التسوية السياسية في ليبيا: المسارات والسيناريوهات
أ.معتز محمد الغدامسي
جامعة بنغازي، ليبيا
مقدمة:
تعيش ليبيا أزمة تعدد وتنازع شرعيات ممتدة منذ العام ٢٠١٤، وكذلك أزمة شرعية للحكومات الناتجة عن التوافقات والحوارات السياسية بسبب انتهاء الآجال الدستورية والقانونية التي تنص عليها الإتفاقات السياسية التي تم التوصل إليها بصعوبات بالغة من دون إتمام مهام تلك الحكومات في الانتقال لحكومة منتخبة أو تجديد شرعيتها ومشروعيتها بسلاسة، ولم تحسم عدة معارك كبرى هذه الأزمة، كما لم يتم حسمها بعد بتسوية سياسية شاملة أيضاً، وبقيت البلاد في أزمة غياب شرعية ومشروعية ممتدة دستورية وقانونية وشعبية، ودون الخوض في التفاصيل التاريخية على أهميتها، فإن الأزمة الحالية لها جذور في التوافقات الدولية الهشة والمفخخة وبالتحديد الإتفاق الذي أفضى إلى انتخاب حكومة الوحدة الوطنية وتجاوز مرحلة الإنقسام في رأس السلطة السياسية شكلاً دون تجاوز حقيقي للأزمة، ومنذ إعلان باتيلي تهديده للأطراف الليبية بالإسراع في إنجاز القوانين المفضية إلى إنهاء المرحلة الانتقالية الطويلة التي عاشتها البلاد والوصول للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وإلا فإن لجنة دولية سيتم تشكيلها عبر تجاوز كافة القوى والرموز السياسية التقليدية الحالية سواء في المجلس الرئاسي أو خلفه المجلس الأعلى للدولة أو حكومة الوحدة أو البرلمان.
وما بين الاجتماعات الدولية باليرمو وروما وجينيف وبرلين والإقليمية الصخيرات وتونس والقاهرة لليبيين والحراك المكثف للأطراف الدولية وتشكيل عديد اللجان حول الأزمة خلال السنوات الماضية وصولاً لتشكيل لجنة ٦+٦خلال الشهور الماضية، والتي اجتمعت في مدينة بوزنيقة بالمملكة المغربية في الفترة الممتدة بين ٢٢ مايو و ٦ يونيو ٢٠٢٣ لوضع مشاريع قوانين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية دون التوصل لتوافق نهائي حولها، تبقى الحلول والتوافقات النهائية حول القوانين والدستور والمسائل الأمنية والعسكرية العالقة ومنها توحيد المؤسسات السياسية والأمنية والإقتصادية ودمج المسلحين وإخراج المقاتلين الأجانب، كلها معلقة بتوافقات دولية وإقليمية أكثر بكثير مما يتعلق برغبة الأطراف المحلية إن وجدت.
في هذا السياق فإنه ومع تأجيل متكرر للانتخابات من نهاية ٢٠٢١ وفق ما آلت إليه خارطة الطريق التي أقرها مؤتمر برلين، إلى نهاية ٢٠٢٢ ثم عدم التوافق حول القاعدة الدستورية وقوانين الانتخابات إلى وقت كتابة هذا التقرير، وطرح باتيلي أحد بديلين إما تمكين لجنة الحوار السياسي من وضع الإطار الدستوري للانتخابات بما يضمن مشاركة الجميع، وإما تكوين إدارة دولية مباشرة لتنظيم الانتخابات.
تحاول هذه الورقة استكشاف المسارات والسيناريوهات الممكنة للتسوية السياسية لهذه الأزمة في ضوء تعاظم الدور والتنافس الدولي عبر النقاط التالية:
أولاً- عودة ليبيا لواجهة التنافس والصراع الدولي:
بعد الحرب الروسية الأوكرانية عادت ليبيا من جديد كساحة للصراع الدولي بين روسيا من جهة والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين على اختلاف توجهاتهم من جهة أخرى، وعلى خطوط الصراع تلك تضبط الأطراف الإقليمية بوصلتها وتكيف مصالحها بحسب قدراتها وتحالفاتها وإمكاناتها إلى حد بعيد، فالنفط والغاز الليبي تزايدت أهميته الاستراتيجية في ظل أزمة الطاقة التي دخلت فيها أوروبا بسبب الحرب ما أجج التنافس بين الشركات النفطية الدولية سواء شل أو بريتيش بتروليوم أو إيني،…إلخ وغيرها، وإن كانت الدول الأوروبية قد تضررت من هذه الحرب إلا أن الشركات النفطية الغربية مستفيدة منها بما حققته من تعاقدات وأرباح بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة.
وبحسب بعض التحليلات أثار إعلان المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، طرح خطة انتقالية، النقاش من جديد، ليس بشأن إمكانية الوصول إلى إطار سياسي مؤقّت فقط، بل عن تأثير اختلاف الأولويات الخارجية للولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي وروسيا على الحل السياسي، من خلال تناول مدى اتساق خريطة مصالحها في ليبيا وقدرة الأمم المتحدة على تقديم أفكار وسياسات ابتكارية تتجاوز التراخي الدولي والتنافر الليبي[1].
ثانياً-تعدد المسارات هل تنجز لجنة 6+6 ما فشل به الآخرون:
أعقاب إحاطة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أمام مجلس الأمن بتاريخ ٢٧ فبراير ٢٠٢٣ بشأن إجراء الانتخابات العام الجاري، كمهمة أساسية للبعثة وكنتاج لتوافق دولي على إنهاء الوضع الراهن وأن يكون عام ٢٠٢٣ هو عام الانتخابات، ووضعه تهديداً مبطناً للجميع مفاده أنه إذا لم تنته حالة الركود السياسي الحالية والمماطلة فيما يتعلق بقوانين الانتخابات والقاعدة الدستورية واللجنة الانتخابية المنظمة لها فإن البعثة الأممية ستقوم بتشكيل لجنة بنفسها من فريق ليبي رفيع المستوى للانتخابات، بدعم من الأمم المتحدة، لإستكمال تقدم العملية الديمقراطية والجمع بين الفرقاء السياسيين عبر فريق يضم ممثلين عن المؤسسات والشخصيات السياسية وزعماء القبائل ومنظمات المجتمع المدني والجهات الأمنية والشباب والمرأة، للمساعدة في التوافق على الخطوات اللازمة لإنهاء العملية الإنتخابية، ووضع اللمسات الأخيرة على الأساس الدستوري والقوانين الانتخابية، وتأكيد مجلس الأمن على معاقبة القوى التي تعرقل الوصول للانتخابات[2].
وباختصار فلجنة التوجيه رفيعة المستوى المقترحة في ليبيا وفق مبادرة باتيلي تهدف إلى التمكين من إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية خلال عام ٢٠٢٣، وهذه المبادرة تعني ضمناً اعترافاً أممياً بأزمة شرعية المؤسسات السياسية كأزمة رئيسية وتعكس عدم ثقة الشارع في تلك المؤسسات السياسية.
ارتبك المشهد السياسي الليبي من جديد وسارعت أطرافه لتدارك الأمر وانطلقت عدة فعاليات سياسية محلية ودولية، وبرغم توافق مجلس النواب والأعلى للدولة على التعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري لعام ٢٠١١ قبل إحاطة باتيلي بأقل من ٤٨ ساعة إلا أن خطابه جاء تحذيرياً وشديد اللهجة للجميع، وهو ما أثار جدلاً واسعاً وتكثفت تحركات المبعوث الأممي داخل وخارج ليبيا في الشهرين التاليين لإحاطته تلك. وقد تبني باتيلي في بيانه وإحاطته تلك ما سبق وأشارت إليه مراكز بحثية ليبية من أن التعديل الثالث عشر صدر عن مجلس النواب ونشر في الجريدة الرسمية دون مصادقة المجلس الأعلى للدولة كما أنه لم يعالج النقاط الخلافية الأساسية بين المجلسين ولا يحتوي على جدول زمني واضح لعقد الانتخابات يكون ملزماً للجميع، وبغض النظر عن إعلان توافق رئيسي المجلسين حوله إلا أنه ظل محل خلاف عام في الشارع الليبي ولدى القوى الفاعلة [3].
كما حدث توافق على تشكيل لجنة ٦+٦ بمهمة محددة وهي إنهاء الخلاف بشأن قوانين الانتخابات والقاعدة الدستورية، ورغم إعلانها منذ الأيام الأولى لانعقادها في بوزنيقة بالمغرب، التوصل لنتائج وتقاربات غير مسبوقة ونهائية أكثر من مرة، إلا أنه وفي نهاية انعقادها في السادس من يونيو الجاري لم تكن قد أنجزت مهمتها، بل وصدر بيان جديد من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في اليوم التالي، يحث جميعَ الأطراف الفاعلة في ليبيا إلى الإنخراط، بروح من التوافق، في مساعي معالجة جميع القضايا العالقة وخلق بيئة أوفرَ أمانًا وأكثر ملاءمة لإجراء الانتخابات في عام ٢٠٢٣. كما تحث البعثة جميعَ الفاعلين على الإمتناع عن أساليب المماطلة الهادفة إلى إطالة أمد الأزمة السياسية التي سببت الكثير من المعاناة للشعب الليبي”[4].
البعض يتعلل في عملية تأجيل الانتخابات بصعوبة إجراء الإنتخابات في ظل الوضع الأمني، بينما تبدو اللجنة العسكرية المشتركة ٥+٥ هي الأنشط والأكثر استدامة في انعقادها منذ تشكيلها بالتوازي مع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وإن كانت إنجازاتها لا تزال محدودة قياساً بأهدافها الكبرى المتعلقة بتوحيد المؤسسة العسكرية ودمج التشكيلات المسلحة وإخراج المقاتلين الأجانب من ليبيا.
في الوضع الليبي الحالي نحن بصدد تشكل شبكات مصالح معقدة ولا يمكن فهم الوضع دون دراستها وفهمها، هذه الشبكات معقدة جداً ولديها امتدادات إقليمية ودولية بطبيعة الحال، تتحكم بترسانة من الأسلحة وموارد اقتصادية رسمية وغير رسمية كبيرة جداً سواء من تجارة النفط أو العملة أو خردة الحرب نفسها، لديها القدرة على تعطيل الوصول لصندوق الإنتخابات وتعطيل أية توافقات حيث الوضع الحالي لضعف الدولة وتشتت القيادة السياسية هو وضع ملائم جدا بالنسبة لعمل هذه الشبكات إن لم يكن السياق الأمثل لمضاعفة أرباحها وثرواتها.
ثالثاً-الإنقسام بين الأطراف الإقليمية والدولية:
يمكن القول أن هناك عدة فاعلين رئيسيين تختلف وجهات نظرهم في ليبيا سواء إقليمياً أو دولياً وتتناقض مصالح هؤلاء معظم الوقت تناقضاً حاداً وتمثل لحظات التوافق استثناء على قاعدة، ولحظات الإستثناء هذه هي التي قادت إلى نجاح جزئي للجهود المحلية للوصول إلى الاتفاقات السياسية الرئيسية سواء في الصخيرات أو جنيف أو برلين وغيرها وتشكيل حكومات مثل حكومة الوفاق الوطني أو حتى حكومة الوحدة الوطنية لاحقاً، على هشاشة هذه الاتفاقات والتوافقات وتفخيخها للوضع أحياناً، لكن يمكن التمييز إقليمياً بين ثلاثة وجهات نظر وهما:
-وجهة النظر الأولى: تقودها الإمارات وتؤيد خياراً فيدرالياً يتم الانتصار فيه للشرق والدفع بالجنرال خليفة حفتر أو أي طرف يدعمه، لا يهم كيفية تنفيذ هذا الخيار سواء بالحرب والسلاح أم بالتفاهمات السياسية، لطالما كان للإمارات نفوذ متزايد في الشرق الليبي تحديداً منذ بداية أزمة الشرعية في ٢٠١٤، سواء بالتنسيق مع مصر أو تصرفت منفردة، وكان هناك تنسيق إماراتي كبير مع فرنسا وروسيا في كثير من الأحيان بشأن دورها في ليبيا.
-وجهة النظر الثانية: متذبذبة بين الاستقرار على الوضع الراهن أو الوصول لحل نهائي وتقودها مصر والسعودية ولديهما هدف مشترك مؤخراً وهو تخفيف الدور الإماراتي المنافس والمؤجج للحرب والتوجه نحو حل سياسي يقود للاستقرار وينهي الوضع الانتقالي الممتد والمهدد بوضع أسوأ من السوري أو اليمني حال استمراره بما يمثله ذلك من ضرر مباشر كبير على مصر بحسب تصريحات صدرت مؤخراً عن الرئيس السيسي نفسه[5].
وفي ضوء أزمة اقتصادية مصرية خانقة يشكل استقرار ليبيا مخرجاً مهما للأزمة بحسابات الفرصة البديلة، سواء بتصدير فائض العمالة أو بجلب قروض وودائع واستثمارات ليبية حال الوصول للاستقرار ويعطي له هامش مناورة في مواجهة الضغوط الخليجية الراغبة في الاستحواذ على كافة الشركات الحكومية بما فيها شركات الجيش بالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية. وفي ضوء التقارير عن تعاون حفتر مع قوات الدعم السريع وتبني موقف أقرب للموقف الإماراتي على حساب الرؤية السعودية المصرية للأزمة السودانية، تتزايد الفجوة بين حفتر وحليفته الاستراتيجية السابقة مصر، وتتجه الأخيرة للتمسك بالحل السياسي وبعقيلة صالح كخيار عقلاني قادر على كبح جماح حفتر وأبنائه والعسكريين في الشرق وضبط الأمور الأمنية المرتبطة بالحدود والإرهاب والتهريب.
-وجهة النظر الثالثة :وهي تمثل تركيا الحليف الرئيس للغرب الليبي والضامن للتوازن منذ اتفاق العام ٢٠١٩، فإنها وبعد فوز الرئيس أردوغان بأغلبية بالرئاسة مع تحالف برلماني يحظى بأغلبية برلمانية وتعيينه هاكان فيدان رئيس جهاز الاستخبارات وزيرا للخارجية، وهو مهندس صفقة الاتفاق الأمني والعسكري مع ليبيا، فإنها تبدو أكثر عزماً على التمسك بحلفائها في الغرب مع عدم استبعاد فتح قنوات مع جميع الفاعلين الدوليين والإقليميين يرتبط هذا بمدى مرونة الروس في التعاون في الملفين السوري والليبي معاً وترتيب تبادل للمصالح تراه تركيا مناسباً.
كما أن التحركات التركية الأخيرة لتصفير مشكلاتها مع المحاور الإقليمية العربية تشير لإمكانية التعاون حول الملف الليبي لبدء تسوية مقبولة تنطلق معها عملية إعادة إعمار تعوض عقداً ونصف من التوقف الكبير للاستثمارات التركية في ليبيا وتضع خطة الوطن الأزرق موضع التنفيذ. هناك ما يشبه التوافق اللحظي بين مصر وتركيا على أهمية الاستقرار وإعادة الإعمار لكلا البلدين اللتين تواجهان أزمات اقتصادية على اختلاف حدتها ودرجاتها.
أما من الناحية الدولية فهناك رؤيتين رئيسيتين حول الوضع في ليبيا:
الرؤية الأولى: وجهة النظر الأوروبية والأمريكية:
على الاختلافات بينها في الأولويات إذ تعطى أوروبا أولوية لقضايا الطاقة والهجرة والأمن، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعطي أولوية أيضاً لمواجهة تمدد النفوذ الروسي في إفريقيا عبر فاجنر وتسعى لتحجيم هذا النفوذ بكل قوة.
مطلع العام الجاري تحدثت تقارير نقلاً عن مصادر ليبية عن سعي واشنطن لإغراء حفتر بالدعم إذا تخلّى عن “فاجنر”، حيث ألقت الولايات المتحدة بثقلها السياسي والأمني في الملف الليبي، إذ كان لافتاً تكثيف لقاءات مسؤوليها بخليفة حفتر، ما يشكل تطوراً مهماً في العلاقة بين الجانبين، وليس آخر هذه اللقاءات لقاء رئيس الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز بحفتر في يناير الماضي، ويأتي الإهتمام الأمريكي بالتواصل مع حفتر في ضوء مطالب أمريكية له بالتخلي عن اعتماده على قوات “فاجنر” خصوصاً في تأمين آبار النفط، في المناطق الساحلية الشمالية المعروفة بــــــــــــ”الهلال النفطي” مقابل إطلاق يده في الجنوب الليبي في مواجهة عصابات التهريب والمجموعات المسلحة[6]. وتشير تقارير إلى أن الجهود الأمريكية لتقويض فاجنر تأتي في إطار خطة وتحركات أمريكية لمحاصرة النفوذ الروسي في إفريقيا ككل وليس ليبيا وحدها[7].
تبدو رؤية الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة الأكثر تماسكاً، فهي قائمة على استراتيجية عشرية أطلقتها الولايات المتحدة لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار في عدد من البلدان التي تشهد صراعات، ومنها ليبيا، التي تقوم بالتركيز على دعم الجهود الأممية والمحلية للحد من العنف في جنوب البلاد كأساس لجهد طويل الأجل لدعم عمل الشعب الليبي لبناء نظام ديمقراطي ومستقبل مستقر، هذا هو الظاهر من الخطة لكنها يبدو أنها مستعدة للتعاون مع الجميع للوصول للمشهد الانتخابي وإن كانت مستعدة للتعامل مع تعثر المسار الانتخابي بتحديد مصالح ونقاط حمراء محددة.
والحل الأوروبي والأمريكي، يسعى إلى وضع الاستقرار في إمدادات النفط والغاز وضبط الهجرة والأمن ومكافحة الإرهاب أولوية أولى وبالتالي يمكن التعاون مع الجميع من أجل تلك الأهداف، سواء بالمسار السياسي المفضي للانتخابات أو بالاستقرار على الوضع الحالي، لكن يسعى هؤلاء الفرقاء إلى غايات مختلفة بأدوات مختلفة أيضاً فبينما ترى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إمكانية الإعتماد على حفتر أيضاً في إخراج الفاجنر من ليبيا مقابل دمجه في العملية السياسية، تواجه محاولة دمج خليفة حفتر سياسياً معضلة فارتباط مصيره بوجود فاجنر ثابت عبر السنوات العشر الماضية، تواجه المحاولات الأميركية أعباء ترويجه ليكون من اللاعبين السياسيين سواء بالدفع باتجاه قانون انتخابي لا يستبعد العسكريين أو مزدوجي الجنسية أو بمحاولة إغرائه بتقديم الدعم اللازم لإخراج فاجنر، إلا أن حفتر يبدو غير واثق في الحلفاء الأوروبيين والأمريكيين ويريد ضمانات بعدم مهاجمة حكومة الوحدة الوطنية للشرق الليبي.
في المقابل يحاول الحلفاء الغربيين إغراء الدبيبة بتنفيذ عمليات تصفية فاجنر في ليبيا مقابل بقائه في المشهد السياسي أطول وقت ممكن سواء عبر استمرار الوضع القائم أو عبر كونه جزءاً من المشهد الإنتخابي حال الوصول إلى الانتخابات.
في هذا الإطار فإننا قد نصبح إزاء محاولة إذكاء روح التنافس المحلي على الدعم الغربي في مواجهة فاجنر مقابل الاعتراف الدولي وتثبيت النفوذ على المناطق والموارد، أو حتى محاولة خلق تعاون أمني وعسكري بين الشرق والغرب لإقصاء فاجنر وإضعاف النفوذ الروسي في ليبيا ومن ورائها إفريقيا، وهنا يمكن قراءة محاولة الدبيبة التعاون مع حفتر وقراءة قرار البرلمان بعزل باشاغا بضغط مباشر من أبناء حفتر.
الرؤية الثانية: وجهة النظر الروسية والصينية
إذا كانت روسيا حتى وقت قريب لا تملك أية اقتراحات متماسكة للمشكلة الليبية سواء توصيفاً وحلاً، واكتفت بانتقاد قرارات مجلس الأمن وتدخلات حلف الناتو استغلال البلدان الغربية لقرارات مجلس الأمن باعتباره سبّب تدميراً للبنية التحتية ونشر السلاح والفوضى ولم ينتج بديلاً سياسياً عن نظام القذافي، إلا أنها وبعد التدخل القوي في سوريا أدركت أهمية استعادة دورها وتمركزاتها في البحر المتوسط عبر مقاتلي فاجنر الذين أثبتوا قدرة على تغيير المعادلة في بعض المناطق سواء في سوريا أو شرق أوكرانيا أو الجنوب والشرق الليبي، مؤخراً ومع انفجار الصراع في السودان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وشريكه السابق في مجلس السيادة الحاكم حميدتي، تحدثت وسائل إعلام ومصادر دولية أن قوات حميدتي تتلقى أسلحة ومساعدات تقنية من “فاغنر”، التي تربطها بها علاقات وثيقة ترقى إلى التحالف، وتعود إلى عدة أعوام، وهو الأمر الذي يستفز الأمريكيين، ولم يكتف الروس بهذا الحد بل جاء تصريح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في مؤتمر صحافي في الأمم المتحدة، أن السلطات السودانية لها الحق في استخدام مجموعة “فاجنر”، وذلك في إطار رده على الاتهامات بمشاركة المرتزقة في معارك السودان، ليؤكد الشكوك الأمريكية[8].
وحتى نهاية العام ٢٠٢١ لم تكن هناك أزمة كبيرة بين الأوروبيين والروس في ليبيا باستثناء اتهامات متبادلة بين فرنسا وروسيا بدعم الإرهاب، لكن الخلافات ظهرت لاحقاً بسبب تزايد السلاح الروسي سواء لقوات فاجنر أو لخليفة حفتر وتكرار الهجوم على العاصمة التي شكل دخول الروس إليها خطا أحمر لدى الأوروبيين والأمريكيين، وشكل منعطفاً نحو دعم الأمريكيين للجهود التركية لإسناد حكومة الوفاق وخصوصاً مع إسقاط مُسيرة أميركية فوق بنغازي في ٢٢ أكتوبر٢٠٢١.
مع طرح الإنتخابات كحل وفقاً لمسار برلين فإن الروس قاموا بالتأقلم مع هذا الحل بتواصل مباشر مع أطراف ليبية عدة أولاً لدعم حفتر وعقيلة صالح وثانياً بالانفتاح على دعم سيف الإسلام القذافي كمرشح محتمل، وخصوصاً بعد تمسك الغرب الليبي وحلفائه بإبعاد العسكريين والمجنسين عن الإنتخابات نحن إذن أمام تأثير روسي مزدوج سياسي وعسكري في العملية السياسية المحتملة في ليبيا.
ومع اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية بدت ليبيا جبهة جديدة تواجه فيها روسيا الغرب بمحاولة تعطيل صادرات النفط والغاز ومحاصرة فاجنر لآبار النفط وسيطرتهم على مقار العديد من الشركات وفرضهم كأمر واقع في تأمين عمليات الاستخراج وخطوط النقل بالذات في الشرق والجنوب، الأمر الذي اشتكي منه حتى سكان هذه المناطق وقبائلها مراراً وتكراراً. وانطلقت منها لتعزيز نفوذها في السودان وإفريقيا الوسطى وغيرها من البلدان للسيطرة على الموانئ والشركات العاملة في قطاعات النفط والتعدين[9] .
أما الصين فهي ترى أنه لا مشكلة في وجود فاجنر أو غيرها في ليبيا باعتبار أن عديد الدول لديها قوات في ليبيا وأنها تخلق مزاحمة للدور الأوروبي والأمريكي المهيمن، هذا يخلق حالة من التوازن بين الشرق والغرب وعلى السياسيين الليبيين عدم الاستياء من هذا الوضع وإنما إستغلاله لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة فيما يشبه وضعية الحرب الباردة.
رابعاً-السيناريوهات المحتملة:
السيناريو الأول: استقرار الوضع الراهن من دون انتخابات:
حيث يستبعد الكثير من المحللين الوصول للإنتخابات في الوقت الحالي سواء بنهاية هذا العام أو في العام المقبل، فالخلافات تتزايد كلما اقتربنا من المواعيد النهائية التي تضعها اللجان الدولية والإتفاقات السياسية، وعلى سبيل المثال رغم إعلان لجنة ٦+٦ أكثر من مرة اقترابها من التوصل لحل للخلافات حول شروط الترشح للانتخابات بحيث تستوعب الجميع، تأتي اجتماعات القيادات السياسية التقليدية في شرق البلاد وغربها لتؤكد عمق الخلاف وتصلب الآراء فعلى سبيل المثال الغرب كان يتمسك بمسألة منع العسكريين ومزدوجي الجنسية ورموز النظام السابق و المدانين بجرائم حرب من خوض الانتخابات.
وبرغم بداهة هذه الشروط سواء في السياق التاريخي الليبي أو دولياً، إلا أنها واجهت رفضاً في الشرق ومن قبل الفدراليين والمحسوبين على النظام السابق ولكل من هؤلاء أنصاره وكتلته الاجتماعية والسياسية وظهيره العسكري، ومع إبداء المشري تنازلاً نحو قبول مزدوجي الجنسية بشرط التخلي عنها حال الذهاب لجولة ثانية في الإنتخابات الرئاسية، فإن عقيلة صالح يضع عقدة جديدة في المنشار تتضمن شقاً موضوعياً حيث أنه يشير لأن عملية التنازل عن الجنسية تستغرق وقتاً أطول من الفترة بين الجولة الأولى والجولة الثانية للإنتخابات.
يستفيد من هذا الوضع محلياً كلا من مجلس النواب والعسكريين في الشرق حيث ينفقون أموالاً طائلة دون حسيب أو رقيب، ويستفيد منه أيضاً الدبيبة وحلفائه في الغرب حيث يبقى هو الطرف الوحيد المعترف به دولياً ويستطيع شراء الولاءات عبر المال السياسي ويستخدم الوسائل المالية والإقتصادية لإغراء المليشيات لاستبعاد خيار الحرب والبحث عن الإستقرار عبر الإقتصاد والتجارة والإستثمار. هذا الوضع يعني استمرار حالة الإنقسام بدون حروب كبيرة وإن حدثت بعض الإضطرابات الأمنية والسياسية الضيقة الناجمة عن الإنشقاقات وتغير شبكة التحالفات والمصالح المؤقتة من حين لآخر.
لكن هذا الوضع يسبب مشكلات لدول الجوار وللأطراف الدولية التي تريد صياغة سياساتها وتحالفاتها على أسس استراتيجية بعيدة المدى وليس على أساس يومي في إدارة تلك العلاقات، وتلك الأطراف التي تفضل التعامل مع طرف وحيد في عموم ليبيا بدلاً من التعامل مع عدة رؤوس مع ما يحمل ذلك من كلفة ومخاطرة خرق التوازن في العلاقات مع الطرفين وابتزاز الأطراف المحلية للجميع بالتحالف مع الآخرين حال عدم الإستجابة لمطالبها.
السيناريو الثاني: تسوية الأزمة والوصول للإنتخابات دون معالجة الجذور:
هذا السيناريو قد ينتج حالة أشبه بالحالة اللبنانية عقب إتفاق الطائف، أي لبننة الحالة الليبية حيث تنعكس التوازنات الإقليمية والدولية على التوافقات السياسية المحلية، بحيث تنتج عملية تقاسم هشة للسلطة والثروة وهو ما ينتج سلطات ضعيفة لا تحل المشكلات الحقيقية ولا تعزز بناء الدولة وإن بنت نظاماً سياسياً قابلاً للاستمرار عبر تبادل الأدوار بين شبكات المصالح والطبقات السياسية المسيطرة. لكن ليس هناك ضمانات لقبول الفرقاء لنتائج الانتخابات، وبالذات إذا تم الوصول للانتخابات وقواعدها وفق لجنة باتيلي، حيث أن إنشاء لجنة دولية يعني أن الأمر تعدى الفاعلين المحليين ويبدو سيناريو وقف الحرب أو استئنافها حتى ليس في أيدي الليبيين والطبقة السياسية الحاكمة.
يعزز هذا السيناريو خفوت الحديث عن الحرب، فالجميع يئس من الحسم العسكري والجميع خرج خاسراً من الحرب سواء بمنطق الخسائر في الأرواح أو غياب الأمن وانتشار أعمال السلب والنهب في ظل غياب الدولة واستباحة أموال وممتلكات المخالفين في الرأي، بحيث وصلت الأطراف جميعاً إلى حالة من الإعياء فحدث توازن الضعف.
تتراكم التوافقات المحلية حول استبعاد الحرب، كما تتراكم الخطابات المحلية والإقليمية والدولية حول إخراج المقاتلين الأجانب وبناء مؤسسات الدولة وتوحيد المؤسسات، وهناك خطوات تدريجية باتجاه عملية التوحيد تلك بدءاً بتوافق دولي على توحيد المؤسسة الوطنية للنفط وتحييدها، وصولاً لتوحيد صوري للمؤسسات المالية وعلى رأسها المصرف المركزي ولكن عملية توحيد المؤسسات تلك شبه متوقفة عند هاتين المؤسستين وحتى على مستوى المصرف المركزي هناك اختلافات في أسعار الدينار مقابل الدولار في الأسابيع الأخيرة، وبالطبع تواجه عملية توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية صعوبات جمة خصوصاً فيما يتعلق بتصنيف المجموعات المسلحة وكذلك إخراج المقاتلين الأجانب لتقاطعها مع مصالح كلا من روسيا وتركيا المتشابكة في أكثر من ملف والتي يصعب حسمها بتوافقات لجان عسكرية محلية.
لكن لدينا هنا أيضاً مسارين أولهما محاولة تفادي الوصول للجنة التسييرية الأممية عبر التوصل لتوافقات حول القوانين الانتخابية من خلال لجنة ٦+٦، وهو ما لم يحدث حتى كتابة هذا التقدير، ومع اقتراب الخط الزمني المحدد بشهر يوليو نكون أمام المسار الثاني وهو اللجوء للجنة الأممية التي يرى باتيلي تشكيلها من ٤٠ عضوا، وهي في ذاتها لا تختلف كثيراً عن فكرة ستيفاني ويليامز حول ملتقى الحوار السياسي الذي لم ينه الخلاف بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة ولم ينهي المرحلة الانتقالية.
السيناريو الثالث: الفوضى الشاملة والعودة للحرب:
قد نصل لهذا السيناريو حال فشل مجلس النواب والمجلس الرئاسي في التوافق على القوانين الانتخابية وفشل باتيلي في فرض لجنته والقوى السياسية الجديدة التي ستتشكل منها على الساحة، وهي في الغالب ستتكون من القوى الفاعلة على الأرض أي الفاعلين العسكريين والقبليين ووجهاء المدن، وبالتالي هذا يضمن صراعاً حاداً بين الأجسام السياسية الحالية وشبكات مصالحها والنخب الجديدة التي يريد باتيلي تصعيدها ما قد يقود لصراعات مسلحة أكثر خطورة.
يغذي هذا السيناريو فشل لجنة ٥+٥ العسكرية في تحقيق أية نتائج قوية عبر قرابة عامين من تشكيلها سوى فتح الطريق الواصل بين الشرق والغرب وفتح المطارات بين الشرق والغرب والجنوب، مع عدم التقدم كثيراً نحو توحيد المؤسسة العسكرية في ظل خلافات أيديولوجية وسياسية عميقة بين القادة في الشرق والغرب. كما يغذيه أيضاً الفوضى والانقسامات في الشرق بين أبناء حفتر وقيادات عسكرية موالية لسيف الإسلام القذافي، وصراعات في الغرب بين المجموعات المسلحة المختلفة الرافضة لأية تسوية سياسية تشمل حفتر وأبناء القذافي أو حتى المجموعات التي تريد الإندماج في المؤسسات العسكرية والأمنية لكنها لا تجد ما تحصل عليه في الكعكة التي جرى التوافق على تقسيمها منذ الشهور الأولى لتولي الدبيبة الحكومة. وترى بعض المجموعات أن الصراع في الغرب الليبي صراع مراكز مالية واقتصادية أو بالأحرى صراع مصراتي تفرض فيه مصراته نفوذها على حساب المناطق الأخرى، ما يقتضي معالجة لهذا الوضع لتجنب استمرار الفوضى.
ما يعزز هذا السيناريو أيضاً تصاعد ملحوظ في خطابات الكراهية والتهديدات على مواقع التواصل الإجتماعي في ليبيا، وهو خطاب يتجذر ويخلق انقسامات أفقية ورأسية. أيضاً تتشابه الظروف الحالية نوعاً ما مع ظروف ما قبل اندلاع الحروب السابقة حيث هناك تنازع شرعيات بين مجلسين وحكومتين، ويغيب وزير الدفاع عن حكومة الوحدة الوطنية ويتولى الدبيبة المنصب بنفسه، ووزير الداخلية في الغرب ضعيف وهناك اتهامات له بأنه محسوب على المليشيات، بينما يسابق الشرق الزمن لتسليح نفسه وتجهيز معسكراته وقواته لأية مواجهة قادمة، فإن المليشيات في الغرب قد أغرقها الدبيبة بالمال السياسي لكنه غير قادر على السيطرة على أطماعها كلياً كما أنها لن تفرط بسهولة في مكتسباتها المادية الجديدة مقابل رواتب هزيلة جراء الإندماج في الجيش والمؤسسات الأمنية، وهي مكاسب لا تساوي حتى مكاسب تجارة خردة الحرب
الخاتمة:
في التحليل الأخير تحتاج ليبيا وسياسيوها وقواها الفاعلة إلى بناء مساراتها وسيناريوهاتها الذاتية برؤية وطنية تحاول تحييد التأثيرات الإقليمية والدولية وتتبع سياسات عامة تتدارك مظالم الماضي وتتجاوز أخطاء وخطايا المرحلة الانتقالية الممتدة وألا تكون الحلول كردود أفعال آنية على الضغوط الدولية والإقليمية، وفي هذا الإطار هناك حاجة لتجديد دماء النخب السياسية وإدماج الشباب والنساء والمناطق المهمشة في خطة تنمية سياسية واقتصادية شاملة، وبحيث تبقى الوجوه القديمة والخبرات المهنية الكبيرة في خلفية المشهد دون تصفية أو انتقام لبناء مستقبل أفضل للجميع على قاعدة المواطنة والدولة المدنية الحديثة التي لا يعدم التاريخ الليبي تراثاً لها.
ولتنفيذ ذلك ينبغي أن يتراجع الجميع وبالذات الوجوه المستهلكة سياسياً للوراء خطوة واحدة على الأقل، من أجل التوافق الوطني على أسس بناء الدولة وجيشها الموحد وقواها الأمنية، ومن أجل بناء مؤسساتها البلدية المنتخبة التي تمارس الحكم المحلي بمفهومه الشامل في إطار وحدة التراب الوطني الليبي، وبما يبتعد بليبيا عن كونها ملعباً دولياً إلى كونها فاعلاً عربياً وإفريقياً ودولياً، يدرك إمكانياته المعطلة ويتجه نحو تفعيلها وتشغيلها لتحسين حاضره وبناء مستقبله، والخروج من دائرة المجتمعات المعطلة التي تعجز عن إنتاج سلطة تحكمها.[10]
[1] خيري عمر، “التنافس الدولي ومكانة الحل السياسي في ليبيا”، العربي الجديد، بتاريخ ٧ فبراير ٢٠٢٣،أنظر في :
[2] الجزيرة نت، “بعد مبادرة باتيلي وتهديدات مجلس الأمن.. أي مستقبل ينتظر العملية السياسية في ليبيا؟”، بتاريخ ١٨/٣/٢٠٢٣، أنظر في: https://bit.ly/3X18WqZ
[3] المركز الليبي للدراسات ورسم السياسات، قراءة في إحاطة المبعوث الأممي إلى ليبيا، بتاريخ ٢ مارس ٢٠٢٣.
[4] بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا،” بيان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بشأن نتائج اجتماعات لجنة ال6+”6، بتاريخ ٧ يونيو ٢٠٢٣، أنظر في: https://bit.ly/3No9X9e
[5] موقع أخبار ليبيا، “السيسي : الأزمة في ليبيا أثرت على مصر”، بتاريخ ٨ يونيو٢٠٢٣، أنظر في : https://bit.ly/3J3nUXC
[6] أحمد علي حسن، “مصادر ليبية لـ”النهار العربي”: واشنطن تغري حفتر بالدعم إذا تخلّى عن “فاغنر””، النهار العربي، بتاريخ ٢١ يناير ٢٠٢٣،أنظر في: https://bit.ly/3MYOQcw
[7] مركز المستقبل للدراسات المتقدمة، “فرص نجاح التحركات الأمريكية لمحاصرة نفوذ فاغنر في إفريقيا”، بتاريخ ٢٧ أبريل ٢٠٢٣، أنظر في: https://bit.ly/3J8q0FI
[8] العربي الجديد،” مرتزقة “فاغنر” في السودان تستنفر أميركا”، بتاريخ ٩مايو ٢٠٢٣، أنظر في: https://bit.ly/3X3SVAz
[9] العربي الجديد، “هكذا تسرق “فاغنر” الروسية ثروات أفريقيا وتحاصر النفوذَين الأميركي والأوروبي فيها”، بتاريخ ٤ مايو ٢٠٢٣، أنظر في: https://bit.ly/3WWrOYl