداة” لممارسة الضغوط والابتزاز على السلطات القائمة في دولة ما في آلية تجعل من هذه الأقلية عنصر مساومة في العلاقات بين دول متجاورة[6].

فبعد أن تورط بوتين  في  انفصال ترانسنيستريا وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية في 2008 وشبه جزيرة القرم  عام 2014، يحاول على نفس السيناريو الآن في خيرسون، وأينما تكون هناك مناطق عرقية روسية واقعة ضمن جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق ليست على استعداد للانصياع لروسيا، سوف تكون هناك حركات انفصالية قد تنفصل بذاتها كما هو الحال في مولدوفا وجورجيا والآن أوكرانيا – وسوف تقدم روسيا الدعم اللازم لها. (تغيير العملة المحلية الى العملة الروسية الروبل- منح الجنسية الروسية-رفع العلم الروسي- جعل اللغة الروسية هي اللغة الأم..).

ثانياً- القانون الدولي  وتحديات الحفاظ على السلامة الإقليمية  لأوكرانيا:

إن شرعية أي دولة اليوم تقوم على الإرادة الحرة لسكان أرضيها بأن تقوم هذه الدولة، وعلى اعتبارهم الحر لها بأنها دولتهم، وهي لا تقوم على معطيات تاريخية أو إثنية، ولو اعتمدنا المعايير التاريخية والإثنية اليوم في الحكم على حق الدول بالوجود، لفقدت أكثر دول العالم المعاصر هذا الحق! وهكذا يمكن القول بشكل جازم أن حق دولة أوكرانيا بالوجود، وشرعية وجودها بكامل حدودها، لا يقومان قطعًا على ما كان عليه حالها في روسيا القيصرية، حتى في الاتحاد السوفييتي، بل على إرادة سكانها الحاليين بأن تكون هي دولتهم، وعلى اعترافهم بها كدولة لهم، وهذا ينطبق على كل هؤلاء السكان في الشرق والغرب، وهؤلاء صوت 92.3 ٪ منهم بالموافقة على قانون إعلان استقلال أوكرانيا، الذي أُجري في 1ديسمبر 1991، ولم تظهر بينهم مطالبات قبل عام 2014 بالانفصال عن أوكرانيا، أو استبدالها بدولة أخرى، ولم تجر بينهم صراعات قومية أو مناطقية، وهذه شرعية كافية تمامًا لدولة أوكرانيا.[7]

إن المجتمع الدولي وبالخصوص الدول الكبرى تنتهج كما يبدو، سياسة الكيل بمكيالين، فقد سمعنا الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير الخارجية الأميركي أنتوني وزعماء الغرب ينتقدون الموقف الروسي، ويؤكدون على ضرورة احترام القانون الدولي، ونحن نعرف أن بلدانهم لم تحترم القانون الدولي تجاه القضية الفلسطينية، ولم تطبقه أو تقبله طوال ستين عاماً .[8]

فمن الواضح تماماً أن موقف الرئيس الأوكراني، والذي يُعَدّ امتداداً لسلطة وصلت إلى مواقع الحكم عبر» ثورة ملونة  « مدعومة أمريكياً، لم يكن في موقفه المطالب بالانضمام إلى حلف الناتو مدفوعاً بالحرص على استقلال القرار الأوكراني، بقدر ما كان متجاوباً مع التحريض الأمريكي الداعي إلى محاصرة روسيا ومنعها من التحول إلى قوة دولية منافسة [9].

  يتّضِح مما تقدم أن القانون الدولي قابل للاستدعاء في الأزمات والمواقف الدولية في حالات مختلفة، لكنه موجود على الورق فقط، في غياب سلطة عليا قادرة على تطبيقه وفرض حمايته. وهذا وضعٌ يغري كل من يملك القوة على استخدامها في كل مرة يتصور فيها أنه يستطيع أن ينجو بفعلته، رغم تحريم اللجوء إليها أو حتى مجرد التهديد بها تحريماً قاطعاً.

لقد كانت الولايات المتحدة تهيمن منفردة على العالم،  حيث لم يكن بمقدور أحد غيرها استخدام القوة.أما الآن، وبعد أن وصلت الهيمنة الأميركية المنفردة إلى نهايتها، أصبح بمقدور غيرها استخدام القوة أيضاً، ما يوحي بأن النظام الدولي على وشك الدخول في مرحلة فوضى وعدم استقرار إلى أن يتم العثور على نقطة توازن جديدة[10].

يمكننا القول أن عملية التفتت الإقليمي لدول ذات سيادة أصبحت شيئاً مألوفاً في ظل المتغيرات الدولية الراهنة، خصوصاً مع انكشاف السيادة الوطنية وبروز فواعل جديدة من غير الدول، كما أن الدول المجهرية التي تفرزها النزعات الانفصالية في ظل المخاض المرتبط بتطبيق النظام العالمي الجديد سوف تتزايد.

كان الفقه وإلى زمن غير بعيد يعتبر أن القانون الوضعي لا يقبل بالحق في الإنفصال[11]، فلقد كلفت عصبة الأمم سنة 1920 لجنة من الحقوقيين[12] بإنجاز تقرير حول الجوانب القانونية لجزر “الأند،Islands  Aaland  ” وهي جزر صغيرة تقـع بـين فنلنـدا والسويد- وتخضع لسـيادة فنلنـدا، وانتهت اللجنة في تقريرها إلى أن “القانون الوضعي لا يعترف لفئات من الشعب بالحق في الانفصال عن الدولة التي ينتمون إليها، وذلك بمجرد أن لهم الرغبة في ذلك، كما أنه لا يعطي الحق لدول أخرى في أن تدعم تلك المطالبة[13]،  وأشارت إلى أن سكان الجزيرة لهم الحق في الاستقلال الثقافي، ولكن في إطار الدولة. وأنه فقط يحق لهم الانفصال عن   فنلندا إذا لم تحترم حقوقهم[14].

وقد أشار “جورج سيل” إلى أن حق مجموعة في الانفصال يصطدم مباشرة بحق آخر وهو حق باقي السكان في الاستمرار في تكون أمة ودولة ورغبتهم في العيش المشترك [15]. كما سبق للأمين العام للأمم المتحدة “أوتانت” أن أكد أن الأمم المتحدة، كمنظمة دولية، لم يسبق لها أن قبلت ولا تقبل اليوم، ولن تقبل أبدا –على ما أعتقد-مبدأ انفصال جزء من إحدى الدول الأعضاء[16].

وقد سار على نفس النهج  الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” عندما صرح عن موقف الأمم المتحدة والقانون الدولي من مسألة ضم المناطق الأوكرانية إلى الاتحاد الروسي،  حيث  تطرق   إلى ما يسمى بـــــــــ “الاستفتاءات” في المناطق المحتلة التي أجريت خلال نزاع مسلح نشط في مناطق خاضعة للاحتلال الروسي وخارج الإطار القانوني والدستوري لأوكرانيا.

وأضاف أنه لا يمكن وصفها بأنها تعبير حقيقي عن الإرادة الشعبية. “أي قرار تتخذه روسيا للمضي قدماً سيعرّض آفاق السلام لمزيد من الخطر. وسوف يطيل أمد الآثار الدراماتيكية على الاقتصاد العالمي، وخاصة في البلدان النامية، ويعيق قدرتنا على تقديم المساعدات المنقذة للحياة في جميع أنحاء أوكرانيا وخارجها.”[17]

وأوضح أنه: “لا يمكن التوفيق بينه وبين الإطار القانوني الدولي. ويقف ضد كل ما يعمل المجتمع الدولي من أجل الدفاع عنه. ويستهين بمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة” ، ووصفه بالتصعيد الخطير، وبأنه ليس له مكان في العالم الحديث، ولا ينبغي القبول به.[18]

وأشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة واضحة بنفس القدر. ففي إعلان مبادئ القانون الدولي المتصلة بالعلاقات الودية الصادر في 24 تشرين الأول/أكتوبر 1970 – استشهد مراراً بقواعد القانون الدولي العام من قبل محكمة العدل الدولية – وقد أعلنت الجمعية العامة أن “أراضي دولة ما لا يجب أن تكون محل استيلاء من قبل دولة أخرى نتيجة للتهديد باستعمال القوة أو استخدامها.”

ودعا السيد غوتيريش في ختام كلمته إلى التراجع عن حافة الهاوية، وقال”:الآن أكثر من أي وقت مضى، يجب أن نعمل معا لإنهاء هذه الحرب المدمرة التي لا معنى لها والالتزام بميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.”

لذلك يرى اتجاه من الفقهاء أن حق تقرير المصير المنصوص عليه في المواثيق الدولية متعلق بحرية الشعوب التي تعرضت لاحتلال خارجي وهو ما يسمى بحق تقرير المصير الخارجي و لا يتعلق أبداً بحق تقرير المصير الداخلي الذي يرتبط بحركات وجماعات انفصالية داخل الدولة من أجل إقامة دولة مستقلة[19] ،حيث يذهب LANDS ALANDIS  النوع من الحق يؤدي إلى عدم الاستقرار في المجتمع  الدولي عندما تطالب كل جماعة أو أقلية بالاستقلال وحق تقرير المصير (الداخلي) ، و يؤكد على أهمية حصر حق تقرير المصير و ربطه بحركات تحرر الشعوب ضد الاستعمار[20].

بتعبير آخر، تفسير حق تقرير المصير المنصوص عليه في المواثيق الدولية، يجب أن يكون في إطار حق تقرير المصير الداخلي فقط، وبالتالي فإن سقف المطلوب من وجهة نظر هذا الاتجاه هو توفير آليات ضمان اختيار المركز السياسي داخل كيان الدولة، ومؤسساتها. وبالتالي فإن هذا الاتجاه يرى أن حق تقرير المصير يضمن الحق لأقليات في الحصول على تمثيلها السياسي داخل هيئات ومؤسسات الدولة، دون أن يمتد إلى الاعتراف بحق المطالبة بالانفصال عنها وتأسيس دولة وطنية جديدة[21].

ويبدو أن المجموعة الدولية تكيل بالمكيالين في تعاطيها مع حق الشعوب في تقرير مصيرها. لكن من البين أنها اليوم أمام إشكالية صعبة كيف يمكن رسم الحدود بين القبول الدولي بالانفصال ومساندة الحلول في إطار الدولة القائمة[22].

لقد تساءل الفكر القانوني الدولي عما إذا كانت إشكالية ثنائية حق الشعوب في تقرير مصيرها من جهة، وحق الدول في الحفاظ على وحدة ترابها وسيادتها تحتضن تناقضاً بين الشقين، وانتهى إلى أن حق الشعوب في تقرير مصيرها قد انتهى العمل به لأنه كان يعني رفع الاستعمار عن المستعمرات وتحرير الشعوب بناء على حقها في تقرير مصيرها. ولأن هذا الاستعمار قد انتهى، فإن الحق الناتج عنه قد انتهى أيضاً، لأن فقد السبب يقتضي انتهاء المسبب.

وعلى العكس لا يمكن انتهاك حق الدول في الحفاظ على وحدتها وبسط سيادتها على كامل ترابها لأنه حق ثابت لا يزول إلا بزوال الدولة المعنية به أو انقراض مفهوم الدولة.

من المعلوم، أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت جد حريصة على التأكيد في ما صدر عنها من قرارات أو إعلانات على أن مباشرة الشعب المعني أو الجماعة المعنية للحق في تقرير المصير، إنما ينصرف نطاقه بشكل أساسي إلى التحرر من السيطرة الأجنبية دون أن يؤدي ذلك إلى تعريض مبدأ السلامة الإقليمية للدولة إلى الانتهاك.

وترتيباً على ذلك فقد خلص جانب من الفقه القانوني الدولي- وعن حق- إلى القول بأن حق تقرير المصير، كحق جماعي من حقوق الإنسان، إنما ينصرف فقط إلى حالة الشعوب الخاضعة للاحتلال أو السيطرة الاستعمارية. وبالتالي لا يجوز الاحتجاج بهذا الحق من جانب جماعة معينة تعيش داخل الدولة، ومن ثم لا يكون أمام هذه الجماعة – حال النيل من حقوقها بشكل منظم ومتعمد– سوى العمل على كفالة هذه الحقوق من مدخل حقوق الإنسان، ومن منطلق وطني في المقام الأول. ويقصد بذلك ممارسة المظهر الداخلي لــ”حق تقرير المصير، Internal Self-determination ” بمعنى  حق هذه الجماعة في الاستقلال داخل حدود الدولة، وهو ما لا يتعارض مع السلامة الإقليمية للدولة.خاصة وأن السماح للأقليات بالانفصال عن الدولة الأم- واعتبار ذلك حقاً من حقوقها-من شأنه أن يفتح الباب واسعاً أمام صراعات داخلية ودولية لا حد لها، خاصة وأنه ما من دولة إلا في ما نذر إلا وتضم في إطارها واحدة أو أكثر من الجماعات (الأقليات) المتمايزة نوعاً ما  عن باقي أفراد المجتمع الذين يشكلون الجماعة الأكثر عدداً أو الأغلبية[23].

 إن حق تقرير المصير الذي ينادي به الروس  يتعارض مع مبدأ السلامة الإقليمية لدولة أوكرانيا، والقيادة الروسية تشجع حق تقرير المصير بمفهوم الانفصال للقرم  والحالات المشابهة لها (مناطق ناطقة باللغة الروسية وذات كثافة عرقية في دول مجاورة)، ويرفضونه لشعوب روسيا أو شعوب العالم الأخرى، لأنه في الواقع عندهم سبب تبريري لا مبدئي. وإذا طبق فستتراكم السلبيات على روسيا والعالم، ولن تستطيع السياسة الروسية عندها أن ترد على مطالب سكان القوقاز وغيرهم، وستضطر لاتباع الازدواجية في موقفها من القضايا المتعلقة بمطالب الشعوب المظلومة، والكيل بمكيالين.

   في ضوء ذلك نتساءل: إذا كانت الحكومة الروسية صادقة في دعمها لحق تقرير المصير للأقليات الروسية في دونيتسك ولوهانسك  ومنطقة خيرسون التي تنوي إجراء استفتاء لضمها إلى الاتحاد الروسي، فما رأيها في مطالب شعوب القوقاز (الشركس، الداغستان، الشيشان)، التي تطالب بهذا الحق وقد حمل بعضها السلاح ضد السلطة الروسية لتحقيقه؟! وما رأي الحكومة الروسية أيضاً إذا طالب أتراك بلغاريا، وألمان تشيكيا وبولونيا، ومقدون اليونان، وباسك إسبانيا، وشعوب المملكة البريطانية المتحدة، بحق تقرير المصير؟، بل ما رأيها لو طالب صينيو ماليزيا، وبلوش أفغانستان وإيران، وأذريو إيران وعربها، وإيغور الصين، وتركستان الشرقية، والأكراد في العراق وإيران وتركيا وروسيا نفسها، بمثل هذا الحق؟[24].

كما أن المناطق الشرقية التي يتكون سكانها من أصول وثنية مختلفة يتكلمون اليوم بالروسية، فهي فعلًا كانت مستعمرات روسية استولت عليها روسيا القيصرية في تواريخ مختلفة، وبعد صراعات عنيفة مع القوى المجاورة المنافسة، ومع ذلك، فكونها كانت مستعمرات، في زمان ما، لا يُلزمها قطعًا بالبقاء تابعة إلى الأبد لمستعمرها أو خلفه، وهي تمتلك حق تقرير المصير والاستقلال إن شاءت، وهذا هو حال كل دول قارتي أميركا وأوقيانوسيا المستقلة اليوم، والتي كانت في زمن ما مستعمرات بريطانية أو فرنسية أو إسبانية أو برتغالية أو هولندية أو سوى ذلك، فهل يحق اليوم لبريطانيا، مثلًا، نفي حق دول مثل الولايات المتحدة أو كندا أو أستراليا بالوجود، والمطالبة بهما بذريعة أنهما كانت من قبل مستعمرات بريطانية؟، وهل تستطيع البرتغال المطالبة بالبرازيل؟، أو هل تستطيع إسبانيا المطالبة بالمكسيك أو الأرجنتين مثلًا بالذريعة نفسها؟[25].

ثم ما رأيها أخيراً لو أرادت شعوب إفريقيا أن تطبق حق تقرير المصير، حيث لن تبقى دولة إفريقية واحدة (جنوب الصحراء) على حالها؟!، إن حق تقرير المصير الذي ينادي به الروس، يريدونه للقرم فقط، ويرفضونه لشعوب روسيا أو شعوب العالم الأخرى، لأنه في الواقع عندهم سبب تبريري لا مبدئي. وإذا طبق فستتراكم السلبيات على روسيا والعالم، ولن تستطيع السياسة الروسية عندها أن ترد على مطالب سكان القوقاز وغيرهم، وستضطر لاتباع الازدواجية في موقفها من القضايا المتعلقة بمطالب الشعوب المظلومة، والكيل بمكيالين.

وإن فتحنا بوابة التاريخ -وليس لأحد عندها أن يحدد الاتجاه الذي ستمضي فيه الحركة السياسية عبر هذه البوابة، وإلى أي زمن ومدى- فهل يقبل بوتين بإعطاء الاستقلال للمناطق التترية أو الشركسية التابعة اليوم لروسيا، وهي مناطق تقطنها حتى اليوم أكثريات من سكانها الأصليين، وهم ليسوا روسًا إثنيًّا، وكانت لديهم في ما مضى خصوصية قبل أن تحتلها روسيا القيصرية؟.

إن شرعية أي دولة اليوم تقوم على الإرادة الحرة لسكان أرضها بأن تقوم هذه الدولة، وعلى اعتبارهم الحر لها بأنها دولتهم، وهي لا تقوم على معطيات تاريخية أو إثنية، ولو اعتمدنا المعايير التاريخية والإثنية اليوم في الحكم على حق الدول بالوجود، لفقدت أكثر دول العالم المعاصر هذا الحق! وهكذا يمكن القول بشكل جازم أن حق دولة أوكرانيا بالوجود، وشرعية وجودها بكامل حدودها، لا يقومان قطعًا على ما كان عليه حالها في روسيا القيصرية، حتى في الاتحاد السوفييتي، بل على إرادة سكانها الحاليين بأن تكون هي دولتهم، وعلى اعترافهم بها كدولة لهم، وهذا ينطبق على كل هؤلاء السكان في الشرق والغرب، وهؤلاء صوت 92.3 ٪ منهم بالموافقة على قانون إعلان استقلال أوكرانيا، الذي أُجري في 1   ديسمبر 1991، ولم تظهر بينهم مطالبات قبل عام 2014 بالانفصال عن أوكرانيا، أو استبدالها بدولة أخرى، ولم تجر بينهم صراعات قومية أو مناطقية، وهذه شرعية كافية تمامًا لدولة أوكرانيا.[26]

ثالثاً-الجدل الفقهي والقانوني حول مسألة استفتاءات ضم الأقاليم الأربعة:

قبيل الإعلان عن قرار الضم، شهدت هذه الأقاليم الأربعة تنظيم استفتاء حول الانضمام إلى روسيا خلال شهر سبتمبر 2022، وقد جاءت النتائج – بحسب معطيات رسمية- مؤيدة للانفصال، وتراوحت النسبة فيها بين 87,05% في خيرسون، و93,11% في زاباروجيا، و98,42% في لوغانسك، و99,23% في دونيتستك.

وأثار هذا التوجه الانفصالي مجموعة من النقاشات الفقهية و السياسية والأكاديمية حول توقيته، والخلفيات والدوافع الحقيقية المتحكمة فيه، ومدى شرعيته في ضوء المقتضيات الدستورية لأوكرانيا، ومبادئ القانون الدولي فيما يتعلق بحماية سيادة الدول ووحدتها. فالأمر يتعلق بوضع اليد بالقوة على أراضي دولة مستقلة وذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة، وذلك في تجاوز لعدد من مبادئ القانون الدولي المتعلقة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والامتناع عن استخدام القوة أو مجرد التهديد بها في العلاقات الدولية، وتسوية المنازعات بشكل سلمي[27].

الإشكال الذي يُطرح في هذا الصدد هو مدى مصداقية وشرعية هذه “الاستشارة الشعبية” التي تمت تحت صوت القنابل والرصاص والطائرات، وذلك ربما في تجاوز واضح لإرادة وسيادة دولة مستقلة هي أوكرانيا، ولضوابطها الدستورية واختياراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.[28]

ذهب جانب من الفقه القانوني الدولي إلى  القول بأن انفصال  الأقاليم الأربعة عن أوكرانيا وانضمامها إلى روسيا هو مشروع في نظر القانون الدولي، وفق أمور واقعية وليس قانونية فقط، إذ لم يكن أمام تلك الأقاليم الأربعة غير الانفصال للتخلص من حكم أوكرانيا لها. والجدير بالذكر أن اللجنة الإفريقية لحقوق الشعوب تبنت هذه المقاربة القانونية في قضية شعوب الكاتانجيز ضد زائير عام 1995.

وعلى الرغم من أن القانون الدولي لايلزم الدول بالاعتراف بالاستفتاءات وما أعقبها من إجراءات تتعلق بانضمام الأقاليم الأربعة للسيادة الروسية، فإن عدم اعتراف أي دولة بهذا الواقع الجديد لايعني عدم مشروعيته، لكنه فقط لايرتب آثاراً قانونية تجاهها. وربما تلك من الأمور التي دفعت محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري المتعلق بكوسوفو إلى القول بأنه ليس هناك ما يمنع إعلان استقلال كوسوفو بصورة مطلقة[29].

الاستفتاءات، التي تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي فهي لا تحدث في ظل المبادئ الديمقراطية ولم توافق أوكرانيا على ذلك. على المحتل الذي هو روسيا أن يحترم القوانين القائمة في الأراضي المحتلة والتي تبقى سارية المفعول ما لم تكـن مناقضة للمعايير الدولية أو تهدد أمن المحتل، فالمحتل لا يكتسب السيادة على الأراضي المحتلة، فالاحتلال والسيادة لا يجتمعان معاً وتبقي السيادة حقاً للدولة الشرعية التي هي صاحبة الحق في إصـدار التشريعات، وقد تحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مؤخراً عن انتهاك محتمل للقانون الدولي الذي من أهم مبادئه، عدم جواز التهديد أو التلويح بالقوة المسلحة لتسوية النزاعات، وعدم جواز استيلاء على أراضي الغير بالقوة المسلحة، لكن جريمة روسيا الأفظع هي العدوان، كما أن الاستفتاءات لا تجرى أثناء النزاعات المسلحة إطلاقاً. طبعاً إذا كان هناك تواجد عسكري روسي في هذه المناطق وهو تواجد مسلح، فهذا لا يستقيم مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالأغلبية، بمطالبة روسيا بوقف الحرب وانسحاب كافة القوات.

رابعاً- عدم مشروعية ضم الأقاليم الأوكرانية من  منظور قانون الاحتلال الحربي:

أعلنت روسيا ضم مناطق أوكرانية تحتلها، بشكل رسمي متجاهلة المعارضة الدولية والعقوبات الغربية، وأشهرت حق النقض “الفيتو” في وجه مشروع قرار يدين الضم، لكن بموجب القانون الدولي فإن خطوة موسكو هي استيلاء على الأراضي بالقوة. والجمعة 30 سبتمبر 2022، أعلنت الرئاسة الروسية  أن روسيا صادقت على ضم مناطق أوكرانية تسيطر عليها، خلال مراسم أقيمت في الكرملين ألقى خلالها فلاديمير بوتين خطابا.[30]

وحسب القانون الدولي، فالضم هو الاستيلاء على الأراضي بالقوة وهو انتهاك صارخ للقانون الدولي، وعلى هذا النحو، لا يمكن أن يكون له أي تأثير على الوضع القانوني للإقليم، الذي لا يزال محتلاً بحكم القانون.

من جهتها أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً اليوم الأربعاء 12 أكتوبر 2022 بتصويت أغلبية الدول الأعضاء لصالحه، يدعو الدول إلى عدم الاعتراف بالمناطق الأربع في أوكرانيا التي تطالب بها روسيا، في أعقاب ما يُسمّى بالاستفتاءات التي أجريت في أواخر الشهر سبتمبر 2022، ويطالب القرار موسكو بالتراجع عن مسار “محاولتها الضم غير القانوني” للمناطق الأوكرانية. وجاءت النتائج كالآتي: 143 صوتا لصالح القرار، مع معارضة خمس دول (هي بيلاروس، وروسيا، وسوريا، نيكاراغوا، جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية) وامتناع 35 عن التصويت.

وقد تم تقديم مشروع القرار المعنون “السلامة الإقليمية لأوكرانيا: الدفاع عن مبادئ ميثاق الأمم المتحدة”، خلال الجلسة الاستثنائية الطارئة الحادية عشرة في الجمعية العامة بعد أن فشل مجلس الأمن في 30  سبتمبر 2022 في اتخاذ قرار يهدف إلى إدانة استفتاءات الاتحاد الروسي التي سبقت إعلان موسكو ضمّ لوهانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا.

كان مشروع قرار مجلس الأمن الذي فشل بسبب الفيتو الروسي سيعلن أيضاً أن الاستفتاءات التي أجريت في 23 و27  سبتمبر 2022 ليست صالحة ولا تشكل أساساً لأي تغيير على وضع هذه المناطق في أوكرانيا، بما في ذلك أي ضم مزعوم من قبل الاتحاد الروسي.

ويرحب مشروع القرار (A/ES-11/L.5) “ويعبّر عن الدعم القوي” للجهود المتواصلة التي يبذلها الأمين العام والدول الأعضاء، لخفض تصعيد الوضع الحالي والسعي إلى السلام عبر الحوار والتفاوض والوساطة[31].

وتنقل منظمة العفو الدولية “أمنيتسي” أن القانون الدولي واضح وضوح الشمس في هذه المسألة – الضم غير قانوني، وإن مثل هذه السياسات لا تغير الوضع القانوني للأراضي وسكانها بموجب القانون الدولي باعتبارهم تحت الاحتلال، ولا تزيل المسؤوليات بل تشير إلى الحاجة الطويلة الأمد إلى أن يضع المجتمع الدولي حداً للإفلات من العقاب على انتهاكات القانون الدولي. [32]

وتقول منظمة “هيومن رايتش ووتش” أنه رغم الضم لا تزال روسيا قوة احتلال في هذه المناطق ملزمة باتفاقية جنيف الرابعة، التي تواصل حماية المدنيين في تلك المناطق. وعلى وجه الخصوص، إذا جندت السلطات الروسية مدنيين من هذه المناطق، كما كانت تفعل في شبه جزيرة القرم المحتلة والمناطق المحتلة في منطقتي دونيتسك ولوهانسك، فإنها سترتكب جرائم حرب جديدة.[33]

 مثل هذه السياسات التي تتبعها روسيا  لا تغير الوضع القانوني للأراضي الأوكرانية المحتلة بموجب القانون الدولي ووضع سكانها الواقعين تحت الاحتلال، ولا تلغي مسؤوليات روسيا كسلطة احتلال، بل تشير إلى قانون الغاب الذي لا ينبغي أن يكون له مكان في عالمنا اليوم. إن مثل هذه الخطوة من جانب روسيا من شأنها أن تنتهك الدستور الدولي الذي هو ميثاق الأمم المتحدة، والقواعد الآمرة في القانون الدولي التي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها.

من الأهمية بمكان إدراك معاني بعض الكلمات مثل «الضم»، و«غير قانوني» و«الاحتلال العسكري» وغيرها من العبارات الأخرى في سياقاتها السياسية والتاريخية المناسبة حتى ندرك مدى أبعادها.

يختلف الاحتلال العسكري عن الضم، فالاحتلال العسكري في عرف القانون الدولي مرحلة انتقالية مؤقتة تتلوها مرحلة دائمة، إذ أن «قوة الاحتلال» تتخلى عن سيطرتها العسكرية على الأراضي المحتلة بعد مرور فترة زمنية.

أما الضم فهو يمثل انتهاكاً صارخاً لمعاهدات جنيف وما تنص عليه محكمة العدل الدولية في لاهاي والتي تعتبر أن عملية الضم ترتقي إلى مستوى جريمة الحرب لأن القانون على قوة الاحتلال الإعلان من طرف واحد عن سيادتها على الأراضي المحتلة.

لقد تم تقنين تعريف الاحتلال والتزامات سلطة الاحتلال بادئ الأمر في نهاية القرن التاسع عشر، والتعريف الذي لا يزال معمولا به  هو التعريف الذي تضمنته الأنظمة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية الملحقة باتفاقية لاهاي الرابعة المبرمة في 18 أغسطس 1907. ويورد القسم الثالث من تلك الأنظمة تفاصيل حقوق والتزامات السلطة العسكرية على أرض دولة العدو (المواد 42 – 56). وهذه أنظمة قديمة جداً اكتسبت، مع مرور الوقت، حسبما ترى محكمة العدل الدولية، وضع القانون الدولي العرفي.

يأخذ هذا التعريف في الحسبان السيطرة الفعلية على أرض سلطة معادية، ويحاول تنظيم مسؤوليات هذه السلطة. وينص القانون الدولي الإنساني على أن تعريف الاحتلال يشمل فحسب الأراضي التي أُنشئت فيها مثل هذه السلطة ويمكن ممارستها، (اتفاقية لاهاي الرابعة المادة 42).

وأوضح القانون الدولي الإنساني المعاصر حقوق وواجبات قوات الاحتلال، حقوق سكان أرض محتلة، وقواعد إدارة هذه الأراضي ضمن (اتفاقية جنيف 4، المواد 47-78؛ البروتوكول 1 المواد 63-69 و72-79).

وتترتب على سلطة الاحتلال وفق القانون الدولي الإنساني التزامات معينة حيثما تكون لها سيطرة فعلية على الأراضي المحتلة. ويشمل هذا التزامات فيما يتصل باحترام حقوق الإنسان والقانون والنظام، بالإضافة إلى احترام البنود ذات الصلة من القانون الإنساني والتي تتعلق بالاحتلال. وتتمثل الإلتزامات الأساسية لسلطة الاحتلال بموجب القانون الدولي الإنساني في الحفاظ على الأمن والنظام العام في الأرض المحتلة. وفي الغالب، يجب على سلطة الاحتلال اتباع القوانين التي كان معمولاً بها بالفعل في تلك الأرض (اتفاقية لاهاي الرابعة المادة 43).

وتبعاً لذلك، فلا يحق لدولة الاحتلال التي هي (روسيا الاتحادية)، تغيير الوضع القانوني للأراضي المحتلة التي قامت بضمها بداية من القرم عام 2014 إلى الفترة الحالية التي تشهد تنظيم استفتاءات صورية لا محل لها من القانون الدولي.

 الاستفتاءات رفضتها أيضاً الحكومات الغربية وحلف الناتو وكييف باعتبارها “زائفة”، يمكن أن تمهد الطريق لضم روسيا للمناطق، مما يسمح لموسكو بتأطير الهجوم المضاد الأوكراني المستمر على أنه هجوم على روسيا نفسها.

على أي حال لايمكن تغيير السيادة على الإقليم من دولة إلى أخرى والحرب لاتزال مستمرة،وعندما تنتهي الحرب، يمكن حل الوضع القانوني لملكية الأرض بناء على المبدأ القائل بأن السيطرة على المنطقة المعنية يجب أن تكون فعالة وأن لاتوجد إمكانية لدى الدولة المحتلة أراضيها على استردادها.

وقد تم توضيح ذلك الأمر في محكمة جرائم الحرب في نورمبرج، والتي تناولت حالات ضم ألمانيا أقاليم أوروبية في الفترة مابين( 1939-1940 ) ففي الوقت الذي توقف فيه القتال وانتهت الحرب، لايمكن نقل السيادة على إقليم من دولة إلى أخرى، سوى من خلال معاهدة تتنازل فيها الدولة المهزومة عن أحقيتها في السيادة على الإقليم الذي فقدت السيطرة عليه، أو من خلال الاعتراف الدولي بالواقع الجديد[34].

وفي الممارسة العملية، لا تتبع الدول دائماً أحكام القانون الدولي، وقد تعترف الدول الأخرى لاحقاً بصحة هذا الضم. ويتمثل أحد الأمثلة على ذلك في ضم الهند لــــ “جوا” في عام 1961. وفي هذه الحالة، فرض انتصار الهند في الحرب ضد البرتغال وقائع على الأرض، ولم تتمكن الدولة المهزومة، وهي في هذه الحالة البرتغال، من عكسها. فلم تكن لديها القدرة العسكرية لاستعادة الأراضي من الهند، ولم تكن كذلك تتمتع بدعم سياسي كاف للقيام بعمل عسكري لاستعادة “جوا”، حيث ساهم الجو المناهض للاستعمار والمد التحرري السائد آنذاك، حيث اعترف مجلس الأمن بعد ذلك بمطالب الهند وأدان سياسة البرتغال في إفريقيا.

وإذا رأدنا إجراء مقارنة بين الحالة الهندية والحالة الأوكرانية، فإننا سنجد اختلافاً بين الحالتين[35]، ففي حالة الأقاليم التي ضمتها روسيا وإن بشكل غير كلي، يتضح أنه لم تكن لروسيا سيطرة فعالة على الأرض، وأن أوكرانيا لا تزال تحتفظ بإمكانية واضحة لاستعادة السيطرة على أراضيها المحتلة عسكرياً، وعلى عكس الضم الهندي لـــــــــ”جوا”، لم تنته الحرب في أوكرانيا، كما أن كييف انتزعت بالفعل أراضي من روسيا خلال شهري سبتمبر وأكتوبر 2022. فهدفها هو السعي لاستعادة الأراضي المحتلة كاملة من روسيا خصوصاً أنها تتمتع بدعم دولي واسع باعتبار أوكرانيا ضحية خرق سافر للقانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة. من ناحية أخرى، فإن الضم الهندي لــــــ”جوا” لم يسبب مخاوف من إعادة النظر في الوضع القانوني لأراض أخرى في المستقبل، وهو عكس مايجري بالنسبة للحالة الأوكرانية، حيث تبين بوضوح وجود أطماع إقليمية لروسيا في جورجيا ومولدوفا وسائر دول الجوار القريب التي تحتضن أقليات روسية.

فمن جهة قد تؤدي مثل هذه الطموحات إلى تفكيك عدد من الدول، وتعريض وحدتها للتقويض. ومن جهة ثانية، قد تتعرض بعض الدول لأنماط جديدة من النزاعات المُسلَّحة في ظل تحول عدد من الحركات الانفصالية، على غرار الموجودة في بعض دول الشرق الأوسط، إلى المسار العسكري منذ سنوات للضغط على حكومات الدول. ومن جهة ثالثة، يمكن أن تتصاعد التوترات بين الدول في المناطق التي تشهد نشاطاً لحركات انفصالية؛ وذلك في خضم تبادل الاتهامات بين هذه الدول بشأن دعم بعض الحركات، وهو الذي يظهر مثلاً في حالة تركيا التي ظلت لعقود تتهم دولاً خارجية بدعم الحركات الكردية الانفصالية، وخاصةً حزب العمال الكردستاني[36].

الخاتمة:

ختاماً، توحي تلاعبات بوتين بالتاريخ والقانون الدولي بأن مزاعمه تتجاوز حدود أوكرانيا، لتطاول أوروبا وأوراسيا. قد تكون دول البلطيق على جدول أعماله الاستعماري التوسعي، وكذلك بولندا، التي حكمت روسيا جزءاً منها من 1772 إلى غاية 1918.  أيضاً كان جزء كبير من مولدوفا الحالية جزءاً من الإمبراطورية الروسية، واقترح المسؤولون الروس أن هذه الدولة يمكن أن تكون التالية في مسارهم. كانت فنلندا أيضاً جزءاً من الإمبراطورية الروسية بين عامي 1809-1918. قد لا يكون بوتين قادراً على غزو هذه البلدان، لكن تصريحاته المبالغ فيها حول استعادة المستعمرات الروسية تهدف إلى ترهيب جيرانه وإخلال توازنهم. في عالم بوتين المثالي، سيكتسب النفوذ والسيطرة على سياساتهم من خلال تهديدهم إلى أن يسمحوا لروسيا بإملاء سياساتهم الخارجية والداخلية.

وحسب بعض المحللين فإن هذه الاستفتاءات قد تتشكل بداية مرحلة جديدة من الحرب الروسية الأوكرانية المندلعة منذ 24 فبراير 2022، لكنهم يختلفون حول ما إذا كانت هذه الخطوة تشكل تصعيداً للحرب أم تذليلاً لها. قد تشكل هذه الاستفتاءات نهاية للحرب التي رحاها بأوكرانيا، حيث أن الحرب التي شنتها روسيا هي أساساً لحماية حدودها ومناطق نفوذها التقليدية بالداخل الأوكراني، وهكذا عبر ضم المناطق التي تجري الاستفتاء لروسيا رسمياً، فإن شرعية هذه الحرب ومبرراتها تنتفي.

إن الإقرار للأقليات بحق الانفصال وإقامة كيانات صغيرة فيه من التفتت للمجتمع الدولي ما يؤدي إلى عدم الاستقرار وتهديد النظام القانوني الدولي بالانهيار، وبالتالي تهديد السلم والأمن الدوليين، ولما كانت الأقليات في هذا العالم وفقاً للاتفاقيات الدولية قد حظيت بحقوقها وتوفرت لها الحماية القانونية اللازمة، فإنه وفقاً لمقتضيات استقرار القواعد القانونية في النظام القانوني الدولي، أن لا يسمح لهذه الأقليات بتجاوز هذه الحقوق والحماية المقررة لها، بحيث لا يفسر حق تقرير المصير تفسيراً واسعاً، تفسيراً واسعاً، بل تعتبر هذا الحق من الحقوق التي أقرت للشعوب الواقعة تحت الحكم الاستعماري”  [37].

ولا يمـنح القـانون الـدولي الحـق للمجموعات العرقية أو اللغوية أو الدينية في الانفـصال عـن أراضـي الدولـة الـتي تـشكل جـزءاً منها، بدون موافقة تلـك الدولـة، بمجـرد التعـبير عـن رغبتـها في القيـام بـذلك .

ويـؤدي القبـول بغـير ذلـك، والـسماح لأي مجموعـة عرقيـة أو لغويـة أو دينيـة بـإعلان الاسـتقلال والانفـصال عن إقليم الدولة التي تشكل جزءاً منها، خارج سياق إنهاء الاستعمار، إلى خلق سـابقة خطـيرة جداً،  بل إن ذلك، في واقـع الأمـر، إنمـا يرقـى إلى كونـه إعلانـاً لكـل الجماعـات المنـشقة كافـة في سـائر أرجـاء العـالم بـأن لهـا الحريـة في الالتفـاف علـى القـانون الـدولي بـأن تقـوم، ببـساطة، بالتصرف بطريقة معينـة وصـياغة إعـلان اسـتقلال مـن جانـب واحـد مـستعينة في ذلـك بـبعض المـصطلحات. وسـتكون فتـوى المحكمـة بمثابـة دليـل وكتيـب تعليمـات للجماعـات الانفـصالية في جميع أنحاء العالم، ومن شأن ذلك أن يقوض بشدة استقرار القانون الدولي.


الهوامش:

[1]استفتاء الإنضمام لروسيا يصعد المواجهة وأوكرانيا تصفه بـ”الابتزاز”، صحيفة اندبندنت، لثلاثاء 20 سبتمبر 2022، على الرابط:   https://bit.ly/3E6CvQB

 [2] إيمان زهران، دوافع وانعكاسات «استفتاءات الضم» على مسار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، سوث 24 ، 04 أكتوبر 2022، على الرابط: https://south24.net/news/newse.php?nid=2960

[3]  محمد العربي، دوافع التعبئة الجزئية للجيش الروسي في حرب أوكرانيا، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، الخميس 22 سبتمبر 2022، على الرابط: https://bit.ly/3rlEetw

[4]“ما تداعيات استفتاءات ضم روسيا لأربع مناطق أوكرانية على مسار الحرب”، قناة  France 24  بتاريخ 26/09/2022، على الرابط:   https://bit.ly/3Ru7h8X

[5] “السلطات الموالية لموسكو في أوكرانيا تعلن فوز مؤيدي الانضمام لروسيا في الاستفتاءات”، موقع  يورونيوز، بتاريخ 27/09/2022، على الرابط:  https://bit.ly/3E6v1gj

[6] -محمد رفعت الإمام، جورجيا والأزمة الأبخازية، مجلة السياسة الدولية، العدد147، يناير 2022، ص 141.

[7]رسلان عامر، الحرب الروسية على أوكرانيا بين الخلفيات التاريخية والأسباب الراهنة، مركز حرمون للدراسات، 07 نيسان/أبريل 2022، على الرابط: https://bit.ly/3yJ7mhE

[8] المرجع السابق الذكر.

[9] حسن نافعة، جدل القوة والقانون في مرآة الأزمة الأوكرانية، الميادين نت، 3مارس،2022، على الرابط :  /https://www.almayadeen.net

[10] المرجع السابق الذكر.

[11] محمد تاج الدين الحسيني، المجتمع الدولي وحق التدخل، سلسلة المعرفة للجميع، العدد 18، يناير 2001، منشورات رمسيس، الرباط، ص 180-181.

[12] تم تكوين هذه اللجنة من ثلاث حقوقيين وهم ،” الأساتذة لارناند M.Larnande عميد كلية الحقوق بباريس، وماكس هيبرMax Huber أستاذ في زيوريخ syryken مستشار قانوني نيوزيلاندي”، ورد في: محمد تاج الدين الحسيني، المرجع السابق.

[13] “Positive International Law does not recognize the right of national groups, as such, to separate themselves from the State of which they form a part by the simple expression of a wish….” The Question of the Aaland Islands: Report of the Commission of Jurists, (1920) League of Nations Official Journal Spec Supp 3.

[14]  Sterio, Milena, “On the Right to External Self-Determination: Selfistans, Secession, and the Great Powers Rule”, Minnesota Journal of International Law, Vol.19, No.1, 2010, P:143.

[15] محمد تاج الدين الحسيني، المرجع السابق، ص 181.

[16]“As an international organization, the United Nations has never accepted and does not accept and I do not believe it will ever accept the principle of secession of a part of [a] Member State.” Secretary-General’s Press Conferences, UN MONTHLY CHRON., Feb. 1970, at 34, 36.

وقد جاء هذا التصريح أثناء محاولة الانفصال التي عرفتها نيجيريا والتي أدت إلى حرب أهلية دامية استمرت ما بين سنتي 1967 و 1970 انتهت لصالح السلطة المركزية ضد انفصال إقليم “بيافرا”.

[17] Russian Annexation of Ukraine Regions Would Be ‘Dangerous Escalation,’ UN Chief Says, USENEWS, Sept. 29, 2022, available at: https://bit.ly/3ecKYqR

[18] الأمين العام: قرار روسيا بضم أراضٍ أوكرانية ليس له قيمة قانونية وتصعيد خطير يستحق الإدانة، موقع الأمم المتحدة، 29 سبتمبر 2022، على الرابط: https://bit.ly/3rpMEjC

[19] The recognised sources of international law establish that a right to self-determination of a people is normally fulfilled through internal self-determination – a people’s pursuit of its political, economic, social and cultural development within the framework of an existing state. A right to external self-determination (which in this case potentially takes the form of the assertion of a right to unilateral secession) arises in only the most extreme of cases and, even then, under carefully defined circumstances.’ – Reference re Secession of Quebec [1998] 2 SCR 217 .

[20]  بن عمر ياسين، حق تقرير المصير وحق الانفصال، المرجع السابق، ص 249.

[21] محمد هادي يونس النجداوي، حق تقرير المصير في القانون الدولي “كردستان وكتالونيا نموذجا”، مجلة جامعة الإسراء للعلوم الإنسانية، العدد السادس، يناير 2019.

[22]  ناصيف يوسف حتى، التحولات في النظام العالمي والمناخ الفكري الجديد وانعكاساته على النظام الإقليمي العربي، بيروت، مجلة المستقبل العربي، العدد 165، تشرين الأول/نوفمبر 1992، ص  46.

[23] أحمد عبد الونيس وآخرون،”مذكرات في القانون الدولي العام”، الجزء الثاني، القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية،2004، ص 127.

[24] حسين العودات، حق تقرير المصير وازدواجية المعايير، البيان الإماراتية،  24 مارس 2014، على الرابط:   https://bit.ly/3N8GblQ

[25]  رسلان عامر، الحرب الروسية على أوكرانيا بين الخلفيات التاريخية والأسباب الراهنة، مركز حرمون للدراسات، 07 نيسان/أبريل 2022 ، على الرابط: https://bit.ly/3yJ7mhE

[26]  رسلان عامر، الحرب الروسية،  المرجع السابق.

[27]  إدريس لكريني، أوراق ضاغطة: هل يؤدي ضم روسيا للأقاليم الأربعة إلى إنهاء الحرب الأوكرانية؟،  المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، الخميس 06 أكتوبر  2022، على الرابط: https://bit.ly/3eaMKsG

[28] إدريس لكريني، أوراق ضاغطة….المرجع السابق.

[29]  إبراهيم السيد رمضان، الحرب في أوكرانيا من منظور القانون الدولي، السياسة الدولية، العدد 231، يناير 2023، ص 170.

[30] Vladimir Putin annexes four Ukrainian regions , The Financial Times,  September 30, 2022,available at: https://on.ft.com/3fo8MIr

[31]  أوكرانيا: الجمعية العامة تطالب روسيا بعكس مسار “الضم غير القانوني” للمناطق الأوكرانية، موقع الأمم المتحدة، 12 أكتوبر 2022 على الرابط:  https://news.un.org/ar/story/2022/10/1113922

[32]  ضم روسيا لأراضٍ أوكرانية.. ماذا يقول القانون الدولي؟ موقع  قناة الحرة، 01 أكتوبر 2022 على الرابط:

https://arbne.ws/3BX8VKJ

[33] Yulia Gorbunova , Fictitious Annexation Follows ‘Voting’ at Gunpoint, HWR, September 30, 2022, available at: https://bit.ly/3Cqd0Ze

[34] آرت هولتسلاج، صمويل جرين، هل تدوم سيطرة روسيا على أراض أوكرانية، اتجاهات الأحداث، العدد 34، نوفمبر-ديسمبر 2022، المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة، ص 26.

[35] نفس المرجع، نفس الصفحة.

[36] محمد بسيوني عبد الحليم،  تصاعد سياسات “الاعتراف المنفرد” بعد الدعم الروسي للمناطق الانفصالية الأوكرانية، موقع إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية، 24 فبراير، 2022، على الرابط:   https://bit.ly/3top8FH

[37] سالم الكسواني: المركز القانوني لمدينة القدس، الطبعة الثانية، 1978 ، ص 275.

Admin

مركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية: مؤسسة فكر وتخطيط استراتيجي تقوم على إعداد التقديرات وتقديم الاستشارات وإدارة المشروعات البحثية حول المتوسط وتفاعلاته الإقليمية والدولية. لا يتبنى المركز أية توجهات مؤسسية حول كل القضايا محل الاهتمام، والآراء المنشورة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المركز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى