أمنية

الأزمة الليبية وتأثيراتها على أمن دول الجوار

د سليم بوسكين

جامعة الجزائر 3- الجزائر

أ  أنغام عادل حبيب

جامعة النهرين- العراق

الملخص:

تتناول هذه الورقة البحثية تحليل مختلف  تأثيرات الأزمة الليبية على أمن دور الجوار، حيث أدى إنهيار النظام السياسي الليبي سنة 2011، والانتفاضة الشعبية ضد حكم القذافي والتي أخذت مسار عنف مسلح فيما بعد،إلى انعكاسات سلبية أثرت على أمن دول الجوار خاصة في ظل التدخلات الأجنبية والتواجد العسكري لبعض القوى الإقليمية والدولية، وتعارض وتضارب مصالح الأطراف الداخلية والخارجية، وهو ما عقد تسوية هذا النزاع الممتد. فقد تأثرت دول الساحل الإفريقي والدول العربية المجاورة كمصر وتونس والجزائر  من تهديدات وتحديات أمنية في غاية الخطورة كانتشار السلاح ونشاط الجماعات المسلحة والإرهابية، والتدخلات الخارجية في المنطقة، إضافة إلى التهديدات اللاتماثلية كالهجرة والجريمة المنظمة وغيرها. ولا تزال الأزمة الليبية عصية عن التسوية، وهو ما يؤشر على بقاء أمن دول الجوار والأمن الإقليمي للمنطقة تحت التهديد في المستقبل القريب والمتوسط.

الكلمات المفتاحية: الأزمة الليبية، دول الجوار، الساحل الإفريقي، التهديدات، الهشاشة الأمنية، الحدود.

مقدمة:

تشكل الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا بؤرة توتر  ولا تزال تلقي بظلالها على دول الجوار، فمنذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في فيفري 2011 في إطار موجة ما عرف بالربيع العربي، ومع سقوط نظام القذافي والتدخل الخارجي والانقسامات الداخلية، أصبحت ليبيا أمام معضلة أمنية وسياسية داخلية، لها تأثيرات سلبية على الأمن الإقليمي، بحكم الجوار الجغرافي الذي لا ينفصل عن العوامل والمحددات السياسية والاجتماعية والثقافية، لاسيما مع الدول العربية ودول الساحل الإفريقي. فهذه الأخيرة هي الأخرى تعاني من هشاشة أمنية وضعف تنموي وعدم استقرار سياسي وانتشار الجماعات المسلحة الإرهابية كما أنها أكثر المناطق التي تعاني من الإنقسامات الإثنية والعرقية، وبالتالي فإن فتح ليبيا لباب عدم الاستقرار أصبح يغذي أزمات هذه الدول، فانتشار السلاح الليبي قوى من شوكة الجماعات الإرهابية والقوى الانفصالية كالأزواد في مالي، والمليشيات في السودان التي باتت تستفيد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من فوضى انتشار السلاح الليبي في المنطقة بعد سقوط نظام القذافي.

وتتداخل عوامل الأزمة في ليبيا بين المعطيات الداخلية والتدخلات الخارجية، وهوما انعكس على جهود التسوية، بحيث أن معادلة الحل في ليبيا تفرض مراعاة هذه التوازنات الداخلية للقوى والفواعل الليبية والقوى الخارجية، مما صعب عملية ايجاد الحلول في ظل هذه التناقضات.

إشكالية الدراسة:

في ظل استعصاء المشهد الأزموي الليبي عن الحل والتسوية السلمية والخروج من حالة اللااستقرار السياسي والأمني، يمكن طرح الإشكالية الآتية: إلى أي مدى تؤثر الأزمة الليبية على أمن دول الجوار ؟

التساؤلات الفرعية:

-ما هي مشاهد تطور الأزمة الليبية؟

-ماهي أطراف الأزمة  الليبية الداخلية والخارجية؟

-فيما تتمثل التداعيات الأمنية والسياسية للأزمة الليبية على أمن دول الجوار؟

-ما مستقبل الأزمة الليبية؟

لفحص ودراسة هذه الإشكالية المطروحة، ننطلق من الفرضية الآتية:

-كلما استعصى حل الأزمة الليبية وعجزت جهود التسوية، كلما زادت حدة التأثيرات السلبية على أمن دول الجوار الليبي.

منهجية الدراسة: وظفنا مقاربة منهجية مركبة من المناهج والمقاربات النظرية التالية:

-المنهج التاريخي: استخدم في البحث لتتبع أهم تطورات الأزمة الليبية منذ اندلاعها سنة 2011 لغاية جوان 2023 (تاريخ البحث) من خلال تفكيك مسار الأحداث واستخلاص تأثيراتها الأمنية على الأمن الإقليمي في المنطقة.

-نظرية مركب الأمن الإقليمي (The Complex Regional Security): وهي مقاربة نظرية طرحها الأستاذ باري بوزان (Barry Buzan)، والتي تقتضي وجود مجموعة دول تشترك في وحدة التهديدات والتحديات الأمنية كما تستوجب التنسيق والتعاون المشترك في وضع آليات واستراتيجيات لمواجهة التحديات والتهديدات، وهو ما تقتضيه الضرورة في الأزمة الليبية بحيث أن الأزمة في ليبيا شكلت تهديداً وخطراً على أمن دول الجوار، مما يستدعي التعاون والتنسيق فيما بين دول الإقليم لتسوية الأزمة.

أولاً- تطورات الأزمة الليبية منذ 2011:

يتناول هذا المحور أسباب وخلفيات الأزمة الليبية الداخلية والخارجية، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، إضافة إلى رصد تطورات المشهد الليبي منذ 2011، وأهم القوى الفاعلة والمؤثرة في الأزمة الليبية .

1- خلفيات الأزمة الليبية:

قبل الخوض في تطورات المشهد الليبي لابد من الإحاطة قليلاً بخلفيات الأزمة في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، والمتمثلة مايلي:

أ-سياسياً، غياب مؤسسات سياسية حقيقية قوية للدولة خلال فترة حكم معمر القذافي الذي حكم ليبيا لمدة 42 سنة (1969-2011)، والذي عمد على إضعاف مؤسسات الدولة الليبية وإقصاءها، ونفس الأمر فعله مع الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، ففي “الكتاب الأخضر” يرفض القذافي الأحزاب السياسية، ويرى أن الشعب يمارس سلطته عن طرق اللجان الشعبية والمؤتمرات الشعبية، والنقابات والاتحادات والروابط المهنية[1]، وكان حكمه أشبه ما يكون بحكم الفرد وعائلته وإشراك قبيلته، وهو ما انعكس سلباًعلى بناء مجتمع حديث ومؤسسات سياسية قوية ذات تقاليد وممارسات ديمقراطية.

ب-التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي الليبي، بحيث أن هناك أطراف دولية وإقليمية كثيرة أثرت ولا تزال تؤثر في المشهد السياسي والأمني الليبي، وتعتبر من بين معيقات جهود التسوية بين الفرقاء الليبين.

ج-تزايد دور البعد القبلي والعشائري في المشهد السياسي الليبي في فترة حكم القذافي، بحيث انخرطت القبيلة في السياسية وفي العمل المسلح، على حساب المؤسسات السياسية الحديثة[2].

د-تكدس السلاح وانتشاره في أنحاء البلاد وهو ما أدى إلى نشأة عدة تنظيمات وجماعات مسلحة ذات ولاءات مختلفة.

2- تطور أحداث الأزمة في ليبيا:

بدأت المظاهرات في ليبيا  منتصف فيفري 2011 في مدينة بنغازي، ثم انتقلت إلى العاصمة طرابلس ومنها إلى بقية المدن الأخرى، وكان رد فعل نظام القذافي تجاه المتظاهرين هو استعمال العنف، وهو ما أدى إلى سقوط عدة ضحايا، قابله عنف مضاد من المتظاهرين خاصة في ظل تركيبة المجتمع الليبي القبلية وانتشار السلاح وهو عامل ساهم في ظهور الجماعات المسلحة والتي باتت تعرف فيما بعد بـــــــــــــ”الثوار”.

ولقيت الجماعات المسلحة الليبية دعماً من أطراف خارجية بعضها كان في عداء مع القذافي والبعض الآخر له حسابات لما بعد القذافي، وكان تدخل قوات حلف الناتو بعد قرار مجلس الأمن دوراً كبيراً في مقتل القذافي في أكتوبر 2011 بعد تحديد موقعه وتوجيه ضربات جوية لموكب حمايته، ثم تركه للثوار لإعدامه.

وقد تشكل المجلس الانتقالي الليبي برئاسة مصطفى عبد الجليل وتم الاعتراف به دولياً، لإدارة المرحلة الانتقالية، ثم إصدار الإعلان الدستوري في أوت 2011، الذي نص على انتخاب مؤتمر وطني عام كان في جويلية 2012، وتكونت فيما بعد حكومة علي زيدان[3]. وبدأت الانقسامات السياسية والقبلية والعشائرية لازالت مستمرة لحد الآن، وقد خلف علي زيدان في موقعه عبد الله الثني، ثم ظهر خليفة حفتر الذي شكل ما عرف بالجيش  الوطني الليبي سنة 2014 الموالي لحكومة أصبح مقرها في طبرق شرق البلاد. وفي هذه المرحلة انقسمت القوى في ليبيا إلى مجموعتين:

أ-مجموعة غرب ليبيا في طرابلس، تمثلها حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عن اتفاق الصخيرات، وتضم مجموعات مسلحة وميليشيات بعضها تابع مباشرة للسلطة السياسية، وبعضها الآخر موالٍ لها، وإن لم يكن جزءاً من التشكيلات المسلحة الرسمية التابعة لها، وترتبط هذه المجموعة بشبكة تحالفات قوية تصل إلى حد الدعم المباشر من جانب بعض الدول الإقليمية، وعلى المستوى الدولي حظيت هذه الحكومة باعتراف الأمم المتحدة ودعم بعض القوى الدولية.

ب-مجموعة شرق ليبيا في طبرق، شكل “الجيش الوطني الليبي” بقيادة حفتر أهم هذه القوى، واستطاع السيطرة على معظم مناطق شرق ليبيا، كما استطاع في الأشهر الأولى من عام 2019 مد نفوذه إلى بعض مناطق الجنوب والغرب، بتفاهمات وتوافقات قبلية وبواجهات مسلحة، وحظيت هذه المجموعة بدعم قوى إقليمية منها مصر والإمارات، وقوى دولية أخرى منها فرنسا وروسيا.[4]

ج-الجماعات المسلحة في ليبيا، ظهرت في ليبيا أثناء الأزمة الأمنية منذ 2011 عدة تشكيلات مسلحة، تتوزع على عدة مناطق جغرافية، وتختلف من حيث الحجم والتأثير، والإنتماءات القبلية والسياسية والدعم الداخلي والخارجي، إضافة إلى الجماعات الارهابية التي استغلت الفراغ الأمني الناتج عن إنهيار الدولة وغياب السلطة السياسية القوية، ومن أهم هذه التشكيلات المسلحة نجد:

قوات فجر ليبيا: وهي تشكيلات مسلحة من عدة مدن ليبية، سيطرت على الغرب الليبي منها طرابلس، والتي كانت موالية لحكومة الانقاذ الوطني ثم لحكومة الوفاق؛

-تشكيلة الحرس الرئاسي: التي شكلتها حكومة فائز السراج؛

-تشكيلة الحرس الوطني: أنشئ بناءا على قرار المؤتمر الوطني الليبي؛

-الجيش الوطني الليبي: والذي شكله خليفة حفتر من المجموعات القاتلة إلى جانبه، والتي تتكون من عناصر قبائل شرق ليبيا كالعبيدات والعواقير والفرجان، وتركزت في بنغازي وطبرق، ورغم الدعم الخارجي الذي يتلاقاه حفتر إلا أنه لم يستطع تحقيق نجاح على الميدان في كل مرة؛

-قوات القعقاع والصواعق والمدني: وهي تشكيلات عسكرية من الزنتان، وقد دخلت في مواجهات مع قوات عملية فجر ليبيا؛

-قوات الدروع: وهي تشكيل عسكري كبير ويمتلك ترسانة أسلحة كبيرة مستولى عليها من خزائن قوات القذافي؛

-مجلس شورى ثوار بنغازي: تشكيل عسكري يضم خمس كتائب عسكرية من “الثوار”، وخاض مواجهات ضد حفتر، وخسر معظم مناطق سيطرته السابقة، وتحول إلى “سرايا الدفاع عن بنغازي”؛

-كتائب الطوارق: في الجنوب الليبي، وهي موالية لحكومة الوفاق الوطني، ترتكز في الجنوب مع الحدود مع تشاد والنيجر؛

-مجلس شورى ثوار درنة: تكون من عدة كتائب مسلحة دخلت في مواجهات مع تنظيم داعش،

-تنظيم أنصار الشريعة: يتركز في شرق ليبيا، وقد تفتت هذا التنظيم بمقتل زعيمه محمد الزهاوي؛

-جيش القبائل: مجموعات مسلحة من الموالين للنظام السابق، ولقي الدعم من الزنتان.[5]

هذا بالاضافة إلى التنظيمات الإرهابية المسلحة التي دخلت ليبيا مثل تنظيم داعش، الذي حاول جعل ليبيا معقلاً لنشاطاته الاجرامية في الساحل الإفريقي وشمال إفريقيا، إلا أنه تم دحره وتراجع نشاطه.

وعلى مستوى المشهد السياسي فقد نشب صراع بين حكومة طرابلس وحكومة طُبرق حتى ديسمبر 2015 تاريخ توقيع “اتفاق الصخيرات” بإشراف أممي أفرز “حكومة وفاق وطني” تدير المرحلة الانتقالية، مع الاعتراف بمجلس النواب المنتخب الذي اعتمد من معظم القوى الموافقة عليه في أبريل 2016.

إلا أن الإنقسامات والصراعات الداخلية سرعان ما عادت لتعصف بوحدة الصف الليبي، ولا سيما بعد اتضاح اتجاه حكومة الوفاق الداعم لتمكين التيارات الإسلامية، الأمر الذي دفع بخليفة حفتر في ديسمبر 2017 إلى إلغاء العمل بالاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات، ومعه حكومة الوفاق الوطني، وبدأ التحرك عسكرياً ضد الجماعات الموالية للحكومة، وهو الصراع الذي اتسع وأخذ أبعاد إقليمية ودولية وما زال تداعياته إلى الآن.[6] فبعد اعلان خليفة حفتر عملية عسكرية تستهدف العاصمة طرابلس عملية “تحرير طرابلس”، وزحف “الجيش الوطني الليبي” لإنهاء سيطرة “حكومة الوفاق الوطني” على العاصمة؛ وقد حقق حفتر حتى نهايات عام 2019 مكاسب متتالية واقترب كثيراً من طرابلس، بعدما سيطر على معظم المناطق المهمة استراتيجياً غرب ليبيا، غير أنه لم يتمكن من دخول طرابلس، وهذا بعد لجوء “حكومة الوفاق الوطني” بقيادة السراج إلى تركيا التي أبرم معها مذكرتي تفاهم حول ترسيم الحدود البحرية بينهما في مياه المتوسط والتعاون العسكري والدفاعي.

قامت تركيا بموجب هاتين المذكرتين بتقديم مساعدات عسكرية إلى حكومة الوفاق الوطني بطرابلس، شملت أنماطاً وأشكالاً متنوعة من الدعم بما فيها الخبراء، والتسليح، والمعلومات الاستخبارية، والمشاركة الفعلية في مجريات المواجهات الدائرة باستخدام الطائرات المسيرة، وبعض القطع، وكان لهذا التدخل التركي دوراً كبيراً في الحيلولة دون خضوع طرابلس لسيطرة حفتر، وبعد مؤتمر برلين في 2020، شهد الموقف العسكري بعض الهدوء النسبي، بيد أن عدم تقدم مسارات التفاوض التي دشنها مؤتمر برلين، أدى إلى استئناف القتال وارتفاع سقف أهداف الجانبين، بهدف تحقيق تفوق ميداني ومكاسب عسكرية تكفل تغيير موازين القوة وبالتالي دعم المواقف التفاوضية في المسار السياسي.

وبعد التدخل العسكري التركي تمكنت “حكومة الوفاق الوطني” من استعادة السيطرة على الشريط الساحلي بين طرابلس والحدود التونسية، ثم الاستيلاء على “قاعدة الوطنية العسكرية”، وبعدها مدينة “ترهونة” ذات الأهمية الجيواستراتيجية، والتي كانت تمثل مركزاً رئيسياً للقيادة والسيطرة لدى قوات حفتر،  وبعد أن كان الميزان العسكري يميل لصالح قوات حفتر (أبريل 2019 – أبريل 2020) عاد إلى التوازن بين الجانبين.

ولقد كشفت التحركات الإقليمية وردود الأفعال الدولية على هذه التطورات، على أن هذه القوى لن تسمح بانقلاب الأوضاع على الأرض الليبية بسيطرة “حكومة الوفاق الوطني” على شرق ليبيا، وانفرادها بالسلطة السياسية في عموم البلد. فمصر كانت تنظر إلى هذه التطورات الميدانية بمنظور أمني – دفاعي، لما تمثله من تأثير مباشر على أمنها بحكم الجوار الجغرافي. بحيث جاء في خطاب الرئيس المصري يوم 20 جوان 2020 أن سرت والجفرة خط أحمر لأمن مصر، وهدد بـ “تدخل مباشر” للقوات المصرية سواء في إطار ميثاق الأمم المتحدة لجهة حق الدفاع عن النفس أو بناء على السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي، مجلس النواب[7].

ولا تزال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية تلقي بظلالها على الصعيدين الداخلي والخارجي، وتهيمن صيرورتها ووقائعها على المشهد السياسي والأمني، فقد جرى تنظيم انتخابات في جويلية 2012، ثم في 2014، إلا أن عدم قبول بعض الأطراف بنتائجها، كان لها دور كبير في خلق مناخ سياسي متشنج، إضافة إلى أن هناك أطرافًا خارجية لا زالت تعبث بالساحة الليبية وتمارس دور المُعطل لمسار التسوية والمصالحة ومن ثم فرض أمر واقع جديد في ليبيا. ورغم المساعي والمبادرات السياسية لتقاسم السلطة بين الأطراف الليبية، لم تفلح جمع الفرقاء على طاولة حوار، إلا بعد اتفاق الأعضاء المشاركين في ملتقى الحوار السياسي الليبي بجنيف في 5 فيفري 2021، نتج عنها اتفاق على وقف إطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، تعقبها انتخابات رئاسية وبرلمانية.

وبعد نيل حكومة الوحدة الوطنية الليبية  برئاسة عبد الحميد الدبيبة ثقة مجلس النواب في 10 مارس 2021، أكد الأخير التزامه بإجراء الانتخابات في موعدها وعلى أسس ديمقراطية، وأخذت العملية الانتخابية منعطفًا صعباً عندما سَنَّ مجلس النواب قانونًا انتخابيًّا مثيرًا للجدل في سبتمبر 2021، أثار استياءً في الأوساط السياسية الليبية، وحسب رأي الكثيرين فقد صُمم على مقاس أشخاص محددين، ويفسر ذلك بغياب توافق في الآراء بشأن الأساس القانوني للاقتراع، وتضارب في المصالح، وهو ما أدى إلى فشل في إجراء الانتخابات الرئاسية في ديسمبر2021[8].

وفي فيفري2022 اختار مجلس النواب فتحي باشاغا كرئيس للحكومة في عملية أثارت الكثير من الجدل، أججت الصراع على السلطة، وقال باشاغا أنه يعتزم تشكيل حكومة كفاءات بمشاركة كل الأطراف السياسية والمناطق في البلاد، تكون مهمتها الأولية الترتيب لإجراء انتخابات ضمن مواعيد محددة. وناشد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بتسليم السلطة طواعيةً، إلا أن الأخير رفض ذلك، على خلفية عدم اعترافه بسحب مجلس النواب الثقة من حكومته، وشدّد على أنه باقٍ في منصبه إلى حين إجراء انتخابات في البلاد.

ولا تزال الأوضاع في ليبيا مرشَحة للمزيد من عدم الاستقرار السِياسيِ، رغم ما تقوم به حكومة الوحدة الوطنيَة المؤقتة والمجلس الرئاسيِ من خطوات في اتِّجاهات مختلفة، وأحياناً مُتناقضة. تسير بالبلاد في طريقٍ غير واضحة معالمه[9]، وهو ما يطرح العديد من الأسئلة حول الواقع والآفاق المستقبيلة للأزمة الليبية التي استعصت عن التسوية وفق ما يخدم مصالح الشعب الليبي، وبما يحقق الاستقرار في البلاد وبناء المؤسسات للدولة الموحدة.

كما أن تدّخل الفاعلين الدوليين والإقليميين و في ظل عجز الأطراف الليبية عن التحرّك بصفة مستقلة، إذ لم تعد قادرة على إدارة علاقاتها وتجاوز خلافاتها، فدخلت البلاد في حرب بالوكالة لصالح أجندات دولية وإقليمية، أدّت تدخّلاتها إلى مزيد من تصلّب مواقف الفرقاء الليبيين، وأسهمت في تشظي الواقع الداخلي، وعززت من انقسامات السياسية، وتوسيع شرخ القوى الاجتماعية المتباينة، لتنقم ليبيا بين شرق وغرب متناحرين، ممّا جعل خيار التسوية للأزمة مشكلة يصعب فك رموزها وحل تعقيداتها. وتأتي مسألة إجلاء القوات الأجنبية من الأراضي الليبية، قضية أخرى من أهم التحديات التي سوف تواجه الحكومة الليبية[10]، فبقاء القوات الأجنبية داخل الأراضي الليبية ينبئ بإمكانية عودة احتدام الصراع المسلح. وبالتالي زيادة حجم التهديدات والمخاطر على دول الجوار، والإخلال بالأمن الإقليمي والسلم الدولي.

ثانياً- تأثيرات الأزمة الليبية على دول الساحل الإفريقي:

كانت لحظة اندلاع ثورة 17 فبراير عام 2011 في ليبيا، بمثابة لحظة التفجير للحرب الأهلية الأولى فيها والتي استمرت حتى مقتل الرئيس السابق معمر القذافي في 20 أكتوبر عام 2011، وخلال هذه الحرب وفي الفترة التي أعقبتها مباشرة بدت ملامح الوضع الجديد في ليبيا من انتهاء حكم السلطة والدولة المركزية الموحدة في ليبيا، وباتت البلاد تدار من قبل حكومات ومراكز حكم متعددة على نحو لم يتحقق منذ استقلال ليبيا عام 1951.

وصاحب ذلك تدخلات دولية خارجية من قبل قوى وأطراف إقليمية ودولية، وفي ذات الوقت أيضا كانت حالة الفوضى وغياب الأمن في ليبيا تخلق انعكاساتها على الجوار وفي الخارج، حيث أدت إلى تأزيم الوضع في المنطقة خصوصاً دول الساحل الإفريقي وخلقت عدة تهديدات تمثلت فيما يلي:

  1. التهديدات الأمنية :

أ- تهديد استقرار دول الساحل الإفريقي ومشكلة أمن الحدود:

لم تخل دول الساحل الإفريقي من التوترات السياسية للأزمة الليبية، إذ أصبح ينظر للدولة الليبية على أنها مصدراً من مصادر التهديد الوجودي، و الذي يدل يعتبر حسب ” باري بوزان” أمر سلبي يدل على عدم مقدرة الإجراءات السياسية العادية على احتواء المسألة الأمنية، ويجب النظر لها كاستثناء وحلها من خلال نزع الطابع الأمني حيث التقيد بالقوانين والضوابط الديمقراطية[11].

كما أن عملية تهريب الأسلحة باتت تجارة رائجة في ليبيا طالت دول الساحل الإفريقي، وبدأت تشكل شوكة في ظهر أنظمة هذه الدول، حيث تشير بعض التقديرات  إلى تهريب حوالي 10 آلاف قطعة سلاح وقذائف ” آر بي جي ” RPJ في مرحلة ما بعد الثورة، كما ساهمت الأزمة في ضعف المراقبة على الشريط الحدودي مع دول الساحل الإفريقي مما زاد من ارتفاع وتيرة التهريب للأسلحة والمواد الأساسية مع حرية التنقل لدى المجموعات الإرهابية التي اتخذت من ليبيا قاعدة خلفية تنطلق منها العمليات والدعم اللوجستي لزعزعة الاستقرار في دول الساحل الإفريقي[12].

كما تشكل  الأزمة الليبية مصدراً مغذياً لحركات التمرد في منطقة الساحل الإفريقي، واللافت في هذا السياق أن عودة المقاتلين الطوارق الذين حاربوا إلى جانب القذافي إلى شمال مالي، أججت الصراع المسلح بين الحكومة والحركة الوطنية لتحرير أزواد، والتي ارتفع سقف مطالبها من حكم ذاتي إلى انفصال عن دولة مالي، وازدادت فرصة الطوارق في تقوية تمردهم إلى مرحلة الانفصال بظهور متغير آخر وهو “حركة أنصار الدين” التي تحارب حكومة مالي في إقليم أزواد، وترتبط بعلاقات مع تنظيم القاعدة، ويتم تمويلها بالأسلحة التي خرجت من ساحة المعركة في ليبيا، كما أن النيجر مرشحة بفعل تداعيات الوضع الليبي لتفجر علاقة صراعية مع الطوارق[13].

وفيما يتعلق بمسألة أمن الحدود فإنها تشكل الضلع الأساسي للتهديدات الأمنية لدول المنطقة سواء تعلق الأمر بتهريب السلاح أو تسهيل دخول المخدرات أو المساعدة في الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر، كما هناك تخوف من تحول ليبيا لبؤرة داعمة ومساندة للتهديدات الأمنية التي تواجه دول الساحل الإفريقي كالتنظيمات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة، كما هناك تخوف عام من الربط الإقليمي بين هذه التنظيمات وتنظيم “داعش” في كل من سوريا والعراق، وهذا يعد إضافة للمتمردين من الطوارق في كل من مالي والنيجر[14].

ب- انتشار الأسلحة وتنامي القاعدة في الساحل الافريقي :

يجد المتشددون الإسلاميون في ظل تفجر الحرب الأهلية في ليبيا الأرض الخصبة التي تنقل السلاح وتصدر العنف والفوضى إلى دول منطقة الساحل الإفريقي، لتحويل هذه البلدان إلى “إمارة إسلامية”وهذا هو الأنموذج الذي يريده تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” من تعميمه على كل دول منطقة الساحل سعياً لإيجاد بيئة تكفل له “هدف البقاء”[15].

وقد حذر تقريرا للأمم المتحدة من فرار الجهاديين من سجون ليبيا ووصول الأسلحة من ليبيا باتجاه النيجر ومالي[16]، كما أن تصاعد المواجهة بين الحركات الجهادية في ليبيا يفاقم التوتر لدى جميع الحركات الجهادية في دول الساحل الإفريقي دعماً وتضامناً للحركات الإسلامية في ليبيا باعتبارها مصدر الإلهام لحركات التوحيد والجهاد وأنصار الدين في مالي، وحركة تحرير دلتا النيجر، وجماعة “بوكوحرام” في نيجيريا، في سبيل تصعيد عملياتها ضد الأطراف الغربية الأمريكية والبريطانية والفرنسية[17].

وتواجه العديد من دول الساحل الإفريقي عمليات تمرد عنيفة بالانطلاق من ليبيا، إذ يشكل شمال مالي وشمال النيجر ودارفور الدواعي الرئيسة للتخوف الأمني في منطقة الساحل جراء تنقل الأسلحة الغير مشروعة، كما باتت عمليات الاختطاف وغيرها من الأنشطة العنيفة التي تمارسها الجماعات الإرهابية تشكل تهديداً وتحدياً للأمن القومي للعديد من دول الساحل الإفريقي لاسيما نيجيريا والنيجر وموريتانيا ومالي، كما تسهم عائدات هذه الأنشطة الإرهابية في تعزيز القدرة الاقتصادية الشرائية للأسلحة الهجومية والدفاعية للراغبين[18].

خريطة رقم (01): خريطة توضح انتشار التهديدات الأمنية لدول الجوار الليبي.

المصدر: https://urlz.fr/nimf

توضح الخارطة اتجاهات التهديدات التي تنعكس وتمس دول الجوار الإقليمي لليبيا، وهي دول الجوار العربية مصر وتونس والجزائر، ودول الساحل الإفريقي كالنيجر وتشاد والسودان، وهذا بحكم تماس الحدود الجغرافية المباشر بين ليبيا وهذه الدول، وهي دول الحزام الأول في تداعيات الأزمة الأمنية في ليبيا، وتجدر الإشارة إلى أن انعكاسات الأزمة تمتد حتى أبعد من هذه الدول، لكن دراستنا تكتفي بهذه الحدود المكانية فقط.

ج-مخاطر الهجرة الغير شرعية واللاجئون النازحون من ليبيا:

بات الإنهيار الأمني الغير منضبط في ليبيا يشكل خطراً اقتصادياً بل حتى إنسانياً على دول الساحل الإفريقي، وذلك من خلال انتشار ظاهرة الهجرة الغير شرعية في شواطئ ليبيا إلى دول الجوار، فمنذ أن بدأت الأزمة الليبية واللاجئون يتوافدون من ليبيا إلى دول الساحل الإفريقي هرباً من أعمال العنف، حيث شهد عام 2014 ارتفاعاً كبيراً في عدد المهاجرين غير الشرعيين الذي ارتفع من 4000 شخص إلى حوالي 16.000 شخص في اليوم الواحد على مدى عدة أيام، لاسيما أن عدد سفن المراقبة على السواحل الليبية

 تمتد إلى أكثر من 1200 ميل يصل إلى 8 سفن فقط.[19]

كما تشهد العلاقات البينية اليبية ودول الساحل الإفريقي مجموعة من التوترات، وذلك بسبب التداعيات الأمنية التي ألقتها الأزمة على معظم دول المنطقة، والتي سارعت بدورها إلى ضرورة احتواء الوضع بغلق سفاراتها وإجلاء سكانها والمطالبة بالتدخل العسكري العاجل لاحتواء تداعيات الأزمة الليبية قبل تصعيدها أكثر فأكثر، في حين سارعت دول أخرى إلى غلق حدودها مع ليبيا، كما أفرزت الأزمة الليبية تشنج العديد من العلاقات السياسية بينها وبين محيطها الجواري، وهو ما دفع مختلف دول الجوار لضرورة إيجاد الآليات الكفيلة للحد من تعاظم هذا الشرخ في العلاقات السياسية ولكبح تصاعدها وانتشارها لدول المنطقة الأخرى[20].

2-التداعيات الاقتصادية للأزمة الليبية على دول الساحل الافريقي:

تعرض إقتصاد دول الساحل الإفريقي للإنهيار وذلك بسبب الوضع الخطير الذي تسبب فيه الوضع الأمني في ليبيا من مسألة اللاجئين والتهريب عبر الحدود وانعدام الضوابط المحددة لحركة تدفق السلع، فقد عرفت العلاقات الإقتصادية البينية بين ليبيا ودول المنطقة تراجعاً بسبب الضغط الأمني الداخلي والأزمة السياسية الخانقة لليبيا، وتوقفت بعض البنوك الليبية عن العمل، مما أدى إلى تصعيب عمليات التبادل التجاري والتحويل المالي، إضافة إلى عودة العمالة الأجنبية العاملة في ليبيا إلى بلدانها، مما رفع من نسبة البطالة وعدم الإستقرار الاقتصادي في معظم دول الساحل الإفريقي، كما ساهمت الأزمة الليبية في ارهاق ميزانية الدفاع لدول المنطقة في صرفها لميزانية إضافية لتأمين حدودها مع ليبيا.

كما أثرت الأزمة الليبية على الملف النفطي الدولي، فقد أصبحت مصادر النفط في ليبيا تحت يد الميليشيات التي تتاجر بها بطرق غير شرعية، مما أدى إلى ضرورة إعادة تحديد اللاعبين في أسواق النفط والقوى التي تهيمن على السوق، والتي تستخدم النفط ورقة للمساومة والاخضاع والضغوط السياسية، ومع تراجع أسعار الذهب الأسود ارتفعت صيحات المطالبين لأوبك بخفض الإنتاج لحدود مليوني برميل يوميا للحفاظ على تماسك الأسعار، وهذا ما أدى إلى دخول منتجين غير شرعيين مثل “داعش” في سوريا والعراق، والميليشيات في ليبيا وغيرها من الجماعات الأخرى،…إلخ[21].

ثالثاً- تداعيات الأزمة الليبية على دول الجوار العربية (الجزائر، تونس، مصر):

أنتجت الأزمة الليبية منذ إندلاعها في فبراير 2011، تداعيات وآثار مدمرة على الداخل والخارج الليبي، بالشكل الذي جعل ليبيا تصبح إحدى الدول المنهارة في ظل تزايد الأطراف المتصارعة وإصرار كل طرف على الفوز بالسلطة من دون منازع، ودعم الفاعلين الخارجيين لبعض الأطراف دون غيرها مع دخول حركات الإسلام السياسي على خط الصراع، وكان لدول الجوار الليبي نصيب من التداعيات إذ أفرزت الثورة العديد من التهديدات على غرار انتشار الأسلحة وانتشار المقاتلين المحاربين ضمن الكتائب العسكرية، إضافة إلى التراخي الأمني على الحدود الليبية الذي وفر الفرصة الذهبية لجماعات الجريمة المنظمة العاملة بالتهريب وتجارة المخدرات بتكثيف نشاطاتها، بالإضافة إلى تنامي ظاهرة الهجرة الغير شرعية[22].

1- تداعيات الأزمة الليبية على الجزائر:

يعتبر الجزائر البلد المجاور ليبيا جغرافيا،  إذ يتشاركان شريطا حدوديا طوله 982 كلم، تقع الجزائر في شمال قارة إفريقيا يحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط ومن الجنوب مالي وتشاد ومن الشرق تونس وليبيا ومن الغرب الصحراء الغربية وتبلغ مساحتها 2.381.741 كلم 2[23].

 وعند البحث بمسألة “الأمن الوطني” فإن الأمن الوطني في الجزائر لم يتحدد بمحددات طبيعية وطنية بحتة بل تعداها إلى تهديدات أخرى غير وطنية، فبالرغم من احتفاظ الأمن الوطني بالإقليم الوطني كمجال له، إلا أنه يتحدد أيضاً بالإقليم السيادي للدولة…، أي اقليمها الذي يمتد إليها وعليه مجال سيادتها، وهذا ما أشار اليه “والتر ليبمان” Walter Lippman بقوله: “الأمن الوطني هو قدرة الدولة على متابعة سير مصالحها بنجاح، وفقاً لما تراه موافقاً لمصلحتها في أي مكان من العالم”. فالانفلات الأمني الذي تعيشه ليبيا وما رافقه من غياب السلطة المركزية وانهيار منظومة الأمن والدفاع والتدخل الدولي لإدارة الملف الليبي، سمح بانتشار وسيطرة الميليشيات المسلحة وتهديد أمن الحدود الجزائرية مع ليبيا ببعض المخاطر وتغذية منابع الإرهاب وتحالفه مع الجريمة المنظمة[24].

يتضح لنا مما سبق بأن الجزائر لها حدود شاسعة مع دول الجوار وهو ما يعرض أمنها للاختراق من عدة منافذ برية، كما نلاحظ أن ليبيا تتقاسم حوالي 982 كلم من الحدود الصحراوية السهلية المفتوحة مع الجزائر، وبالعودة إلى تاريخ العلاقات بين البلدين نجد هناك تاريخاً متداخلاً وكان الثابت فيه تأثر الجزائر بالعمق الشرقي لها في ليبيا، بداية من الدور البارز الذي قدمته ليبيا في دعم واسناد الثورة الجزائرية ضد المستعمر الفرنسي ونقل الأسلحة للثوار الجزائريين.

 وبفعل الأحداث المتصاعدة في ظل الأزمة الليبية من حالة الفراغ الأمني وغياب الطرف الآخر في ظل المعادلة الأمنية الجزائرية – الليبية، وظهور فوضى السلاح وتعدد الميليشيات المسلحة وتزايد نشاط الجماعات الإرهابية وظهور نموذج الحرب بالنيابة، برز تخوف الجزائر من تهريب السلاح إلى أراضيها ومن دخول الإرهاب إليها، بالذات مع قرب المصالح الاستراتيجية الجزائرية كحقول النفط والغاز والشركات العالمية من الحدود الليبية، وقد تحققت تلك المخاوف بالفعل في يناير 2013، عنما شن تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” هجوما على منشأة ” عين أميناس” للغاز في الجزائر[25] .

كما مثلت تطورات الصراع الليبي وما رافقه من تدخلات خارجية في خلق تهديدات للسلم الأهلي في الداخل الجزائري والتخوف من تفاقم الانقسامات من جديد بعد أن كانت قد تجاوزتها بعد صراع امتد خلال فترة العقد فيما عرف بأحداث “العشرية السوداء” التي إمتدت منذ عام 1991 إلى عام 2002، وخاضت فيها الحكومة الجزائرية والجيش وقوى الأمن الجزائري مواجهات مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ والجماعات المسلحة الموالية لها[26] .كما كان للأزمة الليبية عدة تداعيات أمنية جاءت ضمن البعد الجيوسياسي على الجزائر، كون ليبيا تمثل عمقا وامتدادا حيويا استراتيجيا للجزائر،فإن التدخل العسكري الدولي في ليبيا ذو تداعيات أمنية على الجزائر، ووجود القوى الدولية والإقليمية على حدودها يسمح لها بالتجسس على تحركات الجيش الجزائري وعلى برامج تسلحه[27].

أما تأثير الأزمة الليبية على المستوى الاجتماعي، فقد برز من خلال مخاوف الجزائر من امتداد مكونات اجتماعية قبلية بين البلدين كما هو الحال في قبائل “الطوارق”، إذ برزت خطورة حركة تحرير أوزاد في شمال مالي، والتي تعتبر حركات انفصالية عمادها من قبائل الطوارق وهو ما يعني للجزائر من إمكان بروز مطالبة بالتوسع الانفصالي للطوارق إلى الداخل الجزائري باعتبارها مناطق امتداد للطوارق.[28]

أما على المستوى الاقتصادي، فإن الأزمة تسببت في تعطيل العديد من المصالح الاقتصادية للجزائر في ليبيا، ويأتي في مقدمتها امتلاك شركة الطاقة الجزائرية سوناطراك لثلاثة حقول نفطية منتجة في منطقة غدامس الحدودية، وقد علقت الجزائر نشاط شركتها في ليبيا أول مرة في عام 2011، ومن ثم عادت للنشاط في عام 2012، وتوقف مجدداً عام 2015 بسبب تدهور الوضع الأمني في ليبيا على إثر إندلاع الحرب الأهلية عام 2014. فضلاً عن مشروع “سونلغاز” المعطل لتصدير الكهرباء. يضاف إلى ذلك بأن ليبيا تمثل سوقاً هامة للنقل الجوي بسعة تصل إلى حوالي (150) ألف مسافر سنوياً ينتقلون عبر الخطوط الجوية الجزائرية في ليبيا، إضافة إلى حجم الصادرات الجزائرية إلى ليبيا، ففي عام 2010 بلغت صادرات الجزائر من الأدوية إلى ليبيا حوالي (300) مليون دولار، ووصل حجم صادرات المواد الغذائية إلى (600) مليون دولار، وكل ذلك أصبح مهدداً بسبب استمرار وتصاعد الأزمة الليبية[29].

2- تداعيات الأزمة الليبية على تونس:

تسببت الأزمة الليبية بأضرار جسيمة لإقتصاد تونس، حيث كانت ليبيا الشريك الاقتصادي الأول لتونس على الصعيد العربي، فقد تسببت الثورة بعودة العديد من العمال التونسيين بعد غلق المصانع وهذا ما أدى إلى أزمة اقتصادية وتوقف تصدير المنتجات إلى ليبيا، وبحجم تبادل تجاري قدر عام 2010 بحوالي (1.25) مليار دولار أمريكي معظمها من الصادرات التونسية التي كانت تشمل مواد البناء والنسيج والمنتجات الزراعية والغذائية. وكانت تذهب إلى ليبيا نحو (%6.9) من إجمالي الصادرات التونسية وهذا ما جعلها تحتل المرتبة الثانية كشريك تجاري لتونس بعد الاتحاد الأوروبي والمرتبة الخامسة على المستوى الدولي[30].

وبعد اندلاع الأزمة عام 2011وتراجع الوضع الأمني والاقتصادي في ليبيا وزيادة معدل التهريب ونمو السوق الموازية الغير خاضعة للرسوم والجمارك، تراجع حجم المبادلات التجارية الثنائية بين البلدين بنسبة (%75) وفق تقرير لوزارة التجارة التونسية عام 2015، وهذا ما سبب في توقف كامل لأكثر من مائة شركة تونسية تعمل في السوق الليبية[31].

كما فقدت تونس نسبة كبيرة من عوائد السياحة الليبية إليها، فقد كانت تستقبل ما يقارب المليون ونصف سائح ليبي قبل الأزمة التي كان معدلات إنفاقهم تفوق بكثير معدلات إنفاق السياح الأوروبيون، في حين تراجع عدد السياح ليتراوح بين مائتي ألف إلى نصف مليون سائح ليبي في السنة[32].

وهناك تأثيرات أخرى للأزمة الليبية على المصالح التونسية تمثلت في إحداث ضغوطات على توجهات السياسة الخارجية التونسية، لاسيما فيما يتعلق بتهديد سيادة الحياد التي تميزت بها تونس منذ استقلالها، والذي ظهر بوضوح مع محاولة الاستقطاب الأمريكي لتونس عام 2020عبر التوجه نحو نشر القوات العسكرية الأمريكية في تونس وفقا لما لوحت به قيادة “أفريكوم” في إطار القلق الأمريكي من الأنشطة العسكرية الروسية المتزايدة في ليبيا[33].

ومع استمرار حالة الفراغ الأمني والفوضى في ليبيا وتحولها إلى مسرح للدعوة العلنية لبيعة الدولة الإسلامية ومناصرتها، برزت عدة تهديدات أمنية في تونس تمثلت في الجماعات المتطرفة ووصول موجة مبايعات متتالية للتنظيم من ليبيا إلى تونس وإلى باقي دول المنطقة، ففي عام 2012 تأسست تنظيمات “أنصار الشريعة” و”كتيبة عقبة بن نافع” وتحصنت في جنوب تونس ونفذت العديد من الهجمات في تونس، ووجدت هذه التنظيمات عمقا لها في الأراضي الليبية واستفادت منها في جلب السلاح والحصول على مصادر تمويل[34]، وبدأت التنظيمات بتنفيذ هجمات متعددة[35]:

  • هجوم إرهابي على متحف باردو في تونس في آذار عام 2015 واحتجاز الرهائن ومقتل عشرين سائحا أجنبيا.
  • هجوم إرهابي على فندق في مدينة سوسة التونسية الساحلية في حزيران عام 2015.
  • سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مدينة نقردان في جنوب تونس في آذار عام 2016 واشتبكوا مع قوات الأمن التونسية خلال ثلاثة أيام.

ونتيجة لهذه الهجمات المتصاعدة شرعت تونس ببناء جدار عازل مع ليبيا لمنع تسلل الإرهابيين، كما تزايدت نفقات وميزانية كل من وزارتي الدفاع والداخلية في تونس بعد اندلاع الأزمة في ليبيا عام 2011.

3- تداعيات الأزمة الليبية على مصر:

تعتبر مصر من أكثر الدول المجاورة المتأثرة بالأزمة الليبية بسبب طول الحدود بين الدولتين، إذ تحد ليبيا على طول جهة الشرق بحدود تمتد بطول (1049) كم، مما سهل من انتقال الثوار واللاجئين وعمليات التهريب والتجارة غير المشروعة.

كان للأزمة الليبية تداعيات عديدة على مصر، فقد تهدد الأمن القومي المصري بشكل كبير بسبب وجود المساحات الصحراوية المشتركة الشاسعة بين الدولتين، حيث سهلت حالة الفوضى في ليبيا من نشاط عصابات التهريب والجريمة المنظمة والعشوائية وانتقال الجماعات الإرهابية، وقد ازدادت المخاوف عندما سعت عدد من الكيانات الإرهابية في إقليم برقة بتوحيد صفوفها تحت كيان واحد يسمى “تنظيم الدولة الإسلامية مصر وليبيا” لغزو مصر، بالإضافة إلى التخوف من انضمام “جماعة الاخوان” و “تنظيم أنصار الشريعة” لوضع خطة مدروسة لدخول مصر. كما شكلت تنظيمات جهادية مهمة من زيادة خطورة الجماعات المسلحة التي تستهدف مصر، أهمها تنظيم “الجهاديين الجدد” الذين يتبعون نمط تفكيري جهادي يمتاز بالتكتم على العمليات التفاعلية مع الأحداث ويتبنون مهاجمة الأنظمة وتفكيكها ثم إعادة بنائها على حساب رؤيتهم واهوائهم وهذا ما يدعى بسياسة إدارة التوحش.[36]

أما من الناحية الاجتماعية، فقد شكل عودة العمال المصريين اإلى بلدهم أعباء إضافية على كاهل الحكومة المصرية في ظل عجزها عن تأمين فرص العمل، خصوصاً بعد حادثة مقتل العمال المصريين وتعرض 21 شابا مصريا للذبح، والتي أثارت ردود فعل شعبية قوية عرضت الحكومة لضغوطات كبيرة للرد العسكري، لكن القاهرة امتنعت عن السير منفردة في خيار توجيه الضربات الجوية بسبب التحفظ الدولي تجاه تلك الحادثة وعدم المشاركة في تحالف مباشر لضرب الميليشيات المسلحة في ليبيا.[37]

كما أن سوء الأوضاع الإقتصادية في ليبيا انعكس بشكل مباشر على الوضع الإقتصادي المصري، حيث أشارت الإحصائيات إلى تراجع حجم التبادل التجاري بين ليبيا ومصر والذي وصل بعد الثورة إلى 3 مليار دولار في حين كان يبلغ نحو 10 مليار دولار ما قبل أحداث 2011، وتجسدت أيضا التأثيرات بشكل كبير في خسارة السوق الليبي الذي كان يعتبر من أهم الأسواق المستوردة للعمالة المصرية، الذين وصل عددهم في عام 2011 إلى حوالي المليون ونصف المليون مصري وسرعان ما غادروها مع تفاقم الأوضاع وتردي الوضع الأمني في ليبيا، كما أثرت جريمة ذبح واحد وعشرين قطبي مصري في ليبيا في إصدار قرار من السلطات المصرية بحظر السفر نهائيا إلى ليبيا.[38]

نجد بأن الأزمة في ليبيا وتداعياتها الإقليمية والدولية، كانت لها تأثيراتها المباشرة على الأمن القومي لدول الساحل الإفريقي ودول الجوار كما في حالة كل من الجزائر وتونس ومصر، بما في ذلك ما تسببت الأزمة من خسائر وآثار اقتصادية سلبية، وكذلك تفاقم التهديدات والتحديات الأمنية.

خاتمة:

تشهد الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا منذ الإطاحة بنظام القذافي سنة 2011 حالة من عدم الاستقرار والانفلات، نتيجة لتداخل وترابط عدة عوامل داخلية وخارجية، كغياب الإجماع والتوافق الداخلي بين المكونات الاجتماعية والسياسية الليبية، بسبب الخلافات والتباينات القبلية والعشائرية، وتناقضات في التوجهات السياسية والايديولوجية، ومع استمرار الانفلات الأمني، تحولت ليبيا إلى مصدر جذب للجماعات الإرهابية والمرتزقة. إضافة إلى تأثير الطموحات الشخصية لبعض القادة المحليين نحو السلطة، لتتضافر معاً وتحول دون التوصل إلى تسوية للأزمة أو حصول توافقات ولو نسبية أو صيغ سياسية مقبولة تلبي مصالح مختلف القوى والمكونات السياسية وتعكس أوزانها ومكانتها دون تهميش أي منها. وعليه فإن أي عملية سياسية هي مرشحة للفشل وسط هذه التعقيدات الداخلية، فضلاً عن تعارض المواقف الخارجية الإقليمية والدولية حول مسار التسوية للأزمة الليبية.

وقد كان لهذا المشهد الأزموي في ليبيا عدة تأثيرات سلبية على أمن واستقرار دول الجوار كدول الساحل الإفريقي، ودول الجوار العربية كمصر وتونس وليبيا، فمخرجات الأزمة الليبية من حالة الاضطراب والانفلات الأمني، وانتشار مظاهر الهشاشة الأمنية بسبب انهيار الدولة الليبية من انتشار السلاح وتهريبه وتجارته خارج الحدود الليبية خاصة دول الساحل، ووصول هذه الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية وجماعات الجريمة المنظمة بات يشكل تهديداً مباشراً على أمن دول الجوار كالجزائر وتونس ومصر، إضافة إلى انكشاف الحدود بما يفرض على دول الجوار الليبي التي لها حدود واسعة مشتركة، ضرورة تعزيز جهودها لتأمين حدودها بما يمليه من تعزيزات أمنية وعسكرية ومقدرات عسكرية، وهو ما شكل عبء لدول الجوار خاصة التي تعاني أزمات اقتصادية كتونس ومصر ودول الساحل.

وأدت التدخلات الخارجية إلى استعصاء التسوية للأزمة الليبية خاصة في ظل تضارب الرؤى والمصالح لهذه الأطراف الإقليمية والدولية، والتي لم تكتفي بدعم أحد الأطراف الداخلية على حساب الأخرى، بل كان لها تدخلات عسكرية مباشرة، وتواجد عسكري على الأراضي الليبية، وهو ما تتوجس منه بعض دول الجوار كالجزائر التي تدعو إلى تسوية سلمية ليبية-ليبية للأزمة وترى في التدخلات الخارجية سبباً لتصعيد الأزمة والابتعاد عن الحلول، ولا يخفى أن هذه القوى الخارجية تتنافس على نصيب من الثروات النفطية التي تتمتع بها ليبيا، وتعمل على دعم الأطراف التي تخدم هذه المصالح مستقبلا في أي عملية سياسية.


[1] – يسرى أوشريف، تداعيات الأزمة الليبية على الأمن في الجزائر، رسالة ماجستير في العلوم السياسية، جامعة بسكرة، الجزائر، 2015، ص 83.

[2] – أحمد سعيد نوفل وآخرون، الأزمة الليبية إلى أين؟، الأردن: مركز دراسات الشرق الأوسط، مارس 2017، ص 05.

[3] – أحمد سعيد نوفل وآخرون، مرجع  سابق الذكر، ص 09.

[4] – محمد خلفان الصوافي، “الأزمة في ليبيا: خارطة الصراع وتطوراته ومساراته المستقبلية”، مركز ترندز للبحوث والاستشارات في: 24/06/2020، تاريخ الاطلاع: 27/05/2023، أنظر في: https://bit.ly/3MZIoln  

[5] – أحمد سعيد نوفل، مرجع  سابق الذكر، ص 12-13.

[6] –  محمد خلفان الصوافي، مرجع  سابق الذكر.

[7] –  نفس المرجع.

[8] – محمد عبد الحفيظ الشيخ، ” الأوضاع الداخلية والضغوط الخارجية التي تعرقل عقد انتخابات رئاسية وبرلمانية في ليبيا”، مجلة شؤون عربية، الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، القاهرة، العدد ،192 2022، أنظر في:  https://arabaffairsonline.com

[9] –  خالد خميس السحاتي، “قراءة في تطورات المشهد السياسي الليبي”، مجلة شؤون عربية، الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، مصر، العدد: 189 ،2022، أنظر في : https://bit.ly/43S0KLM

[10] – محمد عبد الحفيظ الشيخ، مرجع  سابق الذكر.

[11] – عادل زقاغ، المعضلة الأمنية المجتمعية: خطاب الأمننة وصناعة السياسة العامة، المجلة الإفريقية للعلوم السياسية، أنظر في : http://www.bchaib.net/mas/index.php?option=com_content&view=article&id

[12] – “الأبعاد الإقليمية للانتقال الديمقراطي في تونس”،  أنظر في :

https://urlz.fr/nilI

[13] – أوشريف يسرى، مرجع  سابق الذكر ، ص192.

[14] – زياد عقل، “الأزمة الليبية والتحرك المصري في ظل الأبعاد الإقليمية والدولية”، موقع مركز الاهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، تاريخ الاطلاع: 03/06/2023، أنظر في : https://urlz.fr/nilQ

[15] – توفيق المديني، تداعيات الأزمة الليبية على دول الجوار، جريدة المستقبل، العدد 5153، 17 أبريل 2014، ص 14.

[16] – خالد حنفي، الجوار القلق: تأثيرات الثورة في علاقات ليبيا الإقليمية، مجلة السياسة الدولية، مؤسسة الاهرام، القاهرة، العدد 188 أبريل 2012، المجلد 47، ص ص118-119.

[17] – أماني الطويل، الجوار الخطر سياسات التعامل مع تهديدات ليبيا، موقع صحيفة الضفتان، نقلا عن:

http://su-press.net/new1/modules/publisher/item.php?itemid=1382

[18] –  عبيد إمجين، تقرير حول انتشار السلاح الليبي والتعقيدات الأمنية في افريقيا، مركز الجزيرة للدراسات، أكتوبر، 2014.

[19] – “تهديدات جدية: التداعيات الإقليمية المحتملة للأزمة الليبية”، المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، تاريخ الاطلاع: 01/06/2023، أنظر في : http://www.rcssmideast.org/Article/2769/%D8

[20] – أماني الطويل، مرجع  سابق الذكر.

[21] – عامر العمران، “انخفاض أسعار النفط.. الأسباب والعواقب”،  تاريخ الاطلاع: 01/06/2023، أنظر في : http://rawabetcenter.com/archives/901

[22] أميرة محمد عبد الحليم، تدخل الجزائر في الأزمة الليبية: تفادي التورط العسكري، الأهرام اليومي،:https://urlz.fr/nim3

[23] – جغرافيا الجزائر، تاريخ الاطلاع: 31/05/2023،  ،أ نظرفي  :

https://urlz.fr/nilX

[24] – Paul Robinson, Dictionary of international security, United Stateof America: policy press, )2008(, p189.

[25] – محمد بوبوش، الأمن في منطقة الساحل والصحراء، دار الخليج للنشر والتوزيع، الأردن، عمان، ط1، 2016، ص 208.

[26] – أبو زيد المقرئ الإدريسي، حركات الإسلام السياسي في الوطن العربي: الواقع والمستقبل، مركز دراسات الشرق الأوسط، الأردن، عمان، ط1، 2015، ص 109.

[27] – منصور لخضاري، “الرؤيتان، الجزائرية والتونسية، للأزمة الليبية”، مركز الجزيرة للدراسات، قطر، الدوحة، 2020، ص4.

[28] – “رفض دولي وإقليمي لإعلان الطوارق استقلال شمال مالي”، دي دبليو ،6/4/2012 ،تاريخ الاطلاع:29/05/2023، انظر: https://www.dw.com/ar

[29] – “سياسيون جزائريون: التسوية السياسية الحل الوحيد للأزمة الليبية”، المجلة، 26/6/2020 ، انظر: https://arb.majalla.com

[30] – “الصراع في ليبيا: أبعاده وتداعياته على تونس”، حقائق أون لاين، 12/7/2015 ، تاريخ لاطلاع: 28/5/2023، انظر: https://www.hakaekonline.com

[31] – نفس المصدر.

[32] – “الليبيون الأكثر عددا ودعما للسياحة التونسية”، بوابة افريقيا الإخبارية، 15/7/2017 ، متاحة على الرابط الالكتروني: https://urlz.fr/nim8

[33] –  فريدريك ويري، تونس، دعوة للصحوة: كيف للتحديات الأمنية الليبية ان ترسم بوادر إصلاحية لمؤسسة الدفاع الوطنية التونسية؟، مركز كارنيغي للدراسات، لبنان، بيروت، ط1، 2020، ص7.

[34] – محمد عصام لعروسي، النزاعات المسلحة ودينامية التحولات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، مجموعة النيل العربية، مصر، القاهرة، ط1، 2020، ص126.

[35] – فريدريك ويري، تونس، دعوة للصحوة: كيف للتحديات الأمنية الليبية ان ترسم بوادر إصلاحية لمؤسسة الدفاع الوطنية التونسية؟، مركز كارنيغي للدراسات، لبنان، بيروت، ط1، 2020، ص7.

[36] – حسام سويلم، تدهور الموقف في ليبيا وأثره على الأمن القومي المصري، جريدة البوابة نيوز، 2014، متاحة على الرابط الالكتروني: http://www.albawabhnews.com/742936

[37] – جمال أحمد بادي، مستقبل ليبيا الأحرار بين الطموحات والواجب، مجلة البيان، 2012، ص33.

[38] – عودة آلاف المصريين الى ليبيا… هل ينعكس إيجابيا على الاقتصاد المصري؟، مونيتور، 27/3/2019 ، متاحة على الرابط الالكتروني: https://www.al-monitor.com

Admin

مركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية: مؤسسة فكر وتخطيط استراتيجي تقوم على إعداد التقديرات وتقديم الاستشارات وإدارة المشروعات البحثية حول المتوسط وتفاعلاته الإقليمية والدولية. لا يتبنى المركز أية توجهات مؤسسية حول كل القضايا محل الاهتمام، والآراء المنشورة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المركز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى