أمنيةأوراق و دراسات

بناء المؤسسات والسياسات الأمنية في ليبيا  

أ.د.  يوسف الدوكالي بناصر عبدالرحمن

عميد دكتور، أستاذ مساعد، مستشار تحكيم دولي.
دكتوراه في القانون، الجامعة الإسلامية، ماليزيا 2014.

مقدمة:

من أساسيَّات قيام الدولة الحديثة بناء مؤسساتها، ورسم سياساتها العامة بما يحقق الصالح العام، وترتكز تلك المؤسسات على أهداف تُجسد مقترحات، وخطط الإدارة العليا في الدولة، وتنوعت المؤسسات، واختلفت من حيث مهامها، وتخصصاتها، وطبيعتها، ووصفها من سياسية، واقتصادية، واجتماعية، ودينية، وعسكرية، وقانونية، وأمنية ذات طابع سيادي تختص بالمحافظة على النظام العام، وتعزز دولة القانون، وتضبط العلاقة بين الأفراد والحكومة، وذلك من خلال معالجة، وحل الإشكالات العامة التي تهدد المرفق الأمني في عناصر تكوينه، والسياسات التي ينفذها بما يكفل حماية المصالح الأساسية للفرد، والدولة.

وتعد مؤسسة الأمن من أولى المؤسسات التي أنشأتها الدولة الحديثة عندما كانت تمارس وظيفتها الحارسة التي تولي أهمية لحراسة الأفراد، والدولة من خلال مرفق الأمن، والدفاع، والقضاء؛ فبدون تلك المرافق لا يصلح حال الدولة، والأفراد، وتأسيساً على ذلك اهتمت الدولة بالسياسات الأمنية لحل المشاكل التي تهدد نظام الحياة، مما أدى إلى إهتمام الباحثين بدراسة هذه الوظيفة من عدة جوانب؛ لإتساع نطاق دراستها التي تقتضيها طبيعة العمل الأمني بمفهومه الشامل الهادف إلى المحافظة على النظام العام.

وانطلاقاً مما سبق فإن الباحث يتناول بالدراسة والبحث موضوع بناء المؤسسات والسياسات الأمنية في ليبيا منتهجاً في ذلك، خطوات البحث العلمي في جمع المادة العلمية عن طريق الاستقراء، والمقابلة، والتحليل، وبهذا يكون المنهج الأنسب لموضوع البحث؛ وهو المنهج الاستقرائي الوصفي بغية تحليله، واستخلاص النتائج، وإيجاد التوصيات المناسبة، في حدود النظريات القانونية، والأمنية، والتطبيقات الواقعية للمؤسسات الأمنية لمعرفة المنهج التطبيقي للسياسات الأمنية.

إشكالية البحث:

تكمن مشكلة البحث في المتغيرات التي طرأت على المؤسسات الأمنية، ومنهج السياسات الأمنية التي تتبعها الدولة، وهي بصدد تحقيق المهام المناطة بحفظ النظام العام، حيث أثبت الواقع الصعوبة التي تواجهها المؤسسات الأمنية على التكييف، والتأقلم مع المتغيرات، والمستجدات التي مرّت بها الدولة الليبية، والتي أربكت، وعطلت مرافق الأمن في قيامها بمهمة المحافظة على النظام العام، وعلى هذا الأساس فإن كل ما يضعف مؤسسات الدولة، ويعطل دورها الإيجابي في حماية أفراد مجتمعها، ويخلق أزمة تعيق النظام العام يُعدّ إشكالية تستوجب الدراسة بغية معالجتها تشريعياً، وإدارياً، وأمنياً.

أهمية البحث:

تولي الدول الحديثة أهمية قصوى للمرافق المتمتعة بالشخصية الاعتبارية بصفة عامة أياً كانت، والمرافق السيادية بصفة خاصة، ومن هنا يبرز الدور الأساسي، والفعال للمرافق المتمتعة بالسلطة العامة، ومنها مرفق الأمن العام التابع إلى وزارة الداخلية، والمكلف بالمحافظة على النظام العام، وحماية حقوق الإنسان، الأمر الذي يقتضي إعطاء هذا القطاع صلاحيات قانونية، واسعة، وسلطة تقديرية تمكنه من القيام بالمهام الملقاة على عاتقه، وعلى هذا الأساس فإن أهمية هذا الموضوع تتمحور حول معرفة النظام القانوني، وطبيعة نشاط ووسائل المؤسسات الأمنية، واتجاهات السياسة الأمنية في تنظيم المؤسسات الأمنية وإيجاد الحلول المناسبة لها.                                          

منهج البحث:

جرت عادة البحاث الأكاديميين أن يتبعوا منهجاً معيناً من خلاله يلتزم الباحث؛ بخطواته وأسلوبه، في جمع المعلومات بغية الوصول إلى معالجة إشكالية البحث، وعلى هذا الأساس فإن المناهج المناسبة لدراسة هذه الاشكاليات تتمثل في المنهج الوصفي، والتحليلي، والاستقرائي، وذلك عن طريق استقراء، وتحليل النصوص القانونية، فضلا عن ذلك إجراء مقابلات مع الخبراء، وذوي الاختصاص في المؤسسات الأمنية؛ لمعرفة السياسات الأمنية، والمعوقات التي ساهمت في خلق مشكلة البحث، ومن ثم تحليلها وصولا إلى النتائج والتوصيات.

أهداف البحث:

1- دراسة ومعرفة الأطر النظرية، والظروف التي تكونت منها المؤسسات الأمنية استناداً إلى بنائها القانوني، والإداري عن طريق نشاطها الوظيفي، والإمكانيات المساهمة في إدارة مرافق الأمن، وجعلتها تحقق أهدافها المسندة إليها.

2-يسعى هذا البحث إلى توضيح اتجاهات السياسة الأمنية، وأساسها القانوني في رسم وتنظيم المؤسسات الأمنية، وتبيان المعوقات المسببة للأزمة الأمنية، والمتمثلة في الظروف التي تمر بها المرافق العامة للدولة، ومن بينها “المؤسسات الأمنية” وتهدد السير المنتظم للحياة العامة الأمر الذي يشكل خطراً يضر بالصالح العام، وينتج عنه خللاً أمنياً يشكل أزمة أمنية، تحتم اتخاذ إجراءات حاسمة لإعادة الوضع لحالته الطبيعية.

مفاهيم الدراسة:

1-المؤسسات الأمنية: يقصد بالمؤسسات الأمنية الهيئات، والأجهزة، والمصالح، والإدارات، المناطة بمهام المحافظة على النظام العام، والمنظمة بموجب القانون رقم (5) لسنة 2018 بشأن قوة الشرطة، والمعدل بالقانون رقم (6) لسنة 2019 بشأن هيئة الشرطة، وقرار مجلس الوزراء رقم (145) لسنة 2012 ميلادي بشأن اعتماد الهيكل التنظيمي.

2-السياسات الأمنية: توجيهات الإدارة العليا في الدولة متمثلة في مجلس الوزراء، ووزارة الداخلية إلى المؤسسات الأمنية – المصالح، والهيئات، والإدارات، والجهات الأكاديمية، والخدمية، والضبطية إدارية كانت أم قضائية – المتضمنة القيام بعمل يحمي النظام العام، ويواجه الظواهر، والجرائم المستحدثة التي تعكر صفو الأمن العام، وتهدد الاستقرار الوطني، والعالمي.

خطة البحث:

تقتضي دراسة موضوع بناء المؤسسات والسياسات الأمنية في ليبيا الإلمام بالجوانب القانونية، والإدارية التي تنظم المؤسسة الأمنية، وطبيعة نشاطها، ووسائلها التي تحقق بها أهدافها، والوقوف على اتجاهات، ومعوقات السياسة الأمنية في تنظيم المؤسسات الأمنية، وفق الخطة الآتية:

المبحث الأول: النظام القانوني ونشاط ووسائل المؤسسات الأمنية.

المبحث الثاني: اتجاهات السياسة الأمنية ومعوقاتها في المؤسسات الأمنية.

المبحث الأول: النظام القانوني ونشاط ووسائل المؤسسات الأمنية

يتناول هذا المبحث دراسة النظام القانوني للمؤسسات الأمنية، وذلك من خلال القوانين التي تحكم الوظيفة الشرطية، وتحدد المركز القانوني لرجل الشرطة من حقوق وواجبات، وعلاقة الشرطة بالقوانين المنظمة للوظيفة الضبطية، والقضائية، وذلك بما يتفق وطبيعة عمل المؤسسات الأمنية، في المطلب الأول، ثم معرفة طبيعة نشاطها الوظيفي المتميز بشقه الوقائي، والعلاجي، وكذلك خاصية الوسائل المستخدمة في المرفق الأمني في المطلب الثاني.

المطلب الأول: النظام القانوني للمؤسسات الأمنية

تباين الفقه الإداري في تكييف الطبيعة القانونية للعمل الأمني، فمنهم من يقرر أنها سلطة قانونية محايدة؛ كونها تطبق نصوص قانونية، وتخضع لرقابة القضاء، بينما يرى البعض أنها سلطة سياسية، والأصل أن وظيفة الشرطة الإدارية هي المحافظة على النظام العام، وبالتالي فإذا حدث صراع سياسي بين الطوائف السياسية، وقامت السلطة الحاكمة بتحويل الضبط من وظيفة محايدة إلى وظيفة سياسية لتأكيد حكمها والقضاء على المعارضين فإن ذلك يعد انحراف الشرطة عن مهامها وهي في أصلها خيانة[1].

وعلى هذا الأساس فإن طبيعة العلاقة الوظيفية في المؤسسات الأمنية ذات رابطة قانونية مُحكمة بمبدأ المشروعية، المقيدة بالتشريعات المنظمة لهذه المؤسسة، ومن بينها قانونها الخاص الذي حظر على عضو هيئة الشرطة الإنضمام إلى الأحزاب، والمنظمات السياسية أو غيرها من الأجسام السياسية[2].

أولاً- التشريعات المنظمة لمرفق الأمن :

1-المؤسسات الأمنية في قانون الشرطة:

 تتمتع المؤسسات الأمنية بالشخصية الاعتبارية العامة، ولها طبيعتها الخاصة، وذاتيتها التي تجسد عملها، وتميزها بمنهجية تتلاءم وتلك الخصوصية؛ فكانت أمنية “ضبطية بمفهومها الإداري والقضائي”، وقانونية، وإدارية، وفنية، وخدمية، واجتماعية إنسانية نُظمت بوسائل قانونية، ولوائح، وقرارات، وضحت طبيعتها، وآلية عملها بما يحقق الهدف الذي من أجله أنشئت هذه المؤسسات، وقد نصت المادة الأولى منه على أن “الشرطة هيئة مدنية نظامية تؤدي، وظائفها، وتباشر اختصاصاتها برئاسة الوزير”، وتهدف إلى تحقيق الصالح العام عن طريق صلاحيات، ومهام أسندت إليها بموجب نصوص قانونية تحدد اختصاصاتها الملزمة بمواكبة التطورات، التي من شأنها أن تهدد النظام العام بغية رسم سياسات أمنية- ضبطية، وقضائية ــ تهدف إلى تحقيق الردع العام، والخاص.

ويتولى إدارة هذه المؤسسات الأمنية في قانون الشرطة ضابط من بين ضباط الشرطة حيث نصت المادة السابعة منه على أن “يكون تعيين وندب وتكليف مديري الإدارات العامة ومديري الأمن ومديري الإدارات والمكاتب الرئيسية للوزارة من بين ضباط هيئة الشرطة وفقاً لمعايير الأقدمية والكفاءة” وذلك نظراً للطبيعة الخاصة التي تتميز بها الوظيفة الأمنية المسندة إلى رجال الضبط الإداري، والقضائي.

2- اختصاصات هيئة الشرطة:

بينت المادة الثالثة اختصاصات هيئة الشرطة حيث نصت على أن “تختص هيئة الشرطة بمنع الجرائم، وضبطها، ومتابعتها، وكفالة الطمأنينة، والأمن في المجتمع، وحماية الأرواح، والأعراض، والأموال، والممتلكات العامة، والخاصة، وصون الحقوق، والحريات المنصوص عليها في الدستور، والقانون، وغيرها من الاختصاصات الأخرى المنصوص عليها في التشريعات النافذة”[3].

وبناء على ما ورد في المادة سالفة الذكر يتجلى اختصاص هيئة الشرطة بمنع الجرائم قبل حدوتها؛ أي الوقاية من الخطر المهدد للاستقرار، والصحة العامة، والسكينة العامة بما يكفل سير النظام العام دونما قلاقل تعكر صفو الحياة، ولقد بحث الفقه القانوني هذا الاختصاص في نظرية الضبط الإداري المعروفة بالشرطة الإدارية[4]، والتي تُعدُّ الوظيفة الأمنية الأولى لرجال الشرطة وهي من الأنشطة الموكلة للمؤسسات الأمنية تباشرها أثناء قيامها بأعمالها بادئ الأمر، ثم تعقبها مهمة ضبط من قام بارتكاب الجريمة، ومتابعتة، وجمع الأدلة، وسماع أقوال المشتبه فيهم، واحالتهم للنيابة العامة، تماشياً مع ما نص عليه قانون الإجراءات الجنائية الليبي في مواده الخاصة بنظام الضبطية القضائية المتعلقة بالاستدلال والتحقيق –وهو ما تناوله الباحث في الفرع الأول المعنون بنشاط المؤسسات الأمنية من المطلب الثاني- وبالتالي يكون الاختصاص الأصيل لرجال المحافظة على النظام العام بمفهوم الوقاية الشاملة للحياة.

أ-النظام العام :

أسند المشرع الليبي أمر تنظيم جوانب الحياة إلى السلطة التنفيذية وفق ما هو مرسوم في السياسات التشريعية الصادرة عن المشرع، والتي تنظم الحياة البشرية بموجب قواعد قانونية تتضمن في جوهرها أوامر، ونواهي تتصف بالعمومية، والتجريد، والالتزام [5]، ومن هنا تتجلى وظيفة القواعد القانونية في تنظيم شؤون الأفراد بما يكفل التوازن بين حقوقهم الخاصة، والصالح العام[6]، وعلى هذا الأساس فإن اختصاص الشرطة بالمحافظة على النظام العام هو اختصاص شامل لكل ما يهد النظام العام من مخاطر تزعزع سير الحياة البشرية والنظام الكونية.

ب-النظام الاجتماعي :

باستقراء نص المادة الثالثة من القانون رقم (5) لسنة 2018 بشأن قوة الشرطة المعدل بالقانون رقم (6) لسنة  بشأن هيئة الشرطة يلاحظ المرء أنها تنص على تأمين المجتمع من المخاطر، وحمايته من الأضرار بما يرسخ مفهوم الأمن الاجتماعي الذي يعد من أهم حاجات الانسان، ولقد توصلت الدول إلى نتيجة مفادها “أن أمنها، وبقاءها يتوقفان إلى حد بعيد على تحقيق أمن إجتماعي … يوفر ضمانات شاملة تحيط بكل شخص في المجتمع بالرعاية اللازمة”[7].

وعلى هذا الأساس اهتمت وزارة الداخلية، بالأمن الوقائي، والأمن العلاجي، وبهذا يكون الأمن الاجتماعي متضمناً المفهوم الشامل للنظام العام القاضي بالوقاية من كل خطر يهدد حياة المجتمع ويخل بالسير الطبيعي للحياة.

ثانياً- الهياكل التنظيمية للمؤسسات الأمنية واختصاصاتها:

المؤسسات الأمنية هي وظائف مناط بها تأدية خدمة عامة تُمثل سيادة الدولة، وذلك بما تفرضه من ضوابط تجسد مفهوم النظام العام، وتحمي من خلاله الحقوق، وتصون الحريات؛ فهي ــــ مؤسسات أمنية ــــ ذات مهام وظيفية متعددة الاختصاصات، فتارة تكون ضبطية إدارية، وتارة قضائية، وأخرى مؤسسة علمية، أو خدمية إدارية، وأحياناً تجسد الطابع الإنساني، وبذلك تتجلى صورتها في كونها مؤسسات تخدم أفراد المجتمع، والدولة بموجب قوانينها الداخلية التي تقتضي واجبات محددة على من يتولاها، مقابل حقوق قانونية يتمتع بها رجل الشرطة، فيصير بذلك خادماً للشعب وأميناً على أسرار الدولة في القيام بمهام وظيفته وواجباته، وتحمل كل تبعاتها ومسؤولياتها سياسياً، وقانونياً واجتماعياً[8].

وعلى هذا الأساس تكون الجسم الوظيفي للمؤسسات الأمنية من جهات أمنية تتمتع بالاستقلالية القانونية، وذمة مالية مستقلة، وأخرى تتمتع بالضبطية الإدارية، والقضائية، ثم أكاديمية، نظمها مجلس الوزراء في القرار رقم (145) لسنة بشأن اعتماد الهيكل التنظيمي، واختصاصات، وزارة الداخلية، نستعرضه على النحو الآتي.

1-  الجهات التابعة لوزارة الداخلية المتمتعة بالشخصية القانونية:

من خلال استقراء المادتين الخامسة، والسادسة، يلاحظ أن الأولى أشارت إلى الجهات التابعة لوزارة الداخلية المتمتعة بالأهلية القانونية، والذمة المالية المستقلة، المتمثلة في مصلحة الأحوال المدنية، ومصلحة الجوازات والجنسية وشؤون الأجانب، كما تتبع وزارة الداخلية المكونات الإدارية التالية: اتحاد الشرطة الرياضي، وصندوق الرعاية الاجتماعية، وتمارس الجهتان المذكورتان اختصاصاتهما وفقاً للتشريعات المنظمة لهما، ونصت الثانية على أن “يتكون التنظيم الإداري لوزارة الداخلية من التقسيمات التنظيمية التالية-1:  الإدارة العامة لعمليات الشرطة. -2 الإدارة العامة لأمن المنافذ. -3 الإدارة العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية. -4 الإدارة العامة لأمن السواحل. -5 الإدارة العامة لمكافحة الهجرة غير الشرعية. -6 الإدارة العامة لشؤون الشهداء والرعاية الاجتماعية. -7 الإدارة العامة لأمن المعلومات. -8 الإدارة العامة للدفاع المدني. -9 الإدارة العامة لطيران الشرطة. -10 الإدارة العامة للتدريب. -11 الإدارة العامة لحماية الأهداف الحيوية. -12 الإدارة العامة للتفتيش والمتابعة. -13 إدارة شؤون المرور والتراخيص. -14 إدارة شؤون الإمداد. -15 إدارة الشؤون الفنية والاتصالات. -16 إدارة البحث الجنائي. -17 إدارة التخطيط الأمني. -18 إدارة الشؤون القانونية. -19 إدارة العلاقات والتعاون. -20 إدارة الشؤون الإدارية -21 إدارة الشؤون المالية. -22 مكتب الوزير. -23 مكتب الوكيل. -24 مكتب الشرطة الجنائية العربية والدولية. -25 مكتب المناوبة والتنسيق. ويجوز إنشاء فروع للإدارات العامة ومكاتب للإدارات يصدر بشأنها قرارات من وزير الداخلية ويحدد فيها نطاق الاختصاص المكاني لكل منها”.

2 – الجهات التابعة لوزارة الداخلية المتمتعة بالضبطية الإدارية، والقضائية:

حددت المادة السادسة من القرار سالف الذكر التقسيمات التنظيمية المكونة للوزارة وهي على النحو الآتي:

أ-الإدارة العامة لعمليات الشرطة: وهي المعنية باقتراح الخطط الأمنية ودعم الأجهزة الأمنية وإعداد القوة الأمنية وعملية الأهداف الاستراتيجية والحيوية وإعداد التقارير الدورية عن عمل الإدارية.

ب-الإدارة العامة لأمن المنافذ: وهي تقوم بمتابعة حركة الدخول والخروج للأشخاص والأليات والمعدات والعمل على أمن وحماية المطارات والمنافذ البحرية والجوية والبرية وإعداد التقارير الدورية عن عمل الإدارة.

جالإدارة العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية: وهي المعنية بمراقبة النشاط الإجرامي والمشتبه بهم في مجال المخدرات والمؤثرات العقلية والقيام بالدوريات والتحري ومحاربة تجارة المخدرات، وإعدام المواد المخدرة، وإعداد الإحصائيات، والنشرات الدورية وتوعية الناس بمخاطر المخدرات بمختلف، وسائل الإعلام.

د- الإدارة العامة لأمن السواحل: وهي التي تقوم بحماية وحراسة وتأمين السواحل الليبية ومراقبتها وحماية الشواطئ، والتعاون في مجال الإنقاذ البحري والمياه الإقليمية والصيد البحري وحماية المصائف والنوادي البحرية.

هـــ- الإدارة العامة لمكافحة الهجرة غير الشرعية: تتولى فرض السيطرة الأمنية على الحدود ومنع تهريب الأشخاص والتسلل غير القانوني ومباشرة أعمال الترحيل للمخالفين لشروط الدخول والخروج وإقامة الأجانب، واتخاذ الإجراءات القانونية بشأنهم، ووضع بطاقة المعلومات عن قضايا التهريب والهجرة غير الشرعية والإشراف المباشر على مراكز مكافحة التسلل والتهريب ونقاط التمركز الحدودية وإعداد التقارير الدورية عن عمل الإدارة.

و-الإدارة العامة للدفاع المدني: تختص بوضع الخطط والمشروعات المتعلقة بالدفاع المدني ومتابعة تنفيذها في أوقات السلم والحرب، ومواجهة الكوارث الطبيعية.

ز-الإدارة العامة لطيران الشرطة: تُسيّر الدوريات الأمنية عبر المسارات، والممرات الجوية، والقيام بعمليات الدعم، والإسناد الجوي، والقيام بصيانة الطائرات العاملة، وتوفير قطع غيارها، وكل المهام الأخرى التي تسند إليها من قبل وزير الداخلية.

ح-الإدارة العامة لحماية الأهداف الحيوية: هي التي تقوم بحماية الشخصيات الهامة الوطنية، والأجنبية، وحماية وحراسة سفارات الدول الأجنبية، والقنصليات، والبعثات الدبلوماسية الدولية، وحماية المقرات الوزارية، والمتاحف، والمنشأت الحكومية، وتأمين المؤسسات الحيوية والهامة.

ط-إدارة شؤون المرور  والتراخيص: تطبيق قانون المرور والسير على الطرقات العامة، وإقامة نقاط للبوابات النائبة، والتراخيص للقيادة، والتجول، واللوحات المعدنية للمركبات الآلية، وكل ما يخص أمن المرور.

ي – إدارة البحث الجنائي: هي المعنية بإصدار شهادات الحالة الجنائية وفحص الأسلحة والذخائر ذات الصلة بالجرائم الجنائية والتحقيق من شخصية الجثت المجهولة وفحص المركبات والآلات، والأبواب والأقفال والخزائن وإعداد النشرات الجنائية والقيام بأعمال التحري وجمع الاستدلالات عن المجرمين الخطرين المطلوبين في القضايا المختلفة والبحث والتحري والقبض والكشف عن الجرائم المجهولة والجريمة المنظمة وإعداد التقارير الدورية عن عمل الإدارة.

ك-إدارة الشؤون القانونية: هي المعينة بإعداد ومراجعة مشروعات القوانين واللوائح ومشروعات القرارات المتعلقة بالوزارة وإبداء الرأي القانوني، وتقديم المشورة القانونية ومراجعة العقود التي تبرمها الوزارة مع الغير، ومتابعة الشؤون المتعلقة بحقوق الإنسان، ومراجعة الاتفاقيات الدولية وإعداد التقارير الدورية عن عمل الإدارة.

3ـ – الجهات التابعة لوزارة الداخلية المتمتعة بالطابع الخدمي:

وهي تلك الجهات التي تقدم خدمة للوظيفة الأمنية، ومنتسبيها، وتضمن سير المؤسسات الأمنية بانتظام واطراد، وتحقق الصالح العام والخاص معاً،  وتتمثل فيما يلي:

أ-إدارة الشؤون الإدارية: هي التي تقوم بمباشرة إجراءات التعيين، والتنسيب، والترقية، والندب، والإعارة، والاستقالة، والعزل، والإحالة على التقاعد، والتخطيط لاحتياجات الوزارة، وتسوية أوضاع الموظفين، وتشكيل لجان التحقيق، ومجالس التأديب، والقيام بأعمال التوثيق الإلكتروني، وأي مهام أخرى تسند إليها من قبل وزير الداخلية بما لا يخالف التشريعات النافذة.

ب-إدارة التخطيط الأمني: هي التي تهتم بوضع الخطط والبرامج اللازمة في مجال الأمن ومتابعتها وتجميع كافة المعلومات والبيانات من مكونات الوزارة والعمل على تطوير الأداء الأمني وإقامة الدراسات والبحوث ذات العلاقة.

ج-إدارة العلاقات والتعاون: هي التي تقوم بتنظيم الاجتماعات واللقاءات والاحتفالات في مختلف المجالات والمناسبات لعمل الوزارة، والمشاركة في المعارض والمهرجانات والترتيبات اللازمة للمراسم في استقبال الضيوف والتغطية الشاملة للمناشط ومتابعة سير التعاون الأمني بين ليبيا والدول المجاورة، وأي مهام أخرى تحدد من قبل وزارة الداخلية.

د-الإدارة العامة للتفتيش والمتابعة: هي المعنية بجولات تفتيشية مفاجئة على الأجهزة والمصالح والإدارات التابعة لوزارة الداخلية، وتسيير الدوريات، ومتابعة إجراءات الضبط، والربط، والتفتيش الميداني على وسائل النقل، والمواصلات، ورصد حالات المخالفة، وضبطها، واتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها وقبول الشكاوى من المواطنين، والتحري عنها، والتحقق فيها، وعرضها على الجهات المختصة.

هـ-الإدارة العامة لشؤون الشهداء والرعاية الاجتماعية: وهي تتعلق بتنظيم ملفات الشهداء ومتابعة أحوالهم ومزاياهم وفقاً للتشريعات النافذة، وتقديم الرعاية الاجتماعية للمتقاعدين وأسر الشهداء.

و-إدارة الشؤن المالية: هي المتعلقة بإعداد مشروعات الميزانية الخاصة بوزارة الداخلية، ومسك السجلات المحاسبية، وإصدار التفويضات المصلحية المالية، وأذونات الصرف، والصكوك، وصرف المرتبات، وحفظ الوثائق المتعلقة بالعقود التي أبرمتها الوزارة، ومراجعة المصارف، والأجهزة الرقابية، والفنية المختصة وإعداد مشاريع عقود التوريد والتركيب والأشغال العامة والإجراءات الأولية للتعاقد والوثائق اللازمة لذلك بالتنسيق مع إدارة الشؤون القانونية.

ز-إدارة شؤون الإمداد: هي التي تقوم بتجهيز احتياجات الوزارة من معدات، وآليات، وأدوات، وأسلحة وذخائر، ومهمات، والتعاون مع أقسام الإمداد، والمخازن، وإعداد التقارير، والبيانات، والاحصائيات، وإجراء المواصفات الفنية اللازمة للمخازن، وتقديم المشورة الفنية لمديريات الأمن، والإدارة العامة، والقيام بأعمال التمويل، والإعاشة، والصيانة الدورية لمقار الإدارات، والأقسام، والمكاتب التابعة لوزارة الداخلية.

ح-إدارة الشؤون الفنية والاتصالات: هي التي تقوم بوضع واعتماد التصاميم الفنية اللازمة لمشاريع الوزارة وإعداد المقترحات الخاصة بوسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية بما يضمن فاعلية الاتصالات وصيانة الأجهزة الفنية ومنظومات وشبكات الاتصال السلكي واللاسلكي وإعداد التقارير الدورية عن عمل الادارة.

ط-الإدارة العامة لأمن المعلومات: وتهدف هذه الإدارة إلى توفير الحماية الأمنية للنظام والأمن العام للدولة وحماية أمن البلاد وتأمين سلامتها ومتابعة الأنشطة الإرهابية ورصد الأنشطة المعادية والمشبوهة، وإعداد التقارير الدورية عن عمل الإدارة.

4 – الجهات التابعة لوزارة الداخلية المتمتعة بالطابع الأكاديمي:

وتتمثل المؤسسات الأكاديمية في كلية الدراسات العليا للعلوم الأمنية، وكلية ضباط الشرطة، وكلية ضابطات الشرطة، والمعهد العالي للضباط، والإدارة العامة للتدريب وما يتبعها من معاهد تدريبية.

أ-المؤسسات العلمية ذات الطابع الأكاديمي: تُعدّ أكاديمية العلوم الأمنية المؤسسة العلمية لوزارة الداخلية، وقد أنشئت بموجب القرار رقم (139 ) لسنة 2012، وتختص بإعداد وتخريج كوادر أمنية، وفقاً للنظم التعليمية المؤسسة على أصول علمية، تضم كافة المستويات التعليمية بدءًا من التعليم الإعدادي، والمتوسط في المعاهد، وثانويات الشرطة، وكلية ضباط الشرطة، وكلية ضابطات الشرطة، وصولاً إلى التخصصات العليا الماجستير بكلية الدراسات العليا للعلوم الأمنية، وتهدفالدراسة في كليات العلوم الأمنية إلى تحقيق ما يلي:

  • إعداد وتأهيل وتدريب ضباط الشرطة،
  • ترسيخ البحث العلمي وتخريج متخصصين على مستوى عالٍ في الميادين الأمنية والشرطية والاجتماعية،
  • دراسة الظواهر والمشكلات الأمنية ذات الأبعاد المحلية والعربية والعالمية وحثهم بتقديم الحلول الناجحة لها،
  • القيام بالدراسات والبحوث اللازمة لتطوير الأجهزة الأمنية،
  • تنمية روح البحث العلمي لدى منتسبي كليات الأكاديمية وتدريبهم على أساليب ومنهجية البحث العلمي،
  • تقديم المعرفة في كافة المجالات الأمنية لخدمة المجتمع والمساهمة في تطوير وتنمية مقدرته.

 ونتيجة لما مرّت به البلاد من نزاعات مسلحة كان من شأنها تعطيل بعض المرافق الأمنية الواقعة في دائرة الاشتباكات، الأمر الذي توقفت معه مرافق الأكاديمية عن مسيرتها العلمية، والتي من بينها كلية الدراسات العليا للعلوم الأمنية، وكلية الضباط وكلية الضابطات، والمعهد العالي للضباط، وكذلك الإدارة العامة للتدريب؛ فكانت سبباً رئيساً في خلق أزمة التطوير العلمي للكوادر الشرطية.

بالإدارة العامة للتدريب: تختص بوضع الخطط السنوية للمؤسسات، والمعاهد والمراكز التدريبية، ووضع المناهج الدراسية، وإعداد التقارير الختامية على الخطط التدريبية وإعداد الإحصائيات الخاصة بالتدريب في الداخل والخارج والتعاون مع المؤسسات التدريبية الوطنية والخارجية للاستفادة من البرامج التدريبية وغيرها من المهام.

5- الجهات المستحدثة في وزارة الداخلية:

أ-جهاز أمن الحدود: أنشأ بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (635 ) لسنة2021 الصادر في 21/11/2012 يتبع وزارة الداخلية، ويتمتع بالذمة المالية المستقلة، ومقره الرئيسي طرابلس، ويجوز فتح مكاتب له ببعض المناطق والمدن حسب الحاجة، ويختص بإعداد وتنفيذ الخطة الاستراتيجية الوطنية الشاملة لإدارة أمن الحدود، وضبط النظام العام من خلال تسير دوريات راكبة خارج مخططات المدن، والقرى في المناطق الصحراوية، والحدودية[9].

ب-قوة التدخل والسيطرة: صدرت بموجب قرار مجلس الوزراء رقم(960) لسنة 2022، وتختص بتنفيذ السياسات الأمنية التي تضعها الدولة في مجال مكافحة العصابات الإجرامية التي تمتهن الجريمة المنظمة في التهريب وتجارة المخدرات والأسلحة وغسيل الأموال والوقود والسرقة والحرابة وأي جريمة أخرى تمس النظام العام[10].

المطلب الثاني: نشاط ووسائل المؤسسات الأمنية

أولاً- نشاط المؤسسات الأمنية

تباشر السلطة التنفيذية مهامها في مرافق عامة تؤدي فيه نشاطها، وتقدم خدماتها، ولهذا نظم المشرع في قانون الوظيفة الأمنية طبيعتها المتكونة من وظيفتين أساسيتين هما: الوظيفة الضبطية، المعروفة بالشرطة الإدارية[11] -كما سبق القول-، والضبط القضائي نتناولها على النحو الآتي:

1- الضبط الإداري:

نظم المشرع الليبي المرافق الإدارية بموجب سند قانوني تمتعت بمقتضاه بالشخصية المعنوية[12]، حيث يحدد اختصاصها، والمركز القانوني الخاص بها، وتناول الفقه القانوني دراستها، وبحثها، وفقاً للسياسة التشريعية، والقضائية، والإدارية، وعلى هذا الأساس فإن النظريات التي تحكم المؤسسات الأمنية هي نظريات القانون الإداري، وعلى وجه الخصوص نظرية الضبط الإداري التي تحكم المؤسسات الأمنية، فما هي ماهيتها، وهيئاتها، ووسائلها؟.

أ ــــ تعريف الضبط الإداري:

يذهب الفقهاء إلى تعريف مفهوم الضبط بأنه (مجموعة من القواعد التي تفرضها سلطة عامة على الأفراد في حياتهم العادية أو لممارسة نشاط معين بقصد صيانة النظام العام، أي لتنظيم المجتمع تنظيما وقائيا،  وهذه القواعد تتخذ بشكل قرارات عامة تنظيمية أي لوائح أو شكل إجراءات فردية أي أوامر ونواهي توجه إلى الأفراد[13].

ويعرفه الدكتور عاشور شوايل بأنه “إجراء من الإجراءات الإدارة اللازمة لضبط النظام العام وللحد من حريات الأفراد بشكل لا يؤدي للإضرار بالآخرين كالمحافظة على الأمن العام، والصحة العامة، والسكينة العامة” [14].

ب ــــــــ تحديد الهيئات المختصة بالضبط:

يمكن تحديد الهيئات ذات الاختصاص بالضبط الإداري طبقا لما تقرره التشريعات النافذة، وتتمثل في: المؤتمر الوطني العام أو البرلمان، باعتباره السلطة التشريعية ذات الاختصاص الأصيل في إصدار القوانين والتشريعات المختلفة، والحكومة باعتبارها الأداة التنفيذية لما تصدره السلطة التشريعية من قوانين وكذلك اللوائح والقرارات التنفيذية الصادرة بمقتضاها، وهيئة الشرطة[15]المنظمة بموجب القانون رقم(5) لسنة 2018 بشأن قوة الشرطة المعدل بالقانون رقم( 6) لسنة 2019، بشأن هيئة الشرطة، وغيرها من الاختصاصات الأخرى المنصوص عليها في التشريعات النافذة.

ج ــــ وسائل الضبط الإداري:

تنظم وسائل هيئات الضبط الإداري بموجب القرارات التنظيمية (“لوائح الضبط الإداري” التي تتخذ المظاهر التالية[16]: الحظر، والأذن المسبق (الترخيص)، الإخطار، توجيه النشاط وتنظيمه، القرارات الفردية (قرارات الضبط الإداري الفردية) التنفيذ المباشر (التنفيذ الجبري) الذي يُعدّ إجراءً استثنائياً تقوم هيئات الضبط الإداري باستخدام القوة المادية لإعادة النظام العام متى توافرت شروط محددة يقتضي توافر الشروط الأتية:

  • أن يوجد نص قانوني صريح يجيز التنفيذ المباشر.
    • ألا يوجد سبيل أخر غير التنفيذ الجبري يعنى لا يستخدم هذا الأسلوب إلا في حالة الضرورة.
  • إن تترك الإدارة الفرصة للأفراد الأمر الضبطي اختياريا وفي الوقت المناسب وفي حالة امتناع الأفراد كان لها استعمال التنفيذ الجبري.

2- الضبط القضائي:

لتنظيم الحياة يقتضي الأمر ضبط المخالفين للقانون، واتخاذ إجراءات حيالهم، وهذه الإجراءات تتنوع من حيث جهات الضبط؛ فقد تكون اجتماعية، أو إدارية، أو قضائية تحمل في طياتها العقوبة، وفلسفة الإصلاح، ولقد أسند المشرع الليبي هذه المهمة – الضبط القضائي- إلى المؤسسات الأمنية يتولى إدارة مهامها مأموري الضبط الذين حددتهم المادة (13 ) من قانون الإجراءات الجنائية التي نصت على أن “يُعدّ من رجال الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم رجال الشرطة من ضباط وضباط صف وجنود من رتبة شاويش على الأقل، ضباط السجون، رجال حرس الجمرك، رجال الحرس البلدي، وسائر الموظفين المخول لهم اختصاص مأمور الضبط القضائي بمقتضى قانون أو مرسوم”؛ كي يقوموا بإثبات وقوع الجريمة، وضبط المجرم[17] وإحالته للنيابة العامة، ومن ثم إعادة تأهيله في المؤسسات الإصلاحية بعد الحكم عليه بالعقوبة السالبة للحرية، ولخطورة هذا العمل على حريات الأفراد قرر المشرع تخصيص صفة مأمور الضبط القضائي لمباشرة أعمال الضبط القضائي.

وعلى هذا الأساس نظم المشرع الليبي مركز مأمور الضبط القضائي، واجتهد الفقه[18] في دراسة نظام الضبطية القضائية في الاستدلال والتحقيق.

أ-اختصاص مأمور الضبط القضائي في جمع الاستدلالات:

عرفنا فيما سبق أن علاقة مأمور الضبط القضائي في تأدية مهامه هي علاقة تنظيمية يحكمها القانون، ومن هنا خص من قانون الإجراءات الجنائية الليبي مأمور الضبط القضائي بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم لتحقيق والدعوى[19]، وجعل تبعيته إلى النيابة العامة[20]، وحدد قانون الإجراءات الدور المناط به مأموري الضبط القضائي المتمثل في البحث عن الجرائم، ومرتكبيها،  وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق والدعوى، واجتهد الفقه القانوني، والشرطي في تحقيق هذه المهمة عن طريق اتباع جملة من الخطوات[21] بدءًا بقبول التبليغات، والشكاوى، واتخاذ إجراءات جمع الاستدلال من سماع أقوال المشتبه فيهم، وإجراء التحريات، معاينة مسرح الجريمة، والتحفظ عليه، وتحريز الأدلة، وجمع المعلومات الكافية عن الجريمة من الشهود، أو المصادر الموثوق بها، وله الاستعانة بفريق يتكون من الطب الشرعي، والمصور الجنائي، والخبراء، على أن يحرر تلك الإجراءات في محضر جمع الاستدلالات، ويحال للنيابة العامة. 

ب- اختصاص مأمور الضبط القضائي في التحقيق:

يباشر مأمور الضبط القضائي اختصاصه مستنداً إلى سند قانوني يُجيزه، وعلى هذا الأساس نصت المادة (19 ) قانون الإجراءات الجنائية الليبي على أن “لمأمون الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك ولهم أن يستعينوا بالأطباء وغيرهم من أهل الخبرة ويطلبوا رأيهم شفهياً أو بالكتابة”.

ولا يجوز لهم تحليف الشهود أو الخبراء اليمين إلا إذا خاف ألا يستطيع فيما بعد سماع الشهادة بيمين”،

والملاحظ على هذه المادة أنها أوضحت اختصاصات مأمور الضبط القضائي في غير حالات التلبس ووضعت ضوابط على عملية جمع الاستدلالات، وحصرها في حدود معينة، وفي هذا تقرر المحكمة العليا الليبية ذلك حيث ورد في حكمها “أن ما يجريه مأمور الضبط القضائي ليس من قبيل التحقيقات بل هو جمع للاستدلالات في مراحله الأولية لضبط الجرائم التي ترتكب، وتقديم البيانات الأولية إلى سلطة التحقيق، ولا يكون ما ورد بها حجة إلا إذا تأكد عن طريق التحقيق الابتدائي النهائي الذي تجريه المحكمة ويؤسس عليه الحكم”[22].

 ويكون اختصاص مأمور الضبط القضائي في حالات التلبس إذ يجب عليه – مأمور الضبط القضائي- الانتقال إلى محل الواقعة إذا كانت الجريمة جناية أو جنحة، وإبلاغ النيابة العامة بذلك، ومعاينة الآثار المادية للجريمة، وتحريرها، والمحافظة على مسرح الجريمة، ووصف حالة المكان، وسماع أقوال الحضور، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة [23].

كما وضح المشرع الليبي صلاحيات مأمور الضبط القضائي في حالة التلبس؛ فنص في مادته (22) على صلاحية مأمور الضبط القضائي في منع الحاضرين من المغادرة، وله سماع أقوالهم، وفي حالة ما إذا امتنع أحد الحاضرين وخالف أوامر مأمور الضبط القضائي عليه أن يثبت ذلك في المحضر، وتوقع على الممتنع العقوبة الواردة في المادة (23 )من قانون الإجراءات الجنائية الليبي، ومن اختصاصات مأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر في الجنايات، وفي أحوال التلبس بالجريمة المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد عن ثلاثة أشهر، أو كانت الجريمة جنحة معاقب عليها بالحبس وكان المتهم موضوعاً تحت المراقبة البوليس أو كان قد صدر إليه إنذار باعتباره متشرداً أو مشتبهاً فيه، أو لم يكن له محل إقامة ثابت ومعروف في ليبيا.

وفي جنح السرقة والنصب والتعدي الشديد ومقاومة رجال السلطة العامة بالقوة أو بالعنف والقوادة وانتهاك حرمة الآداب والمواد المخدرة[24]، ولمأمور الضبط القضائي الأمر بضبط المتهم إذا لم يكن حاضراً وسماع أقواله فوراً وإذا لم يأت بما يبرئه يحال إلى النيابة العامة خلال ثمان وأربعين ساعة.

وتعتبر صفة مأمور الضبط القضائي من الصفات المهمة في المؤسسات الأمنية، والأجهزة القضائية، لذلك نظمها المشرع بقانون وبين تبعيتها، ومسؤولة من يباشر أعمالها جنائياً، ومدنياُ، وأمنياً.

ثانياً- وسائل المؤسسات الأمنية

1- الوسيلة البشرية:

تُدار المؤسسات الأمنية بالعناصر المشتركة وظيفيا؛ فهي -كأي إدارة- تعمل بواسطة ترابط، وتنسيق متكامل داخل الهيكل التنظيمي[25]؛ لتحقيق الأهداف التي من شأنها تأسست الإدارة، وتتكون هيئة الشرطة من ضباط حددتهم المادة الثامنة “لواء، عميد، عقيد، مقدم، رآئد، نقيب، ملازم أول، ملازم”.

والضباط صنفتهم المادة التاسعة على نحو الآتي: نائب ضباط أول، نائب ضابط، مساعد ضابط أول، مساعد ضابط، رئيس عرفاء أول، رئيس عرفاء، عريف، نائب عريف، شرطي.

وفيما يخص الموظفين المدنيين المنسبين للوزارة وضحت المادة العاشرة القانون الواجب التطبيق عليهم وهو قانون الوظيفة العامة، كما يسري قانون الشرطة على الموظفين المدنيين فيما يخص المزايا المقررة لأفراد هيئة الشرطة حيث نصت على أن “تكون الدرجات الوظيفية للموظفين في قوة الشرطة وفقاً لقانون الوظيفة العامة على أن يصدر قرار الترقية بكافة الدرجات بقرار من الوزير يتمتع الموظف المدني التابع لوزارة الداخلية بالمزايا المقررة لأفراد هيئة الشرطة”.

وترتب على التقدم التكنولوجي أن تطورت الجريمة، وتأزمت، وتعقدت، ودعت الحاجة إلى ضبط المجرمين، والسيطرة على البؤر الإجرامية، والقضاء عليها بالطرق العلمية الحديثة؛ ليتحقق الأمن، ويعم الاستقرار، وتحافظ الدولة على كيانها، الأمر الذي يتطلب مواكبة جهاز الأمن تلك التطورات العلمية، والتقنية، وتبصّيرهم بالنظريات الأمنية الحديثة، وإلمامهم بالدراسات الأمنية، والقانونية، والعلوم ذات الصلة ومنها الالكترونية؛ ليواكبوا التطور من أجل إيجاد الوسيلة المناسبة للقضاء على الأزمة الأمنية [26].

وعلى هذا الأساس أنشئت أكاديمية الشرطة للعلوم الأمنية بموجب القرار رقم( 118) ، ثم صدر القانون رقم( 139) لسنة 2012 بشأن الأكاديمية غير أنه لم يفعل بعد، وتنحصر مكوناتها في كلية الدراسات العليا للعلوم الأمنية، وكلية ضباط الشرطة، وكلية ضابطات الشرطة، والمعهد العالي للضباط التابع حاليا للإدارة العامة للتدريب، وجُلها تعمل على حدة، رغم المحاولات التي بذلت لتفعيلها غير أن الظروف السائدة أحالت دون ذلك.

كما أنها –المؤسسات التعليمية- تواجه أزمة التخصص[27]؛ فتكمن تلك الأزمة في أن منهج كلية ضباط الشرطة يغلب عليه الطابع العام، حيث يتضمن مواد أمنية، وقانونية، وأخرى عامة ذات علاقة بالعلوم الشرطية، وكذلك الحال في كلية ضابطات الشرطة، والملاحظ على هذين المنهجين عموميتهما، وفقدانهما الجانب التخصصي الشرطي، وذلك لاعتمادهما على الجانب النظري العام، وخلوهما من الجانب التخصصي المهني، والفني الشرطي.

ولعل من مساوئ الأزمة الأكاديمية، عدم اهتمام القطاع الأمني بالجانب العلمي، وذلك يعود لعدة أسباب، منها قلة الثقافة العلمية عند من يرسمون السياسات الأمنية للمؤسسات الأمنية، وعدم الاهتمام بالمقترحات المقدمة من المؤسسات الأمنية ذات الطابع الأكاديمي، وانشغال من له كلمة الفصل بالجانب الميداني الناتج عن المنازعات المسلحة، حيث عقدت بعض الاجتماعات مع وزير الداخلية المفوض ضمت مدراء الكليات، والإدارة العامة للتدريب[28]، وتم وضع منهجية الغرض منها تفعيل القرار رقم( 139) لسنة 2012، بشأن إنشاء أكاديمية العلوم الأمنية، ولم تفعّل حتى الآن[29].

كما أن منهج المؤسسات الأمنية المتعلقة بمسألة إختيار، وتجنيد، وإعداد رجال الشرطة، عن طريق تدريبهم في الآونة الأخيرة يعتريه العديد من المآخذ، وذلك لعدم توافقها مع السياسات الوظيفية، ولتغليب الأمر الواقع المسيطر على المشهد الأمني، ومن بين تلك الأساليب التي تم العمل بها دمج الثوار في الوظيفة الأمنية في ظروف استثنائية مرّت بها الدولة تمثلت في النزاعات المسلحة الداخلية، والتي طالت مؤسسات التعليم بوزارة الداخلية الواقعة في دائرة الاشتباك مما دفع الأمر بكلية الدراسات العليا للعلوم الأمنية، وكلية ضباط الشرطة، والإدارة العامة للتدريب بترك مقراتها وتفريق الطلبة، وأوقفت الدراسة والتدريب معاً.          

2 -الوسيلة المادية:

 يتوقف عمل الإدارة على مدى توفر الامكانيات الضرورية لإنجاز العمل المطلوب، ولاشك أن مهمة الأمن تتطلب معدات خاصة من خلالها يتم ضبط النظام، والسيطرة على المخاطر التي تهدد الإنسانية، وباعتبار أن الجريمة ظاهرة اجتماعية تتطور بتطور الحياة يقتضي الأمر مكافحتها بواسطة العلم، والتجهيزات الخاصة لطبيعة هذا المرفق السيادي بما يكفل الاستقرار، والحياة الكريمة للمواطن، ومن أهم تلك التجهيزات التي يحتاجها الأفراد المعنيُّونَ بالتعامل مع الأزمات الأمنية والكوارث إلى التدريب المستمر في هذا المجال حتى يكونوا في أتم الجاهزية العلمية، والنفسية، والعملية لإدارتها بكفاءة وفاعلية، حيث تتم عملية تدريب رجال الضبط الإداري والقضائي من خلال عدة أساليب[30] تحقيق ما هو مرجو منها وهي كالتالي:

-إلقاء المحاضرات العلمية عملياً ونظرياً، والقيام بورش عمل وندوات تخص إدارة الأزمات الأمنية،

 -تجهيز المؤسسات الأمنية بأحدث المعدات الالكترونية، التي تخدم الوظيفة الشرطية،

– إعداد ضباط، وضباط صف، وأفراد متخصصين في المجالات الأمنية كإدارة الأزمات، والأمن السبيراني، والجرائم المستحدثة،

-الاستعانة بمدربين متخصصين من عدة دول للتدريب داخل الدولة،

 -إجراء دراسات أكاديمية دقيقة في المجالات الأمنية والاستفادة من نتائجها، وتوصياتها.

3-الوسيلة القانونية:

تباشر الإدارة اختصاصاتها من خلال القرارات الإدارية الصادرة بإرادتها المنفردة دون تدخل خارجي عدا الوقائع المادية الخارجة عن إرادة الإدارة التي أجبرتها على إصدار قرار يعالج الخطر المهدد للنظام العام، وهذه الميزة الممنوحة للمؤسسات الأمنية، قد تشكل خطر على مصالح الأفراد، ولكن لا مفرّ من اتخاذ تدابير وقائية، وعلاجية من شأنها القضاء على الخطر الأمني، فالمشرع يفسح المجال للمؤسسات الأمنية بمعالجة الإشكالات التي تعيق الأمن وتهدد الاستقرار، وتخلق الكوارث، ويُمكّن القانون الأفراد من الالتجاء إلى القضاء لرفع ما لحقه من ضرر.

وعلى هذا الأساس فإن المؤسسات الأمنية، وهي تعالج مشاكلها الأمنية، وتواجه الكوارث تستخدم القرار الإداري، كوسيلة قانونية تجيز لها التصرف باتخاذ إجراء يواجه خطر، ولها في سبيل ذلك أن تستعين بسلطة تقديرية؛ لغرض السيطرة على الخطر، والمحافظة على النظام العام، وألزم المشرع خضوع تصرفاتها لرقابة القضاء الإداري، فنص في القانون رقم( 88) لسنة 1971 بشأن القضاء الإداري[31]، على اختصاص دوائر القضاء الإداري بمحاكم الاستئناف بالنظر في المنازعات المرفوعة بشأن الطعن في ركن من أركان القرار الإداري.

وبهذا فإن علاقة رجال الشرطة بالوظيفة الأمنية علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح[32]أي أن المشرع ينظم المركز القانوني للموظف من حقوق وواجبات- بصفة عامة ومجردة، وبالتالي لا يجوز مخالفة القوانين واللوائح التي تنظم الوظيفة العامة، وقد اتجه المشرع والقضاء في ليبيا إلى الأخذ بالرابطة التنظيمية وأورد المشرع مبدأً عاماً في أداء أعمال الوظيفة مفاده أن الوظائف العامة تكليف وليست تشريف، يلتزم بها الموظف العام أيا كان بالوظيفة المسندة إليه.

ومن هنا يتجلى للمرء الوسيلة القانونية التي تنظم العمل الشرطي وهي المتمثلة في: قانون الشرطة، وتعديلاته، وقانون الوظيفة العامة الليبي – رقم( 12) لسنة 2010 بشأن إصدار قانون علاقات العمل[33]– والقانون رقم( 88 ) لسنة1971 بشأن القضاء الإداري[34]، وكذلك قانون العقوبات الليبي، وقانون الإجراءات الجنائية.

المبحث الثاني: النظام القانوني للسياسة الأمنية ومعوقاتها في المؤسسات الأمنية

السياسات العامة في الغالب تضعها السلطة التشريعية، وتقوم الإدارة المتمثلة في الحكومة بتنفيذها، وتستهدف تحقيق المصلحة العامة، وليس المصالح الخاصة المقتصرة على فئة معينة من أفراد المجتمع أو إقليم معين من الدولة، وتعد المؤسسات العامة العامل الأول، والأساسي في تنفيذ السياسات العامة؛ لإحتوائها على عناصر بشرية تتمتع بالكفاءة والخبرة الداعمة؛ لتنفيذ السياسات المطلوبة بفاعلية، وقدرة عالية، وذلك بما أوتيت هذه الوسيلة من تعليم، وتدريب تخصصي هادف للسيطرة على الاشكاليات المهددة للنظام العام من خلال ما تملكه المؤسسات العامة من سلطة الاجبار والالزام والوسائل والامكانيات.

ولما كانت المؤسسات الأمنية تهدف إلى معالجة الإشكاليات التي تعيق تنفيذ السياسات الأمنية فإن معرفة النظام القانوني لتلك السياسات، وبيان معوقاتها في المؤسسات الأمنية، وما تمر به من أزمات تعرقل منهجها التطبيقي، وتوضيح مسببات الأزمة هو محل دراسة هذا المبحث، وذلك على النحو التالي.

المطلب الأول: النظام القانوني للسياسات الأمنية

يقرر الفقه أن السياسة العامة هي طريق الحكومة في التعبير عن أفعالها وأنشطتها[35]، وهذا التعبير إما أن يكون في شكله التنظيري، كالقوانين، واللوائح، والقرارات التي تصدرها الجهات المناط بها رسم السياسات العامة ومنها الأمنية، أو في شكله التطبيقي لتعالج بها الأزمات التي تمر بها المؤسسة، بغية المحافظة على مبدأ دوام سير المرافق العامة بانتظام وإطّراد.

 ولقد نص المشرع الليبي[36] على الأساس القانوني لرسم السياسات في المؤسسات الأمنية، وأثبت الواقع العملي بيان معوقات الأزمة التي تعانيها المؤسسات الأمنية نوضحهما على النحو الآتي:

أولاً- الأساس القانوني للسياسات الأمنية في المؤسسات الأمنية:

إن دراسة الأساس القانوني للسياسات الأمنية في قانون الشرطة تقتضي معرفة القواعد القانونية المنظمة لها، وذلك من أجل تبيان المركز القانوني للجهة المختصة بهذه الوظيفة، ومعرفة المعايير المحددة للاختصاص الموضوعي المتعلق بالسياسات الأمنية، وذلك على النحو الآتي:

1-القواعد القانونية المنظمة للسياسات الأمنية :

تناولت قوانين الوظيفة العامة قواعد قانونية تنظم شؤونها العملية؛ فقد كان لقانون هيئة الشرطة دور مهم في إرساء السند القانوني للسياسات الأمنية التي تنفذها وهو بصدد المحافظة على النظام العام، حيث جاء نصها على النحو الآتي :”ينشأ بالوزارة مجلس يسمى (المجلس الأعلى لشؤون الشرطة) يشكل من ضباط الشرطة ذوي الرتب العليا لا يقل عددهم عن أحد عشر عضوا من ذوي الوظائف أو الرتب العليا على أن يكون من بينهم عضو قانوني لا تقل درجته عن الحادية عشر، ويعاد تشكيله كل سنتين”. ويصدر بتشكيل المجلس وتنظيم أعماله وتحديد مكافئاته بقرار من الوزير”.

ونظراً لأهميته إشتراط المشرع أن يُشكل المجلس ممن يتمتعون بالكفاءة، والرتب العليا ممن تعول عليهم الوزارة في تسيير مهامها، والمسند لهم رئاسة المناصب العليا، لكونهم الأكثر دراية، وخبرة، بمجريات الأمور أمنياً داخل المؤسسات الأمنية، فضلاً عن كونهم منفذي السياسات الأمنية، ومطلعين على خفايا سير العمل الأمني، ولهم ملكة أمنية تمكنهم من تأسيس منهجاً عملياً يستند على سياسات أمنية مُحكمة.

2-اختصاص المجلس الأعلى لشؤون الشرطة:

 بيّن المشرع في المادة (15) اختصاصات المجلس الأعلى لشؤون الشرطة حيث نصت على أن: “يختص المجلس الأعلى لشؤون الشرطة بمعاونة الوزير في رسم السياسة العامة والاستراتيجية الأمنية للوزارة ووضع خططها وتطوير أجهزتها وأسلوب عملها وتحديث أدائها الأمني والإداري بما يرفع مستوي هذا الأداء على أكمل وجه. ووضع السياسات الكفيلة برفع المستوى المعيشي لأعضاء قوة الشرطة واقتراح الملاك الوظيفي والأجور والمرتبات والعلاوات والمكافئات كلما اقتضى الأمر”. كما يختص بالنظر في شؤون أعضاء قوة الشرطة على الوجه المبين في هذا القانون وله على الأخص ابداء الرأي الاستشاري في المسائل الآتية:

-اقتراح تعيين الضباط وضباط الصف والأفراد في وزارة الداخلية،

-الاستقالة أو الاحالة للخدمة المدنية،

-الإحالة إلى التقاعد المبكر،

-الترقية حتى رتبة مقدم،

-حركة التنقلات السنوية،

-الإعادة إلى الخدمة.

-اقتراح الترشيح لشغل الوظائف القيادية،

-اقتراح التنظيم الداخلي للوزارة،

-اقتراح تحديد معايير وشروط وضوابط وإجراءات التقييم بالتقارير السرية والسنوية وتنظيم إجراءات إعدادها وتاريخ تقديمها،

– اقتراح شروط ومعايير وضوابط الحصول على الأنواط والأوسمة والشارات والمرشحين للحصول عليها،

-اقتراح تحديد أوضاع وشروط استحقاق وقيمة البدل والمكافئات والعلاوات المالية،

-اقتراح شروط وضوابط وإجراءات الامتحانات والدورات التدريبية والتدريسية والدراسات لغرض الترقية،

-اقتراح ضوابط الأفعال التي تسيء إلى سمعة الشرطة أو تحط من كرامة المهنة،

-اقتراح اعتبارات وشروط ومعايير وضوابط حالات عدم الصلاحية للخدمة،

-اقتراح ضوابط تنظيم المؤسسات التدريبية وتحديد اختصاصاتها وتنظيم حقوق وأوضاع والتحاق المتدربين بها والبرامج والخطط التدريبية السنوية وتحديد مكافئات المحاضرين والمدربين،

-اقتراح شروط وأوضاع منح عضو قوة الشرطة التفرغ الكامل أو الجزئي وبمرتب لغرض الدراسة في الداخل أو الخارج،

-اقتراح قواعد وإجراءات تنظيم إدارة صندوق الرعاية الاجتماعية وموارد ونسب المساهمة،

-أي أعمال أو مهام أخرى يقرر الوزير إحالتها إلى المجلس وبما لا يخالف أحكام هذا القانون.

وباستقراء القرار الصادر من مجلس الوزراء رقم (145) لسنة 2012 بشأن اعتماد الهيكل التنظيمي، لوزارة الداخلية، لا وجود تنظيمي للجسم المسمى (المجلس الأعلى لشؤون الشرطة)، حيث لم ينشأ بعد بوزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية[37]، وغاية ما يتمنى المرء بناء المؤسسات الأمنية بشكل موحد، وتشكيل المجلس الأعلى لشؤون الشرطة ينظم، ويضم كافة المؤسسات الأمنية تحت سيطرة حكومة واحدة، ليكتمل بناء المؤسسات الأمنية، حيث يعتبر هذا المكون من أهم المؤسسات في وزارة الداخلية استناداً للمهمة المسندة له، وهي رسم السياسات الأمنية للمرافق الأمنية في الوزارة، فهو عقل الوزارة المدبّر للمنهج النظري، والعملي المحافظ على نظام تشغيل المنظومة الأمنية، وهو العنصر الفعال في بناء المؤسسات الأمنية، متى أحسن التصرف، وعمل بمهنية لا تتأثر بالتجاذبات السياسية، أو الإقليمية، أو القبلية.

ثانياً- اتجاهات السياسة الأمنية في واقع المؤسسات الأمنية:

يعتمد هذا المحور على جمع البيانات الخاصة باتجاهات السياسة الأمنية في المؤسسات الأمنية ممن لهم الدراية، والخبرة، والمسؤولية؛ باعتبار أنهم منفذو تلك السياسات الأمنية في مؤسساتهم، وتحويلها من أفكار نظرية إلى واقع مادي ملموس يتخذ شكلها التطبيقي الكاشف عن مزاياها، وعيوبها، “فتعتبر سجلات المراكز الأمنية وكتابات الباحثين الاجتماعيين وخبراء وزارة الشؤون الاجتماعية وتقارير وزارة الداخلية ومديريات الأمن والتحقيقات الصحفية طرقاً وأطراً مرجعية للتعريف على موضوع الجريمة، وحجمها،…إلخ، وهي مرجع للحصول على معلومات تفيد في رسم السياسة”[38]وتتمثل اتجاهات السياسة الأمنية في المؤسسات الأمنية من المخاطر التي تهدد أمن الدولة في فسادها الإداري، ويهدد هويتها الوطنية، ومكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، والمخاطر المتعلقة بالصحة العامة.  

1- سياسات متعلقة بالشؤون الإدارية:

تتجه السياسة الأمنية إلى معالجة الإشكاليات التي ترهق، وتعيق العمل الإداري، للمؤسسات الأمنية، والمتمثلة في “دراسة مسألة فائض الملاك الوظيفي في وزارة الداخلية، وبحث أوضاع مكتب الاحتياط العام، ومدى فعاليته، وإمكانية تطوير آلياته، بشكل يحقق غاياته الأساسية المتمثلة في كونه أداة لتنظيم القوة العمومية بالوزارة تستهدف تحقيق التوازن بين كافة مكونات الوزارة، وعدم استخدامه كأداة للعقاب والتأديب، وضمان حقوق العاملين الوظيفية، مع طرح تصورات ورؤيا بديلة لمعالجة الهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية”[39].

ولعلاج هذه المشكلة التي تعانيها المؤسسة يتطلب الأمر تدخل الجهات المعنية بالوزارة من ذلك الشؤون الإدارية، وإدارة التخطيط، والإدارة القانونية، وذلك بتقديم رؤية للمجلس الأعلى للشرطة، من خلالها يتم تحديد العناصر البشرية التي تحتاجهم الوزارة، وإحالة الأخرين إلى القوى العاملة للاستفادة منهم في أعمال أخرى تحقق الصالح العام، ووضع سياسات إدارية في صورة نصوص تشريعية، أو تعليمات إدارية تقضي على ضرورة وقف التجنيد، والتعيين، وإبرام العقود إلا للضرورة القصوى، وفي حالة وجود وظيفة شاغرة.

والملاحظ على الأعمال الإدارية في بعض المؤسسات الأمنية أنها تعمل وفقاً لما جرى عليه الواقع الإداري، والاجتهاد الشخصي دون النظر إلى المبادئ، والأسس القانونية، الملاءمة للتغييرات، والظروف، ومراعاة وصف وتوصيف الوظائف الفنية، والعامة[40]؛ ولعل الطابع النظامي المؤسس على الأقدمية، والتراتبية النظامية –العسكرية- يجعل المؤسسة حبيسة أفكار الرئيس أو أقدم شخص يتولى إدارة المؤسسة، وبالتالي تضعف من الدور الجماعي الذي هو أساس العمل الإداري، وتحقق الأنانية، وتحد من الإبداع الوظيفي.

كما أن عدم التزام السياسة الأمنية بالضوابط الخاصة بمن يباشر الوظيفة الأمنية في جانبها القانوني اللائحي، والنظامي التراتبي المنسجم مع الطبيعة الضبطية للعمل الأمني، وذلك نتيجة للأحداث التي مرّت على المؤسسات الأمنية، مما نجم عنها:

أ- غياب النخب الأمنية عن المشهد الأمني، ومغادرة البلاد، وذلك لاتهامهم بالتعاون مع النظام السياسي السابق.

ب-وصف البعض منهم بتهمة إطالة عمر النظام[41]، مما جعل الشرطة يحجمون عن أداء دورهم الأمني، فضلاً عن ذلك عدم توفير الحماية الفعلية لرجال الشرطة.

ج-تقلد الوظائف الشرطية وفقاً للمعيار الإقليمي، والقبلية، والانتماء السياسي.

د-سيطرة عناصر بشرية تميزت بالقوة الواقعية المسيطرة على تولي الوظائف الأمنية. 

وبناءاً على ذلك سادت المؤسسات الأمنية أزمة وظيفية، واختلَّ منهج السياسات الأمنية[42] مما تسبب  في تدني مستوى الأداء الوظيفي، وبات الأمن مطلب أساسي للفرد، والدولة إلا أن المأمول من الأخيرة العمل بنصوص القانون رقم (38 ) لسنة 1974 بشأن استخدام القوات المسلحة للمحافظة على النظام العام[43]، ذلك أن المخاطر التي تهدد النظام العام تحدت بواسطة استخدام أسلحة ثقيلة لا تتناسب مع الإمكانيات المادية التي تستخدمها وزارة الداخلية الأمر الذي يجعلها عاجزة عن إعادة النظام العام إلى ما كان عليه.

2- سياسات متعلقة بأمن الحدود:

تُعدُّ الحدود رافدًا أساسياً لسيادة الدولة على إقليمها، وتعبر عن وجودها المادي، والقانوني المسند إلى نصوصها الدستورية، وهي تتنوع إلى برية، وبحرية، وجوية تشمل مضمونها العلوي، والسفلي، وهي ذات قيمة، وأهمية قصوى على الصعيد السياسي، والاقتصادي، والجغرافي، مما جعلها مطمعاً، وهدفاً، للغير خصوصاً بعد التغيرات السياسية التي طرأت على الدول العربية، وما نتج عنها من نزاعات داخلية، ظهرت أثارها في الانقسام السياسي، الأمر الذي يتطلب حماية الحدود ووضع سياسات أمنية فعالة تجاه هذه التحديات الكبيرة التي تواجهها المؤسسات الأمنية ومن بين السياسات التي تتخذ لتحقيق هذه الأهداف نذكرها على النحو التالي:

أ- محاربة الفساد ودعم المؤسسات الأمنية والإدارية يعتبر تحدياً مؤثراً في قدرة المؤسسات الأمنية على تنفيذ السياسات الأمنية وتحسين الكفاءة والفعالية في تنفيذها،

ب-تعزيز الجهود الأمنية على الحدود، وتأمينها للحد من تدفق الهجرة غير النظامية وتجارة البشر، وجرائم تهريب المخدرات، وذلك لا يتم إلا عن طريق تدريب، وتجهيز رجال الشرطة والجهات الأمنية الأخرى ذات العلاقة، وتطوير التقنيات، والأدوات الأمنية الحديثة التي من شأنها السيطرة، وضبط الحدود من ذلك مثلاً: الكاميرات الحرارية ونظام المراقبة الجوية وغيرها.     

هذه بعض الاتجاهات الأمنية السائدة في الواقع العملي[44]، والتي تسعى المؤسسات الأمنية المعنية جاهدة على تنفيذ السياسات الأمنية بغية حماية الحدود والحد من الهجرة غير النظامية، وذلك المطلب يحتاج إلى جهود مستمرة وتعاون دولي واسع، وتطوير الاستراتيجيات والخطط الأمنية بشكل مستمر ومواكبة التطورات المحلية والدولية، حتى تؤتي مخرجات السياسة الأمنية النتائج المتوخاة منها.

3ـ- سياسات متعلقة بالهجرة غير الشرعية:

من ضمن الإشكاليات التي تواجهها الدولة الليبية والعالم، الهجرة غير الشرعية التي تشكل تحديًا أمنيًا كبيرًا في المنطقة مما يستدعي تعاون دولي، واتخاذ إجراءات من شأنها منع تدفق المهاجرين غير الشرعيين، وتحقق الأمن، والاستقرار في المنطقة، وتصدياً لهذه التحديات، التي تهدد الدولة في اقتصادها، وأمنها، وصحتها أصدر المشرع الليبي القانون رقم  (19) لسنة 2021 بشأن مكافحة الهجرة غير المشرعة، حيث جرم هذا السلوك، وحدد أعمال الهجرة غير المشروعة في المادة الثانية منه “يعتبر من أعمال الهجرة غير المشروعة ما يلي:

أ- إدخال المهاجرين غير الشرعيين إلى البلاد أو اخراجهم منها بأية وسيلة،

ب ـ نقل أو تسهيل نقل المهاجرين غير الشرعيين داخل البلاد مع العلم بعدم شرعية وجودهم لها،

جـ ـ إيواء المهاجرين غير الشرعيين أو إخراجهم أو إخفاؤهم بأية طريقة عن تتبع الجهات المختصة أو إخفاء معلومات عنهم لتمكينهم من الإقامة أو الخروج منها،  

د ـ إعداد وثائق سفر أو هوية مزورة للمهاجرين، أو توفيرها، أو حيازتها لهم،

هـ ـ تنظيم أو مساعدة أو توجيه أشخاص آخرين للقيام بأي فعل من الأفعال المنصوص عليها في الفقرات السابقة”[45].

وفرض المشرع الليبي عقوبات تطال من يتعامل مع هذه الفئة المخالفة للقانون، حيث نصت المادة الثالثة منه على أن “يعاقب بغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد عن ثلاثة آلاف دينار كل من شغل مهاجراً غير شرعي” كما فرض المشرع عقوبة على كل من قام بقصد الحصول لنفسه أو لغيره على منفعة مادية أو غير مادية مباشرة أو غير مباشرة بارتكاب أحد الأفعال المعتبرة هجرة غير مشروعة، واسند المشرع مهام ضبط الجرائم المشار إليها إلى اللجنة الشعبية العامة للأمن العام -سابقاً- وزارة الداخلية حالياً، ولقد أنشئت وزارة الداخلية الإدارة العامة لمكافحة الهجرة غير الشرعية السابق ذكرها واسندت لها اختصاص تنفيذ السياسات العامة المتعلقة بالهجرة غير الشرعية.

والذي يبدو من خلال المقابلات التي أجريت مع الخبراء الأمنين أن تنفيذ سياسات أمنية فعالة لحماية الحدود، والحد من الهجرة الغير نظامية هو أن تعمل الحكومة على الأهداف التالية:

-تعزيز الجهود الأمنية على الحدود، وتتعاون الحكومة الليبية مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية المعنية بمكافحة الهجرة غير النظامية، ومكافحة الجريمة المنظمة، وأن تعمل الحكومة الليبية على توعية المجتمع بأهمية الهجرة النظامية والأضرار التي يمكن أن تسببها الهجرة الغير نظامية[46].

المطلب الثاني: معوقات أزمة المؤسسات الأمنية

يتوقف نجاح، واخفاق العمل الأمني للمؤسسات الأمنية على مراعاة جملة من المعايير المتعلقة بالوسائل المسند إليها مهام القيام بتشغيل تلك المؤسسات، وتحقيق أهدافها، والتي منها العنصر البشري، والتجهيزات المناسبة للقضاء على الخطر الذي يزعزع أمن الوطن، والمواطن، والوسيلة القانونية التي تُبيح للمؤسسات الأمنية بمباشرة، وممارسة العملية الأمنية، وذلك لغرض السيطرة على المشاكل الواقعية التي تعكر صفو النظام العام.

وعلى هذا الأساس فإن معوقات الممارسة العملية للمؤسسات الأمنية تكمن في عناصر الإدارة الأمنية، وتجهيزاتها، ونظام تشغيلها، فضلاً عن ذلك واقعية المشهد الأمني على الساحة الليبية، وهذا ما يوضحه المطلب الحالي.

أولاً- المعوقات العملية للمؤسسات الأمنية:

سادت المؤسسات الأمنية فوضى طالت الخصوصية التراتبية النظامية القائمة على الأقدمية، واحترام الأعلى رتبة، فضلاً عن ذلك التمادي، والانحلال الذي انتشر داخل المؤسسات الأمنية حيث لم يعد –البعض- من رجال الشرطة يحترمون التسلسل الإداري، ويلتزمون بواجب الطاعة الرئاسية، فأصبحت الترقيات عشوائية لا تخضع للقواعد القانونية مما سبب خلل في الأقدمية، وإحباط للآخرين، وزاد الفساد الإداري في المؤسسات الأمنية، مما جعل البعض يلتجئ للاستقالة، أو الانتقال من المؤسسة، وفقدت الوظيفة الأمنية الثقة من العامة، والخاصة. 

ومن المعوقات التي تعطل ميكنة المؤسسات الأمنية، وهي تواجه شبح الأزمة، وتصارع الكارثة هي الخلل الذي أصاب الوسيلة المادية، والقانونية، والبشرية التي لم تفهم، أو تقدر الخطورة الإجرامية التي أصيبت بالغرور والاسترخاء الأمني، والاستنزاف الأمني، والجمود الأمني، والتهوين، والتهويل الأمني، والتقوقع وعدم الاتزان، وعدم وجود فهم مشترك بين قادة الأجهزة الأمنية ومرؤوسيهم، البيروقراطية الإدارية، غياب التخطيط[47]، وهذه المعوقات تكاد تكون أسباب عامة تسري على أغلب المؤسسات الموصوفة بسوء الإدارة، ومن أهم الأسباب[48] التي تعرقل مخرجات إدارة الأزمة[49]، وتجعل قراراتها غير دقيقة، ولا تؤتي أكلها، ويمكن ذكر بعضها وهي تتمثل في التالي:

1- عدم توفر المعلومات الكافية عن الأزمة في الوقت المناسب، وبالشكل المناسب، وذلك لصعوبة جمع هذه المعلومات، وتصنيفها وتخزينها واسترجاعها بالشكل المطلوب، أو بسبب عدم الوعي والإدراك بأهمية وجود المعلومات الدقيقة، والموثوقة لنجاح عملية اتخاذ القرارات، والأصل أن هذا السبب يجب أن لا تتدرع به المؤسسات الأمنية؛ لكونها جهاز يعمل على المعلومة يبحث عنها ويراقب الظواهر المستحدثة ، ويدرسها، ويتحقق من تأثيرها على كيان الدولة، والنظام العام بل إن وزارة الداخلية من مؤسساتها جهاز المباحث الجنائية، وإدارة البحث الجنائي، وهي مرافق سيادية.

2- انشغال المسؤولين بالأمور الفرعية ومتابعتها بكل صغيرة وكبيرة، وعدم الاهتمام الأكثر بالأمور الرئيسية للأزمة.

3- تنازع الاختصاصات بين الإدارات دون وجود تحديد واضح لسلطاتهم ومسؤولياتهم.

4- عدم تمتع بعض متخذي القرارات بروح المبادرة والابتكار مما يحول دون إثراء بدائل أو التوصل إلى بدائل أكثر فعالية.

5- التهرب والتقاعس من جانب المسؤولين عن اتخاذ القرارات الصعبة، وذلك خوفاً من المساءلة في حالة فشل القرار.

6- عدم انسجام القرار مع الصالح العام وتعارضه مع النصوص التشريعية عند اتخاذ القرار.

ثانياً- المعوقات الواقعية للمؤسسات الأمنية:

يعتبر مرفق الأمن من المرافق ذات العلاقة المباشرة بأفراد المجتمع لرتباطه بالتعايش اليومي، والأشغال الحياتية، وفقاً للمفهوم الفقهي، والقضائي الذي يقرر، بأن الوظيفة العامة هي خدمة للشعب[50] وهي لاشك تتأثر بالمتغيرات التي تفرضها البيئة بمفهومها العام (السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والتعليمي، والقانوني، والأمني، …إلخ) وعلى هذا أساس تغيير في مشهد التاريخ السياسي الليبي بعد انتفاضة السابع عشر من فبراير الأمر الذي عاشت معه الدولة مرحلة انتقالية عانت فيها مؤسسات الدولة شيء من الفوضى، والفساد العام ،…إلخ، ومن بين هذه المؤسسات وزارة الداخلية التي تُعدّ من أهم المرافق في الدولة، حيث أصابها ضعف في أدائها المهني نتيجة الانفلات الأمني الذي من أسبابه، عدم قدرة المؤسسات الأمنية على مواجهة الخطر، وذلك لعدم تناسب التجهيزات الأمنية مع الخطر الداهم بل، وأحياناً انعدام تلك الوسائل، فضلا عن ذلك انتشار ظاهرة السلاح، والهجرة غير الشرعية، وكذلك سيطرة المؤسسات الأمنية ذات الطابع الفعلي على المشهد.

1-ظاهرة انتشار السلاح:

انتشرت ظاهرة حيازة السلاح خارج إطار المشروعية، مما أخل بالنظام العام، وأقلق تعايش المواطن، ودمرّ الوطن، ولقد نظم المشرع الليبي في الفترة الزمنية الماضية جملة من القوانين[51] التي بيّنة الحدود والضوابط، المباحة منها، والمحظورة في باب الأسلحة والذخائر، وكفلت الإجراءات المكملة الخطوات العملية، والعلمية لضمان سلامة مستخدميه، كما لم يغفل القانون عن طرق حفظها، ونقلها وتخزينها، ومنح التراخيص بشأنها “رغم عدم حسم الجدال في الفقه القانوني العالمي  بين من يرى مشروعية حمل السلاح كحق من الحقوق، وبين من يرى المنع أو التقييد، إلا أنه لا يختلف إثنان على أن انتشار السلاح هو سبب رئيسي لانتشار الجريمة، وسبب رئيسي لانتشار العنف والفوضى.”[52]

ومن أسباب أزمة المؤسسات الأمنية انتشار السلاح، والنتائج المترتبة على الأوضاع السياسية، والأمنية بعد انتفاضة السابع عشر من فبراير، حيث سادت الفوضى في مؤسسات الدولة، والتي من أهمها المؤسسة الأمنية، والعسكرية؛ فسرقت مخازن الأسلحة، وهرب المساجين وانتشرت الجريمة، وضعف دور المؤسسات الأمنية بظهور التشكيلات المسلحة ذات المراكز الفعلية، والواقعية التي تخرج عن التنظيم القانوني، وأصبح الغير معقول قانونا معقول بحكم الواقع الأمر الذي دعا الدولة، والعالم بالبحث عن ايجاد حل لهذه المعضلة.[53]

2 -المعالجة القانونية والأمنية لظاهرة انتشار السلاح :

من السياسات القانونية التي عالجت ظاهرة انتشار السلاح بعد انتفاضة فبراير قيام المؤتمر الوطني العام بإصدار قانون رقم (2) لسنة 2014، بتقرير بعض الأحكام في شأن حظر الأسلحة والذخائر والمفرقعات، وتكمن المعالجة الأمنية لهذه الظاهر في تطبيق النصوص القانونية سالفة الذكر وفق خطة أمنية محكمة تستغل فيها الإمكانيات البشرية، والمادية للعمل على تطبيق القانون.

أ-المعالجة القانونية لظاهرة انتشار السلاح:

واكب المشرع الليبي الأحداث السياسية التي مرّت بها الدولة من تغيير سياسي، نجم عنها نزاعات مسلحة ترتب عليها انتشار السلاح حتى غدا ظاهرة،  ووسيلة من وسائل اكتساب الحقوق، واستفحل الأمر، وأصبح من يملك السلاح بيده القوة التي تكسب الحق وتحميه[54]، وأمام هذه المعضلة سارعت السلطة التشريعية في البلاد إلى وضع ضوابط لهذا السلوك، وجرمت حيازة السلاح، وحددت عقوبة لمن يخالف نصوصه حيث نص في المادة “يُعاقب بالسجن وبغرامة لا تزيد على عشرين ألف دينار ولا تقل عن عشرة آلاف دينار كل من حاز أو أحرز أو جلب أو صدر أو نقل أو سلم بالذات أو بالواسطة سلاحاً من الأسلحة الثقيلة بقصد الاتجار أو تاجر بها بالفعل”.

وتكون العقوبة السجن لمدة لا تزيد عن عشر سنوات، بغرامة لا تزيد عن عشرة آلاف دينار ولا تقل عن خمسة آلاف دينار، إذا كان السلاح من الأسلحة المتوسطة أو مادة تعتبر من المفرقعات، وإذا كان السلاح من الأسلحة الخفيفة غير مرخص بها تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات، والغرامة التي لا تزيد عن خمسة آلاف دينار ولا تقل عن ألفين وخمسمائة دينار”[55].

ومن سياسته العقابية أن شجع المشرع على الإعفاء من العقاب لكل من يسلم سلاحه طواعية في المادة الثامنة حيث ورد نصها على النحو الآتي: “يُعفى من العقاب كل من سلم ما بحوزته من أسلحة أو ذخائر إلي أي مركز شرطة، أو مديرية أمن، أو للنيابة العامة، أو لوحدات الجيش الوطني، خلال تسعين يوماً من تاريخ سريان هذا القانون.

وتًصرف بالطريق الإداري مكافأة مالية وفق ضوابط يحددها وزير الداخلية لكل من قام بتسليم أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات للجهات المختصة.

كما يُعفى من العقاب كل من حاز أو أحرز سلاحاً خفيفاً وتقدم للحصول على ترخيص خلال الميعاد المحدد في الفقرة السابقة”.

وأمام هذه الظروف يقتضي الأمر من السلطة التنفيذية وضع منهجية عملية للسياسات التشريعية الساعية إلى مكافحة ظاهرة انتشار السلاح، وتكون على النحو الآتي:

-تكليف لجان من مأمورية الضبط الإداري، والقضائي، ورجال الشرطة العسكرية، ورجال الجيش حسب تخصصهم، وأعضاء النيابة العامة، ورجال السلامة الوطنية، والإسعاف، تسند لهم مهام ضبط وحصر ومصادر الأسلحة غير المرخص بها، سواء عبر البوابات الأمنية أو نقاط التفتيش.

-منح الفرصة لكل من يرغب بحيازة سلاح خفيف أو بندقية صيد، بأن يستخرج ترخيص بعد أن يستوفي كافة الفحوصات الطبية والإجراءات والشروط المقررة قانوناً.

3-المعالجة الأمنية لظاهرة انتشار السلاح:

تتطلب هذه المرحلة رسم سياسات أمنية حاسمة تعمل على مواجهة الصعوبات التي تهدد الأمن العام، وتحافظ على الدولة، وحماية النظام العام فيها بما يكفل بسط الأمن، والطمأنينة، والاستقرار؛ لتنطلق عجلة الإنتاج، والتقدم، والتطور الذي لا يتحقق إلا إذا أمن المواطن في عمله، ومنزله، ومصنعه، ومزرعته، وفي سبيل تحقيق ذلك ينبغي مراعاة التالي:

-تنظيم أجهزة الدولة، وذلك من خلال إعادة النظر في الوظيفة الحارسة للدولة، وعلى وجه الخصوص مؤسسات الأمن، والدفاع، والعدل، وتقويتها ودعمها بالوسائل البشرية المدربة، والمؤهلة بالمعلومات الأكاديمية الحديثة، وقصر حفظ الأمن الداخلي بوزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية.

-العمل على توفير الوسائل المادية الخاصة بضبط الأمن والاستقرار في الدولة من ذلك الآليات المضادة لأسلحة الخارجين عن القانون، بغية ردعهم، وتنفيذ الأحكام، وتوقيع الجزاء عليهم، واستخدام الوسائل الحديثة في إرغام الجاني على المثول أمام الأجهزة القضائية.

-وضع خطة أمنية محكمة لسحب الأسلحة الثقيلة، ونقل المعسكرات المتواجدة داخل العاصمة، والبلديات، والمحلات إلى خارج المدن، وتحت سيطرة وزارة الدفاع.

-حظر استخدام الأسلحة في المناسبات والظهور المسلح للعامة.

-إقامة البوابات الإلكترونية التي تكشف الأسلحة والمتفجرات[56].

-إنزال عقوبات قاسية على منتسبي وزارة الدفاع والداخلية ممن يثبت ارتكابهم لجرائم مستغلين صفتهم الوظيفية.

-إقامة بوابات للشرطة العسكرية تمنع دخول الأسلحة الثقيلة داخل المدن.

تعتبر هذه المرحلة من أهم المراحل وأصعبها من ناحية التطبيق ذلك لتداخل عوامل عدة في تشكيلها وارتباطها بمسائل دولية وإقليمية، ولا يمكن التحكم في متغيراتها، أو التبوء بمستجداتها، لهذا فستكون العوامل السياسية هي المحرك الأساسي لمراحل التنفيذ الزمني لخطة الحد من انتشار السلاح، فالاستقرار السياسي هو العامل الأساسي لاستتباب الأمن، وهو الكفيل بنجاح أي جهود علمية، أو عملية في مسار منع انتشار السلاح، والقضاء على الظواهر المسلحة التي تخلق حالة من التهديد النفسي، والاجتماعي لغالبية فئات المجتمع.

الخاتمة والنتائج:

  1. عدم تطبيق وزارة الداخلية النصوص القانونية المنظمة لرسم السياسات الأمنية للمؤسسات الأمنية مما أربك نظام تشغيل المنظومة الأمنية. 
  2. يؤكد الواقع المعاش لبعض المؤسسات الأمنية أنها تعاني أزمة، الإمكانيات، والكفاءة، وتتأثر بالجهوية، والنفود السياسية، الأمر الذي لا يتوقع من المجلس أن يحقق الهدف المنشود.
  3. أظهرت الدراسة أن الوسيلة البشرية في مجال الوظيفة الأمنية يغلب عليها طابع الشللية القائمة على المحسوبية، والمصلحية الشخصية، والمزاجية المضادة لفكرة الجماعية[57] المحققة للصالح العام.  
  4. أثبتت التطبيقات العملية اختزال العمل الإداري في شخص المدير مما يسبب تعطيل الإجراءات، وأرْبَاك لنظام التشغيل، كما أنه يضعف الرابطة القانونية اللائحية التي تنظم العمل الوظيفي.
  5. من معوقات بناء المؤسسات الأمنية أو إصلاحها، الخلل الذي تعانيه، من سوء التنظيم، وتكدس الموظفين (فائض الملاك)، والفساد الإداري المتعلق بالترقيات، والانحلال الأمني.
  6. التوسع في إنشاء الأجهزة الأمنية، والتضارب في الاختصاص.

التوصيات:

  1. توجيه السياسات الأمنية نحو بناء المؤسسات ذات الضبطية الإدارية، والقضائية.
  2. بناء المؤسسات الأمنية من خلال تطبيق النصوص القانونية المتعلقة بالسياسات الأمنية للمؤسسات الأمنية، حتى يستقيم نظام تشغيل المنظومة الأمنية. 
  3. العمل على وضع ضوابط تنظيمية للمؤسسات الأمنية تكون نبراس يهتدي بها الموظفين رؤساء ومرؤوسين للحد من شخصنة المؤسسة، والمحافظة على الجماعية الإدارية مما يعزز فكرة العمل بروح الفريق.
  4. تفعيل قرار مجلس الوزراء رقم (131) لسنة  بإنشاء أكاديمية العلوم الأمنية، ومنح أعضاء الشرطة الحاملين لشهادات عليا المنتسبين للعمل بالكليات التابعة للأكاديمية صفة أعضاء هيئة التدريس، وتشكيل لجنة علمية عليا تابعة للأكاديمية تختص بالشؤون العلمية وكذلك الشؤون الوظيفية لأعضاء هيئة التدريس. 
  5. التركيز على الإدارة السلوكية، ودراسة العوامل النفسية، والاقتصادية للعناصر البشرية التابعة للمؤسسات الأمنية، والدعوى إلى مصالحة وظيفية قوامها التظافر من أجل أمن الوطن، والمواطن.
  6. تفعيل طيران الشرطة، وأمن الحدود لضبطها وتأمين الدولة، والسيطرة على الجرائم العابرة للحدود؛ كجرائم التهريب، والهجرة غير الشرعية.
  7. توريد المنظومات، والأجهزة الإلكترونية الخاصة بتحديد بصمة الأسلحة، بحيث لا يتم منح ترخيص حمل السلاح إلا بعد إدراج بصمة السلاح بالمنظومة.
  8. العمل على نشر الوعي الثقافي القانوني، والأمني، وبث روح الأمل والاطمئنان بين فئة المراهقين، لكونها الشريحة التي نراهن عليها جميعاً لنهوض البلاد وتطورها، وهذا يتم بتظافر الجهود بين كل الجهات في الدولة.
  9. اعتماد هيكل تنظيمي يركز على المؤسسات الأمنية ذات الوظيفة الضبطية الإدارية، والقضائية؛ لاحتياج الدولة في مثل هذه الظروف للوظيفة الحارسة.
  10. إيجاد حلول مناسبة للأوضاع السياسية كونها المخرج الأساسي لاستقرار الدولة والقضاء النهائي على الانفلات الأمني، والتي من أهمها الإرهاب، وفوضى انتشار السلاح، والهجرة غير الشرعية.
  11. إعادة النظر في طرق اختيار الموظفين، ووضع ضوابط، ومعايير للتجنيد أو التعيين أو التعاقد، بما يخدم الوظيفة العامة.

[1] محمد محمد بدران، مضمون فكرة النظام العام ودورها في مجال الضبط، ص12. نقلا عن سعيد بوفتيل، الشرطة الإدارية الجماعية في ضوء المستجدات القانونية والعمل القضائي، مجلة العلوم القانونية، سلسلة البحث الأكاديمي، الرباط: العدد 32، ط1، 2008م، ص37.

[2]  راجع الفقرة الأولى من المادة 76 من القانون رقم 5 لسنة 2018، بشأن قوة الشرطة المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2019، بشأن هيئة الشرطة، صدر في طبرق بتاريخ 15 أكتوبر 2019.

[3] القانون رقم 5 لسنة 2018، بشأن قوة الشرطة المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2019، بشأن هيئة الشرطة الصادر في طبرق 16 صفر 1441هـ الموافق 15 أكتوبر 2019 من مجلس النواب.

[4] راجع في ذلك سعيد بوفتيل، الشرطة الإدارية الجماعية في ضوء المستجدات القانونية والعمل القضائي، مجلة العلوم القانونية، سلسلة البحث الأكاديمي، الرباط: العدد 32، ط1، ، ص 7 وما بعدها، كذلك ملكية الصروخ، الأعمال الإدارية، الرباط: دار القلم، ص109.

[5] حمد محمد الرفاعي، المدخل للعلوم القانونية “نظرية القانون” كلية القانون جامعة بنها، 2007 _2008 ، ص16.

[6] يحيى قاسم علي، المدخل الدراسة العلوم القانونية، “نظرية القانون – نظرية الحق”، القاهرة: كوميت للتوزيع، ط1، 1997، ص8.

[7] راجع نبيل رمزي إسكندر، الأمن الاجتماعي وقضية الحرية، الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية، د ط 1988، ص4.

 [8]  أستاذنا الدكتور نصرالدين مصباح القاضي، أصول الوظيفة العامة في التشريع الليبي، دار تيرا، طرابلس: ط1، 2020م، ص25.

[9]  قرار مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية رقم (635) لسنة2021 بشأن إنشاء جهاز أمن الحدود الصادر في 16 ربيع الأخر 1443هـ الموافق21/11/2021.

[10] نظمت وحددت اختصاصات قوة التدخل والسيطرة بموجب قرار مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية رقم (245) لسنة 2023م بشأن اعتماد الهيكل التنظيمي وتحديد اختصاصات قوة التدخل والسيطرة وتنظيم جهازها الإداري، الصادر في 18 رمضان 1444هـ الموافق 09/04/ 2023.

[11] راجع في ذلك سعيد بوفتيل، الشرطة الإدارية الجماعية في ضوء المستجدات القانونية والعمل القضائي، مجلة العلوم القانونية، سلسلة البحث الأكاديمي، الرباط: العدد 32، ط1، 2008، ص 7 وما بعدها، كذلك مليكة الصروخ، الأعمال الإدارية، الرباط: دار القلم، ص109، وكذلك نصر الدين مصباح القاضي، أصول القانون الإداري، القاهرة: دار الفكر العربي، ط2، 2016، ص58.

[12] وبهذا تصف المرافق الإدارية المنظمة من السلطة التشريعية بموجب سند قانوني بالشخصية المعنوية، في حين أن المرافق التي لم تنظم من المشرع، ولا تستند على نص قانوني يؤسسها فهي تأخذ حكم المرافق الفعلية القائمة على الواقع، من ذلك مثلا الحكومة الفعلية راجع في ذلك عبد الفتاح ساير داير، الحكومة الواقعية. مجلة القانون والاقتصاد، السنة 1959: العدد الثالث. وكذلك مجدي عز الدين يوسف، الإدارة الفعلية في فرنسا، مجلة العلوم الإدارية، السنة 35: العدد الأول، يونيو، 1993. وأيضا يوسف الدوكالي بن ناصر العباسي، نظرية الموظف الفعلي “دراسة موازنة في القانون الليبي والقانون المصري والشريعة الإسلامية”، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا للعلوم الأمنية/ وزارة الداخلية، رسالة غير منشورة، 2003.

[13]  الدكتور توفيق شحاته نقلاً عن , نصر الدين القاضي, أصول القانون الإداري ,ط 2, القاهرة : دار الفكر العربي , 2016 , ص40. 

[14] عاشور شوايل، مسؤولية الدولة عن أعمال وقرارات الضبط الإداري “دراسة مقارنة” ط1، بنغازي: منشورات جامعة قاريونس، 1997، ص15.

[15] نصر الدين مصباح القاضي، أصول القانون الإداري، المرجع السابق ذكره، ص63.

[16] المرجع نفسه، ص 65.

[17] محمد نيازي حتاته، شرح قانون الإجراءات الجنائية في القانون الليبي، بنغازي: جامعة قاريونس، 1400هـ 1980، ط1، ص143.

[18] فوزية عبد الستار، شرح قانون الإجراءات الجنائية، القاهرة: دار النهضة العربية، 1990، ص. وكذلك محمد نيازي حتاته، شرح قانون الإجراءات الجنائية في القانون الليبي، المرجع السابق ذكره، ص 141 .

[19] المادة 11 المعنونة بسلطات رجال الضبط القضائي، من الفصل الأول في مأمور الضبط القضائي وواجباتهم، من الباب الثاني في جمع الاستدلالات ورفع الدعوى، موسوعة التشريعات الجنائية.

[20]  نصت المادة 12 من قانون الإجراءات الجنائية الليبي، راجع فوزية عبد الستار، شرح قانون الإجراءات الجنائية، المرجع السابق ذكره، ص 255، وكذلك الهادي علي يوسف أبوحمرة، الموجز في قانون الإجراءات الجنائية الليبي، طرابلس: مكتبة طرابلس العلمية العالمية، ط4، 2022م، ص 141.

[21] محمد نيازي حتاته، شرح قانون الإجراءات الجنائية في القانون الليبي، المرجع السابق ذكره/ ص 150 .

[22] مجلة المحكمة العليا الليبية، السنة السابعة، العدد الأول، ص175.

[23] المادة 21 من موسوعة التشريعات الجنائية “قانون الإجراءات الجنائية والقوانين المكملة له.

[24] المادة 24 من موسوعة التشريعات الجنائية “قانون الإجراءات الجنائية والقوانين المكملة له.

[25] محمد صقر عاشور، الإدارة العامة مدخل بيئي مقارن، دار النهضة العربية، بيروت: ط1، 1979، ص 280.

[26] راجع محمد الصيرفي، إدارة الموارد البشرية، الاسكندرية: دار الفكر الجامعي، ط1، 2006، ص 159.

[27]  وتصدت وزارة الداخلية لهذه الأزمة وعملت على رفع كفاءتها الأمنية وفق منهجية علمية ذات خصوصية أمنية تمثلت في تطوير لائحة كلية الدراسات العليا للعلوم الأمنية، حيث أصدر وزير الداخلية المفوض قرار رقم 2076 لسنة 2019م الصادر بتاريخ 3ـ 11ـ 2019. بشأن تعديل أحكام في بعض مواد لائحة كلية الدراسات العليا للعلوم الأمنية، ونصت المادة الأولى منه على “تعدل المادة الثالثة من لائحة كلية الدراسات العليا للعلوم الأمنية رقم 123 لسنة 2008م بحيث تكون صياغتها على النحو الآتي:

الشهادات الأكاديمية والمهنية التي تمنحها الكلية:

أولاً تمنح كلية الدراسات العليا للعلوم الأمنية الاجازة العالية الماجستير في التخصصات التالية:

1ـالعلوم الأمنية. 2_ العلوم القانونية والإدارية ” شعبة القانون الإداري، وشعبة الإدارة” 3_ العلوم الجنائية. 4_ إدارة الأزمات والكوارث.

كما يجوز بموافقة اللجنة العلمية بالكلية فتح أقسام جديدة وفقا لما تتضمنه حاجة العمل بالقطاع، وتحدد اللجنة العلمية في هذه الحالة المقررات الدراسية اللازم دراستها في الاقسام الجديدة.

ثانيا تمنح كلية الدراسات العليا للعلوم الأمنية الدبلومات المهنية في التخصصات الأمنية.

[28] كلف وزير الداخلية المفوض كلا من: مدير كلية الدراسات العليا للعلوم الأمنية، ومدير كلية ضباط الشرطة، ومدير الإدارة العامة للتدريب بإعداد لائحة أكاديمية العلوم الأمنية، والبناء التنظيمي للأكاديمية، وأنجزت اللجنة أعمالها، وقدمتها لمصدر الأمر لاعتمادها من مجلس الوزراء في ذلك، ونتيجة لما تمرّ به البلاد من منازعات مسلحة لم يتم اعتمادها وضلت على هذا الحال إلى الآن.

[29]  لمزيد من المعلومات حول المؤسسات الأمنية راجع عقيد دكتور ناصر أحمد الحبيشي، إدارة ونظم الشرطة في ليبيا، مكتبة طرابلس العلمية العالمية، طرابلس: الكتاب الأول،1438هـ 2017، ص134.

[30]  جـــلال مـحمد رجــب الجطـــلاوي، مدى جاهزية المؤسسات الأمنية لإدارة الأزمات والكوارث، رسالة ماجستير طرابلس: ليبيا، كلية الدراسات العليا للعلوم الأمنية (غير منشورة) تخصص إدارة الأزمات والكوارث، 2021، ص64.

[31] الجريدة الرسمية، العدد 59، السنة 9، الصادرة بتاريخ 24-11- 1971.

 [32] صبيح مسكوني، مبادئ القانون الإداري الليبي، ط2، ليبيا- بنغازي: الشركة العامة للنشر والتوزيع والإعلان،1977، ص323.

[33] مجموعة القوانين، الصادرة عن اللجنة الشعبية العامة للعدل خلال سنة1378 و.ر (2010 مسيحي)، مطابع العدل.

[34] الجريدة الرسمية، السنة التاسعة، العدد 59 القانون رقم 88 لسنة 1971م في شأن القضاء الإداري.

[35]  فهمي خليفة الفهداوي، السياسات العامة “منظور كلي في البنية والتحليل”، عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، ط1، 2001، 15.

[36] في المادة الرابعة عشر من قانون الشرطة الليبي رقم 5 لسنة 2018 بشأن قوة الشرطة، والمعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2019م بشأن هيئة الشرطة،

 [37] يُعدُّ الانقسام السياسي عاملاً أساسياً في تعقيد الأزمة الأمنية، وهو عائق من عوائق بناء المؤسسات الأمنية، حيث أنشأت الحكومة المشكلة من مجلس النواب الليبي المجلس الأعلى لشؤون الشرطة بموجب القرار رقم 14 لسنة 2023م والذي يضم عدد 22 عضوا، وذلك تنفيذا لنص المادة 14 من قانون الشرطة رقم 5 لسنة 2018م بشأن قوة الشرطة، والمعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2019م بشأن هيئة الشرطة، في حين أن حكومة الوحدة الوطنية لم تفعل المجلس الأعلى لشؤون الشرطة بعد.

[38] محمد قاسم القريوتي رسوم وتنفيذ وتقييم وتحليل السياسات العامة، عمان: دار حنين للنشر والتوزيع، الكويت: مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع، ط1، 2006، ص76.

[39] مقابلة مع العميد أستاذ صلاح العربي المنير، بتاريخ 23/05/2023،10:00صباحاً، الصفة مدير مكتب حقوق الإنسان بوزارة الداخلية الليبية، مستشار قانوي بوزارة الداخلية، عضو هيئة تدريس بكلية ضباط الشرطة، والإدارة العامة للتدريب، مكان المقابلة مكتب مدير مكتب حقوق الإنسان بوزارة الداخلية الليبية.

 [40] راجع حلمي رزق، إدارة المنظمات الحكومية، القاهرة: مركز جامعة القاهرة،1997، ص197.

[41] فتحي عطية الزعلوك، النظام القانوني للطاعة الرئاسية للموظف العام “دراسة مقارنة” رسالة ماجستير “غير منشورة”، كلية الدراسات العليا للعلوم الأمنية، شعبة القانون الإداري، 2021، ص 138.

[42] إن تول الوظيفة العامة ممن لا فقه أمني أو قانوني لهم يؤثر على مخرجات العمل الأمني، ويجعل المستوي الوظيفي في أسوء أدائه، وشاهد ذلك تاريخ الوظيفة الأمنية.

[43] راجع الموسوعة التشريعية “تشريعات الشعب المسلح وفقا لآخر التعديلات والتشريعات ذات العلاقة” إعداد مكتب الشؤون القانونية بإدارة التوجيه الثوري، ط1، 2005.

[44] مقابلة مع عميد أستاذ عمر محمد عثمان أحمد، بتاريخ 24/05/2023، بكلية الدراسات العليا للعلوم الأمنية، الوظيفة مساعد للشئون العامة بمديرية الامن الوطني بمدينة اوباري 2017، مدير أمن مديرية امن مرزق 2020. المؤهل العلمي ماجستير مهني في الشئون القانونية، ليسانس قانون، دبلوم عالي للعلوم الأمنية.

[45] القانون رقم 19 لسنة 2021 بشأن مكافحة الهجرة غير المشرعة، مدونة التشريعات، صدر عن مؤتمر الشعب العام، سرت: الموافق 28/01/2010.

[46] مقابلة مع عميد أستاذ عمر محمد عثمان أحمد، بتاريخ 24/05/2023، بكلية الدراسات العليا للعلوم الأمنية.

[47] جـــلال مـحمد رجــب الجطـــلاوي، مدى جاهزية المؤسسات الأمنية لإدارة الأزمات والكوارث، رسالة سبق ذكرها، ص56.

[48] عماد حسين عبد الله، عملية اتخاذ القرار الشرطي، مكتبة أنجلو المصرية، القاهرة،1993، ص189.

[49]عماد حسين عبد الله، مرجع سبق ذكره، ص 189.

[50]  أنظر في طبيعة الوظيفة العامة وتطورها الدكتور نصرالدين مصباح القاضي، أصول الوظيفة العامة في التشريع الليبي، دار تيرا، طرابلس: ط1، 2020، ص 35.

[51] -قانون العقوبات والقوانين التكملة له.

-قانون الإجراءات الجنائية وتعديلاته.

-قانون الأسلحة والذخائر والمفرقعات الصادر في 13 يوليو 1967م.

-قانون رقم (7) لسنة 1981 بشأن حيازة الأسلحة والذخائر والمفرقعات.

-قانون رقم (37) لسنة 1991بإصدار العقوبات العسكرية.

-قانون رقم (29) لسنة 1994 بشأن أسلحة الصيد وذخائرها.

-قانون رقم (2) لسنة 2014 بتقرير بعض الأحكام في شأن حظر الأسلحة والذخائر والمفرقعات.

-قانون رقم (5) لسنة 2018 بشأن قوة الشرطة المعدل بالقانون رقم (6) لسنة 2019 بشأن هيئة الشرطة.

[52] عميد دكتور عبد السلام إبراهيم إحميدة، انتشار السلاح من اللامشروعية إلى المشروعية، بحث مقدم لورشة العمل بعنوان احتكار الدولة للسلاح واستخدامه وفق القانون، مرجع سبق ذكره، ص1.

[53] ولقد تناول جانب من الضباط الأكادميين دراسة هذا الموضوع من زاوية ضبط هذه الظاهرة من اللامشروعية إلى المشروعية، المرجع السابق.

[54] وأصبحت الدولة خلال تلك الفترة تتشابه والمرحلة المسماة في تاريخ نشأة القانون بمرحلة القوة أو الانتقام الفردي، راجع أستاذنا الدكتور عبد الغني عمرو الرويمض، تاريخ النظم القانونية (ليبيا: دار الكتب الوطنية، ط4، 2007)، ص 25. وكذلك، على محمد جعفر، تاريخ القوانين (بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط1، 1418 ه 1998)، ص 14-22.

[55]  قانون رقم (2) لسنة 2014م، بتقرير بعض الأحكام في شأن حظر الأسلحة والذخائر والمفرقعات، المؤتمر الوطني العام: صدر في طرابلس: بتاريخ 18/ربيع الأول/1435هـ، الموافق:19/يناير/2014.

[56] عميد دكتور عبد السلام إبراهيم إحميدة، انتشار السلاح من اللامشروعية إلى المشروعية، بحث مقدم لورشة العمل بعنوان احتكار الدولة للسلاح واستخدامه وفق القانون.

[57] لمزيد من المعلومات راجع أستاذنا الدكتور نصر الدين مصباح القاضي، أصول التنظيم الإداري وتطبيقاته في القانون الليبي، القاهرة: دار الفكر العربي، ط1، 2005،ص175.

Admin

مركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية: مؤسسة فكر وتخطيط استراتيجي تقوم على إعداد التقديرات وتقديم الاستشارات وإدارة المشروعات البحثية حول المتوسط وتفاعلاته الإقليمية والدولية. لا يتبنى المركز أية توجهات مؤسسية حول كل القضايا محل الاهتمام، والآراء المنشورة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المركز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى