د. جلال الميسي
مقدمة
منذ نشأة منظمة الاتحاد الأفريقي (الوحدة الأفريقية) ظلت منطقة المتوسط بعيدة عن الاهتمامات الاستراتيجية لصانعي القرار الأفريقي، فقد انحصرت الجهود وتركزت الاهتمامات الأفريقية بمناطق أفريقيا جنوب الصحراء، غير أن التحولات التي صاحبت مجموعة من الأحداث الدولية منذ سنة 2011 بما عرف بثورات الربيع العربي، و ما شهدته دول أفريقية مطلة على حوض البحر الابيض المتوسط من تطورات متلاحقة، جعلت المنظمة القارية ملزمة بتحويل وتغيير اهتماماتها التقليدية بوسط وجنوب القارة نحو منح مزيد من الاهتمام للنزاعات الدائرة شمال القارة وخاصة بجنوب المتوسط، حيث عرفت هذه المنطقة تصدعات سياسية وعسكرية خطيرة جعلت منظمة الاتحاد الأفريقي مضطرة إلى بذل جهود كبرى لإقناع دول أفريقية بآلياتها في تسوية النزاعات الدائرة، حيث كانت هذه الدول إلى الأمس القريب دول فاعلة في الإدارة والتأثير على الأزمات الأفريقية، فتحولت إلى دول أزمة تنتظر التدخل الدولي والإقليمي لحل صراعاته الداخلية، التي تحولت إلى تهديد فعلي للسلم والأمن الدوليين.
وحيث أن الاتحاد الأفريقي بصفته منظمة إقليمية هدفها الأساس تحقيق الأمن والاستقرار بمنطقة نفوذها الجغرافي، من خلال تسوية مختلف النزاعات الدائرة بالدول الأعضاء أو الدول الأعضاء فيما بينها، وفي هذا الخضم، شكل النزاع الليبي مثالا جديرا بالدراسة، عن طريق كشف الأدوار والمواقف التي اتسمت بها تدخلات منظمة الاتحاد الأفريقي في النزاع الليبي منذ اندلاعه سنة 2011.
