أمنيةسياسية

القارة الإفريقية و الحرب الروسية الأوكرانية: الخطورة والتحديات

د.مريامة بريهموش

 أستاذة محاضرة ب جامعة قسنطينة3، الجزائر.

الملخص:

تسعى هذه الورقة لدراسة التأثيرات المختلفة للحرب الروسية الأوكرانية على مختلف دول القارة الإفريقية، خاصة وأن هذه الأخيرة تعتبر من أكثر مناطق العالم هشاشة ما يجعلها حساسة جداً لكل التغيرات والتقلبات والأزمات التي تشهدها البيئة الدولية، وهذا ما حدث فعلاً مع الدول الإفريقية التي لم تكن بعيدة عن تأثيرات الحرب الروسية على أكرانيا خاصة مع وجود تعاون مع أطراف هذا النزاع سواءاً روسيا أو أوكرانيا على عدة مستويات اقتصادية، سياسية، أمنية وعسكرية، ولأن دول القارة الإفريقية تعتمد كثيراً خاصة فيما يتعلق بغذائها وسلاحها على قوى خارجية منها روسيا وأوكرانيا فقد جعلت نفسها خاضعة لمجريات هذه الحرب، مع ذلك تحاول إفريقيا أن ترسم لنفسها خطاً حذراً اتجاه هذه الأزمة المعقدة فأطرافها الذين هم أعداء اليوم بالأمس كانوا حلفاء ويجمعهم تاريخ مشترك، كما أن فرض الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على روسيا ومطالبتها دول العالم بالقيام بنفس الشيء على اعتبار روسيا قد خرقت القانون الدولي، كل هذا جعل الدول الإفريقية تلتزم الحياد في موقفها وتدعوا أطراف الأزمة إلى اللجوء إلى الحوار، كما أن روسيا بدورها قد أدركت الأهمية الاستراتيجية لإفريقيا في أزمتها الأخيرة ما جعلها تعمل على تطوير العلاقات وزيادة الاهتمام بأزمات القارة الإفريقية وذلك لضمان مساندتها لها في الأزمات و المحافل الدولية .

الكلمات المفتاحية: الحرب الروسية الأوكرانية، إفريقيا، العلاقات الروسية الإفريقية، أزمة الغذاء.

مقدمة:

لطالما كانت الحرب بين الدول حدثاً شديد الصعوبة نتيجة لتأثيراته السلبية ونتائجه المأساوية ليس فقط على أطرافها ولكن على البيئة الدولية ككل نتيجة التشابك الذي يميز وحدات النظام الدولي، وعلى هذا لا نستغرب عندما نجد أن الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا قد ألقت بظلالها على القارة الإفريقية رغم بعد المسافة بينهما، ويرجع هذا لتاريخ العلاقة بين القارة الإفريقية وطرفي الحرب، إذ عملت روسيا بشكل مطرد على توسيع نفوذها في إفريقيا على مدى العقدين الماضيين حتى اكتسبت موسكو نفوذاً في العواصم الإفريقية خاصة من خلال مبيعات الأسلحة، القمح، الحبوب وكذا الأمر بالنسبة لأوكرانيا، أتىى هذا الصراع في سياق شاق للغاية، حيث لا تزال إفريقيا تكافح لوضع اقتصادها على مسار الانتعاش، وسط ضغوط تضخمية عالمية وسياق غير مؤكد للغاية، ولاسيما البلدان الإفريقية المصدرة للطاقة التي باتت تترقب عن كثب  الفرص المتاحة من الأزمة، فإما أن تغرق في تداعياتها أو أنها تحاول الإستثمار في قدراتها لخلق اقتصاد قوي غير تابع، ومع استمرار الحرب في أوروبا يتساءل العديد من القادة السياسيين في إفريقيا عن الآثار الجيوسياسية طويلة المدى لهذه الأزمة على إفريقيا، سواء من حيث الأمن المستقبلي للمنطقة أو التنمية السياسية المستقبلية، ومن هذا المنطلق نطرح الإشكالية التالية:   كيف عمقت الحرب الروسية الأوكرانية من أزمات القارة الافريقية؟، وتندرج ضمن هذه الإشكالية مجموعة أسئلة فرعية الآتية:

-ماهي أسباب الحرب الروسية الأوكرانية؟

-ماهي طبيعة التواجد الروسي الأوكراني في إفريقيا والذي على أساسه تأثرت القارة الإفريقية بهذه الحرب؟.

-كيف يمكن للقارة الإفريقية تجاوز التأثيرات السلبية لهذه الحرب؟

وكإجابات مؤقتة عن هذه الإشكالية نضع الفرضيات التالية:

-تأثرت القارة الإفريقية بالحرب الروسية الأوكرانية نتيجة لوجود علاقات للقارة الإفريقية مع طرفي النزاع.

– الحرب الروسية الأوكرانية هي محاولة روسية لإعادة روسيا بقوة لمجالها الحيوي أيام الاتحاد السوفياتي.

-تحاول الدول الإفريقية إلتزام الحياد في مواقفها من الحرب الروسية الأوكرانية لطبيعة علاقاتها مع روسيا و الغرب.

خطة الدراسة:

أولاً-العلاقات الروسية الإفريقية: محاور متعددة.

ثانياً- تدعيات الحرب الروسية الأوكرانية على القارة الإفريقية.

ثالثاً-استراتيجيات القارة الإفريقية لتجاوز تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

أولاً-العلاقات الروسية الإفريقية: محاور متعددة:

وفقًا للدوائر الدبلوماسية في موسكو تحاول روسيا تجنب المواجهة المباشرة مع القوى العالمية الأخرى في إفريقيا كما في أوقات الحرب الباردة إنها تركز بدلاً من ذلك على المناطق والبلدان التي لم ينشط فيها الغرب ولا الصين، لأسباب ليس أقلها أن هذا سيكون أقل تكلفة، من هذا المنطلق فإنها تحرص على جعل مجالات التعاون المختلفة تتمحور حول الغذاء، السلاح، البعثات التعليمية، وقبل التطرق إلى هذه المجالات نؤكد أن العلاقات الروسية الإفريقية رغم ضعفها إلا أنها ليست حديثة فروسيا موجودة في أفريقيا منذ سنة 1950 حيث كانت أكبر داعم للدول الإفريقية المستقلة ولحركات التحرر الإفريقية المناهضة للاستعمار، إذ عملت موسكو على تقديم الدعم للمؤتمر الوطني الإفريقي ANC والحزب الشعبي لجنوب أفريقيا  SACPوالحركة الشعبية لتحرير أنغولا MPLA، وجبهة تحرير الموزمبيقFRELIMO، كما أن هذا الدعم وصل أروقة الأمم المتحدة التي اعتمدت سنة 1960،وبمبادرة من الاتحاد السوفياتي، إعلانها التاريخي المتعلق بمنح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة، بالرغم من اعتراض الدول الغربية الكبرى [1].

تذكر استراتيجية الأمن القومي اعتبارًا من عام 2021 أفريقيا في فقرتين (حول انتشار الإرهاب ودعم المؤسسات المتعددة الأطراف) في حين كانت حتى وقت قريب من عام 2014 لا تذكر إفريقيا ضمن العقيدة العسكرية الروسية على الإطلاق، بالنظر إلى المستقبل  فإن دور إفريقيا في مفهوم السياسة الخارجية لروسيا من المتوقع أن يزداد، وفقًا لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف  في مؤتمر صحفي في أوغندا في يوليو 2022 فإن الزيادة ستعزى إلى المصالح على المدى الطويل وكذلك “نتيجة لما يفعله الغرب فيما يتعلق بروسيا” .

 وقد لوحظت بالفعل دلائل على الأهمية السياسية المتزايدة لإفريقيا ففي عام 2022 لوحظ  زيادة في الزيارات رفيعة المستوى لإفريقيا منذ بدء الغزو الشامل لأوكرانيا،  حيث قام وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في شهر جوان 2022 برحلتين إلى إفريقيا وزار خمس دول إفريقية بعد بدء الغزو الشامل وهي:  الجزائر ، مصر، جمهورية الكونغو الديمقراطية، أوغندا وإثيوبيا[2].  وسوف نحاول التطرق لبعض المصالح التي على أساسها تحرص روسيا على التواجد في إفريقيا:

1-المصالح الإقتصادية:

بدأت روسيا في تنشيط علاقات الحقبة السوفيتية من خلال التركيز على العلاقات الإقتصادية في شمال إفريقيا وجنوب إفريقيا التي انضمت إلى مجموعة البريكس في عام 2008، واليوم لدى روسيا أربع بعثات تجارية في إفريقيا تتمركز في: المغرب، الجزائر، مصر و جنوب إفريقيا  وهذه البلدان الأربعة هي أكبر شركاء روسيا التجاريين في القارة وبعض أكبر شركائها الأمنيين أيضًا، حيث قامت روسيا بتوسيع تجارتها في إفريقيا بشكل كبير في العقد الماضي، هو ما أدى تضاعف حجم التجارة بين روسيا وأفريقيا منذ عام 2015 ، ويبلغ إجمالي حجمها الآن  حوالي 20 مليار دولار سنويًا.

بينما تصدر البلدان الإفريقية السلع الخام والمعادن والمنتجات الزراعية إلى روسيا، فإنها تستورد المواد الغذائية والأسمدة والمعادن والبترول والسلع النهائية والمواد الدفاعية، على المدى القريب بسبب العقوبات المتعلقة بالحرب في أوكرانيا قد تصبح روسيا أكثر اعتمادًا على الشركاء الأفارقة لتوريد السلع التي استوردتها سابقًا من الإتحاد الأوروبي[3] ، معظم هذه الإستثمارات في قطاعات الموارد الطبيعية، بما في ذلك النفط، الغاز، المعادن والفلزات، عززت موسكو أيضًا تكنولوجيا الطاقة النووية على الرغم من أنه بحلول عام 2019 كانت هناك محطة نووية واحدة فقط في مصر قيد الإنشاء، يوجد عدد من الشركات الروسية الكبيرة، مثل Alrosa و Gazprom و Lukoil و Rostec و Rosatom  في إفريقيا، كما تشارك روساتوم وهي شركة طاقة نووية في أنشطة القوة الناعمة لدعم برامج التعليم العلمي والهندسي، على عكس الشركات الغربية فإن الشركات الروسية ليست مثقلة بالقيود المفروضة على الإنخراط في ممارسات الفساد مثل: قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة للولايات المتحدة الأمريكية أو اتفاقية القانون الجنائي لمجلس أوروبا بشأن الفساد، وهو ما سهل قيام روسيا بإقامة العديد من العلاقات التجارية مع الدول الاستبدادية التي تخضع لعقوبات دولية، مثل السودان وزيمبابوي، ومع ذلك  في بعض في حالات أخرى قامت منظمات المجتمع المدني الإفريقية بالضغط على  حكوماتهم الفاسدة، كما حدث في جنوب إفريقيا عندما انهارت رئاسة زوما في عام 2018 بعد أن تورط في صفقة بقيمة 76 مليار دولار مع روساتو.

 على الرغم من هذا التوسع في العلاقات الاقتصادية، فإن روسيا لا تزال لاعب ثانوي بالمقارنة مع الصين والهند وألمانيا والولايات المتحدة، نظراً لصغر حجم وضعف الإقتصاد الروسي[4]، إذ أن العلاقات التجارية بين روسيا وإفريقيا صغيرة حسب أحدث البيانات المتاحة على قاعدة بيانات DOTS وزارة إحصاءات التجارة التابعة لصندوق النقد الدولي لعام 2020، حيث بلغت واردات روسيا من إفريقيا 13.3 مليار دولار أمريكي، في حين بلغت صادراتها إلى إفريقيا 8.1 مليار دولار، كما أن المساعدة الإنمائية لإفريقيا محدودة للغاية، وعموماً يصعب الحصول على البيانات الحديثة، نظرًا لأن روسيا ليست عضوًا في لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (DAC) ولا توجد بيانات متاحة في مبادرة شفافية المعونة الدولية(IATI).[5]

2-المصالح السياسية:

يبدو أن السياسات الروسية في القارة تفضل الإستقرار السياسي على الحكم الديمقراطي على عكس الجهات الغربية، فهي لا تقدم على سبيل المثال الدعم لمنظمات المجتمع المدني والجهود الأخرى لتعزيز الممارسات الديمقراطية على العكس من ذلك  يبدو أن استراتيجية روسيا تركز على دعم رجال السلطة الاستبداديين في دول غير مستقرة لكنها غنية بالموارد الطبيعية، أين يشعر هؤلاء الرجال الأقوياء بالقلق من “الثورات الملونة” المحتملة ويجدون صعوبة في جذب كل من مساعدات التنمية والاستثمار الأجنبي المباشر من الدول الغربية، تمكنت روسيا من ملء هذا الفراغ  من خلال تقديم المساعدة  بما في ذلك المساعدة العسكرية مقابل حصول الشركات الروسية على الموارد الطبيعية والأسواق المحلية[6].

ليس هذا وحسب، فمخاوف روسيا من العزلة الدولية والدبلوماسية تبدو أنها من الأمور التي تجعل موسكو تتجه نحو القارة السمراء لتعزيز مصالحها، فروسيا مفروض عليها نوع من العزلة من قبل الغرب والولايات المتحدة بسبب سياساتها في سوريا وأوكرانيا وجورجيا، وهو ما دفع الكرملين إلى البحث عن حلفاء جدد، ومناطق نفوذ له في منطقة الشرق الأوسط، ومنها القرن الإفريقي[7].

ترى الحكومة الروسية بأن العولمة تعني أن مكافحة القضايا العابرة للحدود – مثل الإرهاب وتهريب المخدرات والأسلحة وحالات الطوارئ الإنسانية، وكلها عوامل مزعزعة للاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي – تتطلب تعاونًا دوليًا، ومن ثم رحبت بإنشاء مجموعة الخمسة (G5) للقوة المشتركة لمنطقة الساحل في فبراير 2014.

كما عززت روسيا تعاونها مع وكالات إنفاذ القانون التي تركز على مكافحة الإرهاب ومكافحة الجريمة المنظمة ووقعت على عدد من اتفاقيات مكافحة الإرهاب، لتوفير التدريب والمشورة والأسلحة مع الدول التي تنشط فيها جماعات بوكو حرام والشباب الإسلامية[8].

3-المصالح العسكرية و الأمنية:

لعل مجال التسليح وتجارة الأسلحة والطائرات من أكثر المجالات التي تسعى روسيا للريادة بها، وبات واضحاً على السياسة الروسية كونها تستخدم العلاقات العسكرية مدخلاً أساسياً لبناء سياستها في إفريقيا، واستنادا للمعلومات الموثقة الصادرة عن مركز ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي“، فقد عادلت صادرات روسيا من الأسلحة للبلدان الإفريقية  نسبة 13%  من إجمالي صادرات السلاح الروسية للعالم الخارجي خلال عام 2017،  وما يعزز ذلك كون الجزائر تشتري نسبة لا تقل عن 80 % من مبيعات السلاح الروسي.[9]

كما أن التقاء الاستعداد الروسي لتقديم الدعم السياسي والانتخابي للقادة الاستبداديين، وانخفاض المشاركة العسكرية الأمريكية والوجود المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش) في غرب إفريقيا، جعل دول المنطقة أكثر تقبلاً لعروض موسكو للمساعدة الأمنية، أصبحت موسكو منخرطة بشكل خاص في جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث قدمت تدريبات عسكرية وزودت الحكومة بالأسلحة، وتكافح من أجل احتواء حرب أهلية. في مايو 2018، عين رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى الروسي فاليري زخاروف مستشارًا للأمن القومي للبلاد، في عام 2019سهلت اتفاقية ثنائية تم توقيعها بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وروسيا تفويض المستشارين العسكريين الروس في قواتها المسلحة[10].

كذلك هناك شكل آخر لتجارة السلاح بين روسيا وإفريقيا يتمثل في منح امتيازات التعدين للشركات الروسية كتعويض عن مبيعات الأسلحة وهو نموذج تجاري تستخدمه روسيا بشكل شائع يعود إلى حقبة الحرب الباردة على سبيل المثال في عام 2018، سمحت جمهورية إفريقيا الوسطى لروسيا باستغلال المعادن والموارد ومصادر الطاقة مقابل الأسلحة. ظلت واردات إفريقيا الإجمالية من الأسلحة الرئيسية متساوية إلى حد ما بين فترتي السنوات الخمس الممتدة من( 2012 إلى  2017 ) إلى 2021.47  حيث أصبحت روسيا أكبر مورد للأسلحة لمصر في 2017-2021 ، بسبب انخفاض الصادرات من الولايات المتحدة.

4-إنطلاق الحرب الروسية الأوكرانية:

بالرغم من كون أوكرانيا دولة مستقلة منذ 1991، إلا أن روسيا تعتبرها جزء من مجال تأثيرها. وتنتهج روسيا نسخة حديثة من سياسة بريجنيف، التي تنص على أن تكون لأوكرانيا “سيادة محدودة”، كما حصل مع وارسو عندما كانت ضمن مجال التأثير السوفيتي. بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، حافظت الدولتان على علاقات وثيقة فيما بينهما، ولم يبدأ الصراع بينهما إلا حديثاً، ويشار إلى أنه منذ الامبراطورية الروسية، كان يُطلق على أوكرانيا اسم “مالا روسيا” أي روسيا الصغيرة، أما اسم أوكرانيا، فهو من أوكرانيا Okraina (بالروسية) ويعني “الأرض الحدودية”. كما يقول المؤرخ والباحث الروسي في شؤون القوميات الدكتور بافل غوستيرين[11]، في عام 1991 حصلت أوكرانيا على استقلالها حيث قام 90 %من سكانها بالتصويت للانفصال عن الاتحاد الروسي الذي كان يجمع روسيا، روسيا البيضاء، أوكرانيا وكانت نقطة التحول بالنسبة لأوكرانيا فيما يتعلق بعلاقتها مع الغرب عام 2004 عندما قامت ثورة البرتقال والتي أدت بالإطاحة بالرئيس الأوكراني فيكتور يانكوفيتش وتولي فيكتور يوشتشينكو منصب الرئاسة حيث كان يانكوفيتش أقرب لروسيا وقادتها ويوشتشينكو أقرب للقوى الغربية، واعتبرت هذه المرحلة مرحلة جديدة من تقارب العلاقات بين أوكرانيا والاتحاد السوفييتي وحلف الناتو[12].

تقود الولايات المتحدة الأمريكية الجهود لجعل أوكرانيا حصنًا غربيًا على حدود روسيا، هذه الاستراتيجية لها ثلاثة محاور:

-دمج أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي.

-تحويل أوكرانيا إلى ديمقراطية ليبرالية موالية للغرب.

– والأهم من ذلك دمج أوكرانيا في الناتو.

تم وضع الاستراتيجية موضع التنفيذ في القمة السنوية لحلف الناتو في بوخارست في أبريل 2008، عندما أعلن الحلف أن أوكرانيا وجورجيا “ستصبحان عضوين”. رد القادة الروس على الفور بالغضب، موضحين أنهم يرون في هذا القرار تهديدًا وجوديًا، وليس لديهم نية للسماح لأي من الدولتين بالانضمام إلى الناتو[13] ، كما أن  اندلاع الثورة البرتقالية في 2004 في أوكرانيا وكذا في جورجيا وقرغيزيا بدوره أقلق روسيا التي رأت ذلك محاولة للغرب لتغيير الأنظمة الموالية لروسيا في منطقة أوراسيا، البلقان وشرق أوروبا عموماً، وهو الأمر الذي رفضه بشدة بوتين، وعلى الرغم من أن الثورة البرتقالية كانت مدفوعة بسبب المظالم الإجتماعية بالأساس والكراهية من التبعية لروسيا إلا أن روسيا نجحت في تمكين أحد الموالين لها وهو فيكتور يانوكوفيتش، وبهذا ظلت المتحكم الحقيقي في شؤون أوكرانيا من خلال حزمة من الوعود قدمتها موسكو ضغطت من خلالها على يانوكوفيتش لتشجيعه على الانضمام إلى اتحاد جمركي مع روسيا بدلاً من الإنضمام إلى الاتحاد الأوروبي[14].

وقد كان رد السلطة في كييف على هذه الثورة أن شنت قوات الأمن حملة قمع ضد الاحتجاجات فاقمت من الأزمة بدل أن تخمدها. وتم على إثرها خلع الرئيس يانوكوفيتش الموالي لروسيا من قبل البرلمان فهرب خارج البلاد في فبراير 2014، لتبدأ مع هذا صفحة جديدة في العلاقات الروسية-الأوكرانية تجاوز مداها العلاقات الثنائية لتطال علاقة روسيا بالغرب ككل.

وكرد فعل قامت روسيا في مارس 2014، بالسيطرة على شبه جزيرة القرم، بحجة حماية حقوق المواطنين من أصل روسي في شبه الجزيرة وجنوب شرق أوكرانيا، ومن ثم قامت بضمها رسمياً بعد أن صوت سكانها في استفتاء شعبي للانضمام إلى الاتحاد الروسي، وزادت الأزمة من حدة الانقسامات العرقية، فبعد شهرين أجرى الانفصاليون الموالون لروسيا في منطقتي دونيتسك ولوهانسك في شرق أوكرانيا استفتاء لإعلان الاستقلال عن أوكرانيا، واندلعت بعدها أعمال عنف بين الجيش الأوكراني والقوات الانفصالية أسفرت عن مقتل وجرح عشرات الآلاف من الأشخاص [15].

وردًّا على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، تسارعت معدلات التعاون العسكري والأمني بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، حيث تُشير بعض التقديرات إلى حصول أوكرانيا خلال الفترة من (2014 – 2021 ) على نحو5.6  مليارات دولار من الولايات المتحدة، تشمل أسلحة ومعدات تدريب للجيش، ودعم مكافحة التهديدات السيبرانية، بالإضافة إلى الدعم الاستخباراتي لمواجهة التهديدات الروسية عبر “مبادرة المساعدة الأمنية الأوكرانية”. كما أقرَّ حلف الناتو حزمة من المساعدات الشاملة لتعزيز الاستراتيجية الدفاعية والأمنية في أوكرانيا.

وأظهرت استطلاعات الرأي خلال السنوات(2015-2021)، التي أجريت داخل أوكرانيا، تنامي الاتجاهات المؤيدة للإنضمام إلى الاتحاد الأوروبي والناتو، حيث كشف استطلاع، في 17 ديسمبر/كانون الأول 2021، عن تأييد 58% من الأوكرانيين الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وتأييد 54% الإنضمام إلى الناتو، بينما أيَّد 21% فقط الإنضمام إلى الاتحاد الجمركي الأوراسي بقيادة روسيا[16].

وبناءاً على ما سبق فإن روسيا رأت في توسع حلف الناتو شرقاً تهديداً لها، وأنها لن تقبل بانضمام أوكرانيا إلى المنظومة السياسية والإقتصادية والعسكرية الغربية، وأثبتت أنها تعتبر ذلك سبباً كافياً لشن الحرب للحصول على ضمانات غربية بعدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو، ووقف التصعيد العسكري شرق أوكرانيا، و كانت روسيا قد طالبت بتوقف أوكرانيا عن محاولة استعادة السيطرة على المناطق الانفصالية المدعومة من روسيا في إقليم دونباس الذي يضم مقاطعتي دونيتسك ولو هانسك في شرق أوكرانيا، حيث يمثل ذلك خرقاً لإتفاقيتي “مينسك 1 “عام 2014، و”مينسك 2” عام 2015 اللتين تم التوصل إليهما تحت إشراف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.[17]

ثانياً- تدعيات الحرب الروسية الأوكرانية على القارة الإفريقية:

هناك إدراك لدى قطاع من الأفارقة بأن الحرب في شرق أوروبا ستشعر بها كل قرية وبلدة في الدول الإفريقية، دلالة على تأثرها بتداعيات الحرب المستمرة على مدار العام، وهي التي لم تتجاوز بعد الآثار الاقتصادية لجائحة كوفيد-19، إذ يشكل الصراع الروسي-الأوكراني تهديداً رئيسياً للاقتصاد العالمي بما في ذلك الاقتصادات الإفريقية، فقد ارتفعت أسعار القمح العالمي والزيوت والنفط الخام إلى مستويات غير مسبوقة عقب اندلاع الحرب في فبراير 2022، في الوقت الذي تعتمد فيه إفريقيا بشكل كبير على الواردات الغذائية من روسيا وأوكرانيا، حيث تعتمد على الأولى في الحصول على 30% من إمداداتها من الحبوب، فيما تعتمد إفريقيا على الواردات لتغطية 63% من احتياجاتها من القمح، ويتوقع أن تزداد هذه النسبة مع نمو سكان إفريقيا خلال السنوات المقبلة، كما يرجح أن يصل استهلاك القمح في إفريقيا إلى 76.5 مليون طن بحلول عام 2025، على أن يتم استيراد نحو 48.3 مليون طن من خارج القارة.[18] وفيما يلي أهم مظاهر تأثر القارة الافريقية :

1-التأثير على الأمن الغذائي: جعل الصراع بين روسيا وأوكرانيا القارة أكثر عرضة للتقلبات في أسعار الحبوب والأسمدة  ويقدر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) أنه بين عامي 2018 – 2020، استحوذت روسيا على 32%  من إجمالي واردات القمح إلى أفريقيا، في حين شكلت أوكرانيا 12 % من تلك الواردات، كما أن البلدان في شمال إفريقيا مثل تونس ومصر تعتمد على الواردات من البلدين،يُعتقد على نطاق واسع أن شرق إفريقيا تعتمد على واردات الحبوب من روسيا وأوكرانيا أكثر من مناطق أخرى في العالم.

ووفقًا للأونكتاد، فإن دول بوروندي وأوغندا ورواندا وتنزانيا والصومال تعتبر مصدر لأكثر  من 50% من القمح الذي يتم استيراده إلى تلك البلدان[19]،كما أن إغلاق الموانئ في البحر الأسود في بداية الصراع،  والذي تتم عبره معظم  العمليات التجارية بين روسيا وإفريقيا،  قد أضر بشدة الدول الإفريقية[20]،  مما أدى إلى ارتفاع أسعار أنواع معينة من الأسمدة بأكثر من الضعف، ووصل في النهاية إلى أعلى مستوياته على الإطلاق. حدث ذلك بالتزامن مع زيادة تكلفة الغاز الطبيعي، وكذلك مخاوف من حدوث اضطرابات في الإنتاج، النقل وفرض عقوبات. حتى قبل غزو أوكرانيا في فبراير، كانت الحكومة الروسية قد قيدت بالفعل تصدير نترات الأمونيوم، بالإضافة إلى ذلك تخطط الحكومة الصينية لحظر جميع صادرات الأسمدة بدءًا من صيف 2021 لضمان الحفاظ على الإمدادات الكافية داخل البلاد.

سبب  الغزو الروسي لأوكرانيا اضطرابات في سلاسل الإمداد الغذائي الإفريقية من خلال أربع قنوات رئيسية :

-توافر وأسعار مدخلات الإنتاج الزراعي،

-تضخم أسعار الغذاء المحلي،

-تجارةالعقوبات والتدابير المالية الأخرى،

– وأسواق الطاقة وطرق الشحن[21].

2-تفاقم حدة الصراعات الأهلية: إنعدام الأمن الغذائي، لا سيما في شكل ارتفاع أسعار المواد الغذائية ، وجد أنه يزيد من احتمالية اندلاع الاحتجاجات والنزاعات المسلحة “. وهم يجادلون بأن إحدى مجموعتي البلدان الأكثر عرضة للتأثر بانعدام الأمن الغذائي الحالي، هي أقل البلدان نمواً (LDCs) التي تعتمد بشكل كبير على المعونات الغذائية، حيث توجد معظم هذه البلدان في إفريقيا وهي في أغلبها دول الساحل، وخاصة الدول الهشة مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا وجزء من شمال نيجيريا معرضة بشكل خاص لهذه الصدمات الخارجية.

نتيجة لذلك، من المرجح أن نلاحظ ارتفاعًا في الصراع العنيف في هذه المنطقة المعقدة بالفعل، مع عدم وجود أطر أمنية إقليمية صارمة في الأفق قادرة على حل هذه التهديدات الأمنية الحالية والمحتملة، فمن المحتمل أن تنتشر آثار الصراعات وانعدام الأمن في جميع أنحاء إفريقيا[22].

وفقا  بهناسي Bahnasi والهيبة Elheeba فإنه في مجتمع معولم، قد تكون النزاعات المسلحة مصدرًا رئيسيًا لندرة الغذاء التي تؤثر على أماكن خارج ساحة المعركة، استندت حجتهم إلى حقيقة أن النزاعات المسلحة أصبحت أكثر تواتراً، فقد سلطت أزمات الغذاء في العقد الماضي الضوء على المشاكل النظامية الموجودة في مكافحة انعدام الأمن الغذائي في البيئات التي يوجد فيها صراع، في فترة العولمة ، كما جادل بهناسي والهيبة (2022) أن النزاعات المسلحة قد تكون سببًا رئيسيًا لنقص الغذاء الذي يؤثر على مناطق خارج تلك المتورطة بشكل مباشر في النزاع.

وعليه فإن الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا قد سلط الضوء على العيوب المنهجية الموجودة مسبقًا في الأمن الغذائي الدولي، بينما ساهم أيضًا في تطوير حالات جديدة من انعدام الأمن الغذائي، تجعل النزاعات من أي نوع من الصعب على الدول والأسر وحتى الأفراد تلبية متطلباتهم الغذائية[23].

4-تعطل الحرب: الواردات الحرجة: في حين أن مستوى التجارة بين القارة الإفريقية ككل وروسيا وأوكرانيا ضئيل ، تعتمد بعض الدول الإفريقية بشكل كبير على هذين البلدين للواردات الهامة، وخاصة القمح والأسمدة والصلب، حيث يمكن أن يؤثر انقطاع هذه الواردات سلبًا على البلدان الإفريقية، في عام 2021، على سبيل المثال، استوردت كينيا ما يقرب من 30% من قمحها من روسيا وأوكرانيا، سيؤثر انقطاع الإمدادات على إنتاج الخبز في كينيا، والذي أشار إيزياكونوا إلى أنه ثالث أكثر المواد الغذائية استهلاكًا في ذلك البلد، استوردت الكاميرون 44 %من أسمدتها من روسيا في عام 2021، وفي غرب إفريقيا، حيث بدأ موسم الزراعة، يخشى المحللون من أن هذا الاضطراب قد يكون له تأثير وخيم على غلاء المحاصيل ويهدد الأمن الغذائي. وبالمثل ، فإن 60 % من واردات خام الحديد والصلب في غانا تأتي من أوكرانيا نتيجة للحرب، من المرجح أن تواجه صناعة البناء في غانا تحديات كبير[24].

5-التأثير على الإستثمارات الأجنبية: ذكر سين (2022) أيضًا أن الحرب في أوكرانيا تمثل “خطرًا واضحًا وقائمًا على التعددية” نظرًا لأن مشاريع التنمية في إفريقيا تتأخر أو تلغى نتيجة للصراع، بعد كل شيء، فإن التكاليف المتزايدة للمشاريع تثبط عزيمة بعض شركاء التنمية، بينما يفكر شركاء آخرون في إعادة توجيه الأموال لمواجهة الكارثة الإنسانية التي سببتها الحرب في أوروبا، وأشار سين إلى أن المشروعات الكبرى في إفريقيا إما تم تأجيلها أو إلغاؤها تمامًا لأن بعض شركاء التنمية لا يشجعهم ارتفاع أسعار المشروعات، وهناك شواهد تشير إلى أن الدعم المالي لتحسين إفريقيا قد يتراجع[25].

6-التأثير على الإيرادات الحكومية: أدى مزيج من الوباء والحرب في أوكرانيا إلى خفض عائدات التجارة والضرائب للحكومات في جميع أنحاء إفريقيا، حتى مع إجبار البلدان على الإنفاق على شبكات الأمان الاجتماعي. قال إيزياكونوا: “يُطلب من البلدان أن تنفق أكثر مع دخول أقل”، مضيفًا أن “الاستجابات المالية والنقدية لبلدان إفريقيا جنوب الصحراء زادت المديونية العامة في جميع أنحاء إفريقيا”، وفي الوقت نفسه ، أدى خفض التصنيف الائتماني إلى زيادة تكاليف الاقتراض بالنسبة للبلدان الإفريقية. وقال إيزياكونوا أن أبحاث برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تظهر أن “التصنيفات الائتمانية المنحازة قد كلفت ست دول إفريقية 13 مليار دولار من مدفوعات أسعار الفائدة الإضافية”، مضيفًا: “تقترض إفريقيا بتكلفة أعلى بكثير من بقية العالم”، قال إزياكونوا أن أحد “أكثر الآثار الضارة” للحرب في أوكرانيا هو “التضخم المستورد”. واستشهدت بأمثلة من تنزانيا، حيث ارتفع معدل التضخم الإجمالي بنسبة 34٪ بين فبراير وأبريل. ناميبيا ، حيث ارتفعت تكاليف النقل بنسبة 20 %بين شهري مارس وأبريل، الكاميرون أيضاً حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 26% بين شهري فيفري وماي.[26]

7-الأثر على النمو الاقتصادي: يمكن أن تتسبب الأزمة الأوكرانية في خفض النمو الإقتصادي للقارة الذي كان من المفترض أن يرتفع قليلًا هذا العام بعد “كوفيد-19” ويصل إلى 3.7 وسيناهز نمو الصادرات 4% وليس 8.3% كما كان متوقعًا[27].

8-تجارة السلاح بين التراجع و الانتعاش: عملت روسيا بشكل مطرد على توسيع نفوذها في إفريقيا على مدى العقدين الماضيين، حتى اكتسبت نفوذاً في العواصم الإفريقية جزئياً من خلال مبيعات الأسلحة. لأنها مورِّدً مهمً للأسلحة خلال الحرب الباردة حتى أنه في الوقت الحالي، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SPIRI) ، يأتي 49%  من إجمالي الأسلحة المستوردة إلى إفريقيا من موسكو (مع حصة الأسد تذهب إلى الجزائر ومصر والسودان وأنغولا).

حصلت 21 دولة إفريقية على أسلحة روسية، تمامًا كما كان المرتزقة الروس، الذين توظفهم مجموعة فاغنر، ناشطين في النزاعات في ليبيا وموزمبيق وجمهورية إفريقيا الوسطى ومالي بالمناسبة، أوكرانيا هي واحدة من أكبر المصدرين للسلاح على مستوى العالم، ونسبة كبيرة من الأسلحة الأوكرانية تذهب إلى أفريقيا. يقدر SPIRI أن 20% من صادرات الأسلحة الأوكرانية بين عامي 2005 – 2009 ذهبت إلى الدول الإفريقية ، وتحديداً كينيا وتشاد ونيجيريا وغينيا الاستوائية وجمهورية الكونغو الديمقراطية.[28] سوف تؤدي تطورات الأزمة الأوكرانية الحالية إلى زيادة التسابق الدولي على القارة الإفريقية لا سيما منطقة القرن الإفريقي؛ لأن اهتمام روسيا بتلك المنطقة لا يتوقف فقط على البعد الاقتصادي وأنها تعد سوقًا واعدة لبيع السلاح، بل يتسع اهتمامها ليشمل البعد الأمني الناجم عن حرصها على زيادة وجودها على سواحل البحر الأحمر والمحيط الهندي وبحر العرب، وتقوية نفوذها في تلك المناطق؛ وبِناءًا على ذلك ستشمل تحركاتها السودان وإثيوبيا ونيجيريا وإريتريا والصومال وغيرهم من البلدان، وسوف تسعى جاهدة لإنشاء قواعد عسكرية لها في العديد من البلدان الإفريقية؛ وكل هذه التحركات تهدف موسكو من ورائها عدم محاصرتها بواسطة التحالف الأمريكي.

9-الأثر على المساعدات: تقدم روسيا مساعدات لإفريقيا بحوالي 400 مليون دولار سنويًا، يتم توزيع نحو 60% منها عبر منظماتٍ دولية، مثل: برنامج الغذاء العالمي، ووكالة الأمم المتحدة للاجئين، وفي ظل التوترات الحالية بين روسيا وأوروبا والولايات المتحدة، على خلفية الأزمة الأوكرانية، قد تتأثر هذه المساعدات في الحجم وقنوات التوزيع.

10-الأثر على السياحة الإفريقية:  ألقت الأزمة الروسية الأوكرانية بظلالها على قطاع السياحة الإفريقي، الذي لا يزال يتعافى من تداعيات أزمة كوفيد-19، حيث تأتي اثنتان من الدول الإفريقية ضمن قائمة الوجهات العشر الأكثر جذبًا للسياح الروس في العالم، وهما سيشل ومصر، ويمثل السياح الروس 16% من إجمالي السائحين في سيشل، و7% من إجمالي السائحين في مصر، إلى جانب نسب متفاوتة من السائحين الروس في كل من تونس والمغرب وتنزانيا وموريشيوس.

وفي ظل الأزمة الحالية، توقفت حركة السياحة من وإلى الدولتين، وتم إلغاء كل حجوزات الرحلات الجوية تقريبًا خلال الفترة من مارس إلى مايو 2022، بعد أن كانت هذه الحجوزات قد شهدت تعافيًا بنسبة 275% في سيشل، و216% في مصر عن الفترة نفسها في 2020.

وبالنسبة لدولة مثل سيشل سيكون لذلك الأمر عواقب وخيمة على اقتصادها المعتمد على السياحة، إلى جانب ذلك من المحتمل أن تؤدي موجات ارتفاع الأسعار في العالم إلى انخفاض السياحة العالمية بسبب ارتفاع التكاليف، وبالتالي لمزيد من الإنخفاض في تدفقات النقد الأجنبي للدول الإفريقية[29].

11-طبيعـة التحالفـات القائمة: أشـارت بعـض التقديـرات إلى أن الحـرب الراهنـة في أوكرانيـا وتصاعـد حـدة التوتـرات بـن روسـيا مـن ناحيـة والولايات المتحدة والغـرب مـن ناحيـة أخـرى، سـتمثل اختبـاراً مهمـاً لشـبكة التحالفـات الراهنـة في القـارة الإفريقية، خاصـة في ظـل النفـوذ المتصاعد لموسكو، تعمــد أطــراف الـصـراع الراهــن للضغـط عـلى الـدول الإفريقية لتحديـد موقـف واضـح إزاء الأزمة، غـير أنـه نظـراً لأن هنـاك تقديـرات أمريكيـة عديـدة رجحــت وجــود استراتيجية أمريكيــة تســتهدف تقليــص الوجــود الأمريـكـي في القــارة الأفريقية بنحــو %خــلال الفــترة المقبلــة، بــل أن هنــاك تقاريــر غربيــة توقعــت أن تقــوم واشــنطن بســحب وحــدات مكافحــة الإرهاب في كافــة القـارة الأفريقية، فـإن هـذا الأمر قـد يفتـح المجال أمــام توســيع النفــوذ الروسي وفي هــذا الســياق، ربطــت بعــض التقاريــر الزيــارة التــي قــام بهــا نائــب رئيــس مجلــس الســيادة السوداني، محمــد حمــدان دقلــو إلى موســكو بعــد بــدء الحــرب أنهــا عكســت دعــماً ضمنيــاً ســودانياً للموقــف الــروسي.

12-انعكاســات أمنيــة محتملــة: أشــارت بعــض التقديــرات إلى أن الحـرب سـتؤثر كثـيراً علـى مـدى الاهتمام الدولي بالأوضاع الأمنية في القـارة الإفريقية، مـع تصاعـد احتمالات أن تؤثـر هـذه الأزمة عـلى حجـم التمويل والمساعدات الغربيـة التـي يتـم بهـا دعـم عمليـات مكافحـة الإرهاب، خاصــة في منطقــة الســاحل والصحــراء، وهــو مــا يمثــل تهديــداً لعمليات الدعــم العسـكري للقـوى الدوليـة في القـارة وجهـود حفـظ السـلام في إفريقيــا.

ومــن ناحيــة أخــرى، أشــارت بعــض التقاريــر الغربيــة إلى أن الأيام الأخيرة قــد شــهدت انســحاب العــشرات مــن عناصر شركـة فاجـر الروسـية شـبه العسـكرية مـن القـارة الإفريقية، مـن أجـل إرسـالهم إلى أوروبـا الشرقية، في ظـل التحــركات الروســية في أوكرانيــا، وهــو مــا أشــارت إليــه بعـض التقديـرات في إفريقيـا الوسـطى، حيـث أملحـت إلى أن هنــاك عــدداً غيــر مســبوق مــن عناصر فاجـر الروسـية قـد غـادر بانغـي خـال الفـترة الأخيرة، كـما يســتعد المزيــد منهــم للمغــادرة. وعـلى الرغـم مـن عـدم ترجيـح أن تغـادر كافـة عناصر فاجــر ، وأن موســكو لــن تتخلى عــن حضورهـا المتزايد في إفريقيـا، إلا أن هذا الانخفاض سيضعف الحكومــات الإفريقية في مواجهــة الجماعات الإرهابية[30].

13-الاستفادة الإفريقية من الحرب: احتدم التنافس الدولي على إفريقيا بشكل أوسع منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية خاصة بين الدول الغربية وروسيا، مما دفع الطرفين إلى محاولة استمالة الدول الإفريقية التي وجدت في ذلك فرصة جيدة لاستقبال المزيد من المساعدات الإقتصادية والتنموية والقروض في مقابل تبني موقف مؤيد لأحد الطرفين في الأمم المتحدة، وهو ما ظهر في تقديم واشنطن نحو 65 مليار دولار لإفريقيا في ديسمبر الماضي في شكل مشروعات ومساعدات اقتصادية وتنموية وغيرها، شملت جولات بعض المسئولين الغربيين للقارة مزيجاً من الضغوط والمحفزات في سبيل خلق حالة من الاصطفاف الإقليمي للحكومات الإفريقية وراء كل طرف بهدف تعزيز موقفه في ساحة الأمم المتحدة، وكذلك أمام الرأي العام العالمي، وهو ما برز في زيارة وزير خارجية أوكرانيا لإفريقيا والأولى من نوعها في أكتوبر 2022 والتي شملت دول السنغال وكوت ديفوار وغانا وكينيا، حيث لمح لإمكانية توريد المزيد من الحبوب والقمح إلى الدول الإفريقية في محاولة لاستمالتها، كما انعكس التحول الدولي للاعتماد على النفط الإفريقي بديلاً عن الغاز الروسي منذ اندلاع الحرب في شرق أوروبا وتداعياتها على ارتفاع أسعار النفط على زيادة مداخيل الإيرادات المالية للدول الإفريقية النفطية. فقد أتاحت الحرب في شرق إفريقيا الفرصة لمنتجي النفط الأفارقة مثل نيجيريا وأنجولا وليبيا والجزائر للاستفادة من عائدات الصادرات النفطية لأوروبا، فعلى سبيل المثال، تمثل صادرات النفط والغاز 90% من عائدات النقد الأجنبي.

وتبارى الطرفان في المسارعة نحو إفريقيا لضمان حشد إفريقي مؤيد لهما، بدءاً من الجولات الإفريقية لكبار المسئولين الغربيين والأمريكيين والروس وصولاً إلى عقد القمم مع الأفارقة، في محاولة لتغيير المزاج الإفريقي الرسمي والشعبي تجاه الحرب الروسية لصالح أي من الطرفين واستقطاب الأصوات المؤيدة في المحافل الدولية.

فقد أجرى سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي ثلاث جولات إفريقية منذ اندلاع الحرب في يوليو 2022 ويناير 2023 وفبراير 2023 والتي شملت دول مصر والكونغو وأوغندا وإثيوبيا وإريتريا وأنجولا وجنوب إفريقيا ومملكة سواتيني والسودان ومالي وموريتانيا. في حين زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إفريقيا في يوليو 2022 والتي شملت دول الكاميرون وبنين وغينيا بيساو والجزائر. وأعقبها زيارة أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي، في أغسطس 2022، إلى دول جنوب إفريقيا والكونغو الديمقراطية ورواندا، وذلك قبل أشهر قليلة من انطلاق القمة الأمريكية-الإفريقية التي استضافتها واشنطن في ديسمبر 2022 بمشاركة نحو 49 دولة أفريقية لبحث الشراكات والقضايا المشتركة بين الطرفين. إضافة إلى جولة وزير الخارجية الصيني تشين جانغ في القارة في يناير 2023 والتي شملت دول مصر وإثيوبيا وأنجولا والجابون وبنين.[31]

ثالثاً-استراتيجيات القارة الإفريقية لتجاوز  تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية:

1-بناء نظام غذائي مرن يمكنه تلبية احتياجات السكان المتزايدين في السنوات القادمة، تتمتع البلدان الإفريقية بوصول غير محدود إلى الموارد الطبيعية، بما في ذلك الأراضي الصالحة للزراعة للأغراض الزراعية. من خلال الاستفادة بنجاح من الفرص الاقتصادية المحتملة التي تأتي مع زراعة الأغذية للاستهلاك المحلي وتصدير ما تبقى، يمكن للبلدان الإفريقية تعزيز موقعها على المسرح الدولي. ومع ذلك، يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الرؤية يمكن ترجمتها إلى واقع عملي أم لا[32].

2-تحتاج إفريقيا إلى الاستفادة من التقنيات الرقمية، والدعوة إلى المنافسة الحرة والعادلة على نطاق عالمي.. ليس من رد الفعل المناسب التركيز على إيجاد إجابات على المدى القصير، لم تكن الاستجابة الحالية للتضخم الناجم عن الزيادات في تكلفة الغذاء والبنزين كافية لمنع التداعيات على المدى الطويل، تستعد العديد من الدول التي لديها طاقة فائضة لزيادة إنتاجها من النفط والغاز لتعويض النقص في السوق، من ناحية أخرى فإن التفكير الذي يركز على المدى القصير هو السائد، وهناك اعتماد مفرط على أدوات السياسة النقدية مثل زيادة أسعار الفائدة، التخفيف المؤقت الذي سينتج عن القرار الذي اتخذته العديد من الدول بوقف صادرات الغذاء سيكون مؤقتًا فقط،  فهو لا يأخذ بعين الاعتبار علاقة الإعتماد المتبادل الموجودة بين اقتصادنا ومستقبلنا المشترك، نتيجة للارتفاع الهائل في تكلفة الواردات، لن يتمكن كل من المستهلكين والشركات المنتجة للسلع من الحصول على أي سلع أو مدخلات من بلدان أخرى. من خلال إعطاء الأولوية للتحول الهيكلي الأخضر والشامل والمرن، يمكننا ضمان عدم تخلف أحد عن الركب وأن إفريقيا مستعدة بشكل أفضل للأزمة المقبلة، يمكن تحقيق ذلك من خلال معالجة الأسباب الهيكلية[33].

3-يجب على الحكومات الإفريقية التركيز على تعزيز التجارة بين البلدان الإفريقية: وكذا على تطوير صناعاتها المحلية أولاً من أجل تحقيق الإكتفاء الذاتي مع تحسين منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA).[34] .دخلت منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA) ، التي تم توقيعها في مارس 2018، حيز التنفيذ في 1 يناير 2021، وصف كارسون منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية بأنها ربما أهم اتفاقية لعموم إفريقيا في العقد الماضي، وقال “لديها آفاق وإمكانيات لتحويل العلاقات الاقتصادية في جميع أنحاء القارة وتحويل العلاقات الاقتصادية والتجارية لأفريقيا مع العالم” .

وقالت إيزياكونوا Izayakena  أن منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية توفر إطارًا مثاليًا لأفريقيا لترشيد ومواءمة التعريفات، والقضاء على الحواجز غير الجمركية المستمرة، وإعطاء الأولوية للتدفق غير المقيد للتجارة والأشخاص بين البلدان الإفريقية، وقالت أنه يمكن أن ينتشل حوالي 30 مليون إفريقي من الفقر المدقع ، ويزيد الدخل بمقدار 450 مليار دولار وأكثر من ضعف حجم السوق الإفريقية الموحدة إلى 6.7 تريليون دولار بحلول العقد المقبل، مضيفة أنه يجب على العالم أن يتجمع خلف منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، وقال كارسون أن الولايات المتحدة يمكن أن تدعم منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية مثلما دعمت الاتحاد الأوروبي ، أكبر منطقة سوق منفردة في العالم[35].

4-استثمار باستمرار في المرونة، تحدث إزياكونوا عن الحاجة إلى “إثبات الصدمة” للتنمية والديمقراطية، في إشارة إلى أن التنمية ليست عملية خطية وأن الصدمات المختلفة يمكن أن تعكس المكاسب ، قال “التقدم بدون المرونة ليس مستدامًا”. يمكن تحقيق المرونة من خلال المبادرات التي تمكن إفريقيا من الاستفادة الكاملة من ثرواتها من الموارد الطبيعية، والاستفادة من آليات التمويل الصديقة للكوكب والتركيز على الاستثمار الحساس لمخاطر المناخ، وقال إيزياكونوا أن إفريقيا وشركائها في التنمية بحاجة إلى الاستثمار في الأمن الغذائي والوقود، وزيادة القدرة الإنتاجية، وزيادة القيمة المضافة للصناعات التحويلية والصادرات.

-إعادة صياغة تمويل التنمية وإعادة التفكير في هيكل التمويل العالمي،  وقالت  أيضاً أنه :”يجب أن يبدأ هذا من خلال تعزيز تعبئة الموارد المحلية”، وذلك حتى تتمكن إفريقيا من الاحتفاظ بحصة أكبر من قيمة مواردها المعدنية والزراعية والبشرية الاستراتيجية، يمكن تحقيق ذلك عن طريق خفض ما يقرب من 90 مليار دولار من التدفقات غير المشروعة من القارة من خلال تحسين الجهود الضريبية في إفريقيا، ورفع متوسط ​​الضرائب إلى نسب الناتج المحلي الإجمالي من 17.5 %الحالية إلى 24 %وإلغاء الإعفاءات الضريبية غير الضرورية.[36]

الخاتمة:

 لا يزال تأثير الحرب الروسية- الاوكرانية غير مؤكد إلى حد كبير، حيث يتوقف على طول مدتها وما يحدث من عقوبات عالمية وحروب عملة ومقاطعات . لكن التأثير المحتمل على ما يبدو هو تأثير تضخمي إلى حد كبير على معظم الدول الافريقية، والذي بدوره يؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي والفقر والبطالة وأزمة الغذاء، وهو ما يزعزع استقرار الأنظمة السياسية التي هي أصلا أنظمة هشة، غير قادرة على تجاوز أزماتها الداخلية فمابالك بالتأثيرات الخارجية للأزمات والحروب، ولكن هذا لايعني أن إفريقيا لايمكن أن تجعل نفسها أقوى وتتخلص من الآثار السلبية لهذه الحرب إذا تمكنت من أن تفك تبعيتها للقوى الكبرى الخارجية التي اعتادت استغلال الشعوب وذلك من خلال القيام ببعض الإصلاحات الجدرية من خلال تطوير إطار تمويل شامل يستفيد من جميع مصادر التمويل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وأجندة 2063، دعم الأمن الغذائي والسياسات الغذائية المستدامة من خلال زيادة الاستثمار في الزراعة وطرق أخرى لزيادة الإنتاجية الزراعية وتقليل استهلاك المياه، وتبقى الأهم إعادة صياغة العقد الاجتماعي بين الحكومات ومواطنيها وتعزيز منصات الحوار الاجتماعي على المستويين المحلي والوطني .

توصيات الدراسة:

–توصلنا في بحثنا إلى أن أكثر مظاهر تأثر القارة الافريقية بالحرب الروسية الأوكرانية هوحول مسألة توفر الغذاء، القمح كمنتوجات رئيسية يتم استيرادها من روسيا، وعليه لابد أن ينتقل الأفارقة من السعي إلى تحقيق الأمن الغذائي إلى تحقيق السيادة الغذائية لأن هذا الأخيرة تكون بالاعتماد على القدرات الذاتية وليس الاستيراد مثل الأمن الغذائي حتى لا تكون القارة رهينة الأزمات الدولية.

-إعادة تكوين الجيوش الإفريقية حتى لا تكون بحاجة لفرق مرتزقة أجنبية أو شركات أمنية خاصة تجعلها دائما في حالة إنكشاف أمني على الدول الأجنبية.

-وضع منظمة الأمم المتحدة في مكانها الصحيح في المجتمع الدولي حتى تتمكن من الوقوف في وجه أي اعتداء على دولة عضو فيها، إذن لابد من ان تتوقف هذه الحرب لان فيها خرق للقانون الدولي.


الهوامش:

هشام صميض، “روسيا والعودة إلى أفريقيا: المحددات والأبعاد”، منشورات مؤسسة خالد احلسن مركز الدراسات والأبحاث، المغرب، العدد 7، ص2[1]

[2] Karolina Lindén, Russia’s relations with Africa Small, military-oriented and with destabilising effects, Swedish Defence Research Agency, 0 Stockholm, January 2023, p3.

[3] Sarah Daly, Russia’S InfLluence In Africa, A Security Persepective, Atlantic Council , Washington, 2023,p8.

[4]  Agnieszka Paczyńska, Russia in Africa: Is Great Power Competition Returning to the Continent?, Briefing Paper, German Institute of Development and Sustainability,2020,p2.

[5]  Karolina Lindén, op.cite, p4.

[6]  Agnieszka Paczyńska, Russia in Africa: Is Great Power Competition Returning to the Continent?, Briefing Paper, German Institute of Development and Sustainability,2020,p2.

القرارات الروسية في إفريقيا قراءات وتوقعات مستقبلية، مركز سمنت للدراسات، 2019، ص5، تاريخ التصفح 01 أفريل 2023، من الموقع:

                                                                                                                          https://urlz.fr/lXF0  لمصالح-الروسية-في-إفريقيا..-قراءات-وتوقعات-مستقبلية

[8] – Agnieszka Paczyńska, op.cite,p3

القرارات الروسية في إفريقيا قراءات وتوقعات مستقبلية، مرجع سابق، ص 6. -[9]

[10] Agnieszka Paczyńska, op.cite,p3

[11] حسين موسى، الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية والجيوسياسية، المركز العربي للبحوث و الدراسات، تم التصفح 05 أفريل، 2023، من الموقع: https://urlz.fr/lXEo

[12]وعد المعايطة، “تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية على القارة الإفريقية”، المجلة العربية للنشر العلمي، الاردن، مركز البحث وتطوير الموارد البشرية، العدد 46، 2022، ص49.

[13] John J. Mearsheimer , The Causes and Consequences of the Ukraine War, du site:

https://urlz.fr/lXEv.

[14] أحمد امين وآخرون، الأزمة الأوكرانية وتداعياتها على مستقبل النسق الدولي، تحرير: أحمد خليفة، ط1، برلين، المركز الديمقراطي العربي، 2022، ص 7.

[15] محمد أبوغزله، التداعيات الجيواستراتيجية للأزمة الأوكرانية على أوروبا، تريندز للبحوث والاستشارات،2022، تاريخ التصفح 20/03/2023، من الموقع: https://urlz.fr/lXEy

[16] عصام عبد الشافي، الحرب الروسية-الأوكرانية ومستقبل النظام الدولي، مجلة لباب، قطر، مركز الجزيرة للدراسات، العدد 14، 2022، ص108.

[17]  اسامة فاروق مخيمر، تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على الأمن الأوروبي: دراسة للتغيرات في مفهوم وقضايا الأمن بعد الحرب الباردة، مجلة كلية السياسة والاقتصاد، مصر، كلية السياسة و الاقتصاد، يناير 2023، ص15.

[18]  أحمد عسكر، حسابات أفريقيا بعد عام من الحرب الروسية-الأوكرانية، في ملف عام على الحرب الروسية-الأوكرانية: تحولات ومسارات، مصر، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فيفري 2023، ص30.

[19] Mhlanga, David and Ndhlovu, Emmanuel, The Implications of the Russia-Ukraine War on Sustainable Development Goals in Africa (September 22, 2022). Available at SSRN: https://ssrn.com/abstract=4226510 or http://dx.doi.org/10.2139/ssrn.4226510

[20] Vamo Sako, The Ukraine Crisis and Its Impact on Africa’s Geopolitics: What Do We Know So Far?,2022: du site:

https://urlz.fr/lXEK

[21]  Mhlanga, David and Ndhlovu, Emmanuel, op.cit.

[22]  Vamo Sako, op.cit.

[23]  Mhlanga, David and Ndhlovu, Emmanuel, op.cit.

[24]  Ashish Kumar Sen, Russia’s War in Ukraine Is Taking a Toll on Africa,2022, du site:

https://www.usip.org/publications/2022/06/russias-war-ukraine-taking-toll-africa

[25]  Mhlanga, David and Ndhlovu, Emmanuel, op.cit.

[26]  Ashish Kumar Sen, op,cit.

[27] الآثار الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية على الدول الإفريقية: التهديدات والفرص، منتدى دراية المنتدى الاستراتيجي للسياسة العامة ودراسات التنمية، سبتمبر 2022، تاريخ التصفح 15 فيفري 2023، من الموقع:

https://urlz.fr/lXEO   2022/09/18 لآثار-الاقتصادية-للأزمة-الروسية-الأ/

[28]– Hisham Aidi, The Russia-Ukraine War: Implications for Africa, Policy Brief, – N° 22/22 – March 2022,p4.

[29] الآثار الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية على الدول الإفريقية: التهديدات والفرص، مرجع سابق.

[30]  ترقب حذر: “انعكاسات الأزمة الروسية – الأوكرانية على القارة الأفريقية”، الامارات، المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد 1478، 2022، ص3.

– أحمد عسكر، مرجع سابق،  [31]

[32]  Sophie Gai e Maria Angela Maina, Impact of the Russia-Ukraine Conflict on Kenya and the rest of Africa, economia, 2022, du site: https://urlz.fr/lXER.

[33] Mhlanga, David and Ndhlovu, Emmanuel, op.cit.

[34] Sophie Gai e Maria Angela Maina,op, cit.

[35]Sophie Gai e Maria Angela Maina,op, cit.

 

Admin

مركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية: مؤسسة فكر وتخطيط استراتيجي تقوم على إعداد التقديرات وتقديم الاستشارات وإدارة المشروعات البحثية حول المتوسط وتفاعلاته الإقليمية والدولية. لا يتبنى المركز أية توجهات مؤسسية حول كل القضايا محل الاهتمام، والآراء المنشورة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المركز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى