سياسية

العنف في فرنسا: الدوافع والسياقات والسياسات البديلة

عاشت فرنسا حالة من الفوضى والعنف المتبادل بعد مقتل المواطن الفرنسي من أصل جزائري نائل مرزوق برصاص شرطي، في ضواحي العاصمة باريس، الثلاثاء 27 يونيو/ حزيران 2023، وامتدت موجة الاحتجاجات الشعبية الغاضبة نتيجة لتراكمات اجتماعية واقتصادية وثقافية ممتدة، وليست مجرد ردود أفعال عن حوادث أمنية فقط، وهو ما أكدته شعارات المتظاهرين وتصريحات السياسيين (من قبيل: السود، العنصرية، أبناء الضواحي، الهوية …. إلخ).

حالة العنف المتصاعدة دفعت الحكومة الفرنسية لاتخاذ اجراءات استثنائية لمواجهتها، وذلك بنشر عربات مدرعة وطائرات هليكوبتر ونحو 45000 ضابط شرطي، وتمايزت ردود الفعل السياسية حولها، ما بين اليمين المتطرف بزعامة “مارين لوبان ،Marine Le Pen” التي أكدت أنها غير كافية، مقابل جان لوك ميلنشون، “Jean-Luc Mélenchon اليساري الذي قال إن العنف الذي ترتكبه الشرطة يجب أن ينتهي([1]).

في هذه الإطار تأتي هذه الورقة للبحث عن أسباب استمرار القابلية للعنف في المجتمع الفرنسي؟ وكيف تعاطت السلطات الفرنسية مع الأزمات المجتمعية التي شهدها المجتمع الفرنسي، وإلى أي مدى كان لهذا التعاطي انعكاسات سلبية على مؤشرات الاندماج والتوافق الوطني؟

أولاً: المهاجرون في فرنسا: الأرقام والتطورات

حسب آخر احصائيات تقرير المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية، INSEE ، الصادر في 2023، قدر عدد المهاجرين الذين يعشون في فرنسا بنحو 7 ملايين مهاجر، يمثلون نسبة 10.3% من مجموع سكان فرنسا عام 2021، مقارنة بنسبة 7.4 % عام 1975، و5.0 % عام 1946، وأنه من أصل 7 ملايين مهاجر، حصل 2.5 مليون من المهاجرين على الجنسية الفرنسية([2])

ويوضح الشكل الأول تطور عدد المهاجرين النظاميين في فرنسا، بينما يوضح الشكل الثاني عدد المهاجرين غير النظامين خلال الفترة من 2004 إلى 2022.

الشكل رقم (1): تطور عدد المهاجرين النظاميين في فرنسا (2004-2022)

الشكل رقم (2) تطور أعداد المهاجرين غير النظاميين في فرنسا 2004 ـ 2022

أما أحفاد المهاجرين، فإن أكثر من 50 % من أبناء الجيل الثاني منهم أحد والديهم مهاجر، في حين أن 9 من أصل 10 من أبناء الجيل الثالث لديهم جد أو اثنين من المهاجرين([3]).

وبعدما كان المهاجرون يأتون إلى فرنسا من جنوب أوروبا قبل خمسين عاماً، اليوم يأتون بشكل أساسي من مستعمرات فرنسا السابقة بالمغرب العربي وأفريقيا جنوب الصحراء، حيث أن ما يقارب نصف المهاجرين في سنة 2021 من أصل إفريقي (3.31 مليون من مجموع 7 ملايين)، وتأتي الجزائر في المرتبة الأولى بنسبة 12.7%، تليها كل من المغرب وتونس في المرتبة الثانية بنسبة 16.4%، وبقية الدول الإفريقية بنسبة 18.3% (أنظر الشكل رقم: 3).

الشكل رقم (3): عدد المهاجرين الأفارقة في فرنسا عام 2021:

ويتركز المهاجرون في المدن الكبرى بحيث أن (20%) من سكان باريس هم مهاجرون، و32% في سين-سان-دوني ، Seine-Saint-Denis الضاحية الشعبية شمال العاصمة، ( 19.8%)  في مدينة ليل دوفرانس ، وبلدان الأصل الرئيسية للمهاجرين في هذه المدن هي الجزائر والمغرب والبرتغال[4]( ).

و(36%) من سكان غويانا، Guyane و (50%) من سكان مايوت، Mayotte، و(10.9%) من سكان بروفنس ألب كوت دازور، Provence-Alpes-Côte d’Azur من المهاجرين، والبلدان الأصلية الرئيسية لهؤلاء المهاجرين هي الجزائر، المغرب، تونس)([5] ). أنظر الشكل (4).

الشكل (4) خريطة توزيع المهاجرين على المدن الفرنسية

Source: Insee- recensement de la population 2018

ويبلغ عدد المسلمين في فرنسا حسب آخر الإحصائيات لسنة 2023 حوالي 6 ملايين مسلم، وهو ما يشكل نسبة %10 من مجموع السكان، ما يجعل من الإسلام ثاني الديانات الكبرى في البلد، ويجعل مسلمي فرنسا الأكبر عدداً في أوروبا ([6]).

ثانياً: الضواحي الفرنسية: خرائط الانتشار

تبين القراءة الجغرافية لأعمال العنف التي شهدتها فرنسا في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) 2023، أنها تتركز في ضواحي المدن الكبرى التي تُشكل حزاماً شبه منفصل عن الحركية الاقتصادية والتجارية وسط هذه المدن، أو مناطق صناعية سابقة أو أحياء بعيدة عن وسط مدن صغيرة ومتوسطة الحجم، والتي تقطنها نسبة هامة من العرب والأفارقة ومن أصول أجنبية أخرى، حيث تتميز هذه الأحياء بالكثافة السكانية، وتعاني من التهميش والإقصاء.

وقد حددت الحكومة الفرنسية في سنة 2014 حوالي 1514 حياً فقيراً عرفت بــ “الأحياء ذات الأولوية لسياسة المدينة، Les quartiers prioritaires de la politique de la ville “”([7]).

ووفقاً لبيانات معهد الاحصاء الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية لسنة 2023، يعيش في فرنسا 5.2 مليون شخص في أحياء محرومة، وهو ما يشكل نسبة 8% من إجمالي عدد السكان، بمتوسط دخل يبلغ 13770 يورو سنوياً لكل أسرة، أي ما يعادل 1147.5 يورو شهرياً، مقارنة بــــــــــ 21730 يورو في المناطق المحيطة بهم.

ويعيش 43.3 % من سكان هذه المناطق تحت خط الفقر مقارنة بـــــــــــــ 14.5% في بقية المناطق الفرنسية، ويستفيد ربع سكان الأحياء الشعبية من دخل التضامن النشط والمساعدات الاجتماعية المستحقة للأشخاص الأكثر حرماناً، وهو ضعف المعدل في بقية فرنسا([8]).

وتبلغ معدلات البطالة في هذه الأحياء الشعبية مستويات أعلى بكثير من غيرها من المناطق ففي سنة 2020 بلغت نسبة البطالة 18.6%، مقارنة بنسبة 8% على المستوى الوطني([9]).

وفي إطار ما يعرف بـ”سياسة المدينة،la politique de la ville ” استثمرت الوكالة الوطنية للتجديد الحضري الفرنسية نحو 12 مليار يورو في الأحياء الشعبية بين عامي( 2004 -2020)، حيث تم هدم مجمعات سكنية ضخمة متهالكة في مجموع 600 حي، وشَيدت محلها مباني منخفضة وأكثر انفتاحاً على المدن، كما أعلنت الحكومة عن استثمار نحو 12 مليار يورو إضافية في إطار نفس السياسية للفترة من 2020 إلى 2030 ([10]).

ثالثاً: الاندماج في فرنسا: السياسات والمعوقات

تعد أعمال العنف والشغب في فرنسا تجسيداً لمعضلة الاندماج وفشل سياسة الاستيعاب الفرنسية بعد عقود من الهجرة، حيث تعتمد سياسة الاندماج الفرنسية على المعايير والتقاليد الخاصة بالثقافة الفرنسية، وتتجاهل مرجعيات المهاجرين الثقافية والدينية، هو ما جعل سياسة الاندماج مجرد خطاب سياسي أيديولوجي بعيداً عن الممارسة اليومية، التي حولت العلاقة بين المهاجر والبلد المحتضن إلى صدام ينتج عنه أزمات تظهر في أشكال مختلفة تكون أحياناً في شكل عنف.

ومن بين الأسباب التي تقف خلف إشكالية الاندماج في المجتمع الفرنسي:

(1) القوانين والتشريعات:

على الرغم من حصول المهاجرين على الجنسية الفرنسية إلا أن نسبة كبيرة هذه الجاليات تعاني من مظاهر العنصرية، سواء على الصعيد الاجتماعي المهني أم الصعيد السياسي، فدور هذه الجاليات مهمش في صنع القرار السياسي، حتى فيما يتعلق بشؤونها الخاصة على مستوى سوق العمل، وأغلب حالات التمييز ضد المهاجرين تتم وفق القانون، بمعنى أن قوانين العمل ليست صريحة في نصوصها على ضرورة توظيف الأجانب والمهاجرين، ولا يزال الفرنسي من أصل عربي أو افريقي في الجيل الرابع أو الخامس عرضة للتوقيف من قبل الشرطة أكثر بـ 20مرة من الفرنسيين ذوي البشرة البيضاء [11].

وأدخل نص المادة (435) فقرة (1) من قانون الأمن الداخلي الذي دخل حيز التنفيذ عام 2017 في فرنسا، إمكانية توسيع استخدام سلاح الخدمة عند عناصر الشرطة، فيما لم يكن يتسنى لهم ذلك إلا في حالة الدفاع عن النفس سابقاً([12]).

وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبة الوفيات على إثر تدخلات الشرطة حيث تم تسجيل وفاة 18 شخصاً سنة 2018، و27 شخصاً سنة 2019، و32 شخصاً سنة 2020، و37 شخصاً سنة 2021 (أنظر الشكل رقم 5)[13]().

الشكل (5) عدد الوفيات بسبب تدخلات الشرطة 2018 – 2021

وفيما يتعلق بعدد القتلى برصاص الشرطة، تُبين بيانات الشكل (رقم 6) عدد القتلى برصاص الشرطة في الفترة الممتدة بين (2010-2022)، حيث ارتفع عدد الوفيات جراء إطلاق النار من طرف الشرطة من 18 شخصاً عام 2021 إلى 26 شخصاً 2022، وهو ما يمثل ضعف العدد في السنوات السابقة، قبل تطبيق قانون 2017 الذي وسع صلاحيات استخدام السلاح من طرف الشرطة.

الشكل رقم (6): عدد القتلى برصاص الشرطة الفرنسية (2010-2022)

وفي تموز 2021 تبنت الجمعية الوطنية في فرنسا (البرلمان) مشروع قانون “مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية ، Confort le Respect des Principes de la République”([14])، والذي من شأنه أن يعيق بشكل ممنهج الحرية الدينية والممارسات الإسلامية”.

 كما تعمل فرنسا حالياً على تمرير قانون هجرة جديد اقترحه وزير الداخلية “جيرالد دارمانان، Gérald Darmanin” لإصلاح قانون الهجرة واللجوء. حيث أثار مقترح هذا القانون قلق عدد من الجهات والهيئات المعنية بقضايا اللجوء، إذ اعتبرت أنه يهدف إلى تقليص حقوق الأجانب على الأراضي الفرنسية. فبالإضافة إلى شرط معرفة اللغة والالتزام بمبادئ الجمهورية، يسعى القانون إلى رفع أعداد عمليات الترحيل من البلاد وطرد من يتم تصنيفهم خطراً على النظام العام. في حين يقدم المشروع تسهيلات كبيرة لإجراءات الاقامة للكفاءات المهنية في المجال الطبي والصيدلة، حيث يعاني القطاع الصحي الفرنسي من نقص شديد في الكوادر الطبية[15].

كما تضمن الشق الثاني من القانون، ادماج المقيمين بطريقة غير شرعية، من خلال منح بطاقات إقامة للعاملين منهم في القطاعات التي تعاني نقصاً في اليد العاملة على غرار مساعدي النظافة والحراسة والمطاعم والبناء [16].

وقد تعرض مشروع قانون الهجرة الجديد لانتقادات واسعة من قبل هيئات وجهات معنية بقضايا اللجوء والهجرة في فرنسا، والجهات الحقوقية التي تعمل على ملف الهجرة بالإضافة للنقابات وقوى اليسار، التي اعتبرت أنه سيساهم بشكل كبير في زيادة عمليات الترحيل، وإضفاء الجانب القانوني والأمني على الهجرة.

كما وصفت التسهيلات المقدمة للكفاءات الطبية القادمة من الدول المغاربية والافريقية الناطقة بالفرنسية للحصول على الاقامة والعمل في المستشفيات الفرنسية بعمليات نهب تطال الكادر الطبي في تلك الدول. هو ما تسبب في تأجيل عرضه على البرلمان، إلى حين تأمين الأغلبية اللازمة لتمريره.

(2) التصريحات الرسمية:

على المستوى الرسمي تعتبر بعض التصريحات الرسمية مدخلاً مهماً لفهم ما يجري في فرنسا، وأسباب تصاعد الأحداث إلى مستوى العنف، ففي أكتوبر 2020 أعلن الرئيس الفرنسي ماكرون عن مجموعة من الخطط لتمرير تشريعات للتصدي لمواجهة “الانعزالية الإسلامية”، الساعية إلى إقامة “مجتمع مواز” معاد لمبادئ الجمهورية الفرنسية العلمانية حسب رأيه([17]). وتضمنت خطط المواجهة هذه الرقابة على مناهج التعليم في المدارس الخاصة بالمسلمين، وضبط التمويل الأجنبي للمساجد ومراقبته، وإقرار عدد من القوانين والتشريعات الضابطة لذلك.. إلخ.

مما أثار ردود أفعال من داخل فرنسا، ومن مختلف أنحاء العالم الإسلامي. حيث أعربت عدة هيئات وجمعيات ممثلة للمسلمين في فرنسا، عن مخاوفها من أن تُسهم تصريحات الرئيس الفرنسي، في انتشار خطاب الكراهية والعمليات الإرهابية بدوافع عنصرية تجاه المسلمين، كذلك صعوبة اندماج المسلمين في فرنسا([18]).

كما اعتبر وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، Gérald Darmanin، أن “الارهاب السني” هو أبرز تهديد لبلاده وأوروبا، داعياً خلال زيارة إلى الولايات المتحدة لضرورة تعزيز التعاون الأمني مع واشنطن خصوصاً قبل استضافة باريس أولمبياد 2024 الصيفي. مركزاً على نوعين من التهديدات، داخلية تتمثل في “أشخاص غير منضوين في شبكات”، يتطرفون، ينتقلون إلى التنفيذ في غضون ساعات، في غضون أيام…إلخ، وأخرى خارجية تتمثل في “أشخاص ينظّمون أنفسهم في الخارج” ويأتون إلى فرنسا لتنفيذ اعتداءات كالتي شهدتها باريس في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 ([19]).

(3) تنامي دور التيارات اليمينية في المجتمع الفرنسي

تلعب ممارسات وتصريحات الأحزاب اليمينية المتطرفة والتنظيمات والجماعات المؤيدة لها التي تكره المهاجرين واللاجئين خاصة المسلمين في فرنسا، دوراً كبيراً في صعوبة اندماج المسلمين في فرنسا. حيث يربط اليمين المتطرف دوماً العمليات الإرهابية بالمسلمين بالرغم أن الكثير من المسلمين في فرنسا هم كذلك ضحية للأعمال الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا.

وفي هذا الإطار أكد المرصد الوطني لمكافحة الإسلاموفوبيا التابع للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في 31 يناير 2021 أن الهجمات المعادية للمسلمين في فرنسا ازدادت بنسبة (53٪) في العام 2020. وأضاف أن مسلمي فرنسا يعانون من ارتفاع عدد الأعمال المعادية لهم؛ حيث سجل خلال العام 2020 (235) هجومًا على المسلمين، في مقابل (154) هجومًا في 2019. ويقول “عبد الله زكري” رئيس المرصد: أن نشر الأكاذيب عن الإسلام والمسلمين، والرسائل الإلكترونية التي تحرِّض على كراهيتهم، من أهم العوامل التي ساعدت على تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا، مشيرًا إلى أن هذا الأمر بالغ الخطورة([20]).

رابعاً: نحو سياسات بديلة:

إن مشكلة اندماج المهاجرين مسئولية مشتركة تتحمل فيها السلطات الفرنسية جزءاً كبيراً منها لاسيما مع ارتفاع ظاهرة “الإسلاموفوبيا”، لذلك ينبغي معالجة الأسباب التي تعيق اندماج المهاجرين داخل المجتمع الفرنسي وتبني حلولاً جذرية ومستدامة للقضايا المتعلقة بالفقر والتهميش.

ومن ناحية ثانية، يجب أن يقاس الاندماج في فرنسا بالقدرة على تحقيق المشاركة المجتمعية بين أطياف المجتمع الفرنسي، دون أي تمييز أو عنصرية، وذلك بإنهاء سياسة الفصل بين الفرنسيين من أصول مهاجرة والفرنسيين من أصول أوروبية.

ومن ناحية ثالثة، نجد أن من أهم الأسباب الرئيسة التي أثرت على نجاح سياسة الاندماج، منح وزارة الداخلية صلاحيات الاشراف على هذه السياسة، ما يعني أن المقاربة الأمنية هي الغالبة على هذه السياسة، فمن المفروض أن تكون المعالجة شاملة، تشارك فيه مختلف الوزارات والهيئات ذات الصلة وليست فقط المؤسسات الأمنية.

ومن ناحية رابعة، ضرورة مراجعة بل ووقف العمل بنص المادة 435.1 من قانون الأمن الداخلي الذي اعتمد في عهد رئيس الوزراء برنار كازنوف، Bernard Cazeneuve سنة 2017 ، الذي منح رجال الشرطة صلاحيات واسعة لاستعمال السلاح ضد أي شخص قد يشكل مصدر خطر، لأنه منذ اعتماد هذا القانون تصاعدي عدد الذين قتلوا على أيدي رجال الشرطة من 18 شخصاً سنة 2018، إلى 27 شخصاً سنة 2019، إلى 32 شخصاً سنة 2020، ووصل العدد إلى 37 شخصاً سنة 2021 ([21]). ويوضح الشكل رقم (3) هذا التطور.

كما شهدت فرنسا تطوراً في عدد الذين قتلوا برصاص الشرطة بشكل مباشر خلال نفس الفترة، يوضح ذلك الشكل رقم (4).

ومن ناحية خامسة، نجد أنه مع أهمية ما تقوم به الوكالة الوطنية للتجديد الحضري من نشاطات لتطوير البنية التحتية في الضواحي والأحياء الفرنسية، فإن الأمر يتطلب من باقي الجهات الرسمية الاهتمام بالأبعاد الإنسانية والثقافية التي تهتم بالأشخاص في ذواتهم وفي تكوينهم النفسي والمعنوي.

خاتمة

لقد كشفت أحداث العنف التي شهدتها فرنسا (يونيو/ يوليو (حزيران/ تموز) 2023 عن وجود انقسامات عميقة في المجتمع الفرنسي، وعبرت عن أزمة حقيقية تعيشها فرنسا، الأمر الذي يمكن أن يدفع نحو مزيد من الانقسام والاستقطاب في المجتمع الفرنسي المأزوم أصلاً بسبب فشل سياسات ادماج المهاجرين من جهة وتفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية من جهة أخرى.

ولذلك يمكن القول إن الأوضاع ستظل مرشحة للتصاعد مرة أخرى، بسبب تداعيات الأحداث المرتبطة بتمرير تشريعات أكثر صرامة تستهدف المهاجرين تحت بند الحفاظ على مبادئ الجمهورية الفرنسية وأمنها، وكذلك بسبب التصريحات الرسمية التي تصدر بين الحين والآخر عن عدد من المسؤولين الفرنسيين تجاه المهاجرين، وأيضاً بسبب تنامي دور التيارات اليمينية ومواقفها المتشددة من المهاجرين واللاجئين عامة والمسلمين منهم خاصة.


[1] Fourth night of violence in France after deadly police shooting of teen, France 24, https://urlz.fr/mB0f

[2] Institut National De La Statistique   Et Des Etudes Economiques ; Immigréés Et Descendants D’immigrés En France, Statistique Publique, Editions 2023, p11.

[3] Ibid, p 14.

[4] Institut National de la Statistique et des Etudes Economiques; Immigres et Descendants D’immigres En France, Op cit, p 11-12.

[5] Gouvernement Francais,   Débat au Parlement sur L’immigration en France,  Décembre 2022, p03.

[6]Institut National de la Statistique et de Etudes Economiques,  Immigrés et Descendants D’immigrés en France, La Diversité Religieuse en France: Transmissions İntergénérationnelles et Pratiques Selon les Origines, Editions 2023, https://urlz.fr/mAo5

[7] Agence Nationale de la Cochés des Territoi, Atlas des Quartiers  Paritaires de la Politique de la Ville, Cartes et Données, Janvier 2022.

[8] Institut Nationale De La Statistique  Et Des Etudes Economiques, les Habitants des Quartiers De La Politique De la Ville, 2023, https://urlz.fr/mAHV

[9] Courrier Picard, Les Quartiers Prioritaires de Picardie (et de France) en chiffres, 2 Juillet 2023, https://urlz.fr/mAIy

[10] Ibid.

[11]  Défenseur des droits,  Rapport sur Enquête sur L’accès aux Droits, Relations Police/Population: le Cas des Contrôles D’identité. Volume 1, P 16.

[12] Journal Officiel de la République Française, Loi n° 2017-258 du 28 février 2017 Relative à la Sécurité Publique (1), 1 Mars 2017, p 01.

[13] Ministére de L’intérieur et des Outre-Mer, Rapport Annuel de L’inspection Général de la Police National 2021, Poice Nationale.   Et

“la Police tue” : Que Disent les Chiffres ?, yahoo actualités, https://urlz.fr/mB8T

[14] Texte Adopté n° 656, “Projet de Loi: Confortant le Respect des Principes de la République (Texte Définitif)”, 23 juillet 2021,  https://urlz.fr/mB7p

[15] République Française, Projet de Loi Contröler L’immigration , Améliorer l’intégration, 2 février 2023,  p 2. https://urlz.fr/mAGx

[16] Ibid, p 03.

[17] Caroline Hayek, Le Discours de Macron Provoque L’émoi du Monde Musulman, L’orient- Le Jour ,  https://urlz.fr/mAog

[18]Caroline Hayek, le Discours de Macron Provoque L’émoi du Monde Musulman, L’orient- Le Jour ,  https://urlz.fr/mAog

[19] A New Yok, Darmanin Affirme que  <<Le risque >>   de << terrorisme islamiste >> repprend en europe , le point , https://urlz.fr/mAnL

[20]Conseil Francais du Lutte Musulman, Observatoire National de Lutte Contre L’islamophobie. Bilan Des Actes Antimusulmans Annee 2020, 28 Janvier 2021.  https://www.cfcm-officiel.fr

[21] Ministére de L’intérieur et des Outre-Mer, Rapport Annuel de L’inspection Général de la Police National 2021, Poice Nationale.   Et “la Police tue” : Que Disent les Chiffres ?, yahoo actualités, https://urlz.fr/mB8T

د. لامية حروش

دكتوراه علوم سياسية، تخصص دراسات أورومتوسطية، المدير التنفيذي لمركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى